
المقدم محمد عبيد
مختص بالشؤون الأمنية
إصلاح القطاع الأمني – نموذج الحالة السورية في المرحلة الحالية وأولوياتها ..

يتصدر الأمن قائمة أولويات الحاج الإنسانية وينسحب تحقيق الأمن على باقي القطاعات ( الحاجات ) الاقتصادية والاجتماعية ، كما يعتبر المعيار الأساسي لحماية حقوق الإنسان وتعزيز الحكم ، فكلما تدهور الأمن زادت حدة انتهاكات حقوق الإنسان والعكس ، وعمليا يرتبط تحقيق الأمن بالدولة ( داخليا وخارجياً ) بالحكومة الوطنية وبالضبط بالمؤسسات الأمنية ، هذه المؤسسات التي تحاط بكثير من السرية والغموض ( في الغالب ) في طبيعة عملها ومواردها المالية ، وتثير في نفس الوقت تساؤلات حول التزاماتها الأخلاقية والقانونية في تأدية مهامها ، وقد يتعاظم دور هذه المؤسسة على حساب المؤسسات الأخرى بسبب الامننة والعسكرة ( خاصة في حالة الحرب والأزمات السياسية والأمنية الداخلية والخارجية ) خاصة في الأنظمة الديكتاتورية ، فتمتلك المؤسسات الأمنية ( الجيش ، الشرطة ، المخابرات ) قوة فوق المساءلة والقانون ، وأحيانا فبدل خدمتهما لأمن الناس ، تستعمل هذه المؤسسات من الدولة لقمع المعارضة والزيادة من عسكرة المجتمع ، في هذا الشأن يقول //بيو باروجا // يمثل الجيش ذراع الدولة وليس راسها بالمطلق / ذكرت في كتابه الصادر عام 1913 ، وهي تعبر بدقة عن أهم عقبة تواجه الدولة المدنية في العالم ، خاصة دولة العالم الثالث خاصة عقب هيمنة المؤسسة الأمنية ففي بعض المناطق قوة المؤسسة العسكرية تفكك الحكومات المدنية وفي مناطق أخرى فإنها وعن طريق اقتطاعات كبيرة من ميزانية الدولة تكون على حساب التنمية ، وهنا لا يمكن إنكار دور المؤسسة الأمنية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخاصة إذا تعلق الأمر حول القضايا التي أثيرت حولها الكثير من النقاشات مثل دورها السلبي في تعطيل المسار الديمقراطي ، الحسم المسبق لنتائج الانتخابات ، والاقتطاعات الكبيرة من الميزانية المخصصة للتنمية ، انتهاكات حقوق الإنسان ، ورغم ذلك لم تدعم كل التحليلات السلبية للمؤسسة الأمنية بحجج أكاديمية بل اكتفت بالسرد ، كما حملت هذه المؤسسة الكثير من الفساد ، بالمقابل كان هناك تغيب تام للسياسة الإعلامية التي كانت أيضا رهينة لتلك المؤسسات وإن السرية حول طبيعة عملها يقابها ضعف المؤسسات ( التشريعية مجلس الشعب – القضاء – المجتمع المدني ) كل هذا هدد كيان الدولة في ضرب استقرارها الداخلي والخارجي من هذه الحالة تأتي أهمية “إصلاح القطاع الأمني ” كمخرج .
و تأتي أهمية هذا الموضوع من عدة مستويات :
– إن مجال إصلاح المؤسسة الأمنية أمر غاية بالأهمية لانها تؤدي أدوار متعددة أي ليس مجال الأمن فقط بل يتعداه إلى مسؤولية الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وأمن الأفراد .
– ما تعرضت له سورية من تدمير ممنهج لكافة البنى التحتية والتي يتحمل مسؤوليتها المؤسسة الأمنية التي وجدت بقمع الحريات بالموت والتغيب سياسة لابد من انتهاجها .
– القضية الاجتماعية تشكل تحدي للمجتمع السوري من حيث ” الإرهاب – الجريمة المنظمة – الهجرة غير الشرعية “.
– توضيح طبيعة عمل المؤسسة الأمنية المؤسساتية وانتزاع الصورة السلبية من ذهن المواطن السوري حول هذه المؤسسة يضاف لذلك إبراز الطبيعة المؤسساتية لوظيفة القطاع الأمني فالأمر لا يتعلق بمؤسسات وليس بأفراد أ جماعات بل بكينونية الدولة .
أهمية العمل في هذا الاتجاه :
نحن ندرك حقيقة العلاقة ما بين المؤسسة الأمنية وطبيعة النظام السياسي ، فتعاظم دور المؤسسات الأمنية مرده طبيعة النظام السياسي التسلطي ، فالنظام الاستبدادي يسلط هذه المؤسسة لخدمة بقائه في السلطة والمحافظة على النظام القائم ( النظام السياسي الذي يقمع المعارضة ) ولأسباب تاريخية (الاستعمار ) وبنيوية ( النخبة الحاكمة التي اعتمدها الاستعمار في الدول المستقلة ) وأسباب تتعلق بنضج المدنيين ( مؤسسات الدولة المدنية ومؤسسات المجتمع المدني ) يضاف إلى أن المؤسسة الأمنية كانت أكثر تحررا من الرقابة والمساءلة ومن الحدود القانونية التي تضعها مؤسسة القضاء ووزارة العدل وأصبحت توجه الدولة ( سياساتها – مؤسساتها – المجتمع المدني – الرأي العام ) .
لذلك تكمن أهمية ذلك في :
– توضيح أهمية عملية الإصلاح داخل المؤسسة الأمنية وفي القطاع الأمني وكذلك أهمية مؤسسات الدولة المدنية “قضاء – مجلس الشعب “في تفعيل الدور الرقابي على عمل المؤسسة الأمنية .
– هي محاولة للتوسع في دراسة الحالة السورية في عملية الإصلاح ( قطاع الأمن ).