
أحمد عرابي
اكاديمي سوري
المجلس العسكري .. ما يجب أن يكون عليه ..حاضراً ومستقبلاً
وبعد مرور كل هذه السنوات أما آن لنا أن نفكر ما هو الحل أما آن الأوان لأن يستعيد السوريون زمام المبادرة فيطرحوا رؤيتهم الذاتية للحل بعيداً عن إملاءات القوى الإقليمية والدولية ورغم المأساة الإنسانية وضريبة الحرب المد مرة مازال الكثير من السوريين يعيشون الحلم ذاته يوم انطلقوا منذ عشرة أعوام مطالبين بحريتهم وكرامتهم والعيش الكريم وهذا ما يجب علينا فعله إذا كنا نريد ذلك , والحقيقية أن سورية بجميع مكوناتها مهددة بالفناء والاستنزاف الدائم مالم يبادر العقلاء من كل الأطراف إلى الجلوس على طاولة الحوار والخروج بحل ملزم ومن السذاجة والغباء انتظار سقوط الخصم لأي سبب من الأسباب لأن جميع الأطراف المتنازعة لديها من يقف خلفها ويمنع سقوطها بشتى الوسائل ومالم يتم الحوار الجدي فيما بيننا فإن أمد الحرب سيستمر أعواماً طويلة دون غالب ولا مغلوب والخاسر هو الشعب السوري بأكمله لذلك نحن بأمسّ الحاجة إلى لقاء حقيقي بين مكونين أساسيين من القيادات السياسية والقيادات العسكرية المساندة لها هذان المكونان مع بقية المكونات هم من تقع على عاتقهم وضع نهاية لمعاناة السوريين جميعاً فإذا تم دعم ذلك والوقوف معاً صفاً واحداً مع هذان المكونان نكون قد نجحنا في الاتفاق على الخطوط العريضة للحل, وما ذلك بمستحيل فإن جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية سوف ترحب بهذا الاتفاق وتساعد على تطبيقه فإن الهدف من تشكيل المجلس العسكري أن يكون ممهداً لمرحلة انتقالية في سورية وتكون مهمته القيادة لفترة محدودة وليس القيام بعمليات عسكرية والتهدئة واتخاذ إجراءات صارمة وقوية تسهم في تحقيق الأمن والأمان والسلام ونزع السلاح من كافة شرائح المجتمع ممن حمل السلاح خلال فترة الحرب ويكون هو البديل الذي يقوض كل أسس النظام السابق الذي سيكون دوره الأساسي فرض سلطة القانون في أنحاء البلاد كلها وإعادة الشعب السوري المهجر بالخارج والداخل إلى أرضه ودياره والاستقرار فيها ليبدأ بعد هذه المرحلة الحياة السياسية من جديد التي تضمن الحرية والكرامة والعدل لكل أبناء الشعب السوري دون فرق بين هذا وذاك , لهذا فإنني أرى أن فكرة مشروع المجلس العسكري مهمة جداً في هذه المرحلة التي وصلنا فيها إلى باب مسدود ولا خيار لنا غير ذلك فالمجلس العسكري هو الوحيد الذي سيعيد ويساعد في ضبط الوضع العسكري والأمني بوجود كوادر وطنية وقيادات عسكرية تحافظ على تطلعات وتحقيق مصالح الشعب السوري واهداف الثورة التي قام بها من أجل الحرية والعدالة والكرامة والعيش بسلام ويؤسس لعمل دستوري وانتخابات برلمانية ورئاسية والذي سيتولى مهام الدفاع عن سيادة سورية الحرة وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على أسس وطنية و إننا نستمع إلى كل الأخبار العالمية والمحللين السياسيين وأصحاب القرار الدولي فالكل يتكلم عن الحل السياسي في سورية بموجب القرار الدولي 2254 وحتى الآن وبعد مرور عشر سنوات من الحرب والقتل والدمار لم يتحرك شيء بهذا الشأن سوى التنديد والإدانة , وفوق كل هذا فشل المعارضة بكل أطيافها (القوى المسلحة والسياسية) من المجلس الوطني إلى الائتلاف الوطني إلى القيادة العسكرية المشتتة وحكومة الإنقاذ والحكومة المؤقتة وكل التشكيلات بكافة أشكالها لم تحقق أي اختراق أو هدف لصالح الشعب السوري المقهور والمغلوب على أمره ورفع المعاناة التي يعيشها منذ عشر سنوات عجاف بل الوضع يزداد سوءاً .
لهذا فإن تشكيل المجلس العسكري هو جوهر القرار الدولي 2254 الذي يطالب به المجتمع الدولي وأصحاب القرار وبما فيهم المعارضة السورية وهو الذي سيكون مفتاح الحل وتمهيداً لبداية المرحلة الانتقالية في سورية واستعادة الأمن وفرض سلطة القانون لكي يعود الشعب السوري المشرد والمهجر إلى وطنه وأرضه فالواقع يفرض نفسه , فوجود مجلس عسكري انتقالي يكون هو الحل الأمثل الذي يدفع نحو المخرج وإنهاء أزمة الشعب السوري علماً أن فكرة تشكيل المجلس العسكري مازالت فكرة تعرض بين حين وآخر وهي قيد النقاش مع الضباط السوريين الأحرار ومع الدول الكبرى وبعض الدول العربية سراً وعلانيةً ولكنها إذا ما رأت النور وتم التوافق عليها من قبل أطياف الشعب السوري الضباط والسياسيين وقيادات الثورة وتم الاعتراف به دولياً وتحت مظلة القرارات الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة فإن من شأنها أن تنهي المأساة السورية وتطوي صفحة نظام الاستبداد والفساد وهذا ما يتمناه الشعب السوري بكل أطيافه بأن تكون هذه القيادة العسكرية بداية خير لما بعد سقوط نظام آل الأسد عائلة الضباع فالقيادة العسكرية أمر بالغ الأهمية في النجاح العسكري وهذا يعني أنهم قدوة في الفكر والكلمة والفعل وتعتبر المسؤولية الواقعة على عاتقهم جزءاً أساسياً ومكملاً لسلطة القائد حيث أن جميع العسكريين يُعتبرون أشخاصاً مسؤولين من الناحية القانونية والناحية المعنوية حيث أن القيادة فن يكتسب ويمارس بالخبرة والمهارة والتدريب والتعليم والتعلم والمتابعة ليصبح مثالٌ يقتدى به فالقيادة العسكرية الحديثة هي فن الإقناع والقدرة على التأثير وتعزيز التمكين والولاء والوفاء والإخلاص ومنها إصدار الأوامر وتعزيز ثقافة التميز والإيمان بالغايات والأهداف لصالح الوطن والشعب والدفاع عنه وهذا يكون من خلال دورات تدريبية وندوات ذات صلة من مهارات التواصل مع الدبلوماسية واللباقة والتأثير وتحليلات الأعمال وإنجاز القرارات الصحيحة في المواقف المبهمة والتخطيط الابتكاري وتحقيق الأهداف المطلوبة لصالح الدولة وهذا يقودنا إلى الحديث عن الشخص الذي يمتلك هذه المهارات والمواهب الذي سيقود هذا المشروع العسكري ألا وهو القائد الذي سيتولى قيادة المرحلة الانتقالية ويتحمل العبء الأكبر في تحقيق الانسجام والتعاون بين فريق العمل بالمشروع العسكري الانتقالي في سورية , فالقائد هو العنصر الهام الذي لا غنى عنه في سلسلة القيادة والذي يلعب دوراً بارزاً وهاماً في تحقيق الأهداف والغايات المنشودة التي قام من أجلها الشعب السوري من أجل الحرية والعدل والكرامة والعيش بأمان واستقرار وما يعرف عن القائد الصالح المحب لوطنه وشعبه بأنه ذلك الشخص الذي يمتلك من المهارة والخبرة والكفاءة والسلطة ما يُمكّنه من إطاعة الآخرين له وقيادتهم بالإقناع والرغبة عن طيب خاطر إلى ما يحقق الأهداف المرسومة والمصالح المأمولة , وخاصة نحن بصدد بناء جيش وطني برؤى جديدة يكون ولاؤه وحبه للوطن لذلك يتطلب من قادة المستقبل ويتعين عليهم فهم سمات ومهارات وفنون القيادة ودراستها وممارستها بالشكل الصحيح ونذكر أهمها وهي ( الولاء والوفاء والإخلاص ) والولاء هو الإخلاص لله والوطن والشعب دون غيره وبذلك يكسب ود واحترام الشعب ويكون ولاؤه وإخلاصه حافزاً لهم للاقتداء به وطاعته من أجل الوصول إلى الأهداف المتوخاة وإن تحقيق الأهداف لا يكون بالتنظير والشعارات بل لا بد للقائد العسكري أن يعرف الإمكانيات والقدرات المتاحة وبناءً على ذلك يتصرف ولا يمكن أن تتحقق الأهداف النبيلة إذا لم يكن قدوة في الأعمال الجليلة والحسنة ومنها :
1ـ أن يتمتع القائد للمجلس العسكري الانتقالي بالكفاءة والقدرة في العمل.
2ـ أن يكون مستعداً دائماً للعمل ومقبلاً عليه بحماس وأن يبذل الجهد المستمر فيه.
3ـ أن يكون حازماً بقراراته ضد المخربين والفاسدين والإرهابيين وأن يكون أهلاً للثقة .
4ـ أن يكون مستعداً دائماً لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
5ـ أن يكون لديه القدرة على ضبط النفس والهدوء وخاصةً في المواقف العصبية.
6ـ أن تكون لديه الشخصية القوية المتماسكة المتكاملة.
7ـ قوة الشخصية وطلاقة اللسان وسلامة التعبير .
8ـ سعة الأفق وعمق التفكير وصواب الرأي .
9ـ الاتزان العاطفي والنفسي والتحليل السليم للأمور .
وفي الختام هذا والله ما يتمناه كل سوري حر في قادة سورية المستقبل وقادة جيشها بعد سقوط جيش ميليشيات وعصابات آل الأسد التي كانت لحماية الطغاة وحماية الفاسدين وتحيا سورية حرة أبية بشعبها وقادتها الأحرار .
وفي الختام أذكر نفسي وإياكم بقوله تعالى :
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ……..)
صدق الله العظيم .