
المهندس عبد الكريم أغا
رئيس الحركة الديمقراطية السورية
دور ومسؤولية مؤسسات المعارضة في انتكاسة الثورة السورية ما هو المخرج؟
درج كتّاب المقالات لاسيما أصحاب الاختصاص منهم اتباع التسلسل البحثي في الكتابة بدء من المقدمة انتهاء بالخاتمة. نظرا لحساسية الموضوع وأهمية المضمون لا الشكل أحب أن أعتذر الى القرّاء الأعزّاء بالخروج عن القاعدة، لأن المعلومات والأفكار التي أبغى ايصالها في المقدمة أراني هنا أسردها في مجموعة من الأسئلة المشروعة، وهذا التدبير فرضته عليّ طبيعة المرحلة الشاذة التي يواجهها شعبنا المنكوب بكل ما تعنيه الكلمة من معاني.
بطبيعة الحال لم يعد أي شيء عن سلوك قيادات المعارضة خافيا على المجتمع الدولي، فقط الكثير من أهلنا في الداخل والخارج قد لا يكونوا على اطلاع بسلوك تلك الشخصيات التي عبثت بإحدى أنبل الثورات الوطنية في العالم.
تعالوا معا نسرد مجموعة من الأسئلة التي تحتاج الى إجابات واضحة من أصحاب الشأن الذين تمكنوا بدعم إقليمي وعالمي من مصادرة الثورة والتحكم بكل مفاصلها السياسية والعسكرية والمالية والإغاثية والإعلامية …. الخ، وأخص بالذكر هنا بالدرجة الأولى السياسية والعسكرية منها لأنها لعبت دورا أساسيا في انتكاسة الثورة الوطنية:
- هل وضعت خطة استراتيجية عامة أو خطط مرحلية من أجل توحيد (قوى الثورة والمعارضة السياسية والعسكرية) كما أسموها هم؟
- هل وضعت خطط خاصة بتعبئة الضباط وصف الضباط والجنود المنشقين عن النظام واستيعابهم من أجل أداء واجبهم الذي انشقوا من أجله؟
- هل وضعت خطط خاصة بتعبئة الكوادر المهنية والعلمية الاختصاصية الوطنية التي انشقت عن النظام واستيعابها في مؤسسات المعارضة التي تم تأسيسها؟
- هل توجد سجلات موثقة للكوادر العسكرية والمهنية والاختصاصية المنشقة عن النظام القاتل، وهل توجد سجلات توثيقية للسلاح المتداول من قبل المجموعات والفصائل المسلحة؟ أم توجد سجلات أمنية لتشفير الأسماء الوطنية المخلصة وتحييدها ومنعها من أداء واجبها الوطني؟
- ما هي الخطط العسكرية الموثقة لتنظيم قيادة الكفاح المسلح من أجل مواجهة جيش النظام المجرم وقوى الاحتلال والميليشيات الطائفية الإرهابية؟ مع بيان بأن الجهة المتحكمة بالمال والسلاح هم أشخاص من الائتلاف.
- ماهي الخطط والبرامج السياسية الوطنية الخاصة بمخاطبة الداخل السوري من جهة ومخاطبة الجوار العربي لحساسيته من جهة ثانية والمجتمع الدولي من جهة ثالثة؟ أم تحولت مؤسسات المعارضة الى دكاكين لإطلاق شعارات مزيفة ومذهبية اقتداء بمؤسسات العصابة الحاكمة؟
- ما هي المؤسسات الإعلامية التابعة للمعارضة السياسية والعسكرية، وماهي الخطط الإعلامية لتوجيه العمل الثوري ومواجهة الإعلام المضاد؟
- هل يوجد نظام عمل مصدق وخطط تنفيذية تلتزم بها كافة مؤسسات المعارضة السياسية منها والعسكرية والمالية والإغاثية وغيرها لضمان سير العمل فيها بالشكل المطلوب؟
- هل توجد ضوابط قانونية مكتوبة ومصدق عليها لمواجهة الأمراض والعلل التي تنخر جسد المعارضة، وما هي الضمانات الموثقة لمحاسبة الفاسدين واللصوص والعملاء والمرتبطين بجهات معادية للثورة؟
- هل توجد خطط لمعالجة مسألة تبعية الفصائل المسلحة وتوحيدها في بنية عسكرية واحدة تخضع لضوابط قانونية، أم أن المطلوب بقاءها بالشكل القائم لسهولة السيطرة عليها من قبل الداعمين؟
- ماهي الأسس التي اعتمدت لتشكيل المجموعات والفصائل المسلحة، من هو صاحب القرار في استخدام البندقية، ومن هي الجهة التي تتحكم بها سواء كانت حزبية أم ماذا؟
- ماهي طبيعة علاقة قيادات مؤسسات المعارضة مع الدول الداعمة؟ المنفعة المتبادلة، الندية، المنفعة الشخصية أم العمالة الرخيصة؟
- هل توجد مستندات رسمية وكشوف بالنفقات المالية والمساعدات المادية التي تلقتها القيادة العسكرية والسياسية، وماهي القواعد التي بموجبها تم تحديد رواتب المسؤولين والعاملين في مؤسسات المعارضة؟
- من المسؤول عن دخل بوابات العبور الحدودية، وأين تصرف تلك العائدات؟
بالتأكيد هناك أسئلة كثيرة لا مجال لذكرها بهذه العجالة وقد تبقى اليوم أوغدا دون إجابة غير أن ذاكرة التاريخ لن تغفل أية شاردة أو واردة وستطبع الإجابات في منصة العدالة لإحقاق الحق… هكذا علمنا التاريخ.
ما يعنينا هنا هو أن الأسئلة المطروحة أعلاه توصلنا الى الحقائق التالية:
- إن المعارضة المتمثلة بالمجلس الوطني والائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية والمؤسسات المنبثقة عنها بما فيها اللجنة الدستورية اللاّ سورية ترسم صورة سلبية وغير متكاملة مع الشارع الثوري العامل ضد إرهاب الدولة والدكتاتورية. وتضم تلك المؤسسات كثير من الاعضاء المستهلكين من قبل أجهزة استخبارات دولية، والبعض منهم مرتبط مع الدول المعادية للشعب السوري، ومنهم من لا علاقة له بكل ما يجري على الارض والبعض منهم لا يعرفون جغرافية سوريا.
- إن معظم مسؤولي المعارضة السياسية والعسكرية بمشاركة الدول الداعمة لهم ارتكبوا جريمة كبرى بحق الثورة من خلال تبني أعداد كبيرة من المجموعات المسلحة المتناحرة غير المنضبطة والمرتبطة بالمال السياسي والولاء لمن يدفع أكثر وبرزت ظاهرة أمراء الحرب والتي شكلت الحلقة الأخطر في مسيرة الثورة السورية.
- إن بعض الشخصيات المفروضة على المعارضة السياسية والعسكرية مع الجهات الداعمة لعبت ولا تزال دورا مشبوها لإبعاد كافة الكوادر الوطنية المخلصة العسكرية والسياسية والاختصاصية والاجتماعية عن موقع القرار في الثورة.
- نتيجة الفساد والمحسوبية والدعم المطلق من قبل الجهات الداعمة تحول العدد الأكبر من رجالات الائتلاف الوطني والمؤسسات التابعة له الى أصحاب رؤوس اموال ومستثمرين في الوقت الذي تبحث فيه معظم الكوادر الوطنية من ضباط ومهندسين وأطباء وموظفين ومربين الى طرق عبر البحار من أجل الوصول الى ما وراء البحار بحثا عن ملاذ آمن يطعمون فيه أبناءهم وجبة تحافظ على حياتهم، أما وضع أهلنا في المخيمات فلا يحتاج منا الى مزيد من البحث لأن واقع الحال يتكلم بمرارة لا متناهية عن أحوالهم.
- عدم وجود قيادة وبنية عسكرية موحدة للمعارضة المسلحة. حيث توجد عشرات الفصائل والتنظيمات المسلحة تحت أمرة شخصيات جاهلة، أمية ومدنية والبعض منها على خلفية دينية تندرج تحت إطار ميليشيا وي غير مهيأة وغير صالحة لتمارس قيادة فصائل ذات طابع عسكري مما أكسبها صفة الميليشيات الإرهابية وفقا لمنظار المجتمع الدولي وهي بمجموعها عناصر متناقضة تمتلك شهوة السلطة والسعي خلف الثروة وبناء كانتون خاص في سابقة لم تشهدها أية ثورة في العالم.
وما هو المخرج؟
ثمة سيناريوهات مختلفة وضعت على مدى السنوات العشر الماضية لمعالجة المسألة السورية غير أن الغائب الكلي عن مجرد الاطلاع على هذه السيناريوهات كانت قيادات مؤسسات المعارضة المشغولة بالتسول والعمالة على أبواب السفارات ومداخل أبواب الخدمات السرية وتكديس رؤوس الأموال، ومتابعة استثمار رؤوس الأموال التي نهبتها وثمن جوازات السفر المزورة التي باعتها للبؤساء ومداخيل تجارة البشر والسلاح، والمتاجرة بشراء وبيع العقارات والسيارات وشراء المنازل الفاخرة في أغلى المدن والحواضر العالمية.
تلك الرموز الفاسدة التي سرقت امل الملايين الثائرة وحولت الثورة من مسارها الوطني الى مسار أيديولوجي حزبي ضيق ومذهبي مقيت يعكس الجانب الأبشع من هوية النظام المجرم. لقد عكست تلك الرموز الساقطة صورة مشوهة للعالم الخارجي الذي أحجم بنتيجته عن دعم المطالب الشعبية السورية لا سيما من قبل الرأي العام الشعبي قبل الحكومي.
خلاصة القول فاقد الشيء لا يعطه: لم تكن تلك الرموز الفاسدة مؤهلة لفعل أي شيء مفيد للثورة لعدم اهليتها المهنية سواء السياسية او العسكرية او الأخلاقية وافتقارها للشرعية الوطنية، كما انها لم تكن تمتلك إرادة التنحي لمن هو جدير بقيادة المرحلة بل تمسكت في مواقعها بناءا على أوامر موظفي الدرجة الرابعة من الخدمات السرية متعددة الجنسيات والتي عبثت عن سابق إصرار وترصد بالقضية السورية وعملت على اسكات وابعاد كافة الكوادر الوطنية المؤهلة والمخلصة. السوريون الان يريدون كما يقال عنبا ولا يعنيهم الناطور لذلك من المهم جدا الان البحث عن الجهة التي يمكن أن تحظى بالقبول لدى المجتمع الدولي كبديل وطني للتخلص من هؤلاء الفاسدين المجرمين والتخلص من الديكتاتورية ونظام الحزب الواحد واسقاط المنظومة الأمنية الحزبية المذهبية للمعارضة والمنظومة الأمنية الإرهابية الطائفية للعصابة الحاكمة والبدء ببناء دولة المواطنة.
إن قراءة دقيقة للوضع السوري والقوى والميليشيات الإرهابية المحلية والأجنبية وعشرات الفصائل المسلحة غير الخاضعة لقانون أو عرف والمنتشرة على جغرافية البلد، توجب علينا الإقرار بحتمية وجود قيادة عسكرية وطنية محترفة تكون قادرة على وضع الخطط ومتابعة تنفيذها من أجل ضبط ونزع وتجميع السلاح في عموم البلاد وتنقية التراب السوري من الاحتلال الإيراني والتطرف والإرهاب. تلك القيادة التي تتمثل بالمجلس العسكري السوري تحتاج الى موافقة ودعم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وتحتاج أيضا الى تنسيق مع دول الجوار الجغرافي دون استثناء. في هذا السياق لا بد من الابتعاد عن الشعارات التي غرسها في عقولنا النظام المجرم على مدى عقود من الزمن. نعود ونؤكد نحن أي السوريين نبحث عن طرق الخلاص من المعاناة والدروب والمسالك التي توصلنا الى ديارنا التي هجرنا منها.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها