

الرائد عادل فرزات
برنامج التوعية من مخاطر الألغام ومخلفات الحرب
مخلفات الحرب…..مفترس يعيش بيننا
في كل عام نسمع عن مقتل او جرح اعداد كبيرة من المدنيين نتيجة ((مخلفات الحرب)) وهي المخلفات الغير منفجرة بعد النـزاعات المسلحة, وتشمل هذه المخلفات (( قذائف المدفعية والهاون والقنابل اليدوية والصواريخ وقذائف الطيران وكل جسم قابل للانفجار )).
وفي الحقيقة إن مشكلة مخلفات الحرب القابلة للانفجار ليست بالجديدة, فقد كانت نتاجاً فرعياً لكل النزاعات المسلحة تقريباً في العصر الحديث, وتعاني 84 دولة حول العالم من هذه المخلفات, وليس بالضرورة أن يكون المتضررون من هذه المخلفات هم المتواجدون في نفس الموقع فقط، فمن الممكن أن يصل تأثير الانفجار الى مسافات واسعة وذلك حسب كمية المتفجرات وعناصر التشظي الموجودة داخل هذا الجسم, لذلك تعد هذه المخلفات اخطر من الألغام, وغالبا ما تكون الإصابات الناجمة عن مثل هذه الذخائر اما الوفاة او الإصابة بجروح شديدةٍ قد ينجم عنها تمزق في الأعضاء الداخلية وتضرر في الأجزاء الحيوية للجسم, أو بتر في الأطراف أو فقدان حاستي السمع والبصر وذلك حسب نوع هذه المخلفات والمسافة من الانفجار, ولا يقتصر تأثيرها على الجسم البشري فحسب بل تتعداها الى التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية في البلدان المتضررة لما لها من تأثير على الأراضي الزراعية, حيث تتسبب في انخفاض الإنتاجية والذي يترتب عليه إعاقة لعمليات إعادة الإعمار وعودة اللاجئين بعد الحرب, حيث ان بعض أنواع مخلفات الحرب تتواجد على سطح الأرض, بينما تتواجد أنواع أخرى تحت سطح الأرض بعدة أمتار مما يجعل اكتشافها والتعامل معها أمرًا صعبًا.
هذه الكارثة استدعت تدخل المجتمع الدولي للمساعدة في وضع حد لهذه المعاناة الإنسانية وتقديم مساعدات سريعة للمجتمعات المتضررة فكان البروتوكول المتعلق بالمخلفات المتفجرة للحرب معاهدة جديدة ومهمة من معاهدات القانون الدولي الإنساني, اعتمد في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2003 من قبل الدول الأطراف في اتفاقية 1980 المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة, وهو البروتوكول الخامس لهذه الاتفاقية, وقد دخل البروتوكول حيز التنفيذ في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2006, وبلغ عدد الدول التي أصبحت طرفا فيه حتى أول يوليو/تموز 2007, 32 دولة, حيث يقدم هذا البروتوكول إطار عمل منتظم للحد من المخاطر التي تفرضها الذخائر غير المنفجرة والمتروكة على السكان المدنيين, وهذا يعتبر أول اتفاق دولي يطالب الأطراف في نزاع دولي بإزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار بعد انتهاء النزاع, الا انه لا يشمل الألغام الأرضية المضادة للأفراد أو المركبات, لوجود اتفاقات دولية أخرى تنظم استخدام هذه الأسلحة.
وسوريا اليوم تعاني من هذه الظاهرة حيث ان النظام السوري استخدم كافة أنواع الذخائر على المناطق المدنية الآمنة مما خلف الى جانب الدمار الواسع وحش مفترس صامت, تدعى الذخائر الغير منفجرة, هذه المخلفات التي تفتك بالسوريين في كل عام, حيث اكد تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر, أن عدد الأشخاص ممن كانوا ضحايا الألغام ومخلفات الحرب في سوريا تجاوز 12 ألف شخص, نسبة الوفاة منهم 35% و65% أصيبوا بجروح, وبلغت نسبة إصابة الأطفال 25% تقريبا, و 50% من الناجين كانت النتيجة بترٍ في الأطراف, ولعل الصورة اعلى الفقرة توضح حجم الكارثة التي يعيشها سكان هذه المناطق في سوريا.
لذلك على المجتمع الدولي اليوم الالتزام بمسؤولياته لإيقاف هذه الكارثة الإنسانية في سوريا وتحميل النظام السوري المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم واضافتها الى سجله الاجرامي حتى تتم محاسبته قانونيا.