علي البش

سياسي سوري وعضو مجلس شعب سابق

المظهر والجوهر وقانون الفلترة

 

لا يزال الإنسان ينظر إلى الأشياء والأحداث بمعايير مختلفة وفق الزمان والمكان ووفق الثقافات المشكلة عبر تعاقب الأجيال لما يسمى العقل الجمعي او الذاكرة الجمعية ومن خلاله تصدر المجتمعات والأفراد احكامها ومعاييرها الأخلاقية على ان هذا صح وذاك خطأ وهذا حق وذاك باطل وهذا حسن وذاك سيئ وهذا جميل وذاك قبيح …الخ.

ولكن في كثير من الأحيان ما تكتشف المجتمعات او الأفراد الكثير من الأخطاء في احكامها وعليه تتغير الكثير من القيم والسلوكيات بناء على ذلك فما كان جميلا في الماضي اصبح قبيحا ….. وتاريخنا العربي مليء بالأحداث والمتغيرات بناء على ذلك وعليه قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وعليه عمل وحث على التخلص من العادات والأخلاق السيئة( الثأر والعبودية والظلم والعلاقة مع المرأة..   الخ)   واستبدلها بنماذج أخلاقية جديدة تضمن الحقوق وترضي الاذواق ( القصاص والعدل والمساواة الإنسانية…الخ)(ولكم في القصاص حياة) (لا فرق بين عربي واعجمي ولا ابيض ولا اسود الا بالتقوى)…. كما أقر الكثير من القيم التي كان يتمسك بها المجتمع ( الكرم المرؤة الشجاعة الوفاء بالعهد….الخ).

 وليست المجتمعات الأخرى كانت أحسن حال فقد كانت ولا تزال المجتمعات الغربية مثلا تتخبط في المعايير الأخلاقية لنرى بين الحين والآخر الخلط بين الحفاظ على  حرية الانسان وسعادته من جهة والوصول إلى المستوى الأخلاقي الراقي الذي يضمن حياة كريمة للجميع من جهة أخرى …  وعلى الرغم من ظهور الكثير من الفلاسفة والمبدعين في هذا الجانب والذين ابدعوا في وضع معايير أخلاقية متطورة واختلفوا أحيانا لدرجة التناقض فكانت النظريات الاشتراكية وأخرى الرأسمالية وثالثة العرقية مما أدى إلى التصادم الحضاري وقامت حروب قضى فيها عشرات الملايين كالحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي….. ولاتزال نتائج تلك الحقبة تؤثر على الوضع الدولي والسلم الأهلي والوضع الاقتصادي.

 ولكن السؤال المهم ما مدى استفادة المجتمعات من ذلك…؟ وهل حقا تطورت المجتمعات بما يكفي لنقول ان العالم في حالة تطور وصعود أخلاقي…؟ ام هو في حالة تراجع وانحطاط أخلاقي ….؟

 وبنظرة خاطفة لما حدث وما يحدث  وما نتج عنه وما نراه اليوم من قهر وظلم وجوع ….وكذلك حروب واجرام وسادية في كثير من مناطق العالم وأولها الدول العربية …. ناهيك عن  التهجير الممنهج وعلى مرأى المجتمع الدولي … كل هذا بتخطيط وتآمر الكثير من الدول المسيطرة في العالم واستخدام أنظمة ودول مأجورة كإيران والنظام السوري, وهذا ما يجعلنا نرى ما حدث في وطننا سوريا على أنه ارتداد لما وصل إليه العالم من وضع أخلاقي اقل ما يقال عنه متردي ومتخبط.

ولكن الأهم من هذا وذاك أين نحن كسوريين من كل هذا …؟ وكما نلاحظ ان مجتمع واحد عاش قرون كثيرة وقد ساهم في بناء الحضارة الإنسانية عبر آلاف السنين اصبح وخلال عقد من الزمن عدة مجتمعات متفرقة ومنقسمة ومتحاربة  وكل فئة تنظر للأمور بشكل مناقض للأخرى …. ولازلنا نتخبط ضمن القيل والقال ونقبل كل ما هو غريب وعجيب ونحلم واهمين ان هناك من يستطيع انقاذنا …كما ونخلط الأمور ببعضها وندخل الحابل بالنابل فلا نكاد نرى حقيقة واحدة مما يتعلق بنا ونسفه العزيز ونعز السفيه ويتحدث باسمنا من لا حاضنة له كما والكثير منا يخلط بين الظاهر والباطن والصح والخطأ والحق والباطل والسيئ والحسن والقبيح والجميل…. الخ فليس كل ما يلمع ذهبا وليس كل ما نسمع صحيح وليس كل ما نرى حقيقي …. الخ وقد تظهر لنا الأشياء جيدة وهي تخفي الخطر والسوء في مضمونها والعكس صحيح (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرا لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون).

 إذا ما الحل…؟ طالما كل ما وصلت إليه البشرية لم يحقق لنا الحد الأدنى من الإنسانية المطلوبة … هل نرجع  إلى الأصل الأول للمعايير الإنسانية والتي يجمع بل ويبني عليها العالم اجمع نظرياته الأخلاقية كالقانون الذي وضعه سقراط منذ الاف عدة من السنوات مثلا واسماه : (قانون الفلترة) … وهو ان نمعن التفكير والنظر في ما نسمع او نرى ونسقط عليه المعايير الثلاثة (الصدق والحسن والمفيد) فإن كان ما نسمع او نرى من كلام او رؤية او سلوك في أي مجال سياسي اجتماعي تربوي.. الخ, حقق الشروط أي كان صحيحا وحسنا ومفيدا قبلناه واخذنا به وبنينا عليه والا رفضناه وبينا خطورته للمجتمع.

ومما تقدم من عرض نصل إلى خلاصة القول هل نحن كسوريين نرى ان هناك حلا يمكن أن يتفق عليه كل مكونات الشعب وفئاته  ويضمن للجميع عيشا مشتركا تصان فيه الحقوق وتؤدى الواجبات ويضمن للشعب السوري الاستمرار في المشاركة في مسيرة الحضارة وبناء دولته المدنية المستقلة والمستقرة, وعليه فإن المشروع لا بد أن يقوم على النخب السورية المميزة ذات الكفاءة والسمعة الحسنة والتي تستطيع ان تشكل محورا لكل السوريين وتنضم للعلاقات الدولية وتناقضاتها بما يخدم مصلحة الشعب السوري وإصلاح ما افسده المجرمون … واعتقد بأن مشروع المجلس العسكري يستطيع أن يحقق الهدف ويلبي الطموح لمستقبل افضل والذي يقوم على جناحين عسكري يضمن الامن والأمان ويوحد القوى العسكرية بمؤسسة واحدة … وجناح مدني مهني يتولى شؤون البلاد وضمن مرحلة انتقالية محددة …وأخيرا علينا تحدي كل الظروف الخارجية والداخلية ونبتعد عن كل العلائق التي فينا ونتجاوز العوائق التي تواجهنا ونظهر كما نكون او نكون كما نظهر.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها

%d مدونون معجبون بهذه: