مصباح رمضان

ضابط حقوقي

الجريمة المنظمة……سماتها – أسبابها – علاقتها بالإرهاب..

لم تكن الجريمة المنظمة ظاهرة حديثة الا ان المؤرخين لم يستطيعوا تحديد وقت محدد لظهورها فالبعض يرى انها نشأت في القرن السابع عشر حيث اعتبروا ان الشركات الصينية السرية هي احدى أنواع هذه الجرائم , والبعض الآخر رأى انها ظهرت بالقرن العشرين مع ظهور شبكات المافيا في إيطاليا والولايات المتحدة الامريكية, ونتيجة العولمة وتطور الاتصالات والمبادلات التجارية ازدهرت هذه الجريمة واصبح انتشارها واسع لتشمل العديد من دول العالم .

 وحسب التعريف الصادر عن ميثاق الأمم المتحدة لمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الموقع عام 2000, تعتبر الجريمة المنظمة مجموعة الأفعال أو العمليات الإجرامية التي تقوم بها جماعة تتألف من ثلاثة أشخاص او أكثر، تكون منظمة ومرتكبة خلال حيز زمني متصل وطويل, من أجل جني منافع مالية أو مادية بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتشمل نشاطات الجريمة المنظمة عدة مجالات كالجرائم المعلوماتية التي تتصل بتكنولوجيا المعلومات مثل سرقة الحسابات البنكية, وجرائم الاتجار بالبشر تندرج ضمنها جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية, استعمال العنف والتهديد, جرائم إعاقة سير العدالة وتحقيقها, انتهاك حقوق الملكية الفكرية وسرقة العلامات التجارية, جرائم الاعتداء على البيئة, غسيل الأموال, الرشوة وتزييف العملات والفساد المالي, الاتجار بالسلاح والمخدرات او ترويجها, التربح الغير مشروع في سوق الأوراق المالية, الاتجار بالأيدي العاملة المهاجرة.

وتتسم الجريمة المنظمة  بعدة خصائص  على النحو التالي:

  • الجريمة المنظمة هي من الجرائم التي يستخدم فيها العنف.
  • الجريمة المنظمة لا يقوم بها شخص واحد بل تعتمد على عدة اشخاص وتوصف بالاستمرارية .
  • دائما تكون الجريمة المنظمة بغاية الوصول الى المنفعة المالية او المادية.
  • تتسم الجريمة المنظمة بانها عابرة للحدود.

وبشكل عام دائما ما تكون هناك عوامل او أسباب تساعد على استمرارية أي جريمة او فعل منحرف ولا يمكن ان تزول هذه الاعمال الا بزوال الأسباب المساعدة ومن اهم عوامل ارتكاب الجرائم المنظمة ما يلي:

  • ضعف الأنظمة القانونية المطبقة في البلد, وبالتالي يلجأ الأشخاص الى الطرق الغير شرعية لتحصيل حقوقهم.
  • غياب الإجراءات التشريعية التي تضمن فرض قيود على ممارسة الأنشطة البعيدة عن الرقابة
  • انهيار معايير القيم الاجتماعية والتربوية وبالتالي انحراف افراد المجتمع وازدياد تفشي الجريمة.
  • اتساع الهوة بين الطبقات, وممارسة التمييز على أسس عرقية او طائفية او حزبية او …الخ.
  • التفكك الاسري ويعتبر من العوامل المهمة حيث ان الاسرة اللبنة الأساسية في المجتمع.
  • الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة.
  • بعض الجماعات الغير منتمية للمجتمع والتي تتلقى مساعدات خارجية غالبا ما يكون مصدرها الجماعات الاجرامية المنظمة.

وفي سياق الحديث عن الجريمة المنظمة يتساءل البعض عن علاقة الجريمة المنظمة بالإرهاب ؟ وللإجابة عن هذا السؤال سنتناول عدة وجهات نظر فالبعض يرى ان الأنشطة الاجرامية سواء منظمة او غير منظمة هي صورة من صور الإرهاب , في حين يرى البعض الاخر ان هناك فرق بين الجريمة المنظمة والإرهاب , حيث ان الإرهاب ليس نوعا من الجريمة المنظمة انما هو جزءا منها , الا ان هناك تشابه من حيث الخصائص المشتركة مثل استخدام العنف, اثارة الرعب, وجود تنظيم, وجود تعاون بينهما, التنفيذ الدقيق لكافة العمليات.

في جميع الأحوال قد تختلف أهداف المنخرطين في الجريمة المنظمة عن أهداف الإرهابيين والجماعات الإرهابية إلا أنهم، بحسب مسؤول أممي  “يشتركون معا في حاجتهم إلى العمل في الخفاء، وفي استغلالهم للثغرات التي تتسم بها ردود أجهزة العدالة الجنائية” على أنشطتهم في بلدان ومناطق العالم المختلفة.

%d مدونون معجبون بهذه: