

حسين علي البسيس
محامي سوري-عضو المجلس التأسيسي لحزب بناة سوريا
طرق وأليات مكافحة الاتجار بالبشر
ان ما تشكله جريمة الاتجار بالبشر من مخاطر كبيرة على شعوب العالم في المستويين المحلي والدولي يرتب ذلك على أصحاب الشأن البحث والتقصي عن معرفة طرق واليات مكافحة تلك الظاهرة الدولية والحد منها وواضح انه يوجد طرق امنية وقانونية وسياسية واجتماعية سيتم الحديث عنها بشكل متتالي.
أولا”: الأليات والطرق الأمنية والسياسية والقانونية والتي تتمثل بتوقيع عقوبات قضائية قانونية صارمه على من يتحايل على القانون , ويتعين على السلطات المعتمدة بإنفاذ القانون والهجرة وكل السلطات ذات الصلة في الدول الأطراف أن تتعاون معا” من خلال تبادل المعلومات وفقا” لما تسمح به قوانينها الداخلية كي تتمكن من تحديد ما إذا كان الأفراد الذين يعبرون حدودا” دولية أو يشرعون في عبورها بوثائق سفر تخص أشخاصا” آخرين أو بدون وثائق سفر هم من مرتكبي الاتجار بالأشخاص أومن ضحاياه, وكذلك معرفة وتحديد أنواع وثائق السفر التي يستعملها الأفراد أو شرعوا في استعمالها لعبور حدود دولية بهدف الاتجار بالبشر ومعرفة الوسائل والأساليب التي تستعملها تلك الجماعات الإجرامية المنظمة بغرض الاتجار بالبشر بما في ذلك تجنيد الضحايا ونقلهم والطرق والصلات بين الأفراد والجماعات الضالعة في ذلك الاتجار والتدابير الممكنة لكشفها, فلابد من مواجهة سياسية وامنية لشبكات التهريب في إطار الجهود الوطنية والإقليمية لمكافحة جرائم تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
وكذلك يجب مناقشة أوضاع المرحلين للبلاد من الخارج للوقوف على أساليب تهريبهم وتحديد القائمين عليها واتخاذ إجراءات قانونية بحقهم , والتنسيق مع القنصليات والسفارات الأجنبية لفحص المستندات المزورة المقدمة من راغبي السفر للخارج وتحديد القائمين عليها واتخاذ الإجراءات القانونية قبلهم, والتنسيق مع حرس الحدود لضبط حالات التسلل غير الشرعية وتكثيف الجهود لضبط العناصر النشطة في نطاق الهجرة غير الشرعية وعمل نشرات فنية ومصورة لجوازات السفر وتأشيرات الدخول المزورة المنسوبة لبعض الدول وتوزيعها على منافذ السفر للاسترشاد بها لدى فحص الحالات المشتبه فيها.
ولا بد من تبادل المعلومات وتقاسم الخبرة بين البلدان الأصلية ودول العبور وبلدان الاستقبال من أجل منع ومكافحة الاتجار بالبشر, وتطوير آليات مقاومة الشبكات التي تعمل في التهريب والاتجار بالبشر وتشجيع الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية في هذا المجال والهادفة إلى منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر, وأحكام الرقابة على الحدود بين الدول للحيلولة دون عمليات التسلل ودعوة الجهات المختصة في الدول إلى تشديد الرقابة في الحدود واستخدام الأجهزة في إجراءات الرقابة والتشديد في رقابة الشواطئ والحدود البحرية ودعوة الدول التي تتعدد فيها الحدود والمنافذ البرية والجوية والبحرية إلى إيجاد الآليات الكفيلة بإجراء التنسيق اللازم بين هذه الأجهزة والمؤسسات بما يسهم في تعزيز أمن وسلامة تلك المنافذ, وتأمين جوازات السفر وتكثيف الجهود لتطوير جوازات ووثائق سفر مستوفية لأقصى ما يمكن من عناصر الحماية ضد التزوير ودعوة الجهات المختصة للدول إلى فرض المزيد من الدقة في التثبت من صحة الجوازات وتأشيرات الدخول للحيلولة دون دخول الأشخاص بجوازات مزورة وإلزام الأجنبي الراغب في الإقامة بتسجيل بياناته وعنوان إقامته وإبلاغ الجهات الأمنية عند تغيير محل الإقامة, وتعزيز التواجد الأمني مع الأخذ بعين الاعتبار حجم الجرائم المرتكبة في الليل والنهار في الأماكن التي ستشملها الدوريات الأمنية وتحديد النقاط السوداء وتنشيط تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية.
ثانيا”: أساليب اجتماعية وتربوية وثقافية تتمثل في تكريس الجهود المجتمعية لمنع ظاهرة تسول الأطفال واتخاذ التدابير الكافية لمنع تهريب الأشخاص عبر حدود الدول, ومواجهة الفقر والبطالة ومحدودي الدخل باعتبارهم عوامل فعالة في انتشار ظاهرة جرائم الاتجار بالبشر ودعم الأسر والمجتمعات الفقيرة والمهمشة لدورهم الفعال في إبراز الضحايا لحيز الوجود وإيجاد دور للمجتمع المدني في تعزيز تطبيق تشريعات منع الإتجار بالبشر حيث يجب على أي تشريع لمحاربة الإتجار بالبشر أن يسعى لإنشاء لجان تنسيقية لتنظيم جهود الدولة للإشراف على تطبيق القانون.
ولابد من توضيح دور مؤسسات المجتمع المدني العاملة بفكر وطني وليس مستورد وذلك بهدف العمل على حماية الضحايا ومنع الجريمة, والعمل على تنشئة الأطفال تنشئة معتدلة وفق ما اقره ديننا الإسلامي الحنيف بعيدا” عن التطرف والغلو لاكتساب الحصانة والمناعة وإنشاء الجمعيات الخيرية لاحتضان المشردين وتفقد الأسر الفقيرة وتقديم المساعدات ونشر الوعي بين أفراد المجتمع وتنبيههم إلى ما يجري حولهم, ويجب التركيز على مشروعات التعاون الدولي بين الدول الغنية والفقيرة لدعم مشروعات التنمية التي تساعد على الحد من البطالة وتساهم في التخفيف من معدلات الفقر ومن ثم القضاء على جرائم الاتجار بالبشر.
أما عن دور الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر فهو يندرج ضمن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة والبرنامج العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص (GPAT) الذي يدعم الدول الأعضاء لمنع وملاحقة الجريمة وحماية حقوق الضحايا وتشجيع التعاون بين الدول الأعضاء, فيعمل المكتب على تدريب الموظفين الممارسين مثل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وقد وصل إلى 76 دولة من خلال أنشطة المساعدة الفنية كما ينظم المكتب محاكمات صورية للقضاة والمدعين العامين والمحامين للمساعدة على المحاكمة الناجحة للمتاجرين, وقد تم إعداد برامج متخصصة في مكافحة الاتجار بالبشر بالاشتراك مع الحكومات الوطنية في البلدان والمناطق الرئيسية بما في ذلك أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي ودول الخليج، وجنوب وغرب آسيا.
وبعد كل ذلك وما يشهده القرن الواحد والعشرين من ثورة تكنولوجية ومعلوماتية كبيرة أدت إلى تغيرات جذرية في العالم أجمع وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص حيث أن هذه المنطقة متعطشة لكل ما هو جديد ولكن هذا الانفتاح صاحبه الكثير من الظواهر التي ليست وليدة اليوم وإنما لم تكن مطروحة بهذه الكثرة كما سهل انتشارها وجود مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن أهمها انتشار الجريمة المنظمة بأشكالها المختلفة بشكل كبير ووصولها إلى مختلف الفئات العمرية نظراً للانفتاح الكبير الذي صاحبته العولمة والتطور التكنولوجي في وسائل الاتصال والتواصل.
لذلك فلابد من تحمل المسؤوليات من قبل أصحاب القرار وأيضا” إعطاء مؤسسات المجتمع المدني دور في التصدي لظاهرة الاتجار بالبشر, وكذلك وسائل الأعلام على اعتبار أن وسائل الإعلام في الوقت الحالي أصبحت من أهم العوامل المؤثرة على الأفراد في المجتمع وهناك ضرورة بتوجه التشريعات العربية إلى مواكبة كل ما هو حديث في هذه الظاهرة بهدف إجراء التعديلات على قوانينها للحد من انتشار هذه الجريمة, وضرورة تخصيص مادة في المناهج الدراسية تولي الاهتمام في التوعية من أثار ومخاطر جريمة الاتجار بالبشر تشمل كافة المراحل التعليمية بالإضافة إلى الحديث عنها من خلال المراكز الثقافية والندوات الفكرية.