علي البش

سياسي سوري وعضو مجلس شعب سابق

كلنا آدم … وكل فرد منا يحمل ذات الرسالة …

لازال الإنسان يبحث عن اصل وجوده الأول والمراحل والاحقاب التي مر بها حتى عصرنا الحالي وتعددت النظريات عبر العصور المختلفة والأديان والعقائد المتعددة أيضا بل تعددت النظريات بالعصر الواحد او حتى في الدين الواحد في بعض الأحيان حتى قيل ان اصل الإنسان قرد (وفق نظرية داروين) وإن الإنسان مر بتطور عبر ملايين السنين من اصل وحيد الخلية والكثير من العلماء اثبت بطلانها… الخ

وأيا كان مدى صحة النظريات والعقائد او بطلانها الا ان الحاجات الأساسية المشتركة للإنسان واحدة(الامن، الانتماء، العقيدة) والتي من خلالها يستطيع أن يحيا بأمان ويعمل خيرا ما استطاع لأجل بناء الأرض وتطور البشرية لتصل إلى مستوى من الفهم والرقي يضمن لكل البشر حياة كريمة ويتيح الفرصة لأي مبدع ليعطي مزيدا من التطور والرقي .

ولا بد لنا في هذا السياق التركيز على ما ورد في الخبر الذي ورد من الأديان الرئيسية الثلاث (الإسلام، المسيحية، اليهودية) ان اصل البشرية هو آدم عليه السلام والذي خلقه الله في الجنة في أحسن تقويم وثم خلق له حواء وبعدها انزل إلى الأرض ليكون خليفة الله في الأرض ويتكاثر النسل ليصبحوا بعد ذلك شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتفقوا على قانون الحياة الذي يضمن الحقوق الإنسانية للجميع الذي يضمن لهم المساهمة في أداء الرسالة السماوية الإنسانية .

وهكذا بدأ الصراع بين قوى الخير والشر على اختلاف تسمياتها كالحق والباطل والصالح والطالح والخطأ والصواب والحلال والحرام …الخ وكلنا يعلم الجريمة الأولى على الأرض بين قابيل وهابيل والتي عبرت عن هذا المعنى بوضوح( من قتل نفسا كأنما قتل الناس جميعا ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا).

ثم بعد ذلك تطورت الحياة عبر مراحل تاريخية مثبتة علميا او منقولة عبر الرسل والأنبياء للبشرية… الخ وذلك عبر العصور المختلفة البدائية والرعوية والزراعية وعصور الملوك والاباطرة والقياصرة …. حتى وصلنا لما هو عليه اليوم من تنظيم عالمي لمختلف الدول والكيانات السياسية التي باتت تتحكم بالبشرية، وهكذا حصلت النزاعات على النفوذ والسلطة والثروة قضى فيها الملايين من البشر وآخرها الحروب العالمية السابقة والحروب الحالية ،إذ حتى الان لم تنجح البشرية مجتمعة في توفير الحد الأدنى من الرسالة المكلف بها الإنسان على الرغم من توفر الإمكانات الضخمة لدى البشر  … وكأنه وهذا ما اثبتته التجارب ان لا رسالة جماعية يمكن أن تجمع البشرية في تنظيم واحد او دين واحد بل الاختلاف بين الجماعات والأفراد هو عامل مهم في تطورها إذا ترافق مع الوعي الأخلاقي  الفردي والجمعي الذي يتيح تنفيذ هذه الرسالة .

وهكذا نرى ان الرسالة الأهم هي رسالة الفرد المؤمن بالقيم الأخلاقية التي خلق من أجلها وانه مكلف بحملها وايصالها لمن بعده جيل بعد جيل …. وعلى هذا الأساس نجد ان البشرية بدأت بفرد واحد هو آدم وتكامل مع شريكته حواء ليتكاثر الناس ويصبحوا المليارات السبعة الحالية.

ومما تقدم نستخلص ان كل فرد منا هو آدم ويحمل ذات الرسالة على اختلاف إمكانيات البشر (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وكأنه لا انتهاء لصراع الخير الشر والحق والباطل والحسن والسيئ والجميل والقبيح… الخ من سلسلة واسعة من القيم والسلوك والتي تنضوي ضمن منظومة (الحق، الخير، الجمال)

يمكننا الان بعد هذا السرد البسيط ان نستخلص( كلنا آدم)  وان كل إنسان من حيث المبدأ يستطيع أن يقرر اين يكون من اهل الخير ام من اهل الشر بل واجب عليه ان يقرر والا اصبح بعيدا عن المعنى الإنساني لوجوده أي بمعنى آخر يصبح شأنه في الحياة شأن المخلوقات الأخرى(الحيوان او النبات), وللعلم ان الحيوان والنبات يؤدي دوره المكلف به على اكمل وجه…. اما بعض البشر فإنهم يؤدون عكس الدور الواجب عليهم تماما, وهكذا يصبحوا بهذا المعنى دون النبات ذاك يتطاول وهم يتقاصرون.

وهكذا عندما تتميز بعض الشخصيات بأداء أدوارها يمدحهم المجتمع ويقولون عنهم قالوا وفعلوا او قولا وفعلا إذ كان ولايزال القول مهم كما الفعل مهم( قول بلا فعل لا يقبل وفعل بلا قول لا يفهم).

اذا أين نحن من كل هذا في حياتنا… بل أين نحن كسوريين بعد أكثر من عشر سنوات من المعاناة والعمل في تغيير حياتنا للأفضل… أين نحن بعد عقود خمسة من الظلم والاستبداد والاستعباد والفساد والافساد … أين نحن من المتسلقين والمنظرين والمأجورين والمتاجرين ….. أين نحن من الدول المأجورة والأنظمة المأمورة  والحروب المشؤومة… أين نحن وقد سد علينا الطريق وباعنا العدو والصديق …. أما آن لنا ان نفيق…. ونجتمع مع بعضنا على مشروع جديد يضعنا على الطريق الصحيح الذي يكون فيه خلاصنا وبداية  جديدة لدورنا في تطور الحياة وبناء الإنسان…

وهكذا اجتمعت النخب السورية من ضباط ومثقفين وأصحاب كفاءات ومن كل الطيف السوري ليكون مشروع المجلس العسكري الذي سيقود المرحلة بخطى سديدة وهمة وعزيمة ويجمع القلوب ليكون العمل فيه خلاص لنا من كل الشرور ونعمل معا بمفهوم (كلنا آدم) قولا وفعلا لإعمار الأرض وبناء الإنسان.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها

%d مدونون معجبون بهذه: