العميد الركن المجاز

فايز عمرو

دور وأهمية المجلس العسكري لإنجاز المهمة الأولى في عملية الانتقال السياسي السلمي للسلطة

دور وأهمية المجلس العسكري لإنجاز المهمة الأولى في عملية الانتقال السياسي السلمي للسلطة

  • مقدمة
  • ضرورة المجلس العسكري الوطني في سوريا
  • المهام الأساسية للمؤسسة العسكرية في الدولة المدنية الديمقراطية التي نسعى لبنائها (من منظور المجلس العسكري)؟
  • دور الجيش والتحول الديمقراطي في الدولة المدنية الديمقراطية التي نسعى لبنائها (من منظور المجلس العسكري)؟
  • خاتمة

 

  • مقدمة    

إن مواقف عموم السوريين ونخبهم السياسية والعسكرية والاجتماعية وما الى ذلك من المجلس العسكري وعلى نحو التقريب تتموضع ضمن المجموعات التالية:

  1. المجموعة الأولى: مؤيد من منطلق الحاجة أو الضرورة أو كلاهما معاً لا يهم لأنه يدرك طبيعة المرحلة والممكنات فيها، ويعي تماما بأن مصير سورية ووجودها بات على المحك.
  2. المجموعة الثانية: مؤيد من منطلق ما باليد حيلة بعد ما لمسه من فشل مرعب في المسار السياسي للحل، وما عايشه من فساد وإفساد المعارضة السياسية طوال عقد من الزمن، ويدرك تماما الدور الذي لعبته مؤسسات المعارضة في تحويل المسار الوطني للثورة الى مسارات متعددة وارتباطهم برسل الخدمات السرية.
  3. المجموعة الثالثة: مؤيد بسبب ارتباطه بشكل أو أخر بعلاقة صداقة أو قرابة أو عمل مع بعض أو كثير من القادة العسكريين سواء أكان من طرف المعارضة أو تحت سيطرة النظام.
  4. المجموعة الرابعة: تارة مؤيد وأخرى معارض دون أية مبررات.
  5. المجموعة الخامسة: معارض عن إدراك تام, يجهد نفسه بلا حدود تحت شعار الوطنية لوضع العراقيل أمام أية حلول تعيد الوطن الى أهله بسبب إيمانه العميق بأن أي حل وطني سواء أكان سياسيا أم عسكريا سيناله, رواد هذه المجموعة ممن انغمسوا في الفساد أو الإفساد والارتباط والتبعية مقابل لقاء مادي، ويمتلكون رؤوس أموال وحصانات دولية، يدخل في إطار هذه المجموعة أيضا القتلة وأمراء الحرب وتجار الدم ولصوص المعابر والسماسرة.
  6. المجموعة السادسة: معارض بحذر مبررا ذلك بالخوف من عودة العسكر الى السلطة السياسية بالتالي عودة الديكتاتورية من جديد.
  7. المجموعة السابعة: معارض لقاء ما يتلقاه من بدل مادي من معارضي المجموعة الخامسة (متسلقين).
  8. المجموعة الثامنة: غير مؤيد وغير معارض لأسباب قد تكون مبررة لفقدانهم الثقة بكل شيء نتيجة معاناتهم الدائمة، وأوضاعهم المعاشية التي تزداد سوءا مع مرور الزمن.
  •  ضرورة المجلس العسكري الوطني في سوريا

نظرا لأهمية الموضوع وحساسية المرحلة التي نمر بها نستنتج اليوم ضرورة المجلس العسكري الوطني من خلال الإجابة على تساؤلين يعتبران في غاية الأهمية ويتعلقان بالخطوة الأولى التي لابد منها للبدء في الخطوات التالية لعملية الانتقال الساسي السلمي للسلطة.

مهام المؤسسة العسكرية في الدولة؟ (من منظور المؤسسة العسكرية).

علاقة الجيش بالتــحول الديمقراطي؟ (من منظور المؤسسة العسكرية).

بادئ ذي بدء نوضح للأخ القارئ الذي يشاركنا القلق من جهة والرغبة في معرفة الحقيقة من جهة اخرى (ونحن نعيش مع أبناء الوطن الواحد حالة استثنائية وشاذة في التاريخ البشري بسبب الأفعال الاجرامية التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية ومعها الجيش والقوات المسلحة السورية) أننا لسنا بصدد صياغة مقولة بحثية جدلية تتناول الموضوع من منطلق نظري مليء بالأحكام المسبقة والاتهامات لصالح هذه المنظومة أو تلك بل نسعى ومن منطلق الشعور بأهمية الكلمة الى تجسيد الحقائق والوقائع كما هي، ويحدونا الأمل والرغبة لتأسيس تاريخ جديد يعبر عن الذاكرة الإنسانية الحية بعيدا عن الخطاب السلطوي ومقولة تتصف بالحياد والبساطة..

بطبيعة الحال ثمة أسئلة كثيرة جداً تدور في أذهاننا حول دور الجيوش والقوات المسلحة ومهامها وعلاقتها بالسلطة في الدول النامية ذات أشباه الأنظمة المدنية أو العسكرية كما يتم توصيفها في أغلب الأحيان دون معايير محددة كما تبدوا في ظاهرها.

 الشيء المألوف لدى جميع النخب لاسيما السياسية منها (لتبرير فشلها في بناء الجيوش الوطنية وتبعيتها ومستويات الفساد فيها أو تبرير ديكتا توريتها السلطوية القمعية التي تتستر بالعسكر) هو الادعاء بأن معظم تلك الأنظمة كانت ديكتاتوريات عسكرية قمعية. وأصبحت مقولة الديكتاتوريات العسكرية تتردد على مسامع العامة نتيجة للضخ الإعلامي الهائل من قبل وسائل اعلام موجهة أساسا لشيطنة المؤسسات العسكرية والأمنية. ناسية أو متناسية بأن عظمة الأمم كانت ولا تزال وستبقى تستمد من قدراتها العسكرية وعظمة جيوشها، وحصانة الأمم هي من حصانة كيانها الجغرافي وحصانة منتسبيها، لا أمن ولا أمان لا استقرار ولا سلم مجتمعي دون بناء جيوش وطنية، والأمثلة كثيرة لسنا بصدد الإشارة اليها لأنها لا تحتاج منا ذلك. بمعنى أدق إن وجود الأمة واستقرارها بأركانها السيادية يرتبط بوجود جيش يحمي الشعب ويحافظ على الكيان الجغرافي ويرعى الحياة السياسية دون تحيز لطرف ضد أخر.

في هذا السياق تبرز أمامنا حقيقة واضحة لكل ذي بصيرة بأن النخب السياسية التي وصلت الى السلطة في معظم الدول النامية بالتعاون مع بعض الشخصيات العسكرية المتنفذة (خريجة الاكاديميات الأجنبية) دخلت منذ اللحظات الأولى للاستقلال في أتون صراع سلطوي فيما بينها وفشلت في تكوين الدولة الوطنية بالتالي انتقلت تلك الدول من سيطرة الاستعمار القديم المباشر الى سيطرة الاستعمار المحلي السلطوي القمعي من قبل الديكتاتوريات المدنية تارة والعسكرية المؤد لجة بروح القومية افتراضيا تارة أخرى وفي كلتا الحالتين كانت الديكتاتورية تمثل خلطة عسكرية مدنية من أصحاب المصالح المتنفذين يستحيل فصلهما عن بعض، وأي ادعاء غير ذلك يجافي الحقيقة ويتناقض مع مجريات الأحداث التاريخية. هنا لابد أن نشير بشكل واضح لا لبس فيه الى دور العامل الخارجي الذي لعب دور البطولة في نقل البلاد من سيطرة الاستعمار الأجنبي كما قلنا الى سيطرة الاستعمار المحلي. هكذا استمرت الفوضى وعدم الاستقرار في مجمل جوانب الحياة وعلى نحو الخصوص الحياة السياسية، واستمر الصراع وتداول السلطة بين مجموعتين الأولى سياسية مدعومة من بعض القيادات العسكرية المرتبطة بالعامل الخارجي وأخرى عسكرية مدعومة من بعض النخب السياسية المرتبطة والاقتصادية صاحبة المصلحة.

خلاصة القول إن فشل الأنظمة السياسية في تكوين الدولة الوطنية بأركانها السيادية رافقه الفشل في تكوين الجيوش الوطنية التي تستمد شرعيتها من المهام المنوطة بها في حماية الوطن والشعب، وتحولت جيوش تلك الدول الى قوة ضاربة بيد الديكتاتوريات سواء العسكرية منها أو المدنية. ويمكننا القول بأن الديكتاتوريات المدنية كانت في أغلب دول العالم الثالث أكثر ظلما واستبدادا ووحشية، والامثلة كثيرة على ذلك.

كما أن الحقيقة الساطعة تشير الى أن معظم منتسبي جيوش الدول النامية دون استثناء (ضباط وصف ضباط وجنود) يمكن تصنيفهم من حيث الحالة المعاشية في الطبقة السفلى من أصحاب الدخل المحدود، وهذا يدفعنا الى الجزم بما لا يدع مجالا للشك بوجود سياسة مبرمجة من قبل السلطة السياسية الانتهازية الطابع وهرم السلطة العسكرية المرادفة لها أحيانا أو المتحكمة بها أحيانا أخرى نتيجة فساد الاولى لإبقاء حماة الوطن والمواطن في حالة معاشية سيئة واجبارهم على الإبحار في مستنقع الفساد لتسهيل السيطرة عليهم.

 في جميع الأحوال تبقى الدراسات التي تتناول دور الجيوش والقوات المسلحة تختص بجيوش الدول النامية التي لم تستطع حتى تاريخه ولأسباب وعوامل جمة داخلية وخارجية أن تبني الدولة الوطنية التي تجسد قدسية المواطنة وحرمة الجغرافية وتحقق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات من خلال دساتير وطنية دائمة وقوانين تمثل العقد الاجتماعي الذي يربط بين أبناء الوطن الواحد، كما لم تستطع تلك الدول أن تنظم وتضبط وتوجه عمل الجيوش والأجهزة الأمنية وتخضعها للحوكمة الديمقراطية من خلال أنظمة وقوانين تنبع من الدساتير الدائمة للبلاد، ليس بسبب رفض تلك الجيوش وتمرد الأجهزة الأمنية بل بسبب ميل الأنظمة الحاكمة بالوكالة سواء المدنية منها أو العسكرية أو المختلطة الى إبقاء الجيوش والأجهزة في حالة من العوز وعدم الاستقرار من أجل إفساد قياداتها عمدا حتى تكون جاهزة للاستخدام كأدوات للقمع بدلا من أداءها لواجباتها الوظيفية.

مما لا شك فيه بأن الدول المتقدمة قد تجاوزت مضمون الأسئلة المطروحة أعلاه حول مهام الجيوش الوطنية وعلاقتها بالسلطة والشعب كما تجاوزت الهواجس المتعلقة بدور أجهزة الأمن الوطنية وتحولت تلك المؤسسات مثل باقي المؤسسات الأخرى في الدولة الوطنية الى مؤسسات محترفة تنفذ المهام المنوطة بها والمحددة من خلال أنظمة عمل مقوننة، وفي كثير من الأحيان تتنافس القيادات العسكرية في هذه الدول فيما بينها من أجل تحسين أداء المؤسسات التي تقودها، كما تتنافس قيادات الأجهزة الأمنية على أيجاد أفضل السبل لحماية الوطن والمواطن من أية مخاطر مستقبلية، في حين تتنافس تلك القيادات في الدول النامية على تقديم مزيد من الطاعة للسلطة الديكتاتورية سواء كانت عسكرية أو مدنية.

بعيدا عن الاحكام المسبقة سواء السلبية منها أو الإيجابية وبهدف الوصول الى تصور موحد لدور الجيش الوطني والأجهزة الأمنية الذي يجب أن ينبع من دستور الدولة الوطنية والقوانين الناظمة لعمل هاتين المؤسستين اللتين تعتبران إحدى وأهم الرموز السيادية للوطن وحمايته والدفاع عنه في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية وتصون كرامة المواطن وتحميه وتحافظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي، دعونا نجيب على الأسئلة المطروحة:

  • المهام الأساسية للمؤسسة العسكرية في الدولة المدنية الديمقراطية التي نسعى لبنائها (من منظور المجلس العسكري)؟

يعتبر الجيش احدى أهم مؤسسات الدولة السيادية التي تتمتع بالاستقلالية والحيادية تجاه النظام السياسي القائم، ولا يتدخل في الشأن السياسي لصالح هذا الفريق او ذاك.

كما أن الجيش باعتباره أحد اركان الدولة السيادية، لن يكون أداة بيد السلطة التنفيذية حيث تشاء دون ضوابط وطنية، ويمارس مهامه المقررة في دستور الدولة والمحددة بالحفاظ على كيان الوطن وسيادة الدولة من الاخطار التي تواجهها.

تعرف الدولة الوطنية باعتبارها الثابت الوطني، كما تعرف السلطة باعتبارها المتغير الوطني، وهذا ما يفرض على الجيش والقوات المسلحة التزام موقف الحياد تجاه الصراع السياسي باعتباره مؤسسة سيادية طبقا للدستور الذي اقره الشعب.

يجب أن يعرف الجيش دستوريا باعتباره ملك للشعب بالتالي فهو ركن أساسي من اركان الدولة السيادية وليس السلطة الحاكمة.

بهدف إبقاء الجيش خارج إطار الصراع السياسي وأداء دوره في حماية الوطن والمواطن يجب أن تحدد طبيعة الاخطار التي تستوجب تدخل المؤسسة العسكرية في دستور الدولة على نحو لا يقبل التأويل فيما إذا انحرفت السلطة السياسية المنتخبة عن المسار الوطني المحدد في الدستور وحاولت ممارسة الديكتاتورية تحت أية حجج أو ذرائع كانت.

  • دور الجيش والتحول الديمقراطي في الدولة المدنية الديمقراطية التي نسعى لبنائها (من منظور المجلس العسكري)؟

مما لا شك فيه بان الثقافة السياسية الديمقراطية تكمن في بنية وتربية الجيوش المحترفة وليس في بنية وتربية الجيوش التي تشرف على بنائها وتربيتها الأنظمة السلطوية القمعية العسكرية أو المدنية.

يتم تحديد مستوى الثقافة السياسية الديمقراطية في بلد ما بمدى الاعتراف بان المواطنين يمثلون السلطة السيادية النهائية، لذلك يجب أن تجسد فكرة الاحتراف العسكري في الدولة القادمة القيم الأساسية التي تقبل وتحترم المؤسسات الديمقراطية في الدولة وعدم التحيز في الصراع السياسي القائم، واحترام حقوق الانسان المتعلقة بالأفراد والدفاع عنها.

إذا كانت الثقافة السياسية الديمقراطية السليمة تفرض على السلطات المدنية المنتخبة شرعيا المسؤولية الكاملة عن إدارة الشؤون العامة والسياسية، فإنها تفرض على القوات المسلحة مهمة تنفيذ سياسة الدفاع والأمن التي يفترض أن تطورها السلطات المدنية.

يجب ان يعتمد بناء الجيش الوطني المحترف على الولاء الواضح والمتوازن للدولة واحترام المجتمع المدني وعدم التدخل في الصراع السياسي.

من المؤكد بان بعض الجهات المتضررة من التحول الديمقراطي سوف تعمل على إشاعة فوضى محلية ولو مؤقتا، لذلك سيكون من الصعب انجاز عملية التصحيح والتحول للديمقراطية وتوطيدها دون دعم الجيش الثابت والحيادي للسلطة الديمقراطية السيادية.

مهما يكن فإننا لا نملك خيارات متعددة ولا يمكن استنباط حلول وهمية من بناة افكارنا، إذا لا بد من الاعتراف بأنه لا يمكن مجرد تصور البدء بمرحلة التحول الديمقراطي مالم يسود السلم الأهلي في عموم البلاد باعتباره السبيل الوحيد لإرساء الامن والأمان والاستقرار والعيش المشترك والتسامح, هذا فضلا عن أن أهمية وحتمية السلم الأهلي تبرز لا سيما في الحالات التالية:

الحروب الاهلية – الاقتتال الطائفي – الصراع المناطقي – انتشار خطاب الكراهية والحملات المؤثرة في العيش المشترك – الحروب العقائدية والنزاعات الفكرية.

إنه لمن المفارقات المحزنة بأن جميع الحالات التي تبرر أهمية السلم الأهلي قد تجسدت على الأرض السورية من قبل هذا الطرف أو ذاك في الصراع الذي دام عقدا كاملا ولا زال, وكانت الضربة القاضية على يد نظام الأسد المجرم بمشاركة العصابة الحاكمة في طهران من خلال ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وعملية التهجير القسري لشعب بأكمله.

من هنا تتضاعف أهمية السلم الأهلي في الحالة السورية بسبب تمزق النسيج الوطني وضخامة المأساة. للوصول الى أهداف السلم الأهلي التي يأتي في مقدمتها

  1. انهاء الصراع المسلح والاعمال العدائية والاقتتال بكل اشكاله.
  2. ضمان حالة الاستقرار والسلم المجتمعي وعدم نشوب حرب أهلية مرة أخرى.
  3. تعزيز مبدأ العيش المشترك والتسامح بين المواطنين، والحد من خطاب الكراهية والفتنة، وتعزيز لغة الحوار.
  4. ضمان عدم حدوث أعمال انتقامية خارج إطار القانون، ومنع انزلاق البلاد الى نزاعات طائفية أو مناطقية.
  5. ضمان حماية المواطنين من أية اعتداءات في عموم البلاد.
  6. حماية مؤسسات الدولة وضمان استمرارية عملها بشكل اعتيادي. إضافة لأهداف أخرى….

مما سبق يتبين لنا بأن الجهة الوحيدة التي يمكن أن تحقق أهم أهداف السلم الأهلي هي مؤسسة الجيش والقوات المسلحة. كما ان توفير مقومات السلم الأهلي ومتطلباته وتجاوز معوقاته يقع على عاتق هذه المؤسسة السيادية الوطنية.

 هذا يعني بأن المدخل الى التحول الديمقراطي يرتبط الى حد وجوبي بالسلم الأهلي الذي يتوقف بدوره على دور ومهام الجيش والقوات المسلحة في إنهاء الصراع المسلح والاقتتال وضبط السلاح بيد الدولة وانهاء الميليشيات والمجموعات المسلحة خارج إطار سيطرة الدولة.

في جميع الأحوال يبقى دور المؤسسة العسكرية الوطنية التي يقودها المجلس العسكري الوطني في بداية مرحلة التحول الديمقراطي محوريا في إرساء حالة من السلم الأهلي والاستقرار والأمن الذي يهيئ المناخ الملائم لمختلف القوى والأحزاب السياسية للعمل على معالجة القضايا الوطنية والتركيز بالدرجة الأولى على خلق اجماع وطني حقيقي لا افتراضي وإيجاد حكومة وطنية ديمقراطية منتخبة تكون قادرة على تولي السلطة والقيام بعدد من المهام للوصول الى مرحلة ترسيخ الديمقراطية من خلال دعم المؤسسات الوطنية وتعزيز الاقتصاد الوطني وتناول موضوع المؤسسة العسكرية والأمنية بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة لضمان عدم اصطدامها مرة أخرى بالسلطة المدنية وتحولها الى مؤسسة سيادية محترفة, من هنا تأتي أهمية الإدارة الصحيحة والمحسوبة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد.

  • خاتمة

نظرا لأهمية الموضوع فإنه يحتاج الى دراسة سياسية وعسكرية أوسع وأكثر دقة بغية الوصول الى صيغة وطنية تسرع الخطى نحو التحول الديمقراطي وترسيخ مؤسسات الدولة الوطنية التي ترتبط بها، وتضمن تحول الجيش وجهاز الأمن الوطني الى مؤسسات محترفة تخضع للحوكمة الديمقراطية، وتقونن وتضبط مهامها وواجباتها دستوريا، كما وتصحح أوضاع المنتسبين اليها على نحو يليق بطبيعة المهام التي تنفذها في حماية الوطن والمواطن، وعندما تتحول هذه المؤسسة الى مؤسسة محترفة تصبح الثقافة السياسية الديمقراطية جزءا لا يتجزأ من بنيتها الوطنية.

يبقى القول، بعد عقد من الصراع الدموي العنيف لا يمكن تصور البدء بأية خطوات تتعلق بالحل السياسي سواء في المرحلة الانتقالية او مرحلة الاستقرار الوطني دون انجاز مهمة جمع السلاح وانهاء الميليشيات والمجموعات المسلحة وانهاء الاعمال العدائية والاقتتال بكافة اشكاله وتشكيل جيش وطني موحد, بمعنى أكثر دقة يبقى تشكيل المجلس العسكري ضرورة لا بد منها من أجل إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية وتنفيذ مجموعة من أدق وأخطر المهام الوطنية كمقدمة لابد منها للبدء بالمراحل التالية لعملية الانتقال السياسي السلمي للسلطة.

%d مدونون معجبون بهذه: