العميد الجوي الركن المجاز نهاد نادر

القضية السورية بين الواقع والحلّ … بالمختصر المفيد

مقدمة :

إنّ التنظيم والقدرة على تقدير الموقف والاستخدام الصحيح للقوى والوسائط ، والانضباط في صفوف الجيش مع امتلاكه الخبرة وإرادة القتال، عوامل تحقق التفوق العسكري على الخصم .

فكيف إذا كان الخصم لا يمتلك إلا التصميم على السلب والنهب واللعب على الحبال ؟.

وحيث لم يعد الصراع في سوريا محصورا” بين طرفين فقط هما ( المعارضة )  و ( النظام )، وإنما أصبح صراع مصالح وأهداف معلنة وغير معلنة بين الأطراف المتدخلة في هذا الملف الشائك ، فقد أصبح من الضروري فهم تشابكات هذه المصالح، واعتبارها لأهميتها أحد أهم عوامل تحقيق النصر .

واقع ورؤية :

– مهما طال الزمن لا بد وأن تسقط الديكتاتوريات وتنتصر إرادة الشعوب .

– لقد مرت سنوات عشر عجاف من تاريخ سوريا العراقة والحضارة .

سقط من خلالها شعار المقاومة والممانعة، الذي كان مظلة العدو الفارسي، والملتحف بعباءة الدين، من أجل التسلل الى بلاد الشام والرافدين واليمن السعيد، لتدنيس ترابها، ولقتل وتهجير شعوبها.

– إن الحفاظ على الوطن يتطلب اتباع سياسة وطنية تنسجم مع ما تريده غالبية الشعب السوري الذي سئم الحروب العبثية منذ عهد الاستقلال حتى اليوم، تلك الحروب التي لم تجلب سوى النكبات والويلات، ولم يكن فيها طرف منتصر بل كان كل المشاركين خاسرين بهذا الشكل أو ذاك .

– بعد استعادة الشرعية واسقاط الأسد ومنظومته وإنهاء الديكتاتورية، لابدّ من إرساء قواعد العلاقات المتينة مع دول الجوار، في الشمال والجنوب والشرق والغرب علاقات تقوم على أسس السيادة الوطنية والاحترام المتبادل والمنافع المشتركة .

– إن حل القضايا الخلافية يكون بالطرق السلمية استنادا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ووسائلها، برعاية المنظمات الدولية المختصة .

وبالانتقال من أكذوبة المقاومة والممانعة والشعارات الزائفة، إلى حقيقة إعادة الاعمار والبناء والتنمية والازدهار في دولة الحرية والعدل والديمقراطية، وتبنّي ثقافة السلام والمحبة بديلاً عن ثقافة الحرب والكراهية، من أجل استعادة سوريا وطن الأبجدية الأولى وطناً لجميع السوريين، يبنون معاً دولة المواطنة العصرية التي تسود فيها قوة القانون وليس قانون القوة، ويستظل جميع أبنائها بمظلة العدل والمساواة والأمن والسلم الأهليين .

الخروج من عنق الزجاجة :

– السوريون كل السوريين معنيون بالبحث عن حلّ وطني للتخلص من الديكتاتورية وللبدء ببناء دولة المواطنة ، حلّ يحظى بالقبول لدى الدول الفاعلة في الملف السوري .

ـ لكي نكون منسجمين مع قناعاتنا الذاتية ، ونكون قارئين بدقة للوضع السوري، وللقوى والميليشيات الإرهابية المحلية والأجنبية، ولعشرات الفصائل المسلحة غير المنضبطة والمنتشرة على جغرافية البلد، يتوجب علينا الإقرار بحتمية وجود قيادة عسكرية وطنية محترفة تكون قادرة على وضع الخطط ومتابعة تنفيذها من أجل ضبط ونزع وتجميع السلاح في عموم البلاد وتنقية التراب السوري من الاحتلال الإيراني والتطرف والإرهاب.

تلك القيادة التي تتمثل بالمجلس العسكري الوطني تحتاج الى توافق الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وإلى دعم دولي وإلى تنسيق مع دول الجوار الجغرافي دون استثناء.

ـ في هذا السياق لا بد من الابتعاد عن الشعارات التي غرسها في عقولنا النظام المغتصب للسلطة على مدى عقود من الزمن.

أعود وأؤكد أننا ( نحن السوريون ) نبحث عن طرق الخلاص من المعاناة وعن الدروب والمسالك التي تعيدنا إلى سوريتنا وتعيد إلينا حقوقنا المسلوبة منا .

توصيف الوضع الراهن في سوريا:

النظام الذي هجّر وقتل السوريين ودمّر سوريا :

– قيادته دمية بيد المحتل الإيراني .

– جيشه وقواته المسلحة في حالة عوز وجوع وتفكك وتشرذم ، وتبعية للولي الفقيه وحرسه الثوري الذي يسرح في طول البلاد وعرضها.

– أهم مفاصله وبواباته في معظم مدنه، وعلى الأخص العاصمة دمشق، مسيطر عليها من قبل الميليشيات الإرهابية التابعة للعصابة الحاكمة في طهران .

– قراه وبلداته ومدنه الموجودة تحت سيطرته مستباحة من الميليشيات المحلية المسلحة والمنتشرة فيها .

  • هيئات المعارضة:

– تم استبعاد الكوادر الثورية الوطنية والمؤهلة، وحلّت مكانها قيادات صورية مرتبطة وغالبيتها كانت مقيمة خارج سوريا، يتم تدويرها دون فائدة .

– حالة من الفشل والمحاصصة والمحسوبية والارتزاق والمنافع والفساد السياسي .

 – حوّلت الثورة من مسارها الوطني الى مسار أيديولوجي حزبي ضيق ومذهبي ، يعكس الجانب الأبشع من هوية النظام الأسدي.

– عشرات من الفصائل المسلحة يقودها جهلاء وأصحاب سوابق، وغير اختصاصيين .

– فشلت في أداء واجباتها ولم تعترف بفشلها، وتمترست في مواقعها لمنع وصول أية قيادات أخرى ذات كفاءة .

– لم تكترث بأوضاع المهجَّرين المأساوية، وهي ماضية في فسادها ومؤتمراتها وتنازلاتها عن حقوق السوريين، دون أية ضوابط وطنية .

– لم تنجح في التعامل مع الملف السوري بين الملفات الدولية للاستفادة من تقاطعاتها وتبايناتها وتغيراتها .

– لم تستطع أن تقدّم للمجتمع الدولي قيادة مقْنعة بديلة للنظام الديكتاتوري .

 وبالتالي عرضت  للعالم الخارجي صورة مشوّهة عن الثورة  حتى أحجم بنتيجتها عن دعم مطالب الشعب السوري المحقّة .

  • أهلنا في المخيمات :

– مأساة العصر .

– يرافق المأساة موقف دولي صامت ومتردد .

– تتحمل قيادة المعارضة والمجتمع الدولي هذا الوضع المأساوي .

نتيجة :

 مع تجاوز شخوص ممثلي المعارضة …

 فإن العمل على تشكيل مجلس عسكري ضمن هيئة سياسية متوافق عليها دولياً في المرحلة الانتقالية، هو الضامن الوحيد لتجاوز مرحلة الفوضى والفلتان الأمني، وللوصول إلى حكومة منتخبة ديموقراطياً، تعمل على إنقاذ البلاد وعلى استعادتها موقعها الطبيعي ضمن المجتمع الدولي .

خاتمة : 

لن يغيب عن ذاكرتنا أولئك الذين انشقوا عن النظام من عسكريين ومدنيين ودبلوماسيين وسياسيين ورجال أعمال ورجال فكر ورأي وفنانين وأطباء ومهندسين …وغيرهم من الوطنيين الذين لم تتلوث عقولهم وحافظوا على قيمهم الوطنية، فدفعوا أثمانا غالية بسبب مواقفهم الى جانب الشعب الحر الثائر .

هؤلاء هم الركيزة الأساسية مع المجلس العسكري لعودة المهجرين والنازحين الى وطنهم ولإنقاذ سوريا واستعادتها لمكانتها الدولية المغتصبة من العائلة الأسدية الحاكمة .

 الرحمة للشهداء … والغلبة للأحرار ….. والنصر قادم  بإذن الله

%d مدونون معجبون بهذه: