
فرهاد شيخ بكر
اكاديمي سوري
( أفة المحاصصة ) في دول المنطقة … الفيروس القاتل في السياسة
المحاصصة كمصطلح سياسي هي تقسيم مفاصل الحكم التنفيذية وحقائبها المرتبطة بالسيادة على عدد من الفصائل المتنافسة وقد يكون هذا التنافس تناحراً أو اقتتالاً دوافعه إما دينية أو طائفية أو عرقية أو أيديولوجية إن المحاصصة فيروس يستطيع القضاء على دولة كبيرة وقوية فضلاً عن الدول الصغيرة والضعيفة لأنه عبارة عن التخلي عن معايير الجدارة والكفاءة والأمانة إلى معايير أخرى مشتقة من الجهات والأصول ما يعرض الدولة إلى الانهيار ويهدد المجتمعات بالانقسام والتنازع والإفلاس والاستبداد والزوال في النهاية , فالمحاصصة آفة السياسة العربية ففي المجتمعات العربية تتعالى هذه الصراعات حول السلطة في منطق المحاصصة بتوزيع المنافع بين الأحزاب حسب الطائفية أو القبلية وهنا يؤكد الفكر الديمقراطي أن العقول التي لا تفكر إلا بالمحاصصة وتمثيل الطوائف والأعراف والأحزاب لصالح القبيلة أو العقيدة الطائفية والتي تتبنى هذه الفكرة تعتمد على تقسيم المراكز القيادية في هذا النوع من الحكم بناءً على القوة العسكرية في المقام الأول ولذلك تجد من يتصدر مشهد المحاصصة في هذه البلدان هم أمراء الحرب وقادة الفصائل العسكرية أو الميليشيات الطائفية أو من ينوب عنهم بغطاء سياسي وهذا أخطر ما طرأ على دولة العراق الشقيق هو الانقسام المجتمعي الحاد بين الشيعة والسنة والأكراد والتركمان ما أدى إلى فرز مذهبي وعرقي شديد الحساسية يهدد بتقسيم العراق ويهدد مستقبلها السياسي ويضعف من قوتها الداخلية والخارجية فضلاً عن الاقتتال الداخلي الذي يتغذى على التعصب والطائفية والثارات الدموية التي لا تنتهي وما لبنان الشقيق بأفضل حال من العراق الذي مازال المجتمع يعاني من هذا الانقسام الحاد الذي أنتج نظاماً سياسياً يقوم على مبدأ المحاصصة الذي جرى الاعتراف به وشرعته بالدستور و القوانين فتم تقاسم المناصب ومراكز النفوذ ومقاعد البرلمان على أساسه حيث تريد كل فئة زيادة قوتها والحفاظ على مكاسبها وزيادة نفوذها مما يجعل الطوائف والفئات تتسابق في هذا الميدان الذي يجعل اللجوء إلى العنف والفوضى خياراً حتمياً لهذا المنهج السياسي بالمحاصصة , ولا شك في أن كساد بضاعة الطائفية التي بيعت طوال عقود مقابل محاصصة الحكم هي سبب فيما نراه اليوم من صحوة في المشهد الحالي في لبنان والعراق واليمن وليبيا والمضحك المبكي في آن معاً أن من يجدون طريقهم إلى حصتهم من كعكة الحكم فإنهم يفعلون المستحيل للتمسك بها ولذلك نجدهم يتفننون في تطوير أساليب التحاليل على الرأي العام ويقبلون الاتفاقيات والقوانين التي أوصلتهم إلى الواجهة بهدف تفعيل محاصصات ترضية ويعملون جاهدين لإقناع الرأي العام المحلي والدولي بأن هذا هو السبيل الوحيد لحقن الدماء وإما هم أو الفوضى والقتال والدمار وكذلك نقول للذين يريدون إدخال فكرة المحاصصة كمنهج سياسي في بلدنا سورية في تشكيل الحكومة أو البرلمان ويطرحون فكرة تقاسم النفوذ وتوزيع الحصص والمكاسب بهذه الروح وبهذه النفس الطائفية إنما يريدون تقسيم المجتمع وإضعاف الدولة في المستقبل وإحداث فتنة مجتمعية خطيرة لا علاج منها ولا شفاء ونعود إلى الفوضى والقتال وأنا أقول لينظر الجميع إلى البلدان والدول المستقرة بالعالم ما هو العامل المشترك في استقرارها وتقدمها وازدهارها إنها الجدارة بالعمل والاخلاص والكفاءات التي لاهم لها إلا خدمة الإنسان والوطن من يبحث عن مصلحة بلاده سيتخلى عن كل المصالح السياسية الخاصة والشخصية ويعمل على تكريس سيادة القانون والعدل والمساواة وسيفعل المستحيل لأن ينعم الإنسان بخيرات بلده إذاً فالحل يكمن بالاعتماد على النخب والكوادر الوطنية والكفاءات من أبناء الشعب ا وإنهاء الحرب والصراع في سورية وتحقيق أهداف الثورة الشعبية ولا يمكن ذلك بدون المجلس العسكري الانتقالي الذي سيتولى مهام الدفاع عن سيادة واستقلال سورية الحرة وحماية وحدتها وإعادة هيكلة وبناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية وتأمين إدماج قوى الثورة وفعالياتها ضمن هذه المؤسسات فالمجلس العسكري الانتقالي هو مشروع فرضته معاناة الشعب السوري لأكثر من عشر سنوات من الحرب والدمار الذي سيكون فاتحة خير على الشعب السوري في حماية المدنيين والعودة الأمنة للاجئين في المخيمات ودول الشتات إلى ديارهم وإخلاء سبيل المعتقلين من سجون النظام الفاشي وإعادة بناء مؤسسات الدولة ومواجهة المجموعات الإرهابية والطائفية وغير المنضبطة في كافة مناطق سورية والتي تعتبر الحل السياسي خطراً وتهديداً لمصالحها في حال انتهاء الحرب والأزمة السورية ونزع السلاح من كافة المدنيين وحصره بيد الدولة فقط وأرى أن فكرة مشروع المجلس العسكري الانتقالي مهمة جداً في هذه المرحلة التي وصلنا فيها إلى باب مسدود ولا خيار لنا غير ذلك فالمجلس العسكري الانتقالي هو الوحيد الذي سيعيد ويساعد في ضبط الواقع العسكري والأمني بوجود كوادر وطنية وقيادات عسكرية من الشرفاء تحافظ على تطلعات وتحقيق مصالح الشعب السوري وتحقق أهداف الثورة التي قام بها الشعب السوري من أجل الحرية والعدالة والكرامة والعيش بسلام بعد كل هذه التضحيات التي قدمها هذا الشعب العظيم خلال عشر سنوات من الحرب والدمار والقتل والتهجير والعمل بكل شفافية مع كافة أطياف ومكونات الشعب السوري ويؤسس لعمل دستوري وانتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة وتوحيد البلد وإعادة سورية دولة عصرية حديثة بعيداً عن الطائفية والعنصرية ويكون الجميع تحت سقف القانون والوحدة الوطنية بهذا إن شاء الله تعالى نكون قد طوينا صفحة من صفحات الماضي وتحيا سورية حرة أبيه لكل أبناءها معاً .