
أحمد عرابي
أكاديمي سوري
مقارنة بين حكم مافيا واستبداد وحكم عدل ونمو اقتصاد ..ماليزيا…سوريا
[كيف يولى عليكم تكونوا ] بعض شعوب العالم يرزقها الله بشخص وطني يحب وطنه بصدق وإخلاص ولا يهتم بمصلحته الشخصية أو مصلحة جماعته وإنما يكون تركيزه على نهوض وطنه والارتقاء بشعبه فيتغير مسار هذا الشعب إلى الأفضل وهذا ما حدث مع الشعب الماليزي أبان {ترأس مهاتير محمد } لحكومتهم وهناك شعوب ابتلاهم الله بحكام فاسدين همهم الأول والأخير اكتناز وسرقة ثروات الشعوب وصرفها دون حسيب أو رقيب أما النهوض بالشعوب فهذا لا يهمهم لا من قريب ولا من بعيد مثالا على ذلك حكم حافظ الأسد الدكتاتور لسورية ومن بعده ابنه بشار ولعل العودة إلى التجربة الماليزية في هذا الزمن الارتدادي الذي تمر به البلاد العربية ومنها سورية يمنح المرء مزيداً من الأمل والقوة استناداً إلى فكرة لا شيء يبقى على حاله بل كل شيء قابل للتغيير والتبدل وأن الإنسان هو الثروة الأهم والأقوى وكذلك للمزيد من الاستنارة ولمعرفة الأسباب التي أدت بسورية إلى ما آلت إليه بعد أن كانت قد شكلت لمهاتير محمد حلماً في أن يجعل بلاده نامية مثل سورية وذلك حين زيارته لها عام 1952 وإعجابه بنموها الاقتصادي اللافت وقوله حينئذٍ عبارته الشهيرة وأمنيته بأن يجعل ماليزية تشبه سورية واليوم ومن خلال الواقع الذي تعيشه سورية ثمة شيء يدفع المتمعن إلى المقارنة بين مهاتير محمد الذي قاد التجربة الماليزية خلال فترة حكمه وبين حافظ الأسد الذي خضعت له سورية ثلاثين عاماً ولابنه من بعده عشرين عاماً وهو باقٍ حتى الساعة رغم تدمير سورية بالكامل بشراً وحجراً.
قد لا يوجد أي مجال للمقارنة ولكن لابد لنا من التعرف إلى جزئيات طرفي المعادلة التي ذهب أحد طرفيها إلى البناء والحضارة أما الآخر إلى الخراب والدمار وجلب الاستعمار ولقد كانت سورية تَعد بالكثير في جميع المجالات حين شاهدها مهاتير محمد اثناء زيارته لها عام 1952 ولكن ما حدث بعدها أن الانقلابات العسكرية قطعت طريق ذلك النمو وهجرت رأس المال وأهله وخبراتهم المتراكمة وتركت سورية للعسكر وصراعاتهم لكن صورة سورية الزاهية الجميلة المزدهرة ظلت في ذهنية مهاتير محمد الذي كان هاجسه تنمية بلاده وتطويرها فأخذ مع سياسيي بلاده يعملون على ذلك عندما كانت ماليزيا تعيش التخلف ويعاني شعبها الفقر الذي وصلت نسبته مع بداية السبعينيات الى 53% لكنها بفضل السياسات التنموية الخماسية التي انتهجتها السلطات الماليزية خفضت نسبة الفقر في عام 2000 إلى نحو 5% ووصلت نسبة البطالة في البلاد إلى 3% فقط أما على مستوى الاستثمار الخارجي فقد تجاوزت استثمارات ماليزية 19.6 مليار دولار في نهاية 2011 مقابل 16 مليار دولار للصين و14 مليار دولار للهند ولقد انطوت التجربة الماليزية في عمقها على الديمقراطية فعمل قادتها على إيجاد قواسم مشتركة بين مختلف الأجناس والأعراق من خلال التركيز على مواطنة الفرد وإنسانية الإنسان وبذلك أصبح النهوض بالتنمية واجب الجميع ومسؤولية تعزز فكرة الانتماء والوجود والثقافة, ويمكننا أن نلمح أوجه التضاد في النواحي التالية :
في الوقت الذي تسلم خلاله مهاتير محمد رئاسة الوزراء عام 1981 كان قد مضى على حافظ الأسد رئيساً لسورية نحو عشر سنوات وخلال السنوات السبع التي سبقت استلام مهاتير محمد رئاسة الوزراء كان وزيراً للتعليم فوضع خلالها الركائز الأساسية للبناء بينما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع يهيئ نفسه لاقتناص السلطة وينازع رفاقه عليها بعد هزيمة 1967 بينما كان هاجس مهاتير محمد بناء الدولة ووصل إلى رئاسة مجلس الوزراء على نحو طبيعي بينما كان هاجس حافظ الأسد الفوز بالسلطة والوصول إليها بأية وسيلة وهكذا انقلب على رفاقه مستغلاً فصله من الحزب وحاجة المجتمع الدولي إلى الدخول في مباحثات سلام مع إسرائيل وفق القرار 242 …بدأ مهاتير محمد رئاسته للوزراء أولاً بالإفراج عن 21 معتقلا سياسيا منهم الصحفي الشهير عبد الصمد اسماعيل ونائب الوزراء السابق في حكومة حسين عبدالله أحمد الذي كان يشتبه به أنه شيوعي بينما بدأ حافظ الأسد حكمه بوضع من كان أقرب المقربين إليه في السجن حتى الموت وتخلص من بعضهم الآخر اغتيالاً ومنهم من نفاه إلى خارج سورية دون السماح لهم بالعودة أبداً وقام بتعيين مرتزقته وأقاربه في مراكز الدولة الرئيسية وأطلق يدهم في سرقة مال الدولة وسلطهم على الشعب بإنشاء أكبر عدد من أفرع المخابرات على مستوى العالم أنجز مهاتير محمد 16 كتاباً في السياسة والمجتمع والدراسات الإسلامية وكان كتابه الأول{معضلة الملايو} الذي وضع فيه رؤيته للمجتمع الماليزي وخطته الأخيرة لعام 2020 التي تطمح إلى إنشاء نظام تعليمي عالي المستوى وإبداعي بينما لم يسمع عن حافظ الأسد أنه قرأ كتاباً أو تأثر بكتاب ما .. في حين كان العقل والحوار وسيلة مهاتير محمد مع المختلفين معه في الرأي والسياسة بينما كان حافظ الأسد نطاحاً برأسه بحسب ما ورد في كتاب مرآة حياتي, وصار الحذاء العسكري فيما بعد وسيلة لتوحيد الكلمة حول نظامه الفاشي ولابنه بشار من بعده وكان يحاول ترسيخ أقوال القائد وإنجازات الحركة التصحيحية الكاذبة وأن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع وفرضه على كافة أبناء الشعب من شبيبة الثورة وطلائع البعث ودورات الإعداد الحزبي ودورات الصاعقة ودورات الكتائب المسلحة ودورات المظليين هذا ما أنجزه حافظ الأسد خلال فترة حكمه وما تركه من تخلف على كافة الأصعدة ومتابعة ابنه من بعده في تدمير سورية وجلب المستعمر الروسي والإيراني وبيع ثروات سورية لكليهما, ميز مهاتير محمد بين الدين كقيم اجتماعية وإنسانية وبين الدولة كبناء اقتصادي وتقني وتنمية شاملة وبالتالي ارتقاء في حياة الفرد والمجتمع في كافة الأصعدة بينما ربى حافظ الأسد جماعات دينية منافقة تبارك أعماله لدى قراءتها الخطب في المساجد أيام الجمع والأعياد تحت إشراف المخابرات العسكرية أمثال أحمد كفتارو وأحمد حسون وأبو القعقاع وعمر رحمون وألّب أبناء المجتمع السوري بعضهم على بعض متبعاً سياسة الطائفية والقبلية والعنصرية رصد مهاتير محمد 20% من موازنة الدولة العامة من أجل التعليم بينما رصدت سورية 3 % فقط من الموازنة العامة في ظل حكم مهاتير محمد خلت ماليزيا من كل أشكال الفساد والرشاوى والظلم وخاصة في القضاء المدني في حين عم الفساد والرشوة وسرقة أموال الدولة بدءاً من الأعلى نزولا إلى الأسفل حتى انهار اقتصاد سورية بالكامل في عهد حافظ الأسد وشقيقه رفعت الأسد الذي نهب وسرق أموال سورية وهرب بها إلى فرنسا بعد خلافه مع حافظ على من يحكم سورية بقوة الحديد والنار وجاء من بعدهم من تابع المسار وزاد عليه في القتل والاعتقال ودمار سورية بالكامل وجلب المستعمر الروسي والإيراني وكل مافيات العالم من حزب الله الإيراني وباع سوريا وثرواتها من أجل البقاء فقط , بقي أن نقول أن ماليزيا هي الدولة الأولى من بين الدول الإسلامية التي يتحلى مجتمعها بالقيم الإسلامية والإنسانية وفق منظمات دولية متخصصة ….أما جوهر الفوارق التي ذكرت بين سورية وماليزيا فهي بين نظامين متضادين أحدهما دكتاتوري والآخر ديمقراطي, ومن عوامل نهضة دولة ماليزيا:
الإصلاحات في النظام الإداري
- لقد عملت الحكومة على تحسين الخدمات العامة للجمهور وغرس أخلاقيات العمل بينهم.
- عملت على اتباع سياسة الخصخصة والاستفادة من الأتمتة والتكنولوجيا الجديدة.
- إصلاح الميزانية وتحسين نظام الإدارة المالية وتطويره والنهوض به ليخدم الرؤية المستقبلية.
- الاستثمار في التعليم بشكل كبير نظراً لدوره في تخريج جيل مثقف قادر على تسخير إمكانات التقنيات الجديدة والنهوض بالبلاد في مختلف القطاعات وذلك من خلال :
- زيادة التمويل للتعليم.
- برامج إعادة تدريب المهارات بكافة أشكالها.
- فرضت التعليم الإلزامي في سن مبكر.
- تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة.
- زيادة الإنفاق على التنمية وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
- تطوير القطاع الاقتصادي والصناعي والتجاري.
- تطوير قانون الاستثمار بكافة أنواعه.
حيث أن ماليزيا تحتل المركز الثاني في آسيا والخامس عالمياً في الاستثمارات في البنية التحتية حسب تصريح مركز الأبحاث العالمي [arcadis ] مما جعل السوق جاذباً للاستثمار في مشاريع ضخمة في داخل وخارج الدولة وأكدت الخطة ال[11] لحكومة ماليزيا على أهمية الاستثمار في البنية التحتية لتحقيق رؤية 2020 وهي خطة ركزت على أهمية الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية ودوره في زيادة الإنتاج ودعم التوسع الاقتصادي في ماليزيا وحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لأهم ثلاثين دولة مصدرة للتقنية العالية جاءت ماليزيا في المرتبة التاسعة متقدمة على كل من [ إيطاليا والسويد والصين ] كما كانت تجربتها متميزة في مواجهة أزمة جنوب شرق آسيا حيث أدرج أيضا في خطة 2020 إصلاحات التعليم الذي تطمح إليه ماليزيا بإنشاء نظام تعليمي عالمي يلبي متطلبات وتطلعات الشعب الماليزي مما يجعل التعليم قطاع إنتاجي إبداعي والوصول في ماليزيا لمجتمع المعلومات وفتح مجالات واسعة في الاستثمار الأجنبي وخلق المزيد من فرص العمل .
الاستثمار العقاري في ماليزيا: في عام 2020 تم تعديل الحد الأدنى لشراء العقارات في ماليزيا من مليون رينغت إلى (600000) رينغت فقط وهذه الفترة محددة يسمح للأجانب بشراء وتملك عقارات في ماليزيا بشرط أن تتجاوز قيمة العقار الحد الأدنى المحدد من قبل حكومة الولاية المعنية في ماليزيا وذلك من أجل جلب المستثمرين فإن الاستثمار العقاري بشكل عام يحتاج إلى تعامل خاص وذلك من أجل أن يحصل المستثمرين على أرباح بشكل جيد دون أن تواجههم أي صعوبات و يعتبر الاستثمار العقاري في ماليزيا واضحا بشكل كبير حيث تحكمه قوانين وقواعد لا يجب التخلف عنها بأي حال من الأحوال والتي تضمن كافة الحقوق.
ــ إن الاستثمار العقاري في ماليزيا يتم بصورة آمنة للغاية وذلك بفضل الإدارة المنظمة والتي تقوم بالتعامل بكل حيادية مع كافة الأطراف في مجال الاستثمار والقوانين الخاصة في المنازعات القانونية الخاصة بمجال العقارات.
ــ إن الوضع القانوني لماليزيا في الاستثمار العقاري ضمن دول العالم يتميز بالأمان الشديد حيث يتم تصنيفها ضمن أفضل خمسة دول في العالم التي تمنح المستثمرين عوامل الامان والحماية وضمان الحقوق.
ــ وتأتي ماليزيا في المرتبة الثامنة عالمياً في سهولة إجراء وممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية وهذه الصفات هي التي جعلتها في مكان مميز للغاية في مجال الاستثمار العقاري.
ــ والشيء المهم في الاستثمار في ماليزيا أن الوضع القانوني يحمي المستثمر بصورة كبيرة جداً من التعرض للاحتيال والسرقة والابتزاز.
ــ يوجد قانون خاص بتملك العقارات للأجانب من قبل وحدة التخطيط الاقتصادي في رئاسة الوزراء.
ــ كما يوجد تحديد للحد الأدنى لشراء العقارات في ماليزيا حسب كل ولاية على حدى فمثلا العاصمة كوالالمبور- ولاية جهور- ولاية كداح- ولاية لا بوان الحد الأدنى لشراء عقار مليون رينغيت وفي كل من ولاية مالاكا وولاية كيلانتان وولاية برليس الحد الأدنى لشراء عقار 500 الف رينغيت وفي كل من ولاية بيراك وولاية سرواك الحد الأدنى لشراء عقار 350 الف رينغيت كما لا يسمح للأجانب بشراء عقارات رخيصة مخصصة لذوي الدخل المحدود ولا يسمح لهم بشراء عقارات مبنية على ما يسمى [ malay reseved land ] وهي مناطق مخصصة للماليزيين ذوي العرق المالاوي فقط.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.