
النقيب محمد مطر
باحث في الشؤون الأمنية والعسكرية
الجريمة المنظمة – المخدرات وآثارها المدمرة في مناطق الصراع
· مقدمة
· تعريفات أساسية · أنواع المخدرات · تصنيف المخدرات · اهم النباتات التي تستخرج منها المخدرات · مراحل الإدمان · اثار ومضاعفات الإدمان المخدرات · علاج تأثير المخدرات · استخدام المخدرات كأداة في الصراع · استخدام المخدرات كوسيلة لتمويل عمليات الصراع · طرق الوقاية من انتشار المخدرات · خاتمة |
- مقدمة:
الجريمة المنظمة بجميع أشكالها من الظواهر التي غزت العالم، وجذبت انتباه مختلف الدول والمجتمعات؛ وذلك لما لها من تأثريات سلبية خطيرة على الأفراد والجماعات، وتبذل الكثير من الجهود في مختلف البلدان العربية والغربية لمكافحة الجريمة المنظمة والتي من أبرز أشكالها التجارة بالمخدرات وغالبا ما تنشط عمليات الجريمة المنظمة في مناطق النزاع والحروب وسوريا احدى هذه البؤر اليوم نتيجة للصراع الدائر منذ عشر سنوات، فقد أصبحت المخدرات من ابرز اثار الحرب الدائرة في سوريا، حيث انتعشت تجارتها وترويجها بين الشباب في مناطق مختلفة، في الواقع انها ظاهرة تنمو تدريجيا حتى باتت تنتشر بشكل واسع وملحوظ في سوريا بشكل كامل وأصبحت حالات الإدمان تتزايد بشكل خطير مثل الإدمان على الحشيش بنسبة كبيرة ثم يأتي بعد ذلك الإدمان على الادوية مثل الترمادول والكبتاغون والتي يشبه تأثيرها لحد كبير نتائج وتأثير المخدرات.
و أفادت تقارير إعلامية، عن انتشار زراعة نبات القنب ”الحشيش“ المخدر في مناطق سيطرة نظام الأسد، حيث تتوزع مناطق زراعتها في الجهة الجنوبية من الساحل على الشريط الحدودي مع لبنان، ونشرت صحيفة ”الأيام“ المقربة للنظام، تقريرا مطولا يرصد مناطق انتشار تلك الأسواق ومناطق زراعة ”الحشيش“ في سوريا، وقالت الصحيفة في تقريرها أن زراعة نبات ”الخشخاش“ المخدر باتت منتشرة في محافظة طرطوس لتشمل عدة قرى حدودية، فالسكان هناك يمتهنون الزراعة بشكل عام حيث تربة المنطقة مناسبة لمختلف الزراعات، كما أن لقربها من الحدود الدور الكبير في نشوء زراعة ”الحشيش“.
وحاليا تعتبر المخدرات من أكبر المشكلات التي تعانيها دول العالم وتسعى جاهدة لمحاربتها لما فيها أضرار جسيمة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية ولم تعد هذه المشكلة قاصرة على نوع واحد من المخدرات او بلد معين او طبقة محددة في المجتمع بل شملت جميع الأنواع والطبقات كما ظهرت مركبات جديدة لها تأثير واضح على الجهاز العصبي والدماغ.
وفي هذه الورقة البحثية سنتعرف على تعريفات أساسية للمخدرات والادمان ومشاكل الإدمان وطرق الوقاية من انتشارها.
- تعريفات أساسية:
- تعريف المخدرات : هي كل مادة نباتية او مصنعه تحتوي على عناصر منومه او مسكنه او مفتره والتي اذا استخدمت في غير الأغراض الطبية المعدة لها فإنها تصيب الجسم بالفتور والخمول وتشل نشاطه كما تصيب الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي والجهاز الدوري بالأمراض المزمنة كما تؤدي الى حالة من التعود او ما يسمى الإدمان مسببه اضرارا بالغه بالصحة النفسية والبدنية والاجتماعية.
- التعريف القانوني للمخدرات : المخدرات مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي ويحظر تداولها أو زراعتها أو تصنيعها الا لأغراض يحددها القانون ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك.
- تعريف المخدرات شرعا:
بأنها المفطرات أي المواد التي تغيب العقل والحواس دون أن يصيب ذلك المتعاطي بالنشوة والسرور أما اذا حصلت النشوة فإنها تعتبر من المسكرات.
- تعريف الإدمان : هو الحالة الناتجة عن استعمال مواد مخدرة بصفة مستمرة بحيث يصبح الانسان معتمدا عليها نفسيا وجسديا بل ويحتاج الى زيادة الجرعة من وقت لآخر ليحصل على الأثر نفسه دائما، كما عرفت منظمة الصحة العالمية WHO الإدمان بأنه حالة نفسية و أحيانا عضوية تنتج عن تفاعل الكائن الحي مع العقار، و من خصائصها استجابات و أنماط سلوك مختلفة تشمل دائماً الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة متصلة أو دورية للشعور بآثاره النفسية أو لتجنب الآثار المزعجة التي تنتج عن عدم توفره.
- المتعاطي : المتعاطي هو الشخص الذي يتداول المواد المخدرة بشكل تجريبي، أو متقطع، أو منتظم، بحيث يؤدي تناولها إلى إضرار له وللمجتمع. والمدمن مستوى أعلى من المتعاطي في تناول المواد المخدرة.
- المدمن : هو ذلك الشخص الذي ربط حياته بعقار من العقاقير و تعود عليه، أو على مادة أخرى من المواد المخدرة أو المنبهة و التي لا يستطيع الامتناع عنها و عن تعاطيها بل و يبحث عنها، و في حالة وجودها يعجز عن ممارسة حياته و عمله العاديين و يعيش في حالة نفسية سيئة و مضطربة.
- أنواع المخدرات :
1- المخدرات المسكنات الافيونية: وهي التي تشمل كل مشتقات مخدر الأفيون بأشكاله المتنوعة على سبيل المثال الهيروين.
2- المخدرات المسكنة غير الافيونية: مثل المشروبات الكحولية بكافة أنواعها .
3- المخدرات المتبعة : مثل مخدر البانجو والحشيش والكوكايين .
4- المخدرات المهلوسة : مثل الاكستاسى والترامادول وغيرها.
وتقسم المخدرات الى : مخدرات طبيعية – مخدرات صناعية.
- تصنيفات المخدرات :
– حسب تأثيرها : المنومات وتتمثل في الكلورال والباريبورات والسلفونال وبرموميد التوتاسيوم المهلوسات مسببات النشوة مثل الأفيون ومشتقات المسكرات مثل الكحول والبنزين.
– حسب طريقة الانتاج : مخدرات من نباتات طبيعية مباشرة مثل الحشيش والقات والافيون ونبات القنب.
– مخدرات مصنعة : تصنع من المخدرات الطبيعية بعد تعرضها لمواد كيماوية تعمل على تحويلها إلى صورة أخرى مثل الكواكايين والهيرويين والمورفين.
– مخدرات مركبة: من عناصر كيماوية ومركبات أخرى لها نفس تأثير المواد المخدرة بأنواعها.
– حسب اللون : المخدرات البيضاء مثل الكوكايين والهيروين المخدرات السوداء والافيون ومشتقاته.
– حسب تركيبها الكيميائي : الافيونات الحشيش الكوكا.
- اهم النباتات التي تستخرج منها المخدرات:
– الأفيون يستخرج من ثمرة نبات الحشيش.
– الحشيش يستخرج من نبات القنب الهندي.
– البانجو يتم الحصول عليه من نبات القنب الهندي وذلك بعد تجفيف النبات وبيع النبات الجاف كاملا.
– القات وهو عبارة عن نبات تمضغ أوراقه وتمص خلال عدة ساعات محددة.
– الكوكا نبات تمضغ أوراقه وتمص مثل ما يحدث مع القات.
– التبغ وتستخدم أوراقه بعدة طرق سواء عن طريق التدخين او المضغ.
- مراحل إدمان المخدرات :
– مرحلة الاعتياد: وهي التي يتم تناول المخدرات فيها بقصد التعود بدون تحقيق نتائج نفسية او عضوية.
– مرحلة التحمل : وهي التي يتم زيادة كبيرة من الجرعات التي يتم تناولها وذلك للوصول إلى النشوة المرجوة.
– مرحلة الاعتماد : وهي التي يكون فيها المدمن قد وصل إلى مرحلة الاعتماد الكامل على المخدرات جسديا ونفسيا ولا يستطيع ابدا الاستغناء عنها.
ومن هنا يعد إدمان المخدرات من أكبر المشاكل التي تواجه أي مجتمع حيث يزداد في كل عام أعداد المدمنين مع زيادة أنواع المخدرات وتأثيرها السلبي على الشباب، وكما يلاحظ في الفترة الأخيرة ان ظاهرة الإدمان لم تعد مقصورة على الأغنياء فقط كما كان يحدث في الماضي بل الأمر أصبح يشمل فئات من الطبقات الفقيرة وربما بشكل أكبر من عدد الأغنياء المدمنين كما كان تناول المخدرات يقتصر في الماضي بصورة كبيرة على فئة الذكور أما الآن فأصبحت فئة الإناث تتعاطى المخدرات المختلفة وذلك وفقا لأحدث الدراسات.
- اثار ومضاعفات الإدمان:
- مشاكل صحية: يؤدي ادمان المخدرات الى حدوث مشاكل صحية بدنية وعقلية ويعتمد ذلك على نوع المخدرات المستخدمة
- فقدان الوعي: عند اخذ جرعات زائدة تحدث غيبوبة وموت مفاجئ وخاصة عند اخذ جرعات عالية او اذا تم جمع بين المخدرات والكحول.
- الإصابة بالأمراض المعدية :مثل الايدز عن طريق مشاكل الابر.
- التعرض لحوادث السير: يكون ذلك بعد فقدان التوازن وخصوصا أوقات التعاطي
- الانتحار : ويصل المدمن هنا لحالة من فقدان التوازن العقلي وربما يدخل في هلوسات نفسية فظيعة تقوده للانتحار.
- المشاكل الاسرية: يعد الإدمان على المخدرات مسببا لمشاكل الاسرية والخلافات الزوجية بسبب التغيرات السلوكية التي تطرأ على مدمن المخدرات.
- مشاكل مالية: حيث ان ادمان المخدرات يؤدي الى انفاق المال بلا حساب وذلك لشرائها فيضع المدمن تحت وطئة الدين وتقود الى سلوكيات غير قانونية وغير أخلاقية.
- مسائل قانونية :حيث ان ادمان المخدرات يؤدي الى السرقة واعمال منافية للأخلاق وبصورة عامة في كل ما تقدم عن المخدرات وتأثيرها ومضاعفاتها فيمكننا ان نقول ان المخدرات ذات تأثير قوي جدا يمكن استخدامه بين الأطراف المتصارعة.
- علاج تأثير المخدرات :
علاج الإدمان او علاج مدمن المخدرات او علاج المخدرات بشكل عام مهما كان نوع المخدر ليس كأي علاج لمرض عضوي يحدث للإنسان لأن الشخص المريض بمرض الإدمان يحتاج الي المرور بخطوات ورحلة لما يسمي التعافي من الإدمان والتعافي أو الاستشفاء من الإدمان يعني التغير السلوكي والنفسي لمريض الإدمان وغالبا ما يتم علاج الإدمان وفق ما يلي:
- مرحلة التقييم والتشخيص لحالة المريض ووضع خطة علاجية مناسبة: في هذه المرحلة يتم توقيع الكشف الطبي على مريض الإدمان، وإجراء كافة الفحوصات والتحاليل الطبية، ومعرفة نسبة سموم المخدرات في الجسم، ويقوم طبيب علاج الإدمان بتحديد البرنامج العلاجي المناسب، والبدء في رحلة العلاج.
- الضبط الدوائي والتعامل مع الاعراض الانسحابية للمريض سواء كانت نفسية او جسدية :تتضمن هذه المرحلة سحب السموم من الجسم عن طريق بروتوكول دوائي وعلاجي يستهدف التخلص من سموم المخدرات بدون آلم، حيث يواجه المدمن في هذه المرحلة مجموعة من الأعراض الانسحابية، نتيجة التوقف عن تعاطي المخدر، ويتم متابعة المريض من خلال الفريق العلاجي لحظة بلحظة، وملاحظة أي تغييرات تطرأ على الحالة المرضية.
- العلاج عن طريق احد برامج التأهيل النفسي السلوكي : تعتبر هذه المرحلة ذات أهمية كبيرة في مراحل علاج الإدمان، وهي تأهيل مرضى الإدمان نفسياً وسلوكياً عن طريق عقد جلسات فردية وجماعية تستهدف معرفة الأسباب النفسية التي دفعت الشخص إلى الإدمان، كما تستهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة، واستبدال السلوكيات والأفكار السلبية بأخرى إيجابية، كما تتضمن معرفة أضرار إدمان المخدرات، لعدم التعرض للانتكاسة وهنا يأتي دور العلاج النفسي.
و لا تنتهي رحلة علاج الإدمان بمجرد الخروج من مستشفى علاج الإدمان، حيث يتم المتابعة والتواصل مع الفريق العلاجي على فترات، وتقديم الدعم المعنوي لحل أي مشاكل أو ضغوطات قد تصادفها.
- استخدام المخدرات كأداة في الصراع:
من خلال لجوء الأطراف المتصارعة على نشر المخدرات ضد الطرف الاخر محققا نتائج إيجابية لصالحه من خلال نشر المخدرات حتى لو بشكل مجاني مبدئيا للوصول الى الإدمان، و تتلخص النتائج الإيجابية لإضعاف الخصم من خلال المخدرات :
1- الفساد الاجتماعي : حيث ان انتشار المخدرات يضعف العلاقة الاجتماعية ويفكك الروابط الاسرية داخل الاسرة من خلال عدم الاهتمام بالتربية والعادات والتقاليد.
2- انتشار الجريمة : بعد الوصول الى الإدمان على المادة المخدرة والتي سيصل سعرها الى مبالغ كبيرة جدا لا تتناسب مع دخل الفرد مما يجبر المدمن الى السرقة والقتل والخطف بقصد الفدية للحصول على المال لشراء المادة المخدرة مما يضعف الإدمان في المنطقة.
3- الاختراق الأمني : ان احد الأطراف المتصارعة والذي عمل على انتشار المخدرات وحقق نتائجه في كل ما تكلمنا عنه سابقا وعن طريق العملاء المروجين قد يستخدم بعض ضعاف النفوس للحصول على معلومات وتنفيذ اعمال تخريبية مقابل الحصول على المادة المخدرة.
4- انتشار المافيا : قد يتحول المروجين تدريجيا الى زعماء عصابات تحمل السلاح ويكون زعيم العصابة لديه عدد لابأس به من المدمنين ويقود عمليات السطو والخطف مستخدما ولاء المدمنين له، وهذا الولاء يسمى بالولاء المطلق حتى الموت مقابل الحماية واعطائهم جرعات من المواد المخدرة.
- استخدام المخدرات كوسيلة لتمويل عمليات الصراع:
تعمد اطراف الصراع الى فكرة تصنيع وبيع المخدرات لتعويض خسائر الموارد الأساسية التي كانت تعتمد عليها في تحصيل الدعم المالي اللازم لعملياتها العسكرية وهذا ما شاهدناه على مستوى دول من خلال اذرع سرية تقوم بهذه المهمة، او على مستوى مليشيات تحتل مناطق حدودية هامة او منافذ بحرية لتسهيل عملياتها، ومثال على ذلك الحرس الثوري الإيراني حيث اكدت عدة تقارير على قيام المليشيات بزراعة القنب الافغاني في البادية السورية وخاصة ريفي حمص الشرقي والجنوبي.
- طرق الوقاية من انتشار:
1- ضبط الحدود لمنع ادخال المواد المخدرة و المواد الأولية لصناعتها .
2- مراقبة الأراضي الزراعية لمنع عمليات الزراعة للمواد المخدرة.
3- نشر الثقافة التوعوية من اثار واضرار المواد المخدرة وتأثيرها على المجتمع والاسرة.
4- تفعيل القوانين الخاصة بملاحقة التجار والمروجين والمصنعين.
- خاتمة :
من خلال ما تقدم نجد ان الاثار المدمرة للمخدرات تعرض النسيج الاجتماعي للتفكك من خلال تدمير الاسرة البنية الأساسية في المجتمع، وبالتالي انتشار الجرائم المنظمة، وهنا تقع على عاتق الجهات المسؤولة ومنظمات المجتمع المدني العمل على إيجاد صيغة موحدة لمحاربة انتشار المخدرات عبر تفعيل قوانين تجريم مداولة هذه المادة وانشاء برامج خاصة لتوعية المجتمع لأضرار هذه المادة.
المراجع:
- دراسة المخدرات وآثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
- ادمان المخدرات_ ويكيبيديا
- الجريمة المنظمة والصراع في منطقة الساحل – مركز مالكوم كير – كارنيغي
- موقع مشفى الامل لعلاج الإدمان
- موقع المجلس العسكري السوري
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.