
صفاء شاوي
أكاديمية سورية
الحوار .. الهدف الأسمى لتحقيق أهداف الأمة …
الحوار : هو تشاور متبادل يهدف لتحقيق التفاهم المشترك من أجل معرفة أوجه التشابه وفهم الاختلاف في وجهات النظر المتنوعة , ويرمي إلى تخطي عقبات سوء الفهم من أجل تعزيز التفاهم المتبادل بين المتحاورين وأصحاب الآراء المختلفة سعياً إلى تحويل العلاقات الإنسانية القائمة على الخلاف والتعصب إلى حالة من الفهم والاحترام لما هو مشترك وما هو غير مشترك .
ويعد الحوار من أرقى وسائل التواصل مع الآخرين, ويقصد به النقاش الهادئ بطريقة مباشرة بين الأشخاص الذين يختلفون في وجهات النظر أو التوجهات أو الآراء فيتبادلون أطراف الحوار بطريقة راقية فيحترم فيها كل طرف الطرف الآخر دون التعصب لرأيه أو منهجه, ولقد خلق الله تعالى جميع البشر وأوجد الاختلافات العديدة فيما بينهم بالشكل والفكر والمضمون ويختلف الناس في عقولهم وإدراكهم وبمدى قدرتهم على التأثير بمن هم حولهم وهذه الاختلافات لها آثار سلبية وأخرى إيجابية قد تسبب النزاعات لأولئك الذين يفتقدون روح المشاركة وتبادل الآراء واحترام الرأي الآخر , ولقد وردت كلمة الحوار في القرآن الكريم في عدة مواضع منها قوله تعالى: (وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفرا ) , فقد أولى القرآن الكريم عناية كبيرة بالحوار فهو الأسلوب الغالب في قصص الأمم السابقة وهو الأداة الأولى للأنبياء وأتباعهم في نشر الدعوة .
وللحوار دور بارز في إنهاء الحروب والاقتتال بين الدول و هو الطريق الذي يتم من خلاله إظهار الحق دون حدوث خسائر أو إهانة لأحد الطرفين , لذلك هناك آداب للحوار يجب الالتزام بها والتي تجعل الحوار حضارياً وفعالاً , منها التفكير قبل اختيار الكلمات للتعبير عن المعنى المقصود , وحسن الاستماع للآخرين فعند الخوض في حوار مع شخص آخر يجب منحه الانتباه الكامل وإظهار الاهتمام بحديثه وتجنب مقاطعته وأن تكون نبرة صوته لطيفة وألا تكون مرتفعة , وأيضاً على الشخص المحاور تجنب الانفعال والغضب حتى لا يفقد التركيز ويتفوه بألفاظ غير لائقة وعدم سماع ما يقوله الطرف الآخر, وعدم استخدام الكلمات الجارحة وإبداء الرأي بأسلوب مهذب متواضع فهناك من لا يقبل بالحوار بل ويرفضه رفضاً قطعياً, فمنذ بداية الأزمة يحاول السوريون جعل الحوار سبيلاً لحل قضاياهم لكن محاولاتهم لم تنجح بسبب اختلاف هدف كل طرف منهم .
وقد تمثلت المشكلة الأساسية في رفض النظام الاعتراف بوجود معارضة وثورة وأن هناك أزمة وطنية , ووصفه الانتفاضة التي قامت ضده بأنها من عمل جماعات سلفية تتخذ الإرهاب والعنف سبيلاً للتغيير, وأن هناك مؤامرة تحاك ضده ما يحتم عليه مواجهتها بالقوة , أما الحوار بالنسبة لنظام الأسد مع المعارضة فكان مرفوض جملة وتفصيلاً , ومن جهة أخرى لم تتمكن المعارضة من فرض نفسها محاوراً ذا مصداقية فيما بينها لعدم قدرتها على تمثيل الجزء الثائر من السوريين وتقديم نفسها بديلاً عن النظام الذي تسعى للإطاحة به فلم يكن لها استراتيجية لبلوغ هذا الهدف .
ومع تحول الثورة باتجاه العسكرة ردّاً على عنف النظام وبطشه بالمحتجين وتحول الأزمة السورية إلى صراع إقليمي ودولي ازدادت صعوبة إجراء حوار وطني سوري يؤدي إلى حل الأزمة بسبب تعنت نظام الإجرام في سورية بالإضافة إلى الدول الداعمة له إيران وروسيا التي أصبحت هي المحاور ولكن ليس مع الشعب أو المعارضة بل محاورة مع دولة لها مصالح متضاربة تتصارع كل منها على قاعدة حوار المصالح فقط. ورغم النجاح في عقد مؤتمر جنيف 2 , وجمع أطراف الأزمة حول طاولته إلا أن الخروج بنتائج لحل الأزمة لا يبدو ممكناً في ظل المعطيات الراهنة , رغم وصول الجميع تدريجياً إلى القناعة بأن الحل لن يكون إلا سياسياً وعبر الحوار الوطني بين كافة أطياف الشعب والتنسيق الكامل فيما بينها وبين فصائلها المختلفة وذلك من أجل الوصول لحلول مرضية في القضايا والمشكلات العامة التي تهم المواطن والوطن , و يتم تبادل الآراء والنقاش بين جميع أطياف الشعب من أجل الوصول إلى الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها من خلال النقاش الوطني والحوار المثمر , ويتم طرح القضايا والمشكلات من خلال وجهات النظر المختلفة بهدف الوصول لرأي صحيح موحد والاتفاق عليه وذلك يدعم مصالح الوطن والمواطن مع تجنب كافة المصالح الحزبية والشخصية الفردية , فالاجتماعات والحوارات الوطنية أمر هام وضروري لتحقيق أهداف الدولة المنشودة ودعم الوطن وحقوق المواطنة في سبيل النهضة والازدهار والتقدم للأمام , ويساهم ذلك في تحقيق التوافق الجماعي و التعاون المشترك بين أفراد الشعب من أجل تحقيق مصلحة واحدة فقط وهي مصلحة الوطن والمواطنون كافة من جميع الأطياف ودعم استقرار الوطن وتجنب الخلافات في الآراء بين فئات الشعب , والظهور بصورة لائقة متحضرة أمام دول العالم وتحسين علاقتنا بالمجتمع الدولي في سبيل تحقيق الأمن والأمان والاستقرار في المجتمع ووضع حد لكافة الخلافات والنزاعات الموجودة بين أبناء الشعب مع وجود العدالة والمساواة .