
د. هيثم القاسم
أكاديمي سوري
المليشيات
الميليشيا : هي قوات عسكرية غير نظامية، تتشكل من مواطنين مدنيين يعملون بأسلوب حرب العصابات، بعكس مقاتلي الجيوش النظامية (الجنود المحترفين)، أو قد يكونون من ناحية تاريخية مقاتلون ينتمون لطبقات نبيلة مثل الساموراي أو الفرسان.
أصل كلمة ميليشيا: أصل الكلمة لاتيني وتعني جندي, في عام 1590 بدأ الناطقون بالإنجليزية استعمالها بشكلها الحالي ومنها جاءت إلى العربية.
ميليشيات الأنظمة : ارتبط مصطلح الميليشيا بالأنظمة القمعية التي تكمم الأفواه وتحظر الحريات وتقمع الأحرار، فكان الإسم الشائع والمرعب للتنظيم السياسي والعسكري الذي أنشأته حكومة فيشي الفرنسية العميلة للنازية إبان الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع الجستابو الألماني، لتصفية مناضلي المقاومة الفرنسية أو تسليمهم للمحتل النازي، وقد تميزت هذه الميليشا بارتدائها لوناً خاصاً وسميت بميليشيات الرداء الأسود والبني.
وفي سوريا لدينا كتائب البعث في الثمانينات أيام حكم الأب، ولجان الدفاع الوطني هذه الأيام في عهد الإبن المعاق.
المقاومة الشعبية : مصطلح يُطلق على المقاتلين ( المنظمين تدريبياً ) الذين ليست الجندية مهنتهم ولا مستديمي الوجود.
حيث كانت الجيوش عند بعض الشعوب القديمة تتكون من متطوعين يُستدعون لحمل السلاح وقت الحرب ثم يعودون بعد انتهائها إلى مهنهم الأصلية، وقد كانت قوى الميليشيا عند قدماء اليونان والرومان على جانب كبير من التدريب.
الميليشيا والتحزب السياسي أو الديني : تكون الميليشيا عبارة عن مجاميع (مسلحة ومنظمة ومدربة ومدعومة وموجهة تعبوياً وعقائدياً لتحقيق مصلحة حزبية معينة وخاضعة لسلطة مركزية وتمتلك هيكليتها الخاصة).
أي أنها ذراع عسكري لفئة سياسية أو دينية تخوض صراعاً أياً كان دافعه أو أهدافه.
غالباً ما تكون أهداف عناصر الميليشيا مادية بحتة (التعفيش)، فالحرب عندهم وسيلة عيش وكسب.
الفرق بين الميليشيا والمرتزقة : مما لاشك فيه أن هناك فرق بين المرتزقة والميليشيا، لكن الميليشيا أعم وأكبر ويمكن تصور الميليشيا على أنها جيش يضم وحدات مرتزقة.
فالميليشيا : هي قوات خاصة لايمتهن أعضاؤها الجسدية وإنما هم متطوعون فقط.
أما المرتزقة : فهم فئة المحاربين ذوي التدريب والذين يعرضون خدماتهم مقابل أجر معين.
ومثال على هؤلاء فرق المرتزقة التي تنفذ خطط حكوماتها من الباطن تحت اسم شركات أمنية خاصة (بلاك ووتر ، فاغنر) حيث تتنصل حكوماتهم عن المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أعمالهم عند الضرورة.
الميليشيات في سوريا:
بدأت الميليشيات المحلية في الظهور على الساحة السورية منذ الأيام الأولى للثورة المباركة، ثم تبعها ظهور الميليشيات الأجنبية، وقد كان لإيران الدور الرئيسي في تنظيم استقدام وإدخال الميليشيات ( الشيعية ) من لبنان أولاً ثم من العراق وإيران وأفغانستان وباكستان وبعض الدول التي يتواجد فيها الشيعة تحت شعار نصرة المذهب وحماية المراقد المقدسة وتحرير القدس والمقاومة والممانعة وذلك مقابل مبالغ مالية لعناصر هذه الميليشيات.
واعتمد استقدام المقاتلين الشيعة للقتال في سوريا على الحشد الطائفي العقائدي بشكل أساسي عبر رجال الدين والحسينيات ووسائل الإعلام تحت شعارات طائفية مثل (يالثارات الحسين، ولن تسبى زينب مرتين).
وحسب تصريح للجنرال الإيراني ( فلكي ) فإن هذه الميليشيات التي تسمى (جيش التحرير الشيعي) ستوفر لإيران فرصة تنفيذ سياساتها ومخططاتها في المنطقة دون اضطرارها لإرسال قوات رسمية.
ومن هذه الميليشيات على سبيل المثال لا الحصر:
1- حزب الله ( شيعة لبنان ).
2- فاطميون ( شيعة أفغانستان ).
3- زينبيون ( شيعة باكستان ).
4- حيدريون ، النجباء ، أبو الفضل العباس ، فيلق بدر …. (شيعة العراق).
5- لواء القدس ، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين … (فلسطين).
بالإضافة إلى العديد من الميليشيات السورية التي تتبع للأجهزة الأمنية ( لجان الدفاع الوطني ، قوات النمر ، القاطرجي …. ) ، وميليشيا قسد الانفصالية.
أخطار الميليشيات على المجتمع:
1- ممارسة العنف ضد مجموعات المجتمع المدني والأفراد المدنيين المخالفين لهم عقائدياً أو سياسياً .
2- الإحتجاز غير القانوني ( الإعتقال والإخفاء القسري ).
3- الإعتداء على رجال الفكر والرأي ( اعتقال أو اغتيال ).
4- التهجير على أساس طائفي أو قومي.
5- تدمير المنشآت الاقتصادية والمدنية.
6- تهريب وتصنيع المخدرات والاتجار بالبشر.
7- فرض سلطة أمر واقع بقوة السلاح.
8- سوء الخدمات وانتشار البطالة والانحلال الخلقي وانتشار الجريمة في مناطق سيطرتهم.
خطر الميليشيات على وجود الدولة الوطنية : نلاحظ أن الميليشيات الطائفية المسلحة المنتشرة في بعض دول المنطقة تمثل التهديد الرئيسي للدولة الوطنية، حيث أنها ترتبط بأطراف خارجية لها أجندات وأطماع تاريخية.
ولأن هذه الميليشيات تقف وراء الأزمات المختلفة التي تعانيها هذه الدول سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية فهي تعمل على استنزاف قدرات الدولة وإصابتها بالشلل التام الذي يجعلها عاجزة عن ممارسة أدوارها، من خلال تحديها للحكومة وممارساتها المزعزعة للأمن والاستقرار وتهديد المصالح التجارية المحلية والعالمية.
كما أن إصرار هذه الميليشيات على الاحتفاظ بسلاحها ورفض نزعه يعني أنها ستظل تشكل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة.
بالإضافة إلى سعي هذه الميليشيات إلى السيطرة على مؤسسات الدولة الرسمية والتحكم في عملية صنع القرار.
ويضاف لما سبق خطر تقسيم البلاد عبر مطالبة الميليشيات الشوفينية أو المتطرفة بالانفصال تحت شعار المظلومية.
لقد لعبت الميليشيات الإيرانية والمتحالفة معها دوراً دموياً في مساعدة بشار الأسد للاستمرار في الحكم وذلك بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتصفية الجسدية لناشطي الثورة.
كما تمكنت من التغلغل الأمني والعسكري في صفوف الجيش السوري وتغلغلت اجتماعياً واقتصادياً وفكرياً في المجتمع السوري وهذا التغلغل لتحقيق الهدف الاستراتيجي لملالي طهران في إنجاز التغيير الديموغرافي في سورية.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.