أحمد عرابي

أكاديمي سوري

العودة إلى الوطن …محرراً عزيزاً

قد يقول البعض هذه سياسة وتحالفات دول عظمى لا حول  لنا  ولا قوة في تغييرها إلا أنني أؤمن بأننا نحن الشعب السوري صانعو مستقبلنا ووحدنا نحن من عاش ألم الحرب والظلم والقهر والتشرد والبعد والفراق عن الوطن بل نحن وحدنا من يعرف مرارة هذا الشعور لأننا عشناه واقعاً فالهجرة والبعد عن الوطن ليست النهاية بل ربما تكون البداية لكل شيء وهي حصيلة حياتنا وتجربتنا الدنيوية التي ذقناها على مدار عشر سنوات من الحرب والدمار والخراب والقتل والتهجير وتجرعنا المُر من أجل الوصول إلى تلك اللحظة التاريخية التي نستطيع من خلالها التمييز بين الخير والشر وبين النافع والضار بهذه الثورة التي عرت وكشفت لنا الكثير من الناس الذين كانوا يدّعون الفطنة والذكاء الخارق وأنهم وحدهم من يفهم في العلم والفكر والثقافة وفن السياسة وتبين أنهم أشد الناس نفاقاً وكذباً ودجلاً فوقفوا مع الظالم وساندوه ضد المظلوم وساروا بعكس التيار ضد الشعب الذي قام من أجل حريته وكرامته, فأقول : أيها الشعب السوري العظيم الذي قام ضد الظلم والاستبداد والفساد وضحى بكل شيء من أجل أن يكون الوطن عزيزاً كريماً لكل أبنائه والعيش فيه بسلام لا تسمحوا لأولئك الذين يحاولون أن يثبتوا فيكم روح الهزيمة واليأس والإحباط ويسعون إلى قتل طموحكم لأنكم ببساطة أنتم أسياد قراركم وأنتم من يرسم طريق النجاح والوصول إلى الهدف وإلى تحرير سورية من دنس هؤلاء الذين دمروها وطغوا فيها  وإن النقطة الفاصلة أيها المخلصون هي الثبات على الأفكار البناءة وعدم التخلي عنها مطلقاً, وإنني أحزن حزناً عميقاً عندما أرى بعض الناس الطيبين ممن لا يستطيعون التعبير علانية عن وجهة نظرهم إيجاباً أو حتى سلباً تجاه قضية معينة فتجدهم لا يجرؤون على كسر جدار الخوف الذي بُني بداخلهم  فيلتزمون الصمت مطأطئي رؤوسهم في كثير من المواقف وكأن الأمر لا يعنيهم فالصمت والتقوقع والارتباك  وسياسة هز الرأس والانصياع الأعمى إنما هو الشيء المريح والجيد لدى هؤلاء الحكام الطغاة فبعد مرور عشر سنوات من الحرب والدمار والخوف والتهجير القسري ومن تأسيس الناس لعيشهم في أماكن أخرى في دول الجوار أو ممن هاجر إلى دول الغرب أو ممن هجر ضمن الأراضي المحررة والخارجة عن سيطرة عصابات الأسد بالداخل السوري تطمح نسبة كبيرة من الناس إلى العودة  إلى المناطق التي كانوا فيها قبل النزوح في حال تم التوصل إلى تسوية سلمية عن طريق المفاوضات بين الأطراف المتصارعة في حال استلام حكومة انتقالية تضمن حق العودة لكل السوريين عودة طوعية آمنة تضمن لهم حقوقهم وحياتهم وعدم التعرض لأي شخص كان وإعادة الأملاك  ( المنازل والأراضي )  أو التعويض عن خساراتهم وممتلكاتهم التي دمرتها عصابات الأسد المجرمة, ولكي تتحقق استدامة حالات العودة لابد من التخطيط للتنمية الاقتصادية المحلية واستغلال كل الفرص والعمل على إعادة الإعمار من أجل العائدين قبل عودتهم ولابد من الاعتراض على الصورة العامة للنازحين داخلياً في كل المناطق المحررة وفي مخيمات دول الجوار على أنهم جماعات متطرفة وإرهابية وهذا ما تردده دائماً منظومة بشار الأسد والداعمين والمدافعين عنه من روسيا وإيران ودول كثيرة وقفت ضد ثورة وحرية الشعب السوري بل وساندت المجرم بشار الأسد , لذلك ما تزال العودة إلى الوطن بالنسبة لملايين السوريين في أنحاء العالم الأمل الأمثل في إيجاد حل لمحنتهم وعودتهم إلى سورية بوجود حل دائم يضمن عودتهم وهو المفضل لدى العدد الأكبر من اللاجئين فإن العودة الطوعية إلى الوطن بأمان وكرامة يتطلب التزاماً كاملاً ودعماً مستمراً من جانب المجتمع الدولي من خلال تنفيذ القرار الدولي (2254 ) الذي ينص على الانتقال السلمي للسلطة ومن ضمن هذا القرار يكون تشكيل المجلس العسكري السوري بقيادة الضباط الشرفاء والذي بدوره سيكون هو الحل لضبط الأمن  والاستقرار ونزع السلاح من كافة فئات المجتمع وبسط سلطة القانون والعدل ويكون الداعم والمساند للسلطة المدنية التي تعتبر حاسمة لضمان تمكين أولئك الذين يتخذون هذا القرار الشجاع بالعودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم في بيئة مستقرة وحياة كريمة تضمن لهم الأمن والأمان والحرية والعدل ويفيدنا في بناء مجتمع سليم من كل الأحقاد والكراهية والظلم وعلينا أن نتعلم أن الأمل يبقى رغم قسوة الظروف وأن الأهداف التي خرجنا من أجلها في ثورة الحرية والكرامة عام 2011 تبقى ثابتة مهما واجهنا من صعوبات و نتعلم أن للوطن واجب وحقٌ علينا وأنه أمانة لدينا ونتعلم أن الهجرة والبعد عن الوطن قد يكون بداية لنجاحات كبيرة كان من الممكن ألا نرى بريقها لو لم نهاجر فالكثير من السوريين حققوا نجاحات أبهرت العالم في بلاد المهجر بالعلم والتفوق في الطب والهندسة والمعلوماتية وغيرها فهنيئاً لمن جعل وطنه نصب عينيه واعتنى به كما يعتني بجسده وعائلته فإن ألم الفراق عن الوطن من أصعب الآلام وأشدها فمن لا يبكي لفراق الوطن ؟  ومن لا يشتاق لأرضه ووطنه ؟ فلو لم يكن الوطن غالياً لهذه الدرجة لما سُمي ب ( الوطن الأم ) فالوطن كالأم الحنون التي تحتضن أطفالها وتمنحهم الشعور بالأمان والسكينة نعم الفراق صعباً والهجرة والغربة  أصعب  ولكن العودة للوطن تستحق كل العناء والتضحيات , فالانتماء للوطن يزيد من قوة الترابط  بين الناس والأشخاص وذلك لحبهم لوطنهم وهذا يعود على الوطن بالنجاح والنهضة والتقدم لبناء مجتمع قوي مترابط  ويمنح الإحساس بالأمان والتقارب بين الأوطان الأخرى, وسوف نجعل من الأمس رؤيا للسعادة وكل غدٍ رؤيا مليئة بالأمل ويكون عيدنا الحقيقي حينما تحيا بلادي سورية بلا دماء بلا إرهاب وبلا براميل متفجرة وبلا هدير الطائرات وأصوات المدافع , عيدنا الحقيقي حينما تعود الألفة والمحبة والتسامح بين السوريين كما كانت من قبل, عيدنا الحقيقي حينما نتكاتف مع بعضنا البعض للخلاص من الكارهين والحاقدين علينا فإن ليل الظالمين لن يطول, وأنت يا وطني الحبيب سورية  ستعود محرراً وبلد القيم والمجد والحضارة وستنتصر على الوجع والقهر وستكون عنواناً للثقافة , وللكرامة, وللعدل ميزان, وللسلام أمان .

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: