
العقيد الطيار اديب عليوي
محلل عسكري
جدلية العلاقة بين السياسة والعسكرفي سوريا خلال المرحلة الحالية (4)

رابعاً: العلاقة المثالية بين السياسة والعسكرة كما يطمح لها مشروع المجلس العسكري:
من الصعب بل من المستحيل ضمن هذه الظروف والمعطيات أن يتم تصحيح العلاقة بين السياسي (المدني) وبين العسكري خارج التجارب السابقة وخارج السياق التاريخي.
ومن اجل بناء العلاقة الصحيحة لابد لنا من قراءة التاريخ بتمعن لتحديد مكامن الخلل ونقاط الضعف في البنية الهشة للعلاقة بين العسكري والمدني.
لذلك فإن القراءة النقدية لتاريخ العلاقة هو ضرورة حتمية، وما أقصده هنا ليس النقد كتعداد للأخطاء والمساوئ أو مقدمة للوعظ بل المقصود هنا بالنقد أن يكون رديف للنظرية التي تحلل الظاهرة وتبحث عن جذورها التاريخية والاجتماعية والعمل على تلافيها، وبما أن الجيوش في الدول النامية أو الخارجة من الحروب والأزمات يقع على عاتقها الدور الهام في بناء الدولة وفرض تماسكها قبل الإنتقال إلى مرحلة الاستقرار.
فإن مشروع المجلس العسكري يطمح أن يقوم بهذا الدور وهو على أتم الاستعداد وفي جهوزية كاملة بعد أن أتم اعداد الكوادر الاحترافية والمهنية للقيام بمهامه وخاصة بعد أن خضعت هذه الكوادر للعديد من الدورات وورشات العمل والتحضيرات الخاصة.
ولن أغوص في مهام المجلس العسكري إن كان في المرحلة الانتقالية أو في المرحلة التي تليها لأن هناك الكثير من المقالات فصلت هذه المهام بأدق التفاصيل.
بل جوهر ما أريد قوله: كيف يطمح مشروع المجلس العسكري أن تكون العلاقة بين السياسة والعسكرة أو بين المدني والعسكري وكيف سيتم تصحيح هذه العلاقة واستعادة الثقة بين الجناحين أو القطبين السياسي والعسكري وخاصة بعد الزيارة التي قمنا بها إلى التاريخ القديم وكشفنا من خلالها عن نقاط الضعف والسلبيات والاخطاء الماضية.
إن المجلس العسكري ينظر إلى العلاقة بين السياسة والعسكرة على أنها طرفي معادلة ولايمكن حل هذه المعادلة إلا بطرفيها وهي جناحي طائر لا يمكن الطيران إلا بهما وهذا يحتاج إلى ميزان من ذهب لقياس دقة التوازن على ضوء النظرية التي تقول لا يوجد جدار فاصل بين السياسة والعسكرة…. فإذا كانت هذه النظرية يتم تطبيقها في بعض الدول فإننا نطالب في مشروع المجلس العسكري أن يكون هناك جدار فاصل بين السياسة والعسكرة وأن يكون هناك مسافة أمان تحددها القوانين الناظمة للعلاقة بينهما، وهذه القوانين يتم صياغتها بأيدي نخبة من الخبراء في القانون والسياسة وعلم الاجتماع وتكون نصوص قانونية في الدستور الجديد لسوريا الدولة المدنية الديمقراطية القادمة.
وبذلك تصبح المسؤولية على عاتق النخب في سن القوانين لدستور سوريا القادم وعلى عاتق النخب أيضاً يقع احتضان مشروع المجلس العسكري والتقارب معه والتنسيق لتكوين رؤية مشتركة بين السياسة والعسكرة.
وبما أننا في مشروع المجلس العسكري نعتقد بأننا تجاوزنا وسبقنا السياسيين بخطوة فيمكن أن تكون رؤيتنا للشكل المثالي للعلاقة بين السياسة والعسكرة بحسب ما يخطط له مشروع المجلس العسكري هو قفزة ثانية…وبناء عليه فإن هناك مجموعة من التوصيات يؤمن بها مشروع المجلس العسكري ويمكن اعتمادها كنقطة بداية لاستعادة الثقة بين المدني والعسكري وتصلح ان تكون هذه التوصيات أساساً لمشروع قوانين للدستور المستقبلي.
1- عدم تسييس الجيش لضمان خضوعه للمستوى السياسي
2- أن يكون الجيش مهنياً والتفسير الصحيح والدقيق للمهنية (هل المهنية تعني طاعة الأوامر حتى ولو كانت إجرامية؟) أم (المهنية عدم طاعة الأوامر؟) إذا فالمهنية تعني أموراً كثيرة تحتاج إلى تفاصيل هي:
الانتباه للفرق الكبير بين (الطاعة المهنية والشرف العسكري وطهارة السلاح) وبين (الطاعة العمياء لقتل المدنيين وارتكاب المجازر)
3- الولاء للجماعة والأهم الولاء للوطن وللدولة وليس الولاء للفرد، واحتقار الفردية مقابل مصلحة الجماعة واحتقار مصلحة الجماعة مقابل مصلحة الوطن
4- التدريب والتثقيف للجيش على العملية الديمقراطية ووضع العقيدة العسكرية
5- إن الجيوش في الدول الخارجة من الحروب أو الأزمات أو الثورات لها دوراً هاماً وأساسياً في بناء الدولة وفي فرض تماسكها قبل أن تستقر الدولة
6- أن يكون الجيش المؤسسة التي تنتج الهوية الوطنية بدلاً من الهويات الأخرى
7- علينا القيام بوضع أسس وآليات عمل جديدة ونضع محددات ومعايير للخروج من معضلة البنية الطائفية المترسخة ونستبدلها بالهوية الوطنية وبذلك نمنع عودة الولاءات للقادة والتي تؤدي إلى انتاج عصبيات فنحن في مشروع المجلس العسكري عصبيتنا هي الوطن ثم الوطن
العقيد الطيار اديب عليوي