محمد السبعاوي

أكاديمي سوري

كيف أصبحت سوريا دولة فاشلة في ظل حقبة نظام الأسد ؟

تصبح الدولة فاشلة عندما تتولاها حكومة  غير قادرة على القيام بالوظائف والمسؤوليات الأساسيّة لدولة ذات سيادة، مثل الدفاع العسكري أو إنفاذ القانون أو العدالة أو التعليم أو الخدمات  أو الاستقرار الاقتصادي, وبحسب المراجع العلميّة أيضاً فإن أي دولة تعتبر فاشلة حين يتفشى في أراضيها وبين سكانها العنف  والفساد والجريمة والفقر والأميّة مع بنية تحتيّة متداعية, وبإسقاط ذلك على الدولة السورية فقد أصبحت دولة فاشلة بامتياز.

كانت سوريا منذ بداية تسلم حكم عائلة الأسد عام 1970 دولة ّهشة وضعيفة بالمعنى السياسي والاجتماعي والمؤسساتي، وكانت مؤشرات فشلها أكثر بكثير من مؤشرات قدرتها على النمو والتحول الديمقراطي، فقد دمر حافظ الأسد كل مقومات تطور الدولة و بنى نظام  الحكم على القوة وكرس حكم الفرد الواحد والطائفية وعمد الى هيكلة مفاصل الدولة بأجهزتها العسكرية والأمنية بالطريقة التي تضمن استمرار حكمه وحماية عائلته  ودأب رجالات نظام الأسد على مدار خمسة عقود ألّا يعملوا لمصلحة شعبهم، فكان همّهم الأوحد سرقة أموال الشعب، وإفساد مؤسسات الدولة، وإرهاق مواطنيهم، لا بل وقمعهم وترهيبهم، وغاب القانون واستشرى الفساد في جميع مفاصل الدولة وفي شتى مجالاتها وعم الظلم والترهيب  وتم تقييد الحريات العامة تحت ظل قانون الطوارئ، وأصبحت سوريا دولة بوليسية تتعدد أجهزتها الأمنية التي مارست كل أنواع القمع وانتهاكات حقوق الانسان والاعتداء على كرامات الناس بشتى الوسائل والطرق, لينتهي بتحويل الجمهورية الى نظام وراثي بعد وفاة حافظ الأسد وتسليم ابنه بشار الحكم.

في الوقت الذي همش نظام الأسد طوال فترة حكمه الشعب السوري وارادته عمد  الى استغلال كل الأحداث الدولية لصالح ضمان استمرار حكمه للبلاد فأستفاد من  طبيعة النظام الدولي وفترة الحرب الباردة واستغل قضية فلسطين و موضوع الصراع العربي الإسرائيلي والشعارات القومية لتعزيز قبضته في الداخل  السوري وسرقة مقدرات الشعب السوري .

  وفي صلب الحديث عن الدول الفاشلة والجدير بالذكر قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011 ،كانت جميع المؤشرات الدولية المختلفة (مؤشر الدول الفاشلة، ومؤشر الفساد، ومؤشر الحريات الاقتصادية، ومؤشر التنافسية العالمية، ومؤشر التنمية البشرية، ومؤشر التقارير الحقوقية (منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) تؤشر إلى أن سوريا دولة فاشلة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهذا يدل على أن تحول سوريا إلى دولة فاشلة لا علاقة له بثورة الشعب السوري  كما يدعي بعضهم بل أن تغول النظام السوري بجرائمه ليعود بالدولة السورية مائة عام للوراء بعد أن شن حرباء شعواء ضد شعب سوريا مما أدى لدمار مؤسسات الدولة، والبنية التحتية، وبنية المجتمع السوري فضلاً عن  الانقسام الطائفي والعرقي والديني والمذهبي، وكذلك حجم الخسائر البشرية والاقتصادية، وقضية اللجوء للخارج والنازحين في الداخل, وأصبحت سوريا  مسرحا للصراع والتدخل الدولي والإقليمي والحروب بالوكالة, لتصبح سوريا دولة فاشلة بامتياز  إضافة لفشلها سابقا.

وعليه فأن إنقاذ سوريا كدولة لا يمكن من خلال اشراك نظام الأسد  بصبغته وتشكيلته الحالية فهو السبب الأساس في فشل الدولة السورية في شتى مجالاتها, إنما يكون انقاذ الدولة السورية وسحبها من مستنقع الفشل من خلال توافق دولي على تشكيل هيئة حكم انتقالي ذات قوة وسلطة على كل مفاصل الدولة تحارب مقومات فشل الدولة من الداخل لتنهض بها وتنتقل بها نحو مرحلة انتقالية تسهم في بناء الدولة من جديد على أسس مدنية ديمقراطية يتاح لشعبها اختيار حكومته بالطرق الشرعية دون خوف او رهبة والمجلس العسكري السوري خير من يقوم بهذه المهمة.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: