علي البش

سياسي سوري وعضو مجلس شعب سابق

من التلميح إلى التجريح..وسائل تقليدية تفرضها الظروف

لايزال البشر يتواصلون فيما بينهم من خلال الكلام الذي اصبح له طرق وأدوات ووسائل وصلت في عصرنا الحالي إلى مستويات متقدمة وهي لاتزال في تطور مستمر, وقد نشهد في قادم الأيام من هذه الوسائل مالا يخطر ببال أحد من وسائل محسوسة ومقروءة ومسموعة ومرئية .

الا أنه في كثير من الأحيان نضطر لاستخدام وسائل تقليدية إذ لا يزال الأشخاص والمجتمعات أيضا على درجة كبيرة من التفاوت في مستويات التطور والقدرة على فهم المقصود والمطلوب من الحوار او الكلام الموجه في كثير من الأحيان، والعفوي في أحيان أخرى  وعلى هذا الأساس ينقسم البشر في فهمهم ومعرفتهم لما يدور حولهم من خلال أساليب تنحصر بمفاهيم (التلميح، التصريح، التلويح، التجريح)  فمعظم الناس يفهمون من خلال التلميح(ان اللبيب من الإشارة يفهم) وقد تصل النسبة إلى 90/100 في بعض المجتمعات حيث يفهم الناس المدلول السياسي او الاجتماعي لرسوم الكاريكاتير او لقصة قصيرة او مثل شعبي او عبارة ظاهرها حقيقة واقعة ومدلولها سياسي او اجتماعي فمثلا (البعوضة تدمي مقلة الأسد) وفي الأمثال الشعبية الكثير أيضا (الحكي الك يا كنة اسمعي يا جارة) وهكذا الكثير من التصريحات السياسية بل وحتى الحركات والاشارات التي أحيانا تختلف في مدلولها عند الشعوب لدرجة التناقض فمثلا رفع الحاجب عند الأمريكي دليل إعجاب وعند الصيني استهزاء وأيضا مد اللسان عند الصيني إعجاب وعندنا تعبير استهزاء.. الخ.

ولكن بنفس الوقت إن نسبة أخرى من الناس أو المواضيع تحتاج إلى التصريح فبعض الأشخاص لا يستطيع فهم المقصود إلا من خلال التصريح الواضح الجلي وكذلك هناك بعض المواضيع التي لا بد من أسلوب التصريح فيها كما المواضيع العلمية أو التجارية في كثير من الأحيان فإذا لم نصرح ونسمي الأشياء بمسمياتها  قد يفهم الأمر بشكل خاطئ مما يؤدي إلى مشكلات كبيرة …

بعد ذلك مفهوم او أسلوب التلويح وهو ان يحمل الكلام نوعا من الوعد و الوعيد  بالثواب او بالعقاب دون استخدامهما، وهذا ما يحصل كثيرا في تربية الأطفال مثلا.

والأسلوب الأخير هو ما يسمى التجريح وهو آخر أسلوب يستخدم عند الحاجة وفقط مع الأشخاص أو المواضيع التي نحن مسؤولين عنها مباشرة وفيها يتحمل الإنسان المسؤولية لإيصال المعلومة او الفكرة لمن هو مسؤول عنهم لتحقيق الهدف والغاية من عمله كالمعلم والمدير والوزير والأب والأم… الخ

 وللتجريح أساليب مختلفة لفظية أو سلوكية تعبيرية وغيرها …. كالتجاهل او الصدود  وعدم الرد ويحصل هذا في الأدب والسياسة والمجتمع كما حصل مع المتنبي عندما هجا ملك مصر (لا تشتري العبد إلا والعصا معه،،،، إن العبيد لأنجاس مناكيد)

وعليه مما تقدم وبالعودة للوضع السوري الذي لم يعد خافيا على أحد من الوصول إلى آخر التصنيف العالمي وما وصل إليه من فقر وتشرد وانقسام حتى اصبح علينا من الصعب ان نكون كما نظهر او نظهر كما نكون.

 إن ما فعله نظام الأسد خلال عقود خمسة من تجهيل للشعب وتدجين له وفق خطط مدروسة استخدم فيها كل الوسائل المباحة والمحرمة لتخدم أجندة دولية ومصالح شخصية وهكذا علينا الاستمرار والوقوف مع بعضنا جنبا إلى جنب في طريق الحرية التي يتطلع إليها كل فئات الشعب السوري حتى وان قدمنا المزيد من التضحيات لأنه اذا كان الاستمرار بطريق الحرية شهادة فإن الرجوع عنه انتحار.

                                                                 

%d مدونون معجبون بهذه: