
المقدم محمد العبيد
مختص في الشؤون الأمنية

التخطيط الاستراتيجي الأمني…. أساليب وطرق بدء العمل
مقدمة :
لم يعد بإمكان الدول أن تعيش في عزلة عن محيطها الإقليمي أو بيئتها الدولية ، ولم تعد تستطيع البقاء بمنأى عن الأحداث التي تحصل خارج حدودها ، وخاصة التطورات والتغيرات في البلدان المجاورة ، وأصبح لزاماً عليها الدخول في علاقات دولية ووضع سياسات خارجية ، تسعى من خلالها للحفاظ على بقائها وحماية أمنها وحدودها ، وتنمية اقتصادها وتجارتها وتعظيم مصالحها ، وإيجاد مركز مهم لها بين دول العالم المتنافسة على القوة والموارد والأسواق والنفوذ .
إن أي تغيير أو تطور يحصل في دولة ما ، ستكون له آثار على دول الجوار أولا ، وعلى الإقليم ثانياً ، وعلى المجتمع الدولي ثالثاً ، وستسعى الدول للحد من التأثيرات السلبية عليها نتيجة هذه التغيرات ، بل وستحاول من خلال أدوات سياستها الخارجية أن تجعل من هذه التطورات مصدراً للمنفعة السياسية والأمنية والاقتصادية .
مما تقدم نجد إن التخطيط الاستراتيجي يساعد على الاستمرار بتحقيق النجاح في كافة مستويات العمل الاداري والإنتاجي لا يمكن الاستغناء عنه في عالم القيادة والإدارة كما أن له دور كبير في تخطي الكثير من العقبات والضغوط التي تنشئ عن التغيرات في منحى السياسة العامة للدولة أو ما يحيط بها من تغيرات على الصعيد الإقليمي والدولي .
من هنا يجب علينا ندرك أهمية المهارات والأدوات التي تساعدنا على (تحليل البيئة الخارجية – وفهم القوى الدافعة المؤثرة) والتي بدورها تؤثر على منحى العمل الأمني الاستراتيجي .
كما أن تحليل البيئة الداخلية وما تمتلكه الدولة ومؤسستها الأمنية من أدوات وموارد تساعدها في النهوض بمستوى التخطيط .
إن التحليل الاستراتيجي والتخطيط الاستراتيجي هو مهارة يلزم لقطاعات الدولة بمختلف مستوياتها لذلك فإن التخطيط والتحليل الاستراتيجي ووجود مهمة واتجاه استراتيجي واضح من أهم شروط نجاحك .
أولا : التفكير الاستراتيجي :
مقدمة : ” أنواع التفكير – خصائص التفكير – طريقة التفكير”
– التفكير بالنظم .
– إعادة التأطير .
– التأمل والاستنتاج .
– مرونة التفكير / التوقع – التموقع /.
– خارطة النوايا الاستراتيجية .
– التخطيط الاستراتيجي .
المقدمة :
هو من أهم المواضيع التي يهتم بها أصحاب الشأن في التطلع لبناء مستقبل أفضل لبلدانهم ويعتبر التفكير الاستراتيجي ، هو المستوى الأرقى وهو أفق ثاني من حيث المضمون فيحتاج إلى قدرات ومهارات ، كما يحتاج التفكير لعقلية تستطيع انتاج حلول استراتيجية وهذا يحتاج عقول استراتيجية وليس لتكنيك كما في التخطيط الاستراتيجي الذي يخلق شكل استراتيجي .
وهنا لابد لنا من أن نتعرف على شيئين أساسين في ذلك وهما (التفكير – والاستراتيجية) فالتخطيط الاستراتيجي المعروف لدينا هو الذي نكتب فيه (الرؤية والرسالة والأهداف) أما التفكير الاستراتيجي فهو شيء مختلف فهو ليس بالتكنيك المعروف لدينا كما في التخطيط الذي ننتقل منه من خطوة إلى أخرى .
التفكير الاستراتيجي هو الإطار العام التي تتم فيه العملية كاملة وليس كما هو مذكور بعملية التكنيك المشار إليها سابقاً .
وهنا لابد لنا أن نخوض بمفهوم التفكير والاستراتيجية فإذا أصلنا عملية التفكير نحصل ونصل إلى الاستراتيجية المرغوب بها والتي تعني (النظر العميق للمستقبل).
وهذا يعني التفكير العميق في المستقبل وهذا له خصائص معينة حتى يصبح استراتيجي بعيد المدى وإن أرقى أنواع التفكير هو التفكير الاستراتيجي وهنا لابد من الإشارة إلى الأشياء التي تسبقها وهوما يعرف :
أنواع التفكير :
- التفكير النقدي : وهو شكل راقي من القدرة على التفكير
- التفكير المنطقي :الانسان العاقل السوي لدية أسلوب خاص بالتفكير وعندما يتدرب على التفكير المركب يصبح في درجة التفكير الناقد وعندما يرتقي يصبح في التفكير الاستراتيجي .
- التفكير الحيادي : يعتمد على الإحصائيات والأرقام ويتم من خلال طرح أسئلة واضحة ويبحث عن إجابات مباشرة موضوعية .
- التفكير العاطفي : وهو عكس التفكير الحيادي حيث يبحث عن المشاعر والاحاسيس بدلا من البحث عن معلومات موضوعية .
- التفكير السلبي : ويتضمن كل أنواع التفكير النقدي المتشائم والسوداوي .
- التفكير الإيجابي : ويتضمن كل ما هو إيجابي و يكون التفاؤل محورا له ويكون مبني على الأمل والرغبة .
- التفكير الإبداعي : يركز على كل ما هو جديد ومبتكر وفريد حيث يسأل أصحاب هذا الفكر نفسه ” ولما لا ..؟
- التفكير الشامل : يبحث هذا النوع في أيهما أفضل من طرق التفكير بحيث تكون مثلى .
خصائص التفكير :
بما أن التفكير عملية معرفية عقلية لها خصائصها التي تتميز عن غيرها ومن هذه الخصائص ما يلي :
- التفكير نشاط عقلي يحدث في الدماغ ويحتاج إلى مثير محدد
- يتم الاستدلال على التفكير من خلال السلوك الظاهر .
- يعتمد الإنسان على التفكير على الخبرات السابقة .
- التفكير سلوك تطوري يزداد تعقيداً مع نمو الشخص .
- التفكير سلوك هادف ولا يحدث دون هدف .
طريقة التفكير :
- تدريب العقل على التفكير بطريقة مثمرة ومفيدة ” الإنجازات العظيمة كانت بدايتها فكرة”
- كتابة الأفكار وعدم إهمالها .
- وضع كل فكرة مهمة في خانة مستقلة حتى تكتمل وتصبح واضحة .
- عرض الأفكار على متخصصين ، بما يضمن تقديم الاقتراحات .
- عدم الربط بين الفكرة وتنفيذها ، فقد يأتي شخص بالفكرة وينفذها غيره .
- عدم الربط بين التفكير ووقت التنفيذ أو مكانه فقد تكون الفكرة مبتكرة لكن الوقت أو الزمان غير مناسبين .
التفكير الاستراتيجي يقوم على أمرين :
-الأمر الأول : التوقع
-الأمر الثاني : التموقع
وهذا يعني التوقع عن المستقبل ومحاولة الاستعداد لكي نصل إلى الوضع في المستقبل الأفضل .لذلك نجد من لديه توقعات لبلدهم ويريدون أن يكونوا في موقع معين بالمستقبل القادم للبلد ، فإذاً هناك توقعات من هذا النوع قادمة هم يفكرون في قضية أين سيكون موقعهم في المستقبل ويتم الرسم من هذه القضية عندها نبدأ بالاستعدادات من اليوم حتى نستطيع أن نكون بالموقع المناسب .
ما يعيق هذا العمل :
من أهم ما يعيق هذا العمل هو :
-التفكير الإجرائي :
وهو إجراء يُغرق في الإداريات والآني وشعاره الدائم (ليس لدينا وقت – ليس لدينا طاقة من العمل) فالعملية بالنسبة لهؤلاء تحرمهم من قضية أنهم يتوقعون شيئ بالمستقبل وحين تأتي فرصة المستقبل المناسبة للعمل يقول لك (لم نكن نتوقع ).
ومنه نستخلص نتيجة هامة وهي : (فن التوقع وفن التموقع)
التفكير بالنظم :
أول ما يدور في أذهاننا في كلمة نظم يعني ( النظام) ويقصد به هنا
1- مدخلات 2- عمليات 3- مخرجات 4- نظام تحكم
مما تقدم نجد أن القائمين على العمل والذين يمتلكون (تفكير استراتيجي) أنهم قادرون على رؤية المشاكل من خلال مدخلات وعمليات ومخرجات ونظام تحكم .
وبالتالي البارعين بالتخطيط الاستراتيجي لا يرون المشاكل عبارة عن جزئية ويغرقون فيها إنما يرون الإطار العام كيف يتحرك وبعدها يفكرون بها .
الدولة تديرها حكومة وهذه الأخيرة تصدر قرارات وهي (مخرجات) وهي ما يمسح للمواطن في التعاطف معها أو ذمها ورفضها مستقبلا من خلال الانتخابات القادمة وهنا نقول إن مطالب الشعب هي مجموعة الإدخالات التي تترجمها الأحزاب السياسية إلى مطالب واستحقاقات مستقبلية وتصبح برنامج لخطة عملها لدخول الحكومة من خلال هذه الإدخالات و يطلق على الأحزاب السياسية (حراس البوابة) .
مثال – الإرهاب
هو مجموعة منظمات تقوم بالتجنيد – التأطير العسكري – التدريب – التسليح – التخطيط – إطلاق العمليات .
المخرجات هنا هي ما نشاهده على الساحة من عمل منفذ وهذه المخرجات تؤدي إلى ظهور ردود أفعال لدى الأفراد والجماعات والدول والمنظمات الدولية وغيرها كأمم المتحدة وهنا فإما أن تكون نظرة الأمم المتحدة للمسألة عادلة وصائبة من خلال (الإعلام – المعالجات الأمنية )فتخفق الظاهرة أو أن تكون ظالمة خاطئة فتزيد من الظاهرة .
إذا رأينا ( النظام ) Systemيتحرك كله يسهل علينا أن نصدر أحكام وأن نعالج المخرجات أو المدخلات .
-التفكير بالنظم ( يكون عندما أقول النظام الاقتصادي ) وهذا يحتاج إلى أن يكون لدينا له نظام وعندما أتكلم عن أي ظاهرة استطيع أن أحولها من شيء مجزأ متناثر ليس له أي قيمة إلى نظام متكامل (مدخلات –عمليات – مخرجات – نظام ) .
كلما كنت قادراً على فعل ذلك أكون قد وضعت قدمي على أول طريق في قضية التفكير الاستراتيجي .
إعادة التأطير :
وهو ما يعني تـأثير البيئة الاجتماعية والدينية على الفرد والذي ينعكس على سلوكه بشكل واضح .
وهنا نقول لن تسطيع أن تصبح استراتيجياً إلا إذا قمنا بفك هذه البيئة وعمل بيئة جديدة ( بمعنى أن تكون قادراً على فك النظام وإعادة انتاجه مرة ثانية ومرة بعد مرة حتى تستطيع أو ترى المشهد من كل زواياه .
وأكثر من جسد ذلك الكاتب الإنكليزي / فرانسس بيكون / 1561-1626 في كتابه المنهاج
يقول ….نحن أسرى أربعة أشياء ( أصنام القبيلة ويقصد بها عادات وتقاليد ومفاهيم البيئة التي يعيشها الفرد وما يملي عليه والديه في صغره ) –( اصنام المسرح ويقصد بها ما يجعله المجتمع في نظرك مقدس وعلك أن تنفذ ذلك من دون تفكير وعدم المساس بقدسية ما يقوله المجتمع تجاه أي فرد أو جماعة ) – (أصنام الكهف وهي الجينات التي يكتسبها الفرض وتنعكس على شخصيته من غضب وهدوء) – (اصنام السوق وهي عبارة عن اللغة وهي عملة زائفة كما وصفها وهي بمعنى (أن لكل شخصين رؤية بمجال واحد ويؤدي إلى الخلاف).
مما تقدم …كيف يمكن الخروج من التأطير والتي تعتبر من أصعب ما يعترض التفكير الاستراتيجي لأنك إذا لم ترى العالم إلا من زاوية واحدة التي نشأة عليها وترى العالم منها بطريقة معينة فمن الصعب أن تجد الحلول للعالم .
-مثال : حاولت مرة ومرة و مرة ثالثة وكانت النتيجة أسوء من الأول .
السؤال هل تكون جربت أكثر من مرة أم جربت الخطأ أكثر من مرة ( في بعض البيئات يقولون جربنا كثيراً ولم ننجح بينما الحقيقة كرر الخطأ الواحد أكثر من مرة لأنه ببساطة غير قادر على أن يعمل Re – framing إعادة تأطير ماذا يعني ذلك :
لو أخذنا مثال على ذلك ظاهرة الإرهاب :والتي يمكن النظر إليها من زوايا متعددة ( اختلال المنظومة الدولية وعدم عدالتها رغم أنها قانونية – ثقافية ناتجة عن مجموعة من المفاهيم والتصورات ويمكن ان تكون عبارة عن تراكمات تاريخية – ويمكن ان تكون اقتصادية ناتجة عن الفقر – يمكن أن يكون مرتبطة بقضية التعليم .
عدد الزوايا هذه إذا كان لدينا لها بالنظم (مدخلات ……الخ) واستطيع النظر بزوايا متعددة فهي فرصة لي لكي أكتشف حل تختلف عن فرص شخص ليس لديه أي مقاربة ، لذلك ثقافة متخذ القرار المتعددة الزوايا تسمح له أن يفك ويركب في الأطر بينما من لديه سوى إطار واحد ماذا سيفك ويركب وبالتالي حلوله ضئيلة جداً.
- إذا لدينا مشكلة في موضوع إعادة التأطير.
-المشكلة الأولى : Re – framing الذي أكتسبه اجتماعيا أصلا وهو التحدي الأكبر وهو ما يميز التفكير وهناك أمثلة حول ذلك : (غاندي – مانديلا).
-المشكلة الثانية :أن يترك الفكرة حتى تصل نهاياتها بحيث تبدو كنسق واحد لاتصل قبل أن تبدأ.
فعمليات الاستماع للأفكار والنظريات والتصورات، القادة الاستراتيجيين هم الذين يستطيعون أن يزيلوا التأطير السابق ويعملون إطار جديد.
لذلك نجد من الصعوبة أن نقول لشخص ستجلس مع جلاديك.
القدرة على التأمل والإستنتاج :
يعتبر التأمل والاستنتاج (هو بنت منهجية التفكير المنظم )،فهناك أشياء ما وراء الأيديولوجيا وهو عبارة عن تراث الأمة سواء كان جزء منه مقدس أو لا ويأتي بعدها دور المفكر أو المنظر الذي يواجه ذلك الواقع فيبدأ حينها بصياغة أيديولوجيا ( كرد فعل على واقع معين ) لحل إشكاليات الواقع والأيديولوجيا هذه ينتج عنها شيئين أساسيين هما :
- الشكل التنظيمي .
- الاستراتيجية .
وهنا يبدأ بالاستراتيجية ثم بالشكل التنظيمي الذي يحمل الاستراتيجية عليه لتبدأ بعدها عملية التنفيذ وهناك إما(((نجاح – أو فشل))).
لنفترض أن النتيجة كانت فشل القدرة على المراجعة ، هل تصل إلى أخر المسافة وهل تتوقف بالطريق .
عندما ترى معظم البنى الأيديولوجيا حتى اليسارية غالبا المنظر يستند في فكرته على أنه وصل ( للحقيقة الكلية ) ، ماهي هذه الحقيقة …الحقيقة الكلية لدى الغالبية إما أن تكون (دينية – أو علمية)، ماركس سمى نظريته النظرية الماركسية أو الماركسية العلمية أو الجدلة العلمية أو الشيوعية العلمية فحين تصبغ قضية علمية أو دينية فتكون قد (منحتها قداسة )للفكرة الرئيسية والمنظر عندما يتحدث عنها وهي محملة بذات القدسية وحين يضع الواقع أمامه ويبدأ بعمل الأيديولوجيا وكيف سيحل مشكلة الواقع من خلال هذه النظرة التي اصنعها أيضا، كل الكلمات التي يستخدمها هي مشبعة بفكرة (المطلقية العلمية أو الدينية)، فتكتسب ذات القدسية وهو يشكل تنظيم يعطيه اسم واستراتيجية للعمل بالواقع المعين كما يعطيها تنظير وهنا يأتي دور الأتباع الذين يصبغون حتى على (الشكل والاستراتيجية) قداسة .
فعندما يكون الفشل بالواقع كل شيء يبدأ النقاش فيه وينتهي عند التنفيذ ويجب ان نعي شيء مهم هو أن لكل نظام عمل (يجب أن يغلق في النجاح والفشل) ولكن طالما أخذ الموضوع شيء من القداسة فينتهي عند التنفيذ .
وهذا حال الجماعات الإسلامية ينتهي عند التنفيذ لأنها تقوم (بإجراءات – مالية – قيادية – تنظيمية)، هذا جانب وقد تكون المشكلة في العمق .
مما تقدم نجد أنه حتى نكون ضمن البيئة الجديدة من العمل المستقبلي يجب أن نعي حقيقة (نظام المؤسسات) ما لذي نحتاجه حتى نكون مناسبين له .
في نظام يحتاج إلى الأفكار : ما لذي نحتاجه لمراجعته في النظام وهكذا في كل الأنظمة المالية الإعلامية …..إلخ .
والفشل هنا في أننا نغرق في تفاصيل أنية تبعد عن رؤية أفق المستقبل وهنا يأتي دور ((القادة الاستراتيجي في كيفية العمل بالواقع الذي نعيشه وننظر إلى المستقبل)) وهنا علين أن نكون حريصين على عدم زراعة أفكار لا تناسب ذلك المستقبل.
القيادات الاستراتيجية : حينما تعالج الحاضر نظرها باستمرار للمستقبل والذي يكون بدوره ( مستقبل حالي ومستقبل قريب ومستقبل بعيد وكل هذا يصبح محطات باتجاه النهاية.
- إن فكرة التأمل والاستنتاج ( هي ربط الحاضر بالمستقبل ).
-التوقع – التموقع :
أشير إليه سابقاً وشرحهما وهنا يمكن إضافة بعض الأمور الهامة المتعلقة بالتوقعات المستقبلية.
فيه ثلاثة سيناريوهات :
- (الوردي ويعني أن الأمور تتحسن – حقوق الانسان تتحقق – الكرامة).
- (بقاء الحال على ما هو عليه).
- (السيئ).
في التخطيط نأخذ بالاعتبار الأسوء ونعمل للأحسن إذا الخطوط الاستراتيجية الكبرى التي نحتاج للعمل عليها مع الأخذ بالحسبان ما قد يعترض العمل وقد تظهر بعض الأمور التي تتجه نحو الأسوء . وإن النهوض بالتخطيط يكون من خلال الرؤية الكاملة والشاملة للإطار العام وبالتالي أن نعلم أين نقف من هذا ومتى نتدخل.(مثال ) : الأبر الصينية حيث تزرع في أماكن محددة من الأعصاب .
إذا كلما كان المخطط الاستراتيجي أكثر معرفة بالنقاط الحساسة كلما استطاع التأثير أكثر وهذا ما حذا باليهود للسيطرة على مؤسستين هما (الإعلام – المال) وهما عصب المجتمعات وبعدها يتم السيطرة على باقي المؤسسات، وهذا يعطي حقيقة أن القائم بالعمل يعمل جيدا على التشريح الاجتماعي .
والسؤال ما هي المدى الزمنية لإنجاز هذه السيطرة ، حقيقة إن من أكبر السلبيات التي تميزنا هي أننا لا نتحمل ضيق الوقت ولا ضيق النفس فكل مشاريعنا يجب أن تكون سريعة الإنجاز والنتيجة السريعة وهذا مخالف للفكر بعيد المدى.
لذلك اقتضى التفكير الاستراتيجي أن نملك قيادات استراتيجية تستطيع التفكير على المدى البعيد.
التموقع :
ويأتي نتيجة حتمية للتوقع الذي تم أخذه مسبقاً وهنا يجب أن يترافقا مع بعضهما البعض وإن أي تأخير في ذلك لن يكون في السار الصحيح.
بمعنى أن كل تفكير للخطوة بعيدة المدى يجب أن يرافقها وضع للظروف المتوقع حصولها لذلك يجبأن نبتعد عن كل ما يقال (لم نتوقع ذلك – الوقت داهمنا).
– خارطة النوايا الاستراتيجية :
إن كل ما ننوي أن نقوم به من تحديد للأهداف التي تصب في مصلحة ( بلدنا – والمحيط الإقليمي والدولي ) والذي ينعكس على البشرية بشكل إيجابي كل ذلك يطلق عليه(النوايا الاستراتيجية)،هذه النوايا هي التي تميز المجتمع الناضج استراتيجياً وهذا ينعكس على محافظة الدول المتقدمة على تفوقها التكنولوجي والتقني وغيره ….الخ، وغالباً ما تلجأ دول لعقد اتفاقيات سلام طويلة من أجل إعادة تموضعها على الخارطة من جديد والبحث عن حول لكافة المعيقات التي شكلت حاجزاً أمام تقدمها.
لذلك من الضروري أن يكون كل عمل منجز بالحاضر يجب أن يكون لبنة أساسية في المستقبل ويتناسب مع نوايانا الاستراتيجية، وهنا نخلص لنتيجة لا يوجد عمل استراتيجي بغياب النوايا الاستراتيجية، وبالتالي غياب القيادة بالمستقبل ماذا تريد.
التخطيط الاستراتيجي :
وهو عبارة عن كتابة (المقدمة – الرؤية – الرسالة – الهدف) وهو ما تلجأ إليه كافة المؤسسات وهذا الأمر ليس بالصعب (لقد أشارت التجارب) أن كافة الخطط الاستراتيجية تبقى على رفرف المكاتب والأدراج وفي غالبية الأوقات لا تنفذ لافتقارها إلى الفكر الاستراتيجي الذي من المفترض أن يكون لها بمثابة الموجه.
ثانياً – الاستراتيجية :
1- المفهوم .
2- علم وفن الاستراتيجية .
3- تطور مفهوم الاستراتيجية .
4-الاستراتيجية والتكتيك .
5-الاستراتيجية والخطة .
1-المفهوم :
إن الأصل اليوناني للكلمة ارتبط بالحرب وصفة الخداع فهي تعني باليونانية تعني ” القيادة أو البراعة العسكرية ” Generalship وهي من كلمة strategos وهو القائد العسكري أو الجنرال GENERAL، أو من كلمة Stratos والتي تعني الجيش Army ، أو من كلمة Strategema التي تعبر في التقاليد اليونانية عن الغش والخداع والتضليل كسلوك للقائد العسكري في تعامله مع الخصوم، وهو المفهوم نفسه من المرادف الإنكليزي للكلمة وهو كلمة Stratagem، والتي تعني الحيلة أو المناورة العسكرية التي تهدف إلى تضليل العدو أو خداعه، وهكذا فإن أصل كلمة ” استراتيجية ” يشير إلى الخداع التي هي من متطلبات إحراز النصر في الحروب، بمعنى طرق خداع العدو والتحايل عليه وتضليله بهدف هزيمته والنيل منه وهي العنصر الثاني المكمل للتسليح بأنواعه وكمياته، حيث تكون الاستراتيجية هي العنصر المكمل كشرط لتحقيق النصر في الحرب، فكما لا يمكن تصور الحرب بلا سلاح، فلا يمكن تصورها أيضاً بدون استراتيجية، ” فالسلاح والاستراتيجية هما مقومان ضامنان للنصر في المعارك .
2-علم وفن الاستراتيجية :
الاستراتيجية هي علم وفن في آن واحد ، فهي علم يُعنى بدراسة ظاهر الحرب، وكيفية إحراز النصر فيها، ثم هي فن يجب أن يتقنه القائد العسكري حتى يتمكن من إدارة العمليات العسكرية بفعالية ومرونة ، ، وذلك بما يسمح بالإلغاء والإضافة والتعديل بحسب ما يقتضيه سير المعركة وحقيقة الأوضاع على الأرض ،وذلك لضمان تحقيق الهدف، وهو إما الفوز في المعركة ، وإما الخروج منها بأقل قد من الخسائر .
مما تقدم نجد إن تحطيم إرادة الطرف الأخر وإجباره على الاستسلام، هو الغاية النهائية من كل حرب، والاستراتيجية هي التي تجيب عن السؤال : كيف ؟ بمعنى أنه في ضوء الهدف المطلوب والقدرات العسكرية المتاحة ماهي المسالك والأدوات والمهارات التي تسمح بتوظيف هذه القدرات والمهارات التي تسمح بتوظيف هذه القدرات المتاحة لتحقيق الهدف المطلوب.
ولاشك أنه بدون هذا التحديد لكيفية تحقيق الهدف، ومهما بلغت القدرات العسكرية المادية فإن القوات المشاركة في عملية المواجه سرعان ما تعاني من الضياع والتشتت وفقدان القدرة على مواجهة مستجدات المعركة وعدم امتلاك القدرة على مواجهة ما تفرضه المعركة من ظروف وأوضاع لم تك واردة في تقدير صاحب قرار الحرب.
3-تطور مفهوم الاستراتيجية :
اتسع مفهوم الاستراتيجية في الإدراك الغربي ليغطي كل الترتيبات التي تتطلبها عملية الاستعداد الدائم لمواجهة أي عدو، معروف أو محتمل، وتدبير جميع المواد والعناصر الضرورية لحماية الأمن القومي، من منطلق القناعة بأن أساس العلاقة بين الدول هي الحرب، وما السلام إلا عَرض طارئ تقتضيه مصلحة الطرفين .
بهذا المعنى أضحى البترول مادة استراتيجية، وصارت لبعض المواقع الجغرافيا أهمية استراتيجية ن كما أصبح لبعض المواد الغذائية لحياة الشعوب وصمودها في المعارك كالقمح فضلا عن المياه أهمية استراتيجية ، وكذلك كان شأن الكثير من المواد الخام التي تتوقف عليها الصناعات وبصفة خاصة الصناعات العسكرية ” كاليورانيوم ” ، وهكذا أصبحت صفة الاستراتيجية لصيقة بكل هذه المواقع أو المواد الضرورية للأمن القومي وتغذية الشرايين التي تمد الشعوب والجيوش بمتطلباتها الأساسية .
مما تقدم نجد أن صفة الاستراتيجية صارت تُطلق على كل ما هو ضروري أو جوهري وبالتالي أصبحت الاستراتيجية في أوسع معانيها هي علم وفن التخطيط والتنظيم والإعداد المسبق .
بناء على ذلك أضحى على الدول أن تسعى دائما لامتلاك كل عنصر مهم لأمنها القومي حتى ولو كان موجوداً خارج حدودها، حتى ولو اضطرت لدخول الحرب وفي عقد اتفاقات ومعاهدات مع أي طرف تشاء .
لقد ازداد المفهوم اتساعا ليشمل كل الأشخاص والمناصب والقضايا والأفكار والمنظمات التي ترتبط بالأمن القومي، أو بعناصر القوة في المجتمع أو بعملية المواجهة مع المجتمعات الأخرى المحيطة، والتي هي بحكم الطبيعة معادية، فأصبح هناك فكر استراتيجي وتقرير استراتيجي ودراسات استراتيجية، ومعهد أو مركز استراتيجي وقرار استراتيجي ومتخصص استراتيجي وهكذا انتقل المفهوم من نطاقه الأول في المجال العسكري إلى المجال السياسي، ثم إلى المجال الفكري والعلمي، إلا أنه في جميع هذه التطورات ظل مرتبطاً بقضية الأمن القومي وبضمان التفوق العسكري، وبتأمين حاجات الشعب الأساسية باعتبار أنه دائماً في حالة عداء مع غيره من الشعوب مما يفرض عليه الإعداد الدائم لمصادر القوة والاستعداد المستمر للحرب .
إذا لقد أضحت الاستراتيجية مجرد صفة للعمليات التنظيمية التي يتطلبها إنجاز هدف معين، سواء كان ذلك في مجال البحث العلمي أو الإدارة أو الرياضة أو غير ذلك ، وهكذا برزت مفهومات جديدة مثل ” الإدارة الاستراتيجية Strategic Management – استراتيجية البحث Research Strategy– استراتيجية الفريق Team Strategy لتعبر عن عملية ارتكاز الإدارة أو البحث العلمي ، أو لعب الفريق على خطة واضحة تحدد المسالك والأدوات الكفيلة بتحقيق غاية الإدارة، أو هدف البحث العلمي .
لقد أضحت الاستراتيجية في أوسع معانيها فهي علم وفن التخطيط والتنظيم والإعداد المسبق وبالتالي على الباحثين أن يحددوا أولا طبيعة هذا السياق، وما إذا كان ينتمي إلى المجال العسكري أو السياسي أو العلمي أو الإداري أو غير ذلك .
4- استراتيجية والتكتيك :
الفارق بين الاستراتيجية والتكتيك كالفارق بين المنهج والأداة، ورغم أن الاستراتيجية نفسها هي أداة من أدوات الحرب التي هي منهج أو وسيلة من وسائل التعامل مع العدو، فغن التكتيك بدوره هو أداة من أدوات الاستراتيجية حين تصبح هذه الأخيرة هي منهج أو أسلوب الاقتراب من الطرف الأخر والتعامل معه .
” الاستراتيجية ” هنا تعني التصور الشامل لكيفية إدارة الحرب بما تتضمنه من أساليب الهجوم والدفاع والكر والفر والتفاوض والمناور والخداع وغيرها، أما التكتيك فيعني هذا الأسلوب أو ذاك من أساليب الاستراتيجية، والتكتيك هو أداة تنفيذ الاستراتيجية، وهكذا فإن وضع استراتيجية معينة يتضمن في الوقت نفسه وضع التكتيكات التي سوف تعتمد عليها الاستراتيجية في تحقيق الأهداف المرجوة، والتكتيك كالاستراتيجية كلمة يونانية أصلها Taktika بمعنى الترتيب والتنظيم، أو بمعنى نشر القوات في الحرب وكلاهما بمعنى النظام .
لقد أصبح التكتيك شرطا للتخرج من الكليات أو المعاهد العسكرية وأصبح التكتيك كالاستراتيجية علما وفنا، ولكن إذا كانت الاستراتيجية هي علم وفن تخطيط وإدارة الحرب في جملتها وهي من اختصاص القائد العام للقوات المسلحة فإن التكتيك هو علم وفن تنفيذ الاستراتيجية، وتحقيق غاياتها .
5- الاستراتيجية والخطة :
الاستراتيجية أعم من الخطة Plan وأكثر ارتباطاً منها بالنواحي العسكرية والسياسية وبمستوى القيادة العليا، ولكن يجمع بينهما وحدة الجوهر، والذي ينصرف إلى عملية الإعداد المسبق لإنجاز هدف محدد من خلال عمليات التحديد للعناصر الفاعلة والترتيب والتنظيم والجدولة وغير ذلك.
فالخطة هنا هي أسلوب قطاع محدود من الجيش لتنفيذ مهامه القتالية، هجوما أو انسحابا، في إطار الاستراتيجية العامة المحدد سلفا من قبل القيادة العليا.
من هنا يصعب وصف الخطة بالاستراتيجية، ولكنها لا تعدو أن تكون مجرد خطة فرعية تم رسمها في ضوء وعلى مقتضى الاستراتيجية العامة للمعركة، كذلك فإن الخطة أقل تعقيداً وتشتمل عناصر أقل من الاستراتيجية.
إشكالية الدراسة :
بعد الاطلاع بشكل موجز على كل من التفكير والاستراتيجية يطرح علينا التساؤل التالي:
1-ما أهمية التفكير الاستراتيجي في صياغة الخطط الاستراتيجية .
2-كيف للقائم بالعمل أن يوائم في عمله بين كل التحديات التي تواجه عمله أثناء صياغته للخطط الاستراتيجية.
ثالثاً – أساليب وطرق بدء العمل :
1– الاستراتيجية الأمنية وما مدى أهميتها.
2– متى وكيف نقوم بتعديل الخط الاستراتيجية الأمنية .
3– ماذا تحتاج لبدء عملك .
4– الميزة الأمنية وكيفية تحقيقها .
1-_الاستراتيجية الأمنية وما مدى أهميتها :
نسمع كثيراً بالاستراتيجية وهذا المصطلح شائع وكثير الاستخدام وفي كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية .
اما الاستراتيجية العسكرية فهي المعني بتحقيق نصر استراتيجي من خلال امتلاك كل مقومات النصر المستندة إلى مبادئ الاستخدام القتالي لبلوغ النصر في المعركة .
إن العمل الأمني مرتبط ارتباطاً كليا بالمؤسسة العسكرية إذ تعتبر أحد روافدها الأساسية في تقدير الموقف ومصدر من مصادرها الأساسية في الحصول على المعلومات التي تفيد في تقديرات العدو .
مما تقدم نجد أن التركيز على استراتيجيات الأعمال الأمنية من خلال الإدارة الاستراتيجية هي عمل شاق وليس كمالي ضروري لكل سلطات الدولة .
ينبغي على كافة القادة الأمنيين قضاء أوقات من العمل المتواصل وصولا لوضع استراتيجيات لعملهم الأمني سعيا منهم لاستدامة النجاح الأمني من خلال التكيف مع المتغيرات في بيئة العمل الأمني بشكل خاص والبيئة المحيطة بشكل عام لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة عدم قدرة أجهزة الأمن على تثبيت عملها الأمني في حيزها الجغرافي الذي يخضع لها وتسيطر عليه تلك الدولة من خلال كيانها المستقل .
فنرى كثيرا من الدول لا تمتلك القدرة على محاكاة أجهزة أمن الدول المجاورة الإقليمية والدولية وإن كان الحظ قد حالف بعضها بنجاح قصير الأمد .
وهذا لا ينطبق على الدول الصغيرة وكذلك و كذلك هناك دول عظمى شكل التحدي الأمني لها خطرا على بقائها كدولة رائدة في النظام العالمي .
ومن أهم الأسباب التي تفسر ذلك هو :
- عدم وجود استراتيجية واضحة للأجهزة الأمنية وبالتالي غير قادرة على البقاء والمحافظة على ميزاتها الأمنية المنفردة بها وكذلك فان عدم قدرتها على التكيف مع المتغيرات السياسية الدولية سبب لها تخبط بسياستها الأمنية وانعكس ذلك على التغير على كل المستويات في الدولة .
- ان العمل الأمني الاستراتيجي بشكل عام يتطلب وضع استراتيجيات خاصة بهم بالدرجة الأولى حيث يمتلكون المعرفة الأمنية ويفتقرون لمهارات إدارة الأعمال في المجال الأمني إذا يجب ان تكون الاستراتيجية الأمنية هي الطوق الذي يساعد على الانتقال من وضعية راهنة بالوقت الحالي (الحاضر) إلى وضع مرغوب في المستقبل.
ولتحقيق ذلك لابد من توضيح النقاط التالية:
- كيفية تحقيق الامن داخل الدولة بطريقة تجعل منه بناءً و فعالاً
- كيفية تحقيق التعاون مع أجهزة الامن الإقليمية والدولية .
- كيفية إعطاء هذا الجهاز مكانة مميزة من خلال التركيز على دوره في المجتمع والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
- كيفية التعامل مع التحديات التي تفرضها العلاقات الدولية.
- كيفية التكيف مع كافة المتغيرات والمستجدات السياسية الطارئة.
- كيفية عمل الجهاز بحيث يحقق الهدف الاستراتيجي الذي أنشئ من اجله.
2- متى – وكيف نقوم بتعديل الخطط الإستراتيجية :
ينفذ القادة الأمنيين أعمالهم وكذلك الاستشاريون بوضع خطط استراتيجية مبدئية والتي يتم التحضير لها غالباً مسبقا قبل فترة (التنفيذ المخطط لها مثلاً قبل سنة) .
وعادة يبدأ العمل بها في الربع الأخير من كل عام، واستجابة للتغيرات التي تحصل او سوف تحصل اثناء التنفيذ يجب أن يتم تحضير خطط استراتيجية ناشئة والتي تمثل كيفية العمل الأمني على التغيرات والتي لا يمكن معها تطبيق الخطة الأصلية .
وهذه الحالات هي :
-التغيرات في القوانين الناظمة للدولة .
-التغيرات في العلاقات الأمنية بين الدول الإقليمية من خلال بسط سيطرة بعض الأجهزة نفسها والتفرد بكثير من القضايا .
-إن الخطط التي يمكن تنفيذها بالنهاية هي مزيج من الخطط المبدئية والناشئة ويجب أن تظهر القدرة على التكيف المستمر وما يستجد على محيطها الإقليمي.
(خطة استراتيجية + خطة استراتيجية ناشئة = الخطة الاستراتيجية الحالية).
وكما ذكرنا فإن ( الاستراتيجية تحدد الكيفية ) ومن أهم الكيفيات التي يجب ان تجيب عليها الخطة كيفية التعامل مع المتغيرات المستمرة في الوسط الداخلي والإقليمي والدولي ويمكن تلخيص هذه المتغيرات كما يلي .
- التغيرات المتعلقة بتدخل الدول في شؤون بعضها الامر الذي ينعكس سلبا على الدول جميعا .
- التغيرات الناشئة عن تغير في القوانين والتشريعات الخاصة بالدولة وبالتالي تقيد المناورة والعمل .
- التغيرات المتعلقة بالتطورات التكنولوجية والتي تؤثر على طريقة العمل الأمني بشكل عام .
- ظهور تغيرات بسلوك الدول الإقليمية .
- التغير في طريقة التعاطي بحل المسائل الأكثر إلحاحاً في ظل التطورات التكنولوجيا .
- التغيرات في كيفية التعاطي مع كل جديد ومستحدث .
3-ماذا تحتاج لبدء العمل الاستراتيجي :
إن إنشاء الخطط الاستراتيجية يحتاج إلى :
- ان تكون الخطط قابلة للتطبيق ( عملياً ).
- أن تكون الخطط غير متكررة .
- أن تكون الخطط ذات قيمة عالية للدولة .
- أن تكون الخطط ذات جدوى زمنية على المدى البعيد .
وهنا لابد من الاستعانة بمستشارين في هذه المرحلة للمساعدة في دراسة ألية العمل الأمني وبيانه ودراسة القدرة العالية للأداء وماهي ردود الفعل المتوقعة على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي .
وبعدها يتم تحضير خطة استراتيجية تكون فيها الخطوات والية العمل حقيقية يسهل من خلالها وضع الرؤية الأمنية الاستراتيجية .
إن امتلاك القدرة على التخطيط الاستراتيجي يلزم القدرة على العمل الأمني وحجم كبير من المعلومات وان اعداد الكوادر الضرورية ووجود تطبيقات العمل الأمني والمكان اللازم للانطلاق كل ذلك ضروري للانطلاق بالعمل ان وجود وثيقة تظهر اهداف الخطط والية العمل الاستراتيجي ومتطلباته والجدول الزمني للتنفيذ ونفقاته والجهد والمبذول لتحقيق ذلك.
مما تقدم نجد أن البوصلة الحقيقية للعمل الاستراتيجي يتمثل بما يقوم به الجهاز الأمني وما هي قيمة العمل المنجز للدولة وبالتالي فإن الخطط تسهل فهم المهمة بشكل مفصل .
إن القدرة على مواجهة التحديات يستدعي منا معرفة :
- التحديات والمشاكل التي سوف تسعى للوصول إلى هدفنا .
- ماهي الحاجات التي من خلالها نسعى للوصول إلى أهدافنا .
- ماهي قيمة العمل المنجز المقدم للجهاز الأمني وإلى الدولة .
إن كل ذلك يحتم علينا معرفة الأهداف أو قائمة الأهداف والتي من المفترض أن تطالها الدراسة كما يجب تحديد الأكثر أهمية في العمل .
كما يجب معرفة المهام الرئيسية اللازمة للعمليات حيث يجب أن تشمل .
- حجم العمل الأمني المطلوب القيام به قبل البدء بالعمل .
- حجم العمل الأمني المطلوب القيام به اثناء بدء العمل .
- حجم العمل الأمني المطلوب القيام به بعد البدء بالعمل .
- كما يجب التوقف عند طبيعة المصادر الخاصة بالجهاز الأمني وكيفية إدارة العلاقات مع الأجهزة الأخرى وبالتالي لابد من:
- معرفة طبيعة العلاقات المتوقعة مع كل الأجهزة .
- ماهي العلاقات التي قمنا ببنائها حتى الان .
- معرفة من الذين يمكن أن نحتاجهم لإتمام العمل وتنفيذ المهمة .
- معرفة حجم الفائدة المرجوة من العمل والتنسيق معهم .
- معرفة طبيعة العلاقة (اتفاقات – تحالفات …..الخ )
- معرفة الدور المناط بالحلفاء أو الأصدقاء .
4: كيفية تحقيق التفوق الأمني ( ميزته) :
إن التميز في العمل الأمني يعني بالضرورة عدم تكراره وهو أحد أهم عوامل نجاحه وتميزه .
بالإضافة إلى أن الاستراتيجية الأمنية يجب ان تجيب عن استفسارات تتعلق بــ كيفية التعامل والتنسيق والتنظيم مع الجوار الاقليمي والدولي وبالتالي يمكن أن نصل إلى الميزة الأمنية التي تميز جهاز عن جهاز أخر وتصبح هذه الميزة سبب في التعامل مع الأخرين سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي رغم وجود أجهزة وتهدف للوصول إلى هذه الميزة ومن أهم هذه الميزات :
- تقديم الخطط بشكل يفوق الخطط الإقليمية للدول المجاورة .
- تقديم الخطط الاستراتيجية بشكل يتناسب مع الدول الأخرى (مع الأخرين) ولكن بأداء أفضل .
- تقديم الخطط الاستراتيجية بشكل يتناسب مع الدول الأخرى (مع الأخرين) ولكن بخبرة أمنية وقدرات عالية
لذلك نصل بالنتيجة أن الميزة في الخطط الاستراتيجية الأمنية تكون من خلال اسلوبين بالعمل والتخطيط :
الأول : التميز بالتخطيط الاستراتيجي .
الثاني : التميز بطريقة التغير والقدرات والمهارات .
مما تقدم نجد أنه لابد من ظهور تحدي يتمثل بكيفية الحفاظ على هذه الميزة للجهاز على المدى البعيد أو ما يسمى (المستدامة) .
وهنا لابد أن ندرك أن ما يعيق ويصعب المهمة هو سعي بعض الأجهزة الأخرى في الدول المجاورة لنسف مسببات ما يميز هذا العمل .
ولتقليل هذا الاحتمال يفضل أن لا تعتمد هذه الميزة في التخطيط الاستراتيجي على عوامل ملموسة بسيطة وبالتالي تفويت الفرصة على الساعين بتنفيذ اختراق أمني واضح في كيان الدولة والأجهزة الأمنية لذلك يجب الاهتمام والاعتماد على الخطط الغامضة والتي تأتي من :
-القائمين على التنفيذ بقدرات ومهارات في العمل .
– قدرة القادة الأمنيين على تشكيل بيئة عمل محفزة للفريق تضمن رفع الأداء بشكل متناغم ومنسجم وبالتالي يصعب اختراقه .
وتعتبر العوامل التالية أمثلة واضحة على مقومات الميزة في التخطيط والأداء بالتنفيذ وهي :
- ارتفاع في مستويات التخطيط والأداء الأمني الاستراتيجي.
- البنية التنظيمية للجهاز .
- مهارات وقدرات العاملين العالية .
- حجم المعلومات الهائل .
- القوة في حجم الأداء التي تشكل تحدي في البقاء .
- علامة الجهاز المميزة في اسلوب عمله والتي تجعل منه قوة لا يستهان بها .
- الاتفاقيات والتفاهمات الدولية المميزة مع الأخرين .
- وجود شبكة من العلاقات العميقة والمعقدة .
- وجود ثقافة مؤسساتية داعمة للأداء العالي .
خاتمة واستنتاجات :
إن استعراضنا لما يلزم لصياغة الخطط الاستراتيجية والتي تعتبر من أهم التحديات التي تواجه الدولة فالخطط هي التي يتم من خلالها تناول كل ما قد يعترض مستقبل الدولة للكيان كما يرسم لها أفاق تواجدها بين منظومة الدول الأخرى من خلال تموضعها المستقبلي .
إن القوة في السياسة تعني القدرة على فرض إرادة الدولة على خصومها من خلال ” الإقناع ويعتمد ذلك على الكلمة، كما يعتبر الاقتصاد أي المال بمثابة الحافز المادي وإن لم يتم فيكون هناك خيار العقوبات أما الشيء الثالث فهو من خلال القوة الصلبة وهو استخدام القوة بعد نفاذ كافة الإجراءات السابقة، مما سبق نجد أن حسن بناء القدرات وحسن استخدام القدرات هو فن السياسة اذاً السياسة في جوهرها هي فن استخدام القوة .
مما تقدم نخلص إلى مجموعة من النتائج وهي :
– طالما الأمن هو أحد أهم الروافد المعرفية لموضوعات علم السياسة والعلاقات الدولية فيجب أن تكون كافة خططه متناسبة مع حجم هذه الروافد العلمية .
– طالما أن الأمن قد شكل بقاءً للدولة واستمراريتها، فهو مكلف بطبيعة هذه المهمة بصياغة خططه الاستراتيجية بما يتلاءم وحجم التحديات التي قد تواجهها الدولة مستقبلا .
– كما أن الأمن هو من أهم محددات خيارات السياسات الخارجية للدولة فهو الذي تناط به مسألة تشكيل الأحلاف الدولية وحتى الحروب .
مصادر البحث :
- الدكتور جاسم سلطان
- مرجع سهام صالح – أنواع التفكير – سطور
- د حامد ربيع التحليل السياسي
- د طه بدوي النظرية السياسية
- الدكتور ” هاني العبد الله ” محاضرات في التخطيط الاستراتيجي