
الحقوقية حلا هزاع
عضو مجلس إدارة حزب بناة سوريا-المدير التنفيذي لمنظمة ناجيات سوريات
انقسامات
انقسم المجتمع السوري منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 الى مؤيد ومعارض لها, والكثير من الشعب السوري شهد حالة الانقسام داخل البيت الواحد والتي لا زالت موجودة حتى يومنا هذا, انتمى اشخاص من الأسرة الواحدة للثورة وأخرين انتموا لتنظيمات صنفت على قوائم الإرهاب كداعش والنصرة واخرين مع النظام وانضموا لميليشيات مسلحة فيه كالدفاع الوطني و “الشبيحة” والميليشيات الإيرانية.
منذ أيام مر عام جديد على السوريين المهجرين والنازحين ولا زال معظمهم يقيم بدول اللجوء والتي امنت لهم مساحة أمنة الى حد ما, مما ساعدهم في التعبير عن حرياتهم حتى ولو بشكل منقوص من خلال مواقع التواصل الاجتماعي, الا ان الحرية التي نادوا فيها عام 2011 لا تزال حلماً لأبناء الثورة.
أما في الجزء الأخر من الحدود يعيش مؤيدي النظام السوري في المناطق المُسيطر عليها والتي غلب على ارضها هوية مخالفة لما آلفه السوريين, فالأرض أصبحت عبارة عن ما يشبه الغابة الغالب عليها المذهب الشيعي, ويتمتع موالي الإيرانيين بامتيازات عن غيرهم من المواطنين حيث القوي يأكل الضعيف بالإضافة الى حالة التدمير الهوياتي والأخلاقي للمجتمع ككل.
أما السوريون المنقسمون والمنخرطون مع الثورة فيحاولون خلق حالة استقرار ضمن الأراضي التي يعيشون فيها, وغالباً ما نجد حالات سخط وتنديد من قبل أبناء الثورة على الحالات العنصرية المُمارسة على الشعب السوري في بلدان اللجوء أو على عمل المجتمع المدني والمعارضة السياسية, وكثيراً ما نشاهد سواء بمواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال الاجتماعات التي يشاركون بها تنديد لأي عمل لا يلائم ما سعى اليه الثوريين او أي فعل يخالف مبادئ الثورة وهذا لا يعني بأن الجميع ممن يتغنون بالثورة هم على نفس القدر من المعرفة الثورية الحقيقية أو على القدر نفسه من تحمل المسؤولية, ولكن أصبح هناك وعي كافي لدى الأغلبية منهم عن الأخطاء التي ارتكبها الكثير ممن خرجوا باسم الثورة والتي يجب تصحيح مسارها بغية العودة للوطن ومحاسبة النظام واتباعه وبناء دولة القانون والمواطنة.
وعلى الرغم من عدم وجود حلول مجدية بشكل قطعي لتحقيق أهداف الثورة إلا أن هناك حالة شبه مستقرة وحالة حرية منقوصة يمارسها أبناء الثورة خلال حياتهم اليومية , بالإضافة الى أنهم استطاعوا بقدر كافٍ من المحافظة على هويتهم كسوريين وعدم السماح بطمس معالمها, وتمسكهم بها بشكل متين وقوي ومحاربتهم للآفات التي شكلت خطراً على بنية المجتمع السوري المتميز عن غيره من المجتمعات بالترابط والتلاحم.
شهد السوريون من أبناء الثورة في الفترة السابقة الكثير من المنعطفات السياسية سواء على الصعيد المحلي السوري أو على الصعيد العربي, فهناك من أصبحت لديه حالة تخمة من ضعف المعارضة السياسية التي لم تتمكن حتى اليوم من تحقيق أي شيء باتجاه محاسبة النظام أو تحقيق العدالة الانتقالية, بل اكتفت بالاجتماعات هنا وهناك, مما خلق حالة من السخط لدى القاعدة الشعبية الثورية وعدم الاعتراف بشرعية المعارضة السياسية المتمثلة بالائتلاف وهيئة تفاوض وغيرها.
أما في الجانب الأخر حيث النظام السوري فالشعب هناك قد تحول غالبيته كقطيع من الغنم, حيث يفتقر المؤيدين منهم الى ابسط مقومات الحياة فلا ماء ولا كهرباء ولا مردود مالي يستطيع به أن يسد حاجاته اليومية, فبعد انهيار العملة السورية بسبب ممارسات النظام السوري الاقتصادية والاجرامية وسيطرة دول استقطبها النظام كروسيا وايران على ثروات الوطن ونهبها, وتعاونه معها في قتل الشعب السوري وتهجيره, وفرض العقوبات الاقتصادية كقانون قيصر, أصبح مردود المواطن السوري في مناطقه أقل من 20 دولار امريكي, وعلى الرغم من محاولات النظام السوري عن طريق اعلامه بالتسويق لحالة الاستقرار والانتعاش الاقتصادي التي تشهدها البلاد حديثاً على حسب زعمه, الا أن الواقع الاقتصادي المزري فيه لا يمكن اخفائه.
كما تشهد تلك المناطق انتشار للجريمة وللانحلال الأخلاقي مما يثير التساؤل لدى الكثيرين, أين الحالة الأمنة التي يعيشها مؤيدي النظام وما الذي جعل المجتمع مصاباً بآفات لا أخلاقية زادت البلاء بلاءً أشد؟
حيث تزخم مواقع التواصل الاجتماعي الممثلة للنظام بجرائم قتل وسلب ونهب خلال اليوم الواحد بمئات الجرائم, هذا ما عدا حالات الاغتصاب وشبكات الدعارة المنتشرة بشكل واسع, عداك عن الاتجار بالمخدرات وغيرها من الجرائم.
والجدير بالذكر بأن الجهات المعنية في مناطق سيطرة النظام تسهر على راحة المواطن ليلاً ونهاراً؟! بل وهناك قانون يطبقه القضاء والذي هو فوق الجميع بدءاً من السلطة الحاكمة الى أصغر مواطن فيها؟! حتى أن المواطن المؤيد يستطيع استنكار حالة عدم وجود الكهرباء أو الوقوف طويلاً في طوابير للحصول على ربطة خبز أو أسطوانة غاز ومواد للتدفئة؟! على الرغم من امتلاك سورية لحقول للنفط والغاز وغناها بالثروة الحيوانية والنباتية, ليعود المواطن ويتساءل بينه وبين نفسه على الأقل أين تذهب تلك الثروات؟ وهل الحرب التي خاضها النظام بزعمه محاربة الإرهاب هي التي أفقرت البلاد, وسببت هذه الأزمة الاقتصادية؟ أم أن الثروات مخصصة لفئة دون أخرى؟! وأين هو الأمان المزعوم؟ فالميلشيات التابعة للنظام لا زالت ترتكب كل يوم المئات بل الألاف من الانتهاكات بحق المواطن السوري, عداك عن ممارسات الميليشيات الشيعية التي جعلت من بعض المعالم بدمشق والمناطق الشرقية بسورية مزارات للحجاج الشيعة, ودور لتعليم المذهب الشيعي, مما سبب تغيير هوياتي وديموغرافي في المنطقة, والذي انعكس بشكل أو بأخر على تكوين الفرد الواحد مما سبب انحلال أخلاقي وانتشار للجريمة انعكس على المجتمع ككل.
وهذا ما يجعلنا نتساءل ما الذي يسعى اليه النظام, وما المخاطر التي ستواجهنا كسوريين بين مؤيد ومعارض, وبين مجتمع تنتشر فيه الجريمة وتغلب عليه شريعة الغاب, وبين مجتمع أخر رافض للعبودية وتغيير الهوية؟
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.