

ياسر بدوي
كاتب وصحفي سوري
الاتجار بالبشر والتلاعب بالعقول – الاعلام كمدخل
موضوعات خطرة تجعلنا نطيل التفكير بمعالجتها والتصدي لها، كونها أصبحت في سوريا بخلاف دول العالم، مبرمجة منظمة، افرزتها الحرب والفوضى وتعدد المجرمين الفاعلين اليها، ومختلفة في سوريا، كون جماعات تدعمها الدولة تقوم بها، بخلاف الدول الطبيعية، حيث تحاربها الدولة، وتزداد الخطورة بمشاركة دول أخرى بتنظيمها وتفعيلها، كما هو الواقع بشأن جريمة المخدرات، التي ترعاها الفرقة الرابعة وميليشيا وعصابات محمية من النظام القائم وإيران وميليشيا متعددة الأطراف.
الاتجار بالبشر وبيع الأعضاء بأشكال مختلفة، تقوم بها عصابات محمية من النظام وسلطات الأمر الواقع، التلاعب بالعقول الذي يؤدي لغياب الرؤية، ويؤدي الى ارتكاب هذه الجرائم، قامت به الدولة المسلوبة من نظام، وهذه الآفات المدمرة للمجتمع لا تحلها القوة وحسب، بل تحتاج لحراك ثقافي، اجتماعي، فني، معرفي، متكامل، وبالتأكيد لا ننسي البعد الديني الذي شابه الكثير من المفاهيم الخاطئة، وكل مجال من هذه المجالات يحتاج لتفصيل ولأبحاث معمقة، والمدخل هنا الاعلام.
الأرقام والعناوين المتعلقة بتجارة المخدرات وتعاطيها صادمة، وكذلك الاتجار بالبشر، والقتل من مخلفات الحرب والألغام، لماذا الاعلام مدخلا؟ الأسباب عديدة يمكن ابرازها بالتالي:
- لا بد من تحقيق شرط المعرفة لمعالجة المشكلة، من يصنع ومن يروج، ومن هي الشبكات التي تدير هذه التجارة المدمرة، عبر صحافة استقصائية وتحقيقات مهنية تكشف وتعطي الأرقام والحقائق، كمقدمة للعلاج مع بداية معالجة المشكلة، ورغم صعوبة انتاج مثل هذه المواد الإعلامية بسبب قمع النظام للإعلام، إلا أن هذا لا يعفي من إيجاد الطرق والسبل بوسائل مختلفة لرصد هذه المشكلة.
- انتاج البرامج والقصص المؤثرة المعتمدة على علوم الاجتماع والنفس والصحة البدنية والعقلية، لنشر الوعي بين الناس عن مخاطر هذه السموم القاتلة، وتوعية الناس بشأن التعامل مع المجرمين الذين يتجارون في البشر ويحتالون عليهم، كذلك حول التعامل مع الألغام والمناطق السامة، والمزاوجة بين المادة العلمية والارشادية والصورة البصرية، أو أسلوب القصص الجذاب لتحقيق الفائدة.
- الاستفادة من (هوامير) مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الثقافة النظيفة الخالية من جرثومة المخدرات، وتحقيق الأهداف الأخرى التي تحقق سلامة المواطن.
- الإنتاج الدرامي الخفيف والضخم، المؤثر واسع الطيف الذي يمكن ان يشكل حربا حقيقية على هذه التجارة.
- الخطاب الديني الذي يأخذ شكلين متضادين في هذا الموضوع، الأول تشريع تعاطي المخدرات، التي تعمل به بعض الفرق مثل حزب الله اللبناني، والشكل السليم الذي يحرم هذه التجارة ويدعو الى الخير والمحبة والسلام، ولا بد من مناقشة هذه الأفكار مع علماء دين ومتخصصين بالعلوم المتصلة.
هي دعوة لمسار تبناه المجلس العسكري للعمل عليه كبرنامج وطني أنساني لمحاربة الجريمة المنظمة التي تتاجر بالإنسان وأحلامه وأخلاقه وحاجته، للمساهمة في تحقيق سلامة وامن المواطن، وسلامة الانسان الذي جوهر المشروع الوطني الذي يعمل عليه المجلس العسكري، مع الفعاليات والقوى الوطنية، وهذه قضية تعتبر فوق الخلاف السياسي والأيديولوجي، والجميع مدعو للمشاركة في هذا الاختبار الكبير.