
صفاء شاوي
أكاديمية سورية
يداً بيد معاً لتحرير وبناء سوريا…الوطن أنا وأنت
إن الأوطان لا تبنى بالشعارات ولا تبنى على قواعد العنصرية والطائفية بل على المحبة والتعايش والانفتاح والحضارة وقد خلق الله سبحانه وتعالى كل شيء وجعل له مهمة يؤديها ليحيا بها فكلٌ ميسرٌ لما خلق له وسخر ما في السموات والأرض للإنسان ليقوم بمهمته في هذه الأرض فيعمرها ليحيا فيها حياةً كريمة طيبة, وأكدت التجارب في العالم المتقدم بأنه لا يمكن بناء الأوطان من دون قانون حازم يُحترم ويلتزم به الجميع من أحزاب ومؤسسات ومنظمات وهيئات بعيداً عن الأهواء والمصالح الشخصية ويمكن أن يتحقق ذلك إذا ما تحقق العدل ووجد المسؤول المخلص لوطنه وشعبه, فنحن في سورية لم نتوفق بهذا المسؤول المخلص لوطنه بل كانت الطامة الكبرى على الشعب السوري منذ الإطاحة بالحكم في سورية والانقلاب الذي أوصل حافظ الأسد إلى السلطة ومن ذلك الحين إلى عهد ابنه بشار المغتصب للسلطة كنا في وطن لا قيمة للمواطن فيه, وعندما أراد الشعب أن يتحرر من ذلك قام بثورة الحرية والكرامة والعدالة فتكالبت عليه دول العالم ووقفت مع الطاغية الذي قتل الشعب وهجره فكان قدر هذا الشعب أن يعيش كالأيتام لاحول ولا قوة له, فكانت سياسة بعض الدول الاستعمارية تعتمد على تجويع الشعوب التي ثارت على حكامها والتي مُنع عنها السلاح للدفاع عن نفسها وتركها تواجه مصير القتل والدمار والتهجير القسري والعمل على تخويف هذه الشعوب من المستقبل لإرجاعهم لحظيرة الحاكم الطاغية الذي هو من صنيعتهم بالوقت الذي كان بإمكانهم مساعدة الشعوب لتحقيق أهداف ثوراتهم وخلاصهم من ظلم هؤلاء الحكام الطغاة, لكنهم لم يفعلوا ولم يساعدوا أي دولة قامت بثورة ضد حاكمها الطاغية فالشعوب العربية ثارت على نظام دكتاتوري واحد وتواجه خصماً واحداً وأما الآن بعد مرور عشر سنوات على الثورة السورية أصبح الشعب يعلم علم اليقين أنه يواجه العالم بأسره, لذلك أصبح من الصعب الرجوع إلى الوراء لهذا الشعب الذي ضحى من أجل مستقبل أفضل لأبنائه, مع أن الحكام الطغاة ومن ساندهم وساعدهم ووقف إلى جانبهم من الأنظمة المستبدة فعلت ما يمكنها فعله لدوس كرامة الشعوب التي تحكمها بالنار والحديد ومع كل ذلك لم تنكسر ولم تخضع هذه الشعوب بعد كل هذه التضحيات, فسوريا مثلاً مرت بالكثير من الظروف القاهرة وتمكن الشعب من تخطيها بفضل تمسكه بالغد المشرق وتسلحه بالإيمان بقضيته واليوم وبعد كل هذه التضحيات لن يسمح بأن تسيطر الكآبة عليه لأنه شعب يحب الحياة ويحب أن يعيش حياة كريمة مليئة بالفرح والرضا وأن يجعل التفاؤل منهجاً يسلكه وهدفاً يصبو إليه وبالتفاؤل تتحقق السعادة وبالفرح يتحقق الرضا فمن أساسيات الحياة أن نؤمن أن الأمس ضاع واليوم بين أيدينا والغد مأمول, فيه شمس مضيئة وتفاؤل وأمل ومن هنا فلنضع أيدينا يداً بيد معاً لتحرير وبناء سوريا ونناشد كل الشرفاء والمفكرين والمثقفين من السياسيين والضباط الأحرار الذين قالوا كلمة حق أمام حاكم ظالم وقاتل, وتركوا وراءهم مناصبهم ورفضوا قتل أهلهم و أبناء جلدتهم وانضموا إلى هذه الثورة السورية ثورة الشعب الحر, عليهم أن يعلموا أن بالتوحد نجاح وبالفرقة خسران ونحن بحاجة لمن يقود هذه المرحلة الصعبة ويواكب تحركات وسياسات الدول ويكون له تأثير قوي في المحافل الدولية والكلمة اليوم لمن يستطيع نزع الاعتراف وتطبيق شرعية القانون الدولي المتفق عليه بالقرار رقم (2254) وبالمساعدة بالخلاص من هذه السلطة الفاسدة المستبدة والكرة الآن بملعب الضباط الأحرار بانتزاع وإقرار واعتراف الدول الكبرى بالمجلس العسكري الانتقالي في سوريا وأنه هو البديل والحل لمرحلة انتقالية مع هيئة سياسية مدنية داعمة له لإنهاء مأساة الشعب السوري وانتقال سوريا من الحرب إلى السلم الأهلي وإلى السلام الكامل العادل في سوريا, ومن أجل الخروج بالبلد من أزمته دعونا ننبذ كل الضغائن والحقد والغيرة من بعضنا ونشجع ونثني على كل من يريد المساهمة في إنقاذ سوريا مما وصلت إليه, وفي إصلاح المجتمع المدني وتطويره فيما بعد وإصلاح المنظومة العسكرية بكل أشكالها, ومصلحتنا أن تبقى أيدينا معاً يداً بيد تعمل وتبني لا تهدم , ونكون مجتمعاً مثالياً خالياً من العنف والحقد لا أحد يعلو على الآخر وليس لمصلحة أحد بل للجميع , وليس للمكاسب الشخصية بل المكسب للجميع ولنحاول قدر استطاعتنا بذل الكثير لبناء الوطن والارتقاء به نحو الأعالي ونكون في سبيل ذلك يداً واحدة تصنع ما يعجز الفرد وحده عن عمله فإن للوطن علينا حقاً يتمثل بالدفاع عنه وحمايته وجعله مثلاً يحتذى به وبأفراد شعبه بين الأوطان ومثلاً للحضارة, وجعله يرافقنا أينما حللنا وينقش أثره الدائم في قلب وعقل كل من سكنه أو زاره وبذلك نكون قد تخلصنا من حكم قمعي تسلطي مستبد بشكل متوحش دام لعقود عديدة أدى إلى ذوبان شعور أبناء الشعب السوري بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا الوطن وأنهم يشعرون بأن الدولة مصدر تهديد لهم وذلك بالقمع والاعتقال والقتل وهذا يتطلب من أبناء الشعب العمل معاً يداً بيد لبناء سوريا من جديد بموجب سيادة القانون الصارم والعادل لجميع فئات المجتمع السوري بكل أطيافه ولي أمل وتفاؤل بأننا قد استوعبنا كثيراً من الدروس بعد كل ما حصل في وطننا وما استفدناه لابد أن نطبقه على أرض الواقع وأما الكبوات فلا بد أن نعيد دراستها ونوجد أفضل الحلول لها كي لا يخيب أملنا بها مرة أخرى في المستقبل فالأوطان لا تبنى على قواعد العنصرية والطائفية والاستبداد بل على المحبة والتعايش والحضارة والانفتاح وتطوير المجتمعات المدنية فمسؤولية الأوطان ليست على الحكومات فقط بل للأفراد نصيب في تحمل هذه المسؤولية من خلال تبني ثقافة تكافؤ الفرص فبناء الوطن يعني أن يشارك الجميع في بنائه لا أن تكون هناك جهات تبني وجهات تهدم وتخرب و أطراف تمارس العنف والفوضى والإخلال بالتوازن تحقيقاً لرغبات شخصية وسياسية وحزبية واجتماعية, فجميعنا ننتمي لهذا الوطن وجميعنا يحلم ويطمح بالعيش فيه برخاء وأمن واستقرار بحيث نتمكن من بناء الحاضر والمستقبل …( فيا وطني .. من لي بغيرك عشقاً فأعشقه .. ولمن أتغنى .. ومن لي بغيرك .. شوقاً وأشتاق له ).
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها