
ياسر بدوي
كاتب وصحفي سوري
جدلية العلاقة الدولية المحلية للحل في سوريا
يعتقد الكثير منا أن الحل السوري هو دولي وما علينا إلا الانتظار والقبول بالقسمة والنصيب الذي سيناله كل شخص أو جماعة، ويعتقد الكثير منا أيضا أن الحل هو بين السوريين ورفع شعار الحل السوري-السوري، تبع هذا الشعار اندفاع لعقد اجتماعات لوضع هذا الحل متجاهلين الواقع حيث الألغام والانشطار والقوى المتعددة، وطبيعة النظام الذي يرفض أية حلول لا تكون على مقاسه، وقد قام بضرب جميع المشاريع السياسية حتى تلك التي كانت تحت قبضته (مؤتمر يعفور 2011).
العلاقة بين الحل الدولي وحجم الدور المحلي أصبحت علاقة جدلية متداخلة حادة في تشابكها وتعقيداتها، فلا حل دون إيجاد قواعد ومعايير متشابهة مع تجارب دول متقاربة مع الخصوصية السورية، فلا المجال الدولي قادر على الحل بمفرده ولو حدث سيكون مصيره الفشل، ولا الحل السوري المحلي ممكن لانعدام فرصه ووجود نظام قمعي دكتاتوري لا يجيد الا الخراب، والمعايير يمكن استخلاصها من القوانين الدولية، وتعديلها حسب الخصوصية السورية، والمعايير توضع بموجب حقوق الانسان، التي تبدأ من الحق في الحياة الى الحقوق السياسية وصولا للحقوق المدنية .
والمعايير تتطلب وجود قوى محلية تكون الحامل الوطني الذي يعيد صياغة مفاهيم الوطن و الشعب والسلم و العيش المشترك، وتحميها قوة منسجمة معها و متماهية في الطروحات الوطنية.
لماذا ستفشل القوى الدولية في حل المسألة السورية؟ لأنه يستحيل أن تجتمع المصالح الدولية في بقعة جغرافية صغيرة وتحيل كل مدينة وقرية وشارع الى محميات دولية، إضافة الى العداد الزمني الدولي مختلف عن الحالات الملحة عند السوريين.
لذلك القوى السورية اليوم مطالبة في صياغة المشروع الوطني والالتفاف حوله ورفعه أمام جميع المحافل الدولية، حتى نستطيع إيقاف الحلول القسرية والتي تفتقر للأخلاق والقيم وتصاغ في الهواء وتسمى اللا أوراق، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته حيث تحتل قوى كبرى الأرض السورية، لكن قبل ذلك لا بد من صياغة المشروع الوطني الكامل والمتكامل، والسبيل الى ذلك:
- البناء على الحصيلة الدولية من القرارات التي تم التعبير عنها في مجلس الامن والمحافل الدولية، من اول قرار الذي كان حصيلة حوار دولي وعربي ومحلي على مستوى المعارضة، جاء بمثابة بيان في 30 حزيران 2012 والقرار 2118 الصادر عن مجلس الامن ونص صراحة على الانتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم انتقالي، والعديد من القرارات والبيانات الدولية، كان اخرها القرار 2254 المتعلق بالانتقال السياسي.
- ترتيب أولويات الحل استنادا الى القرار 2254، بورقة، واضحة، مجدولة تكون البداية الى الحل.
- الأخذ بنظر الاعتبار أهداف وتطلعات الشعب السوري فوق مصالح الدول، هنا نبدأ بتفكيك الجدلية الدولية-المحلية، عبر إيجاد قوة محلية، تحقق الأمن وتصون عملية الانتقال السياسي والمجتمعي، وفق معايير دولية محترمة، يلتف حول هذه القوة ويتشارك معها جميع أطياف الشعب السوري، مع مراعاة المصالح الدولية وهواجسها ومخاوفها.
وأما تصدير الياس واغراق الحل بمبادرات وأوراق لا تنسجم وهذا المسار الدولي والمحلي، وإعدام المشاريع الوطنية برفضها، أو التذرع بأن الدول لا تريد، أو طرح مخاوف سابقة لأوانها، والذرائع كثيرة؟ فهذا إن دل على شيء فهو واضح، الفشل الدولي والمحلي، والبقاء في إطار المنافسات الدولية والصراعات الحادة لن توصل الى نتيجة.
ولتجاوز السكون والجمود لا بد من العمل على المشروع الوطني والحصيلة السورية كبيرة وغنية من الشخصيات والمجموعة والأوراق المؤثرة، التي تمكن الشعب من قول كلمته قبل استفحال الصراعات الدولية، التي تهدد بتحويل سوريا لساحة صراعات وحروب تأتي على ما تبقى.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.