ادوارد حشوة

كانب سوري وأكاديمي

الجولة الدستورية ومشكلات السوريين …للصبر حدود!

في السياسة حين لا يتمكن احد طرفي الحرب من حسم المعركة كاملة لصالحه
يكون الذهاب الى التفاوض حلا لوقف الحرب واعادة السلم الداخلي .
كل تفاوض في هذه الحالة يحمل معه منطق التنازلات ولا تفاوض بدون تنازلات من طرفي الحرب ومن يعتقد انه بالتفاوض سيحصل على كل مطالبه التي لم يستطع ان يحصل عليها في ارض المعركة عليه ان لا يذهب للتفاوض !.
التفاوض في هذ ا الوضع هو حالة استسلام جزئي من الطرفين بديلا عن الحرب .
في حالتنا السورية دفع المجتمع الدولي بالحل السياسي بعد سنوات من استعصاء الحسم لأي طرف واصدر مجلس الامن القرار ٢٢٥٤ وحدد فيه محطات الحل ومكانه وفترته الزمنية وعين مبعوثا دوليا لادارة تنفيذه .
هذه المحطات المتدرجة هي سلطة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية ( بديلا عن السلطة المختلف عليها) تقود الى اعادة هيكلة جيش النظام والامن وما يستتبع من اعادة المهجرين والعفو العام وتذهب الى انتخاب مجلس نواب يضع دستورا ثم الحكومة الشرعية والاعمار.
في اول محطة فشل المبعوث الدولي الاول ثم الثاني ثم الثالث ديمستورا الذي اخترع تسهيلات عبر تجزئة التفاوض الى اربع سلال (الارهاب والمعتقلون والدستور ووقف اطلاق النار ولا تنفذ الا جملة واحدة ) ففشل في اي نجاح في اي سلة وغادر غير مأسوف عليه !.
جاء المبعوث الاخير السيد بيدرسون وكان صاحب اختراع اللجنة الدستورية اولا فعكس ما هو مقرر في القرار ٢٢٥٤ الى عكسه تماما والمؤسف ان جميع الدول المتدخلة في سورية وافقته وتم تشكيل لجنة دستورية من ثلاثة اطراف
معارضة ونظام ومجتمع مدني من ١٥٠ عضوا ثم اختصرها ب٤٥ عضوا تتولى
التفاوض المباشر .
فشل المبعوث خلال خمس جولات خلت من تفاوض مباشر بين رئيسي الطرفين ولا اي لقاء مسموح به لافراد من النظام باي لقاء وتحولت الجولات الى خطابات متبادلة شديدة القسوة وتحمل روح الحرب وتخلو من اللباقة والاحترام
ورفض النظام اي بحث في الدستور !
مرت ٩ اشهر وفشل المجتمع الدولي في اعادة النظام الى طاولة التفاوض في جنيف وذهبت روسيا وايران وتركيا الى بديل في استانا من مهامه وضع القرار الدولي على الرف والتصرف من باب اختلال التوازن على الارض لصالح النظام
بسبب التدخل الروسي الوحشي .!
تم التوافق بين الدول في استاناعلى وقف التصعيد وليس وقف اطلاق النار مستثنيا داعش ومن يشابهها من جهة واكراد الشمال السوري من ناحية اخرى .
هذا الشهر حصل توافق دولي واسع على اعادة تفعيل اللجنة الدستورية
ووافقت روسيا وضغطت بسبب الرفض الاميركي للتطبيع ولاي انفراجات لقانون قيصر ما لم يتم تقدم جدي في موضوع الحل السياسي فكان استئناف عمل اللجنة خطوة لاظهار حسن النية تجاه روسيا .
في الجولة كان هناك تقدم في الشكل حيث انتقل التفاوض بين رئيسي الوفدين ينتقل بينهما المبعوث الدولي الى طاولة واحدة مخصصة فقط لمناقشة جدول الاعمال وتوزيع موادها وترتيبها.
كما تم الانتقال من الخطابات الى البحث الجدي في مواد دستورية متفق عليها مسبقا.!
كان محور النقاش حول ٤ مواد ولم يتم الاتفاق عليها رغم ان وفدي المعارضة والمجتمع المدني قدما تنازلات توفيقية ووفد النظام رفضها بالجملة ولم يقدم بديلا.
اعتقد ان وفد النظام لا يملك اي صلاحية لتقديم مقترح او الموافقة على
اي تعديل لانه مجرد بوسطجي والقرار للمخابرات غير دمشق والحقيقة ان من يفاوض غير صاحب قرار كمن يرسل مكتوبا الى عنوان غير صحيح!
المواد المعدلة في اقتراح المعارضة فيها الكثير مما ورد في اوراق النظام
وركزت على القضايا الخلافية للمساعدة على الاتفاق على نص موحد وهو الامر الذي فشل .
حاليا بعد هذا الفشل للجولة موضوعا ومع وجود دعم دولي متعدد للعملية الدستورية يتوجب على وفد المعارضة ان يستثمر هذا الوضع بانتظار موقفها
وتصرفها حيال رفض النظام وان لا يغادر كما يريد النظام.
ما هو صحيح ان الفشل المتكرر يضعف حاضنة المعارضة الشعبية والثقة باللجنة والمطالبة بالانسحاب منها.
في السياسة اثناء اي تفاوض للصبر حدود ولكن ليس بالسرعة التي تتجاهل ان الدول التي تدعم التفاوض على حل سياسي انتقلت من سياستها في ادارة الازمة منذ سنوات الى سياسة ضرورة الحل انطلاقا من الاتفاق على دستور.
المفاوض الجيد لا يغادر كما يريد النظام وعليه ان يلقي الكرة الى ملعب الامم اولا
وينتظر.
في المفاوضات تاخذ منها بمقدار ما عندك على ارض الحرب وفي حالتنا اختل التوازن بسبب التدخل الروسي ومع ذلك لم ينتصر النظام ولا روسيا ولا كل المتدخلين الذين ما زالوا متمسكين بالحل السياسي ويدعون الى تنفيذه .
اللجنة الدستورية نافذة وحيدة للمعارضة باتجاه المجتمع الدولي يجب عدم اغلاقها او اهمالها وفي الوقت المناسب اذا سدت جميع الابواب يمكن مغادرتها!
%d مدونون معجبون بهذه: