
د. فرهاد شيخ بكر
أكاديمي سوري – معاون وزير التربية السابق
عن القضية الكردية ومآلاتها
القضية الكردية هي قضية وطنية, كانت ولا زالت موجودة في برامج وأعمال جميع القوى الوطنية والديمقراطية السورية.
وبناء على موقف هذه القوى من القضية الكردية ومن حقوق الشعب الكردي الإنسانية والاجتماعية وغيرها, تظهر لنا مدى احترام هذه القوى للحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان, وإلى أي مدى تطبق العدالة والمساواة في حياتها الداخلية لينعكس ذلك على مستقبل بلادنا.
وإننا إذ نحاول تسليط الضوء من جديد على القضية الكردية ليس هدفنا وضعها في مقدمة أولويات العمل الوطني لشعبنا السوري وقواه الحية الوطنية والديمقراطية, بل لكي نجعل منها قضية وطنية في برامج هذه الأحزاب والقوى, وعند حلها وفق الأسس الديمقراطية وتطبيق العدالة الاجتماعية وتحقيق الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد والجماعات لجميع مكونات شعبنا بمن فيهم الكرد, تصبح القضية الكردية ذات منحى إيجابي فاعل ومتفاعل في تطور حاضر بلادنا ومستقبلها .
هذا يعني أن ممارسة أبناء الشعب الكردي لحقوقهم وتطبيق سياسة التنمية الشاملة مستقبلاً للمناطق التي يعيش فيها الكرد في بلادنا سيعزز من الوحدة الوطنية لبلادنا وسيعزز من المساهمة الفعالة لجميع المواطنين في الدفاع عن مصالح البلاد العليا وتعزيز روح المواطنة في أجواء تسودها الحرية والمحبة والتسامح .
لقد كتبت سابقاً عن القضية الكردية وقلت أنها قضية أساسية من قضايا بلدنا سوريا ومنطقتنا وحلها لا يمكن إلا بالتعاون بين شعوب المنطقة كلها على تحقيق طموحاتها في الحرية والكرامة والإخاء كرداً وعرباً وتركاً وغيرهم.
ولقد قلنا ذلك مراراً وأوضحنا أن حل هذه المسألة يكمن فقط ضمن الإطار الوطني الديمقراطي الذي يأخذ بعين الاعتبار وحدة سوريا دستوراً وشعباً وعملاً.
ولن يتم حل هذه المعضلة إلا وفقاً لمبادئ العدالة التي تعني بالدرجة الأولى مشاركة جميع ممثلي الشعب في الحكم, والمساهمة في القرار السياسي الوطني من خلال دستور يحفظ ويصون حقوق الجميع ويحدد واجباتهم تجاه وطنهم وشعبهم, وأيضاً من خلال برلمان حقيقي يحترم جميع مكونات الشعب ويعترف بحقوقهم الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
لذلك نؤكد منهجنا هذا ونطالب باعتماده ضمن الإطار الوطني الذي يحفظ حقوق المواطنين ويفشل مخططات أعدائنا لدق اسفين في العلاقات التاريخية الأخوية لشعوب المنطقة جميعهم ويحفظ دماء شعبنا الكردي ودماء أشقائه العرب والترك وغيرهم ويجعل جهودنا النظرية والعملية في خدمة عملية البناء والتطور والتقدم الذي نتطلع إليه وتسألنا شعوبنا عن تحقيقه.
إن قطع الطريق على أعداء شعوب المنطقة من قوميين متعصبين وغيرهم, في محاولاتهم المستمرة لتشويه العلاقات التي جمعت تلك الشعوب في مظلة الحضارة والتطور المستمر, سيوحد الجميع تحت راية الحريات العامة والخاصة وراية العدالة والمساواة والأخوة الإنسانية التي تجلت روعتها في البناء العظيم لهذه الحضارة من جميع النواحي, والتي نرى أنفسنا ملزمين بالعمل على صيانة تلك الرايات وإعادة البناء على أسسها من أجل سوريا القادمة الحرة المزدهرة والتي يجد كل سوري ذاته فيها كمواطن مكرم في وطنه دون أي تمييز.
لتبقى سوريا وطناً لجميع أبنائها, وحضارة كانت ولاتزال رمزاً للعدل والإنسانية.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها