المقدم محمد العبيد

مختص في الشؤون الأمنية

التحديات التي تواجه السلطة السياسية والسيادة كمفهوم والانعكاسات الأمنية على الدولة

مقدمة :

أولا- السلطة السياسية

  • تعريفها
  • أشكالها : أ- التصنيف التقليدي

           ب- التصنيف الحديث

           جـ- التصنيف المؤسساتي

ثانيا – السيادة :

  • تعريفها
  • المصطلحات المرتبطة بمفهوم السيادة
  • نظريات السيادة
  • خصائص السيادة
  • أنواع الدول حسب سيادتها

ثالثا- الاتجاهات السلبية و مجالات التراجع الحكومي

  • صلاحيات السلطات الحكومية
  • الفساد
  • الشفافية
  • النظام و الأمن
  • العدالتين المدنية والجنائية
  • الحقوق الأساسية

رابعاً – الحلول الوقائية والإجرائية للخروج من إنهيار الدولة :

  • مقدمة عن معنى السيادة القانونية.
  • سيادة القانون على المستوى الوطني .
  • شروط إرساء سيادة القانون على المستويين الوطني .

خامساً – خاتمة واستنتاجات :

 عنوان البحث : تشكل الحكومة والسيادة مفهومان أساسيان  من أركان الدولة وهما الركن الثالث الذي من دونه لن تكون هناك سلطة سياسية أو هيئة حاكمة الكل فيها خاضع لها .

ملخص : تعتبر الحكومة والسيادة هما الركن الثالث في قيام الدولة وهذا يحتم عليهما مهام كبيرة وجسيمة من خلال قيادة المجتمع نحو تحقيق كل ما يصبوا إليه من حرية وعيش كريم، لذلك كان لابد من الدخول في دراسة نستطيع من خلالها تحديد مهامها وخصائص سيادتها من أجل تحديد المسؤوليات المترتبة عليها تجاه مواطنيها ، وبالتالي لابد من معرفة مدى الانعكاسات الأمنية على الواقع داخلياً وخارجياً .

الأهداف :

1-الفهم العميق للسلطة السياسية كعنصر ثالث للدولة .

2-تحديد مفهوم القوة اللازمة والضرورية لبسط سلطانها .

3- تحديد معنى صفة السيادة .

مقدمة : بعد أن استعرضنا بالدراسات السابقة مسألتين تعتبران من أركان الدولة وفي هذه الدراسة التي نتناول فيها الركن الثالث وهو  ” السلطة السياسية ومفهوم  السيادة ” لابد لنا من التأكيد على  أن هذا الركن متمم وضروري لقيام الدولة فمن غير الممكن أن يكون هناك مجموعة من الأفراد القاطنين  في إقليم واضح المعالم دون أن تكون لهم سلطة تُدير شؤونهم ويخضعون لها .

لذلك يمكننا القول بأن هذا الركن يعتبر من أهم الأركان في تكوين الدولة، وطالما هي الدولة بذاتها هذا يعني أنها أما تحديات كبيرة في قيادة  أفرادها وتحقيق الأمن والاستقرار وصولاً لِسُبُلِ العيش الكريم لذلك أنيطت بالحكومات مهام كبيرة وتحديات يمكن وصفها بالاستثنائية للعبور بأفراد مجتمعها نحو بر الأمن .

أهمية البحث :

إن الأوضاع العامة التي نشهدها اليوم قد شكلت  انعطافات هامة في مسيرة الكثير من البلدان  ولاشك فإن كثير من الحكومات في هذا العالم قد استطاعت تجاوز الكثير من الصعوبات وبالتالي المتابعة في مسيرة عملها وصولاً للأهداف التي حددتها مسبقاً وبالمقابل فإننا نجد الكثير من الحكومات وخاصة في العالم الثالث قد كانت سبباً رئيسياً في تدهور الأوضاع الأمنية الأمر الذي انعكس على تلك البلدان بشكل سلبي على مختلف نواحي الحياة وبالتالي يمكن القول إن الحكومات هي المعني بتحقيق الكثير لشعوبها وإذا ما استطاعت لذلك سبيلا فإن هذه الحكومة ستكون حتماً سبباً مباشراً في زعزعة الأمن والاستقرار في بلدانها والبلدان المجاورة.

أولا- السلطة السياسية

  • مقدمة
  • تعريفها
  • أشكالها : أ- التصنيف التقليدي

           ب- التصنيف الحديث

           ج- التصنيف المؤسسي للحكومات

مقدمة :

 تعبر السلطة السياسية  بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى عن النظام السياسي في هذه البلد أو تلك، وهي عبارة عن فئة تقوم بمهام حاكمة حيث تقوم بممارسة كل نشاطاتها وأعمالها عبرا ثلاث سلطات كما هو معروف وهي(السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية)، وبالتالي تقوم هذه السلطات بتحقيق الأهداف التي شكلت من أجلها وهنا علينا ان نميز بين الحكومة والدولة حيث في كثير من الأحيان ما تلتصق صفة الدولة بصفة الحكومة حيث توصف الدولة بالديمقراطية أو الاستبدادية  نظراً لسلوكيات هذه الحكومة .

1-تعريفها :

تعتبر الحكومة والتي هي السلطة السياسية أو الهيئة الحاكمة هي أهم عناصر تكوين الدولة، وبالتالي هي عنوان الدولة وتمارس سلطاتها الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية بما يخدم أهداف الدولة لصالح مواطنيها .

2-أشكالها :

يمكننا القول بأن  أشكال الحكومة تصنف إلى صنفين الأول تقليدي والأخر حديث:

أ – التصنيف التقليدي : ارتبط بشكل أو بأخر بالفلسفة اليونانية التي ترافقت مع قيام أقدم الدول في تلك الحقيبة الزمنية من تاريخ البشرية، حيث كتب فيها الفيلسوف اليوناني أرسطو أنها تقسم إلى ثلاثة أشكال ويجب أن  ترتبط بالقانون وهدفها الصالح العام وفي حال فساد هذه الأشكال فستصبح الملكية استبداد وتصبح الارستقراطية أوليجاركية وتصبح الديمقراطية غوغائية أو فوضوية ، وسنستعرض الأشكال على النحو التالي :

1- الملكية : أي حكم الفرد الواحد وتعتبر من أقدم أشكال الحكم التي عرفها التاريخ البشري فلا قيود قانونية تحد من سلطة الحاكم، كما يقوم هذا النوع على التوريث باستثناء بعض الحالات  ( الملكية المنتخبة ) كما حدث في روما القديمة، وتقوم الملكية بجوهرها على  ” رفع مكانة راس الدولة باعتباره هو السلطة العليا – التركيز على شخصية الحاكم ، وهنا يمكننا أن نقول أن الملكية إما أن تكون ملكية مطلقة أي لا ضوابط لها ولا قيود  مثال عليها ( عهد لويس الرابع عشر في فرنسا /1643-1715/ وعهد كاترين في روسيا / 1762-1776/ .

أما المقيدة فهي أن تكون سلطة الحالم خاضعة لنظم الدستور ، وهنا يتحول العمل الحكومي ليكون تحت سلطة البرلمان وهذا ما نشاهده اليوم في الغرب حيث تحولت إلى ملكيات دستورية بسبب انتشار أفكار الديمقراطية مثال على ذلك ( اسبانية – لكسمبورج- بلجيكا – الأردن – المغرب العربي ) ، كما اختفت في بلدان كثير مثل ( روسيا – المجر – ليبيا – ايران – مصر – اليونان – تركيا ) أما بريطانية فهي حالة فريدة حيث أصبحت السيادة كلها بيد الشعب عن طريق البرلمان .

وهناك بعض الإيجابيات لهذا الشكل تتمثل بـ يمثل نموذج للاستقرار السياسي حيث يلتف الجميع حول الملك  ومن ناحية أخرى لا حاجة لاستشارة الأخرين في الأمور الطارئة  حيث تحتاج لقرار حاسم، وهو خيار مناسب لشعب غير قادر على قيادة وحكم نفسه .

أما السلبيات التي من الممكن أن تظهر فهي متمثلة بـ ( أن يتحول الملك لمستبد ، لن يكون هناك ما يضمن التزام الملك بالقوانين، هذا الشكل غير مناسب لشعب لديه الثقافة السياسية التي تجعل منه شعباً متطوراً، التكاليف الباهظة للعائلة الحاكمة ).

2- الارستقراطية :حكومة القلة المتميزة  أو أفضل الناس حيث يرى أرسطو أن للسلطة أسس تتمثل في ( التفوق الخُلقي والعقلي للفئة الحاكمة، وطالما نتحدث عن أفضل الناس فهناك معايير لذلك تتمثل في ( ارستقراطية العائلة – ارستقراطية العلم – ارستقراطية المسنين أو الشيوخ  – ارستقراطية الفرسان – ارستقراطية الثراء ) وإننا نجد ما يجسد ذلك إلى اليوم في بريطانية من خلال مجلس الشيوخ والبرلمان وفي الكونجرس الأمريكي هذا ما يشير إلى أن النخبة قد حل مكان الارستقراطية .

الإيجابيات يركز هذا الشكل على النوع وليس الكم – قد تكون الفئة الحاكمة اكثر كفاءة وأمانة في إدارة شؤون العامة .

السلبيات قد تتحول الفئة الحاكمة على نظام قهري – تقسيم المجتمع لطبقات ويعطي السلطة للفئة الأقل – غير قادرة على التكيف مع الظروف المحيطة بها .

3-الديمقراطية : ويطلق عليه التسمية الشائعة حكم الشعب وإما أن يكون هذا الحكم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة فالطريقة المباشرة عن طريق تجمع المواطنين لمناقشة قضاياهم أما الطريقة المباشرة فهي عن طريق اختيار من يمثلون الشعب .

إن ما يميز الديمقراطية هي مؤسسات الحكم التي تجسد إرادة الشعب حول قضاياه الرئيسية وتتجسد الديمقراطية في التصويت والترشيح للانتخابات، وله الحق بالوصول للوظائف المختلفة إذا ما توفرت له المؤهلات الضرورية، إضافة لحرية التعبير وفي اختيار الحكام، وهذا ما يؤكد أن الديمقراطية تقوم على القيمة الشخصية للفرد، ويجب أن تستند إلى الحوار البناء وأن تتاح للفرد الفرص لتنمية قدراته من خلال التعليم والعمل، وهنا لابد من الابتعاد عن الأنانية والابتعاد عن المصالح الشخصية الضيقة، لذلك من إيجابيات هذا الشكل هو الاعتراف حقوق المواطنين، وضع مقياس محدد لحرية الافراد والجماعات، وكذلك فإن الديمقراطية تعتبر ألسلطة أمانة، كما يعتبر هذا الشكل من الطرق الأفضل لتقوم الحكومة بتنفيذ اعمالها ووظائفها .

كما يمكن الحديث عن بعض السلبيات التي ظهرت في هذا الشكل وذلك من خلال : أن الديمقراطية الحديثة ( الليبرالية ) هي ديمقراطية رأسمالية ، كما أن التمثيل في البرلمان  لا يمكن أن يمثل  كل المواطنين ، كما أن المساواة السياسية غير ممكنة عملياً، إن عملية صنع القرار صعبة في هذا الشكل لأنه لابد من توفر الاستشارات الواسعة.

ب- التصنيف الحديث :

عندما نتحدث عن هذا التصنيف فلابد أن نبدأ  بالمقارنة ما بين نظامين من الحكم هما ( الملكية – الجمهورية) لان النظام  الجمهوري جاء بديلا عن الملكي :

الملكية والجمهورية :

  • في النظام الملكي تكون السلطة بيد فرد واحد – النظام الجمهوري من حق كل المواطنين .
  • في النظام الملكي الحكم وراثي – النظام الجمهوري قائم على الانتخابات .
  • في النظام الملكي تكون الملك يمتلك الكثير من الامتيازات – النظام الجمهوري الرئيس لا يملك أية امتيازات .
  • في النظام الملكي الدستور يركز على مسائل خاصة بالتوريث بينما في الجمهوري يركز على طريق الانتخابات .
  • شخصية الملك تتصف بالقداسة وعدم المحاكمة – بينما يجوز تقديم الرئيس للمحاكمة .

الديمقراطية والشمولية :

يمكن أن نقول أن النظام الشمولي نظام يناقض الديمقراطية وتكون السلطة بيد شخص واحد او هيئة او تحت سيطرة حزب، ولا يتيح هذا النظام ممارسة الافراد لحرياتهم ويفرض الطاعة التامة للدولة وفق مبررات قومية أو عقائدية، ظهر هذا الشكل من الحكم بعد انتصار الثورة الشيوعية 1917 حيث انتشرت ما بين  الحربين  العالميتين أنظمة شمولية وبعدها انتشرت الأنظمة الشيوعية في دول شرق أوروبا .

 مما تقدم نجد أن النظام الشمولي له خصائص تتمثل في :

– النظام الشمولي يقوم على مبدأ ماكيافيلي – الغاية تبرر الوسيلة.

– يعبئ كافة شرائح المجتمع وطبقاته في إطار قومي كما هو حال النازية والفاشية.

– أسلوب القوة والقهر هو أداة الأنظمة الشمولية.

– فرض رؤية وايديولوجية واحدة حيث يكون الحزب هو القائد للدولة والمجتمع.

ج- التصنيف المؤسسي للحكومات:

يقوم هذا التصنيف على رفض حكم الفرد الواحد وحكم القلة، أو أي حكم لا يستند على رضا المواطنين وبناء على ذلك يمكننا القول بأن عالم اليوم بات يتوجه نحو الديمقراطية ولو بشكل متباين بين الحكومات، وإطلاقاً من ذلك فقد صنفت الحكومات إلى اربع أشكال رئيسية هي :

1-الحكومة البرلمانية وتمثلها بريطانية :

تعتبر بريطانية هي نموذجاً لهذه التجربة حيث يكون البرلمان هو رأس الجولة وكما أن السلطة التنفيذية تكون مزدوجة لأنها تتكون من جزأين  أحدهما هو راس الدولة والأخر هو رئيس الحكومة ولا يجتمع المنصبان بشخص واحد، رئيس الدولة يعين رئيس الوزراء  وهو من حزب الأغلبية في الانتخابات، يتولى رئيس الوزراء تشكيل الحكومة ( السلطة التنفيذية )، مجلس الوزراء مسؤول أمام البرلمان في السياسة العامة بشكل عام واعمال وزارته بشكل خاص، السلطة التنفيذية مسؤولة امام الهيئة التشريعية في البرلمان ويحق لها إسقاط الحكومة من خلال عدم الثقة، مجلس الوزراء يقدم النصح لرأس الدولة بحل البرلمان قبل انتهاء مدته الدستورية في حال النزاع الحاد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، الأولوية للبرلمان وليس لأي من السلطتين التشريعية والتنفيذية فالسلطة التشريعية تسقط الحكومة والحكومة تحل البرلمان، لا يكون مجلس الوزراء مسؤولا امام الناخبين لأنها  لا تنتخب المجلس .

يمكننا القول ان البرلمان هو المكون الرئيس للنظام البرلماني كما نجد العلاقات المتوازنة ما بين السلطات الثلاثة .

2-الحكومة الرئاسية وتمثلها أمريكا :

الولايات المتحدة الأمريكية هي عنوان بارز لهذا النوع من الحكومة، حيث يستند بشكل حازم على الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، يطلق على البرلمان فيها ما يسمى بالكونجرس، ويعتبر رئيس الولايات المتحدة متمتع بصفتين هما رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة في أن واحد، وهو وحده يمثل السلطة التنفيذية، وينتخب الرئيس من قبل الشعب لمدة 4سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، كما يقوم الرئيس بتعين وزراء كل من الخارجية والمالية والداخلية ويعزلهم بقرار منه وبما أنه لا يوجد مجلس وزراء فيعتبر الوزراء فهم مساعدون أو معاونون له، وهؤلاء المساعدون ليسوا من ضمن الهيئة التشريعية، كما يعتبر المساعدون غير مسؤولين سياسياً أمام الكونجرس، ويحق له دعوة الكونجرس لاجتماع غير عادي وهنا لا يملك الرئيس السلطة بحل الهيئة التشريعية، ويعتبر مسؤولا أمام الناخبين مباشرة .

مما تقدم نجد أن هناك فصل للسلطات بشكل واضح الكونجرس لا يستطيع اسقاط الرئيس و حكومته  بعدم الثقة، وليس بإمكان الرئيس حل الكونجرس، وبالتالي فإن فصل السلطات يرتبط عمليا في النظام الرئاسي ولكن بنفس الوقت يوجد ما يطلق عليه الرقابة المتوازنة بمعنى لا يمارس الرئيس بعض اختصاصاته إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ في حالة إعلان الحرب، وبنفس الوقت يمارس الرئيس بعض الاختصاصات التشريعية حق النقض الفيتو، كما يمكن للسلطتين التنفيذية والتشريعية ممارسة بعض المهام القضائية من خلال تشكيل لجان للتحقيق في بعض الموضوعات المعينة.

3-حكومة الجمعية النيابية وتمثلها سويسرا :

مصدر هذا النوع هو أفكار جان جاك روسو ، فالشعب الذي يختار ممثليه هو أيضاً يسهم في الأعمال التشريعية والحكومية، حيث يستخدم الفيتو الشعبي وحق العزل، ويمكننا أن نقول أن هذا الشكل يعطي مكانة خاصة للسلطة التشريعية حيث تنبثق عنها السلطة التنفيذية ثم تقوم الجمعية بدمج السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وكذلك لا تأخذ بفصل السلطات ومن خصائص هذا النظام، البرلمان هو صاحب السلطة ودمج السلطات بيده لأنه صاحب السيادة، كما يقوم البرلمان بجمع كل من  السلطات ( التشريعية والتنفيذية والقضائية )نظرياً ثم يقوم باختيار من يقومون بالعمل تحت إشرافهم، الحكومة هي عبارة عن هيئة من داخل البرلمان وليس لهذه اللجنة رئيس،البرلمان يتكون من مجلس واحد  يسمى المجلس الوطني وهو يمثل الشعب وقد يكون هناك مجلسين إذا اقتضت الضرورة يمثل الثاني المقاطعات ويسمى مجلس الولايات، وتخضع السلطة التنفيذية خضوعا تاما للبرلمان الذي يقوم بتوجيهها .

4-الحكومة المختلطة وتمثلها فرنسا :

في عهد الجمهورية الخامسة التي أسسها الجنرال ديجول 1958 كنظام دستوري، حيث تم الأخذ بالنظام المختلط بمعنى الجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي، حيث يتم انتخاب برلمان يقوم باختيار حكومة يرأسها رئيس الوزراء كما يقوم الشعب بانتخاب الرئيس بصورة مباشرة ولفترة محددة ويتمون هذا النظام من ثلاث سلطات لكل منها صلاحيتها وهي ( رئيس الجمهورية – البرلمان – رئيس الوزراء )، وهنا يأخذ هذا النظام الجانب البرلماني من حيث مبدأ التعاون والتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية، ويأخذ في جانبه الرئاسي الفصل بين هاتين السلطتين،من أمثلة النظام المختلط فرنسا – ايرلندا – فنلندا – النمسا.

مما تقدم نجد أن لكل من هذه الحكومات إيجابيات وسلبيات يمكننا ايجازها بالتالي :

الإيجابيات :

1- النظام البرلماني امتاز بالعقلانية حيث أبقى على النظام الملكي ونقل السلطة إلى البرلمان، ومسؤولية السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء وهو رئيس الحزب الفائز.

2- النظام الرئاسي بسيط مقارنة بالبرلماني، لأن السلطة التنفيذية بيد شخص واحد منتخب من الشعب هو الرئيس نفسه.

3- نظام الجمعية ركز على أن الحكومة بيد الشعب لتحقيق الإرادة الشعبية وليس إرادة فرد أو طبقة.

السلبيات :

1- الحكومة البرلمانية : العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في حالة نزاع لان السلطة التنفيذية تسعى للسيطرة على البرلمان بل وتسعى لحله.

2- النظام الرئاسي : يحتاج لمستوى من النضوج السياسي لإنجاح هذا النظام حيث فشلت بعض الأنظمة التي طبقته في أمريكا الجنوبية.

3-نظام الجمعية يضعف السلطة التنفيذية وكذلك التنظيمات السياسية.

 ثانيا – السيادة :

  • تعريفها .
  • المصطلحات المرتبطة بمفهوم السيادة .
  • نظريات السيادة .
  • خصائص السيادة.
  • أنواع الدول حسب سيادتها.

1– تعريفها  :

ارتبط مفهوم الدولة بالسيادة حيث لا تكتمل الدولة  إلا به من الناحيتين الداخلية والخارجية حيث تتم الإشارة إليه في الدستور ويشير هذا المفهوم إلى السلطة العليا التي تصدر الأوامر للجميع دون أن تتلقى الأوامر من أحد.

2- المصطلحات المرتبطة بمفهوم السيادة :

  • السيادة السياسية : وتعني القوة وهي الهيئة التي تخول لها صلاحية السلطة لإصدار القوانين.
  • السيادة القانونية : وهي الهيئة او الشخص الذي يخول لإصدار القوانين.
  • السيادة الفعلية : هي الجهة التي تستطيع تنفيذ إرادتها في الشعب دون الحاجة لسند قانوني لهذه الإرادة التي قد تصدر من شخص أو هيئة .
  • السيدة الشعبية : وتعني أن الشعب هو الذي يملك السيادة حيث تصبح سلطة الحكومة تحت رثابة الشعب .
  • سيادة الأمة : وتعني سيادة الأمة باعتبارها وحدة مستقلة عن الأفراد المكونين لها أي أنها كيان مستقل يملك وحده السيادة .
  • السيادة الكاملة : وهي التي تتواجد كلها في الدولة ، وتملكها وتمارسها وحدها .
  • السيادة الناقصة :وهي التي تشترك في ملكيتها دولة أجنبية أخرى بسبب الاحتلال .
  • السيادة الشخصية : وهي ممارسة الدولة سلطاتها على جميع مواطنيها داخل وخارج الدولة .

3-نظريات السيادة:

  • وحدة السيادة : ارتبطت هذه بنظرية اوستن افترضت هذه النظرية ان تكون للدولة جهة واحدة أو في يد شخص أو عدة أشخاص حقيقين، حيث تعتبر أوامر وكل ما يصدر عنهم قوانين يجب طاعتها ، وتفرض عقوبات بحق المخالفين ، كما تعتبر صلاحيات من يتملك السيادة مطلقة وغير قابلة للتجزئة.
  • تعددية السيادة : وتعتمد على أنه طالما هناك هيئات متعددة داخل الدولة وهذه الجهات تقوم بوظائفها وتقوم بصنع قراراتها، الأمر الذي يؤدي إلى تعدد السلطات في الدولة، وهذا سينتج عنه تعدد للسيادة مع تعدد السلطات وتصبح الدولة بمقتضى ذلك أحد الجهات المالكة للسلطة وليس هي الوحيدة في الدولة.
  • نظرية القانون: نشأت من خلال الاعتراف بالدولة في المجتمع الدولي حيث أعطيت الدولة السيادة الداخلية والخارجية وقد انتقدت هذه السيادة لأسباب تتعلق بالأمن والسلم الدوليين بسبب العلاقات الدولية الامر الذي رتب عليه إعطاء القانون الدولي الحق في تحديد اختصاصات سيادة الدولة.

4-خصائص السيادة:

  • الإطلاق :وتعني أنه لا يوجد قوة شرعية فوق قوة الدولة وانه لاتوجد اية حدود قانونية لسلطة سن القوانين التي تملكها الدولة.
  • الشمول والعموم: وتعني أن السيادة تطبق على جميع المواطنين في الدولة والمقيمين في إقليمها ما عدا ما يستثنى وفق الاتفاقيات والأعراف الدولية.
  • لا يمكن التنازل عنها : ويعني ذلك أن السيادة جزء مكمل للدولة وبدونها تفقد الدولة وجودها إلا أنه في حال احتلال قسم من اقليمها من قبل دولة أخرى لا يفقدها سيادتها.
  • الدائمية :وهي أن تبقى السيادة دائمة وملازمة لحياة الدولة.
  • عدم التجزئة : ويعني أن الدولة وحدة كاملة متكاملة لا يمكن تجزئتها أو تقسيمها، ومعنى ذلك هو وحدة السيادة وتركيزها في الدولة.

5-أنواع الدول حسب سيادتها:

  • كاملة السيادة : تعرف الدولة كاملة السيادة بأنها تلك الدولة التي تتمتع بكامل سيادتها داخليا وخارجيا دون أن تخضع لأية إرادة من جانب دولة أخرى وتمتلك حريتها الكاملة في بناء نظامها السياسي او تعديله أو تغيره.

ونميز في هذه الحالة ( الدولة الموحدة  – الدولة الاتحادية – الفيدرالية والكونفدرالية ).

  • ناقصة السيادة : وهي الدولة التي لا تكون لها حرية ممارسة سياستها الخارجية وأحيانا الداخلية وهنا يمكننا أن نقول أن الدول ناقصة السيادة تنقسم إلى :

( دول تابعة – محمية – مشمولة بإشراف دولي ” انتداب –وصاية ” ).

إشكالية البحث :

بعد أن استعرضنا بشكل موجز أشكال الحكومات وتصنيفها والتصنيف المؤسسي لها وبعد أن مررنا بالسيادة من حيث المصطلح والنظريات يتبادر على أذهاننا الإشكاليات التالية والتي انطلق البحث من أجلها.

1-لماذا كل هذا التراجع في السلطات الحكومية.

2-هل هي بالفعل سبب تدهور حالة الدولة بشكل عام .

3-ماهي العوامل التي  يمكن ان تكون مؤشرات واضحة لتراجع السلطات الحكومية.

4-ماهي انعكاسات كل ذلك على الأمن الإنساني وما هي الإجراءات والتدابير الوقاية لمنع الانزلاق نحو التراجع.

انطلاقاً من هذه الإشكالية علينا أن نستعرض مجالات التراجع الحكومي

ثالثا- الاتجاهات السلبية و مجالات التراجع الحكومي:

  • صلاحيات السلطات الحكومية
  • الفساد
  • الشفافية
  • النظام و الأمن
  • العدالتين المدنية والجنائية
  • الحقوق الأساسية
  • صلاحيات السلطات الحكومية :

طالما أن الدولة بسلطاتها الثلاثة هي المشرفة على قيادة الدولة  وبالتالي هي المعنية بتطبيق كافة الأنظمة والقوانين الأنظمة لها على كامل مساحة الإقليم، إذا هي المعنية من خلال هذه الحزمة من القوانين والتعليمات وهي المسؤول المباشر عن ذلك ولكن ما قد يحدث هو أن هذه النخب الحاكمة يمكنها فعلا من أن تكسر وتتجاوز القوانين، وتقوم بتغيرها وفقاً لما يلائم مصالحها، وهنا علينا أن ندرك أن السياسيون الفاسدون من سن مجموعة من القوانين تنسجم ومصالحهم الفردية ، إلى جانب أ بإمكان الوزراء من اصادر القرارات والأوامر الإدارية التي تخدم مصالهم الشخصية وبالتالي فهم قادرون على كسر القوانين بما يحقق منافعهم ومنفعة الدائرة الضيقة منهم، ويتعدى ذلك بأن يمنحوا طبقة من الأصدقاء قوة تقضي على منافسيهم سواء كان ذلك في السوق أو أي عملية اقتصادية، مما تقدم نجد أن تجاوز السلطات للصلاحيات المخولة بها يشكل أحد مخاطر التراجع في سيادة القانون .

  • الفــــساد:

بسم الله الرحمن الرحيم ” والله لا يحب الفساد ” – “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها “- ” وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين “

يشكل الفساد أحد مسببات تدمير مؤسسات الدولة وبالتالي هو مؤشر سلبي على التنمية المستدامة ويمكننا أن نعرف الفساد بما يلي ” هو إساءة استخدام السلطة المعهود بها لتحقيق مكاسب شخصية ” إذا هو شكل من أشكال التخريب، أو الاستخدام غير المشروع للموارد المخصصة لغرض معين لتحقيق هدف أخر ، أو الحاق الضرر بشخص كان من المفترض هو أن يتلقى منفعة هو أحق بها من غيره، أما إذا أردنا الحديث عن القطاع العام، فإنه ينطوي على عدم مراعاة توقعات وقواعد معينة بسبب سوء استخدام النظام العام (  النظام الحكومي ) لتحقيق منفعة خاصة ( فردية أو جماعية )، بدلاً من تحقيق منفعة عامة، وإذا ما تكررت هذه الظاهرة فإنه سيؤدي إلى تدهور النظام ليتحول من نظام يخدم المصلحة العامة إلى نظام يخدم بعض الفئات على حساب الأخرين .

أ- ممارسات الفساد :

– الرشوة : التي تعرف بسهولة كشكل من أشكال الفساد .

– تزوير الانتخابات .

– اختلاس المال العام .

– الابتزاز .

– المحاباة والمحسوبية في التوظيف والترقيات .

-التهرب من دفع الضرائب .

ب – حجم الفساد :

– الفساد الصغير : الرشوة على مستوى منخفض واستغلال النفوذ .

– الفساد الكبير : كل ما يؤثر على العمليات المؤسسية الصفقات الخارجية والداخلية .

– الكليبتوقراطية : وهو توظيف الدول وتسخيرها من أجل المصلحة الشخصية

ج – أسباب الفساد :

العوامل السياسية : ضعف الآليات الديمقراطية وآليات المساءلة – نقص الشفافية – الدولة في قبضة نخب قوية – حريات مدنية ضعيفة.

عوامل بيروقراطية : التوسع في بيروقراطية الدولة .

عوامل قانونية : تشريع مناهضة الفساد – محاكم مطلعة ومستقلة – شرطة قوية ومستقلة.

عوامل اقتصادية : بنية الاقتصاد – مستويات التنمية الاقتصادية .

عوامل دولية : انعكاس فترات الاستعمار على الدول المُستعمرة سهل عملية الفساد وبشكل منظم – وجود شركات متعددة الجنسيات لها مصالح في الحصول على عقود جديدة مستخدمة دفع رُشاوي ضخمة .

د – نتائج الفساد : لاشك إن للفساد انعكاسات كبيرة على قطاعات الدولة المختلفة حيث يؤثر عليها بشكل سلبي ومن هذه النتائج :

  • النتائج على الصعيد السياسي :

-إحلال المصلحة الشخصية مكان العامة .- المساعدة على عدم الاستقرار السياسي وتزايد الانقسامات .- افساد السلوك الانتخابي . – الإبقاء على الفقراء في حالة ن التهميش.

-تحوير سياسات الدولة العامة وابعادها عن المصلحة العامة . اضعاف حكم القانون.

–تقويض الثقة العامة بالسياسيين  -تقويض الثقة الدولية بالحكومة – تعزيز هيمنة النخب السياسية وتخفيف المنافسة السياسية  -التشجيع على التشكيك وعدم المشاركة السياسية.

2-  النتائج الاقتصادية :

 -انخفاض كبير في الثروة الوطنية – تحميل المؤسسات التجارية تكاليف إضافية – إلحاق ضرر برأس المال البشري والمواهب في البلد – انخفاض الإنتاجية الاقتصادية – تدمير الاقتصاد برمته – ازدياد    الفوارق بين الأغنياء والفقراء – قصور في عمل أليات السوق – انخفاض في حجم الاستثمارات.

   3- نتائج اجتماعية :

ينشأ عن ذلك سلسلة من السلوكيات والمواقف والمعتقدات حيث يسهم في – احداث تفاوت اجتماعي ونزاعات – نشوء حالة من الشك وعدم الثقة – تفكك التماسك الاجتماعي – تراجع الانفاق على التعليم والصحة وازدياد تهميش الفقراء.

ه- استراتيجية مكافحة الفساد :تستدعي حالات الفساد وجود خطط استراتيجية متعددة الجوانب تعتمد على الجمع بين إصلاح الإدارة العامة والإدارة المالية وإصلاح النظام السياسي من خلال العلاقة بين الدولة والبرلمان والعلاقة بين الدولة والمجتمع المدني ويمكن ايجاز هذه الخطة بهذا الشكل المبين أدناه.

ختاما يمكن ايجاز ما تقدم بما يلي :

  • شفافية الحكومة:

غياب الشفافية من عوامل انتشار الفساد وهي من أهم وسائل منعه بنفس الوقت وعموما لا يقبل متقاضي الرشوة  بتقاضيها إلا إذا ضمن عدم معرفة العامة من الناس بأمر الرشوة، فمن دون الشفافية تبقى فرصة استمرار الرشوة والابتزاز موجودة وبالتالي لا يمكن حسم المعركة.

إذا يمكننا القول ” توجد الشفافية عند توفر المعلومات الدقيقة في أوانها وبصورة مفيدة فالمواطن بحاجة إلى معرفة ما ينتظره من الحكومة وهذا ما يتيح إبقاء أعمال الدولة تحت المراقبة.

  • النظام والأمن :

يشكل الفساد في هذا المجال ظاهرة خطيرة كونها هي المعنية بالدرجة الأولى بتحقيق الأمن والاستقرار على مساحة الإقليم ولكونه هو المعني بتحقيق ما يسمى الأمن الإنساني في سبيل تحقيق التنمية المستدامة فعدم الخضوع للمساءلة يسهم في زيادة الأزمة داخل الدولة بدلا من حلها، كما أن فقدان الثقة نتيجة إساءة معاملة المدنيين سيكون له دور بتلاشي الثقة مع الشعب وبالتالي إحلال الأمن سيكون بعيد المنال.

كما أن الفساد بكل أنواعه سيحول دون إمتلاك مواجهة الأزمات التي قد تظهر مهددة بأمن واستقرار الدولة كظهور مجموعات متطرفة وإن هذا الفساد يشمل عدم كفاية الإمدادات ووجود قوات وهمية وسرقة المخصصات الخاصة بالمقاتلين ( مثال على ذلك قام تنظيم الدولة والبالغ عددهم 1300 مقاتل من تشتيت 25000 جندي وشرطي عراقي في مدينة الموصل عام 2014).

كما أن غياب التخطيط العسكري وعدم امتلاك الخبرات العسكرية سيكون له دور في غياب القوة العسكرية والأمنية وهو ما ينعكس سلباً على الدولة ومؤسساتها، كما أن بناء وحدات موالية ذات ولاءات طائفية داخل أجهزة ( الاستخبارات والقوات الأخرى ) كما أن تعين العسكريين بمختلف رتبهم على أسس طائفية والحزبي وليس على أساس سجلهم المهني سيؤثر على بنية الأمن والنظام بشكل عام.

مما تقدم نجد أن الخروج من كل ذلك لا يكون إلا من خلال إنشاء مؤسسات قادرة على الصمود من خلال إعطاء الأولويات للقطاع الأمني والتي تتضمن بناء مؤسسات قوية موجهة نحو حماية السكان والمساهمة في تسهيل التنمية البشرية والاقتصادية .

إن النزاهة المؤسسية والقدرة على الصمود لهما أهمية خاصة في قطاع الدفاع والأمن وتوفر التقييمات الحالية للقوة المؤسسية، مثل امتلاك مؤشر مكافحة الفساد لمؤسسات الدفاع والأمن وتقييمات النزاهة الوطنية وهذا كله يسهل برسم التطلعات المناسبة المتعلقة بترتيبات الحوكمة الداخلية وبالتالي امتلاك المؤسسة القدرة على مكافحة الفساد، وإن تعزيز الرقابة المستقلة على القوات المسلحة هو ما يجب أن يكون لاعتبارات شكلت وطنية خالصة .

  • العدالة :

العدالة  بحد ذاتها مطلباً شعبياً يستطيع من خلالها تحقيق ما يرغب به ضمن الحدود الدستورية والقانونية فهذا القطاع المهم في كيان الدولة وهو ما يقيض وجوده ويهدد في استقراره الاجتماعي بالدرجة الأولى الأمر الذي ينعكس على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية  والثقافية، فالعدالة تهدف إلى حماية الحقوق والحريات فيظل القانون، ووضع حد لإساءة استخدام السلطة، وحل النزاعات، حيث تكمن مسؤولية العدالة كقطاع في إنفاذ القانون الذي يركز القسم الأكبر منه على مساعدة العموم وإدارة النظام العام من خلال، منع الجريمة – ومراقبتها ومعاقبتها وهذا يكون في العدالة الجنائية.

كما يمكننا القول بأن العدالة تعد جزء أساسي في إصلاح قطاع الأمن حيث يهدف ذلك إلى تحسن في الأمن الإنساني، والأمن الإنساني لن يتحقق إلا من خلال العدالة إذا العدالة والأمن هما أمران مختلفان ولكنهما ضروريان لإنشاء بيئة يشعر فيها المجتمع بالأمن والأمان في ظل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وهناك أيضاً أسباب تعلل النظر في العدالة والأمن على النحو التالي :

– تختلف أهداف العدالة والأمن في بعض الأحيان من خلال اختلاف وجهات نظر المجتمعات .

– تتطلب كل من العدالة والأمن وسائل مختلفة ، كما هو الحال عند التعامل مع الجريمة .

– لكل من العدالة والأمن وظائف مختلفة في الأنظمة الديمقراطية .

وهذا كله يقودنا لمعرفة أليات العمل في قطاع العدالة حيث من المفترض التقيد بمعايير المساءلة والكفاءة التي تخضع لها باقي القطاعات، وهذا يعني لقطاع العدالة ما يلي :

  • القضاء مستقل عن فروع الحكومة الأخرى وهذا يعني أنهم لا يتعرضون لضغوطات من أجل اتخاذ قرارات.
  • لا يتخذ القضاء قرارات سياسية .
  • يضمن قطاع العدالة المساواة أمام القانون .
  • يجب أن يتصف قطاع العدالة بالحيادية والشفافية والإنصاف في كاف وظائفه .
  • يجب أن تستثمر كافة الموارد الخاصة بالعدالة بكفاءة وفعالية .
  • الحقوق الأساسية:

   وتشتمل الحقوق الأساسية للفرد الحق في المساواة والتحرر من التمييز  والحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي والتحرر من العبودية كما يشمل على حرية الفكر الاعتقاد والدين والراي والتعبير الذي يشمل حرية الصحافة ووسائل الاعلام.

رابعاً – الحلول الوقائية والإجرائية للخروج من انهيار الدولة :

  • مقدمة عن معنى السيادة القانونية.

2-إرساء سيادة القانون على المستوى الوطني .

3- الأسباب الموجبة بسيادة القانون على المستوى الوطني.

  • مقدمة عن معنى السيادة القانونية :

من الناحية الجوهرية ، تعني سيادة القانون أن المواطنين ومن يحكمونهم ينبغي لهم إطاعة القانون كما أن سيادة القانون تنطبق على العلاقة بين السلطات كافة ( التشريعية – التنفيذية- القضائية ) والمواطنين والمقيمين والجهات الخاصة الأخرى، على سبيل المثال، تتعلق سيادة القانون بكيفية وضع القوانين، أو بالطريقة التي ينبغي بها معاملة المشتبه في ارتكابهم جرائم، أو الطريقة التي ينبغي فيها فرض الضرائب وتحصيلها.

إذا بإيجاز يمكننا القول بأن سيادة القانون تتصل بالعلاقات بين المحكومين وبين من يحكمونهم وكذلك بالعلاقات بين الكيانات الخاصة، سواء كانت هذه الكيانات أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، مثل الجمعيات والشركات.

مما تقدم نجد أنه لا ينبغي أن تكون سيادة القانون هو لضمان القانون والنظام العام بل يجب أن يتعداه من خلال الارتباط الوثيق بين سيادة القانون واحترام حقوق الانسان بمعنى أنه على الدولة واجب أن تؤدي بعض المهام الاجتماعية وهذا يستدعي أن تكون سيادة القانون قياد الدولة بسن قوانين تتعلق بالعلاقات الاجتماعية وتنظيم هذه العلاقات، بما في ذلك القطاع الاقتصادي.

وهنا نقول أن سيادة القانون هي دائما المقياس الذي يحدد على أساسه متى يمكن للحكومة أن تمارس سلطتها الحكومية، وغير مسموح بأي استثناءات في هذا المجال .

– يجب ان يتمتع أي مسؤول عند ممارسته لسلطاته بالسلطة القانونية اللازمة للقيام بذلك .

– يجب على المسؤولين أن يطيعوا القانون عند ممارستهم لسلطاتهم .

وباختصار : فإن سيادة القانون تُخضّع ممارسة السلطة للقانون، وتتصل أيضاً بالعلاقات بين الأفراد والكيانات الخاصة.

2-إرساء سيادة القانون على المستوى الوطني .

الدستورية : وهو شرط أساسي من شروط السيادة القانون بالدستورية، وهو يعني وجود مجموعة من القوانين الأساسي ضمن نظام قانوني، تحدد السلطات التنفيذية والتشريعية والقانونية للدولة ويجبأن تحدد القوانين الأساسية الهيئات في الدولة التي ستكون مسؤولة عن ممارسة هذه السلطات.

النشر والوضوح وعدم التطبيق بإثر رجعي والاستقرار : يجب أن يكون الأفراد الموجه إليهم مجموعة القواعد على علم بوجودها، لذلك وجب نشر القوانين أي إعلانها ويجب أن تكون القوانين واضحة بقدر كاف، وأن يكون لديهم فهم لها، يضاف لذلك يجب تطبيق القوانين بأثر لاحق وليس بأثر رجعي وهذا له أهمية في القانون الجنائي على وجه الخصوص، ويجب أن تكون القوانين والدساتير مستقرة على مدى الزمن ويجب أن لا تخضع لتعديلات أو تغيرات كثيرة.

المسؤولية الخاصة للبرلمانيين :يتحمل البرلمانيون مسؤولية خاصة تجاه دعم المبادئ وعلى عاتقهم يتم الإعلان الكافي عن القوانين، ووضوحها واستقرارها بما يضمن الاتساق بين القوانين الجديدة والأحكام الحالية.

السلطة التقديرية : تستلزم سيادة القانون ان تمارس الحكومة سلطاتها بقدر الإمكان من خلال القانون، الذي يجري التعريف عليه به بقدر واف، ولكن قد تتعذر ممارسة السلطات السياسية في جميع الحالات عن طريق القانون وتطبيق السلطة التقديرية وممارسة السلطة من خلال أوامر خاصة هما جزأين لا مفر منهما للحوكمة ومع ذلك فإن تلبية معايير سيادة القانون، تستلزم أن تكون سلطة ممارسة هذه السلطة التقديرية أو إصدار الأوامر اللازمة محددة بقواعد عامة، وعليه يجب أن يتم الإفراط في ممارسة السلطة التقديرية.

الفصل بين السلطات : تستلزم سيادة القانون أن يكون هناك فصل بين السلطات الأساسية، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا الفصل لا يعني فقط أن هذه السلطات ستمارس بواسطة مؤسسات مختلفة، بل يعني أن الأفراد لا يمكن أن ينتموا لأكثر من مؤسسة من هذه المؤسسات ( رئيس الوزراء لا يمكن أن يكون قاضياً ).وعلينا أن ندرك أنه لا فصل مطلق بين السلطات حيث توجد في كل بلد مؤسسات تشارك في ممارسة سلطتين، وهناك سمة مشتركة هي أن الفرع التنفيذي في إمكانه أن يصدر أنواعاً معينة من القواعد ( مراسيم – أوامر تنفيذية – إدارية ).

السلطة القضائية :وهي من أهم المسائل فلابد من وجود سلطة قضائية لسيادة القانون ويجب أن تتوفر في هذه السلطة ” النزاهة – الاستقلالية “، وهذا أيضا ما يحتم على السلطة القضائية أن تقوم بـ:

-تسوية كافة المنازعات وفقاً للقانون : بحيث يكون القرار قد اتخذ وفقاً للوقائع والقانون ويجب تطبيق القانون على الوقائع.

-الاستقلالية : يجب أن لا يتعرض القائمين بالعمل القضائي لأي ضغوط خارجية.

-النزاهة : بمعنى أن لا يكون القاضي منحاز لأي من الطرفين في قضية قيد النظر.

-أخلاق المهنة : وهنا ينطوي العمل على ارتفاع معايير أخلاق المهنة وحسن السلوك بين جميع المشتركين في عملية تسوية المنازعات.

دور السياسيين : يجب أن  يصدح السياسيون بقبولهم وضرورة وجود قضاء ” مستقل – نزيه ” وهذا يحتم عليهم أيضاً على عدم التعليق على تفاصيل نتائج قضايا بعينها أو أن يشيروا إلى أن قرار البت في القضايا كان خاطئاً.

اللجوء إلى المحاكم : يجب أن يكون اللجوء إلى المحاكم ميسوراً للناس ، وأن لا يُحجم أي شخص عن عرض قضيته على المحكمة، ويعتبر اللجوء إلى العدالة عنصرا مهما في مجتمع خاضع لسيادة القانون.

العدالة المؤجلة هي عدالة غير ناجزة : وتعني أن لا تستغرق القضايا المعروضة على المحاكم وقتاً طويلا للغاية ويجب تسويتها خلال فترة معقولة من الوقت.

ضرورة أن تكون الإجراءات عادلة : يجب أن تكون الإجراءات القضائية المتبعة في المحاكم عادلة، وبالتالي أن تكون جلسات الاستماع مفتوحة للجمهور، يضاف لذلك اتاحة الوقت لإعداد الحجج وأن يحق لهم عرض قضيتهم على محكمة أخرى لمراجعتها.

3- الأسباب الموجبة بسيادة القانون على المستوى الوطني.

ليس هناك سبب وحيد لأهمية تقيد المسؤولين والمواطنين بالقانون، وتجسد سيادة القانون مجموعة من الأهداف، معظمها وثيق الصلة ببعضه البعض.

تقييد ممارسة السلطة : بما أن الحكومة تتمتع بصلاحيات واسعة على مواطنيها من ناحية فرض الضرائب وفرض جزاءات سلبية وهو ما يجعلها مؤثرة في حياة المواطنين ، وإذا ما ألزم المسؤولين بالتصرف وفقاً للقانون فإن السلطة ستكون محصورة في حدود القانون، وسيادة القانون تقيد السلطة التقديرية وتعوق الممارسات الخاطئة للسلطة، بمعنى الممارسة القائمة على التعمد والتعسف والتحامل والهوى والتحيز وهذا هو أهم سبب في أنه لا غنى عن سيادة القانون.

اليقين القانوني والحرية :إذا تم احترام سيادة القانون، فيمكن أن نتوقع أن يتصرف كل فرد تقريباً وفقا للقانون، كذلك فاليقين مفيد للمصلحة الشخصية بحيث يدركون ما يمكنهم عمله، كذلك فاليقين مفيد في جملة من الأمور منها المعاملات الاقتصادية، وسيادة القانون.

المساواة في المعاملة :بمعنى عندما يطبق المسؤولين والقضاة القانون بعدل، لن يكون بإمكانهم معاملة الناس معاملة مختلفة، فهم متساوون في عين القانون، وبالتالي لن يتمكنوا من معاملة فرد أو جماعة معاملة مختلفة بسبب التحيز أو الفساد أو سوء المزاج.

خامساً – خاتمة واستنتاجات :

في ختام هذه الدراسة نجد أن السلطة السياسية هي المعنية بشكل كبير من خلال سلطاتها الثلاثة ” التشريعية والتنفيذية والقضائية ” من قيادة الدولة وبالتالي هي المعنية بتحقيق الكثير لمواطنيها من خلال سلسلة من الأعمال التي تشكل نقطة البداية لتنمية مستدامة ونحن اليوم نعيش حالات من تجاوز السلطة السياسية لصلاحياتها المخولة لها، كما نجد الكثير من حالات تفشي الفساد الحكومي وما له من أثار سلبية في الانحدار الحكومي .

إن ما تشهده الساحة العربية يشكل نموذجاً لما تم تقديمه حيث نجد أن الحكومات تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه ما يحدث على الساحة القطرية وهي المعنية بالدرجة الأولى نتيجة رعونتها في قيادة مجتمعاتها لتدهور الوضع الأمني داخل البلاد.

وهذا الأمر يبدو طبيعيا ونتيجة حتمية لغياب سيادة القانون داخل كيانها وهذا ما ختم عليها المزيد من المسؤولية تجاه أفراد الشعب وانعكاس ذلك على القطاعات كافة .

كل ذلك كان مقدمة لوضع الحلول التي إن وجدت فهي تتمثل في :

-بناء الحكم الرشيد والتي من خلالها تكون ” المساءلة – والشفافية وسيادة القانون – والمشاركة والاستجابة والكفاءة والفعالية.

حيث يشكل الحكم الرشيد المستوى المعياري الذي يحدد أليات العمل ضمن السلطات الثلاثة في ظل الديمقراطية المنشودة، كما أن تطبيق مبادئ الحكم الرشيد لا يكون إلا عند توفر العدالة والأمن.

يشكل النموذج (1)التالي سبيلاً لفهم المبادئ الرئيسية للحكم الرشيد من مسألة وشفافية ومشاركة كما يبين علاقة البرلمان بالحكم الرشيد ويبين حق الوصول إلى المعلومات وتدفقها بين مختلف اللاعبين.

”  1الخطوط المتقطعة ( التي تشير إلى الحصول دون عائق ) والسهام ( التي تشير إلى تدفق المعلومات والاتصالات .

( نموذج 1)

 الشكل ( 2 ) يمثل عدم توازن المؤسسات وخلل الحكم الرشيد .

المراجع البحثية :

  • مرجع….. الموسوعة المغربية للقانون الدولي والعلاقات الدولية – الوجيز في النظم السياسية نعمان الخطيب
  • مرجع …الموسوعة المغربية للقانون الدولي والعلاقات الدولية – المدخل للعلوم السياسية الأستاذ الدكتور حسن سليمان .
  • العلوم السياسية /ملخص الفكر السياسي / السنة الثانية الفصل الثاني /
  • الدكتور بول سالم دليل البرلماني العربي لضبط الفساد .
  • ( القرأن الكريم – سورة البقرة الأية 205- سورة النمل الأية 34- سورة الأعراف الأية 142).
  • منظمة الشفافية الدولية الدفاع والأمن .
  • سوزان روز كرمان ، الفساد والحكم : العواقب والإصلاح .
  • عماد الشيخ داود : الشفافية ومراقبة الفساد .
  • معهد راؤول ويلنبيرغ لحقوق الإنسان والقانون الإنساني ” سيادة القانون ” .
  • مركز جينيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة DCAF.
%d مدونون معجبون بهذه: