
د. هشام الصباغ
مستشار ودكتور في القانون الدولي
هل يمكن للنظام استغلال إعادة فتح الإنتربول لمكتبه بدمشق في طلب تسليم معارضيه

الإنتربول الدولي ( المنظمة الدولية للشرطة الجنائية) تأسست عام 1923 وتضم في عضويتها 190 دولة (تمثلها مكاتب شرطة مركزية جنائية وطنية) ومقرها مدينة ليون – فرنسا وتعتبر جهازا أمنيًا دولياً أنيط به مهمة العمل كوسيط إداري بين الدول ممثلة بمكاتبها الجنائية الوطنية للبحث عن المجرمين الدوليين والإشراف على عمليات تسليمهم ويحكم عمل الإنتربول ووفقا لقانونها الأساسي المعتمد منذ عام 1956المبادئ التالية:
١- السيادة الوطنية للدول الأعضاء مصانة حيث لا وجود لشرطة عالمية يمتلك أعضاؤها صلاحية التحري عن الجرائم الدولية والقبض على مرتكبيها عبر العالم.
٢- الالتزام بمثل وقيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في معرض نشاطاتها.
٣- الحياد في عملها وعدم التحيز.
٤- التعاون البناء والمستمر والنشط لتعزيز جهود المكاتب الوطنية في تعقب المجرمين الذين يعملون عبر الحدود الوطنية .
- الأهداف والآليات
١- ضمان التنسيق والتعاون بين الإنتربول الدولي وبين جميع المكاتب الوطنية في الدول الأعضاء في حدود قوانينها الداخلية وكذلك التنسيق مع الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ومقره تونس وفقاً لمذكرة تفاهم معقودة بينهما والتي تهدف تنسيقاً أفضل لنشاطات مكافحة الاجرام الدولي التي تقوم بها مكاتب الشرطة الجنائية في الدول العربية ..
٢- تعزيز التعاون الدولي بشكل عام وبغض النظر عن العلاقات الدبلوماسية ووفقا لقوانين الدول المختلفة لجعل العالم مكاناً أكثر أماناً.
٣- توفير الاتصالات وقواعد البيانات للمكاتب الوطنية والتي تلعب دورا حاسما في منع وقوع الجريمة المنظمة العابرة للحدود أما بالنسبة للمكاتب الوطنية فلديها قواعد بيانات الجرائم الخاصة بها ولا تتجاوز المعلومات الحدود الوطنية إلا في حالات نادرة .
٤- توفر إمكانية السرعة في تنبيه أي مكتب وطني في الدول الأعضاء بوجود حالة أو مجرم خطير من خلال الإشعارات الدولية المختلفة ذات الألوان المتعددة ( أحمر ، أزرق ، برتقالي ) حيث يمثل كل لون معنى ودرجة خطورة معينة فتساعد هذه الاشعارات المكاتب المختصة على التعامل مع تلك الحالة بالسرعة الفورية .
- مجالات عمل منظمة الإنتربول
إن المهام أو المجالات التي يعتمدها الانتربول وتعتبر عملياً المجالات الرئيسة للجريمة هي :
١- الإرهاب.
٢- الاعتداء الجنسي على الأطفال.
٣- الجريمة المنظمة.
٤- الهاربون الدوليون .
٥- جرائم المعلوماتية .
٦- غسيل الأموال .
٧- الجرائم البيئية .
٨- الملكية الفكرية والغش
- المحظورات
يحظر على الإنتربول الدولي التدخل في الجرائم ذات *الطابع السياسي أو العسكري أو ذات الجانب الديني أو العنصري وفقا للمادة (٣) من نظامها الأساسي كما يحظر على الدول الأعضاء التدخل في إحدى هذه المحظورات .
وبناء عليه… فقد فرضت منظمة الإنتربول على مكتب اتصال دمشق عدة إجراءات منذ بداية الثورة توافقاً مع العقوبات الدولية على النظام , تمثلت بحظر وصوله إلى نظام تبادل المعلومات لديها والمفتوح لجميع الدول الأعضاء وأجازت له فقط استخدام أسلوب المراسلات العادي معها مع التزامه بقواعد ومبادئ قانونها الأساسي .
لكن عادت اللجنة التنفيذية للإنتربول ورفعت يدها عن تلك الإجراءات بتاريخ 5/ 10/ 2021 وسمحت لمكتب دمشق مجددا بالدخول إلى نظام تداول المعلومات بشكل كامل.
ورداً على هواجس المعارضة السورية من هذه الخطوة ومن بينها التخوف من استغلالها من قبل النظام ضد المعارضة في بلاد المهجر فقد أوضحت منظمة الإنتربول بأنه لا يحق للنظام السوري إصدار أوامر توقيف دولية من خلالها لكنه يسمح له طلب ذلك فقط من أمانتها العامة التي تقوم بمراجعة الطلب وتدقيقه من قبل فريق عمل متخصص لديها ولا تتم الموافقة عليه اذا لم يتوافق مع روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومبادئ القانون الأساسي للمنظمة .
مع التأكيد أن منظمة الإنتربول الدولي ووفقا لقانونها الأساسي ليست مخولة بإجراء عملية القبض على المطلوبين أو المجرمين وإنما يعود الأمر للدولة التي يتواجد على ترابها الشخص المطلوب وفقاً لمبدأ السيادة ومبدأ المعاملة بالمثل الذي إذا لم يكن معمولاً به بين الدولتين فلا تتم عملية تسليم الشخص وفي حال توفر هذا الشرط تطلب موافاتها بملف الشخص المحتجز لديها وتقوم لجنة قضائية مختصة لديها بدراسة ملفه بالكامل من حيث الوقائع وتوفر الأدلة ، فإذا لم تقتنع فلا تسليم في هذه الحالة وإذا اقتنعت تقوم بتسليمه إلى لجنة قضائية من قبل الدولة الطالبة بإشراف الإنتربول.
ونخلص مما تقدم ورغم أن خطوة منظمة الانتربول في الأساس ليست صحيحة وهناك دول مثل فرنسا وجمعيات ومنظمات حقوق إنسان عارضت الانتربول في هذه الخطوة المتهورة فالنظام مرتكب لكل جرائم الحرب في التاريخ والجرائم ضد الإنسانية وبات عضواً يمثل حالة عدم استقرار في المنطقة والإقليم والعالم ومعزول دولياً……فلا يستطيع في جميع الأحوال استغلال عملية دمجه مجدداً في الانتربول الدولي في طلب تسليم معارضيه في دول مهاجرهم حيث استقبلتهم ووفرت لهم الحماية القانونية والإنسانية وبالتالي لن تسلم أحدًا منهم لنظام فقد شرعيته بقتل شعبه مهما حاول من تلفيق التهم الإرهابية لهم وإعداد ملفات مزورة تتوافق مع التهم التي ألصقها بهم مع العلم أن النظام لديه العديد من ضباطه وغيرهم من المطلوبين الخطرين من قبل الإنتربول الدولي من أصحاب الإشارات الحمراء المطلوبين لمحاكم الاتحاد الأوربي والإرهابيين ممن شاركوا بقتل الشعب السوري ولم يسلم أحدًا منهم بإشراف الإنتربول.
وبحكم أن رأس السلطة متهم بجرائم إنسانية موثقة ومثبتة من قبل منظمات دولية وهي جرائم تنتهك بشكل مباشر وصريح روح الإعلان العالمي لحقوق الانسان فإن على منظمة الانتربول أن تمتنع عن التعامل المباشر معه أو مع أي جهة ارتكبت مثل هذه الانتهاكات التزاماً بأحكامها العامة…..وتبعاً لذلك ونظراً لأهمية وجود وتفعيل التعامل مع المنظمات الدولية في سوريا وعدم إمكانية حصول ذلك في ظل وجود نظام القمع والاستبداد وانتهاك حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني فإن الحاجة للانتقال السياسي أصبحت حيوية ومرتبطة بشكل مباشر بأمن السوريين وبالأمن الدولي والاستقرار العالمي.