
ياسر بدوي
كاتب وصحفي سوري
اللاعب السوري على قائمة الانتظار
بينما كان الشرق الأوسط في حالة إعادة تشكيل جديدة، وكذلك المنطقة والعالم، وباتت تسرب خرائط جديدة للمنطقة وإن كانت مبالغة، وقبل ذلك تغيرت خرائط كبرى اثر سقوط الاتحاد السوفيتي، والحرب على الإرهاب وادت الى فوضى عارمة في العراق. ومع موجة الاحتجاجات التي بدأت في الدول العربية المستقرة مثل تونس ومصر وليبيا بدت الأحداث للمراقبين أنه لم يعد هناك مسلمات، وأن صراعات قادمة لا محال، أمام هذا المشهد من الغليان الشعبي كان النظام في دمشق يضع حساباته من منطق مغاير لسنن التغير ومنطق التطور، فقرر مواجهة الشعب تحت مسميات ما دون سخيفة، وكان المشهد الدموي وما ترتب عليه من آثار كارثية، وهنا أحاول النظر الى سوريا التي أصبحت معدومة التأثير في القرار المحلي ومعدومة التأثير في القرار الإقليمي والسؤال هنا كيف لدولة مثل سوريا لها هذا الإرث التاريخي الجيوسياسي والإمكانات الكبيرة ان تعود لتكون لاعبا مشاركا في خريطة المنطقة الاقتصادية التي ترسم.
بعد أن كانت سوريا محورا في القرار الإقليمي وشكلت مع الرياض والقاهرة مثلثا يحسب له الحساب في مقدرات المنطقة، باتت دمشق محورا في التدخل الدولي والمزايدة على شراء مصانعها ومنطقها وموادها الأولية والعقود توقع مع نظام بائد لعشرات السنيين، وشعبها في السجون والمهجر والمغيب الذي يرجح ان قسما من هذا الشعب المغيب مقتول ومحروق ولم يبقى لأهله حتى معرفة هويات موتاهم، وأصبح القرار موزع بيد عواصم بعيدة وقريبة من انقرة الى الدوحة ومن موسكو الى الرياض وأبو ظبي والقاهرة الى تل ابيب.
التجربة أثبتت أن المشهد السياسي الحالي يصعب معه العودة الى سوريا قوية تمتلك قرارها، نتيجة تبعثر المعارضات بين العواصم المتدخلة والتي تريد البدء في رسم خريطة المنطقة، يدعمها سياسيون في حالة انفصال عن الواقع معبؤون بأحلام مرضية ينتظرون السجاد الأحمر ليفرش لهم من اجل العودة الى قصور الحكم، لا يملكون انيابا لأكل الجزر ولا يملكون العصى ليجعلوا تصوراتهم ممكنة، وقسم كبير منهم يجلس في الانتظار ليقتات على الفتات، والاخر يناصب العداء لأي مشروع يمتلك القوة للعودة الى الفاعلية، مشروع طامح يضع البرامج لامتلاك القرار السوري، وهي عملية شاقة لكن ليست مستحيلة، اذا استطاعت قراءة المشهد الدولي، والوصول الى ديناميكية الحلول المقترحة دون بكائيات وهروب الى الأمام، عبر المزايدات وطلب المطلقات التي يصعب تحقيقها دفعة واحدة.
أسباب العودة لدور اللاعب المحلي والإقليمي هو البحث في إمكانية امتلاك القوة التي تجعل أي لاعب في الإقليم له دور ومكانة، ومدخل القوة هو الجيش، الذي يحقق الامن المحلي والسلم الأهلي ويكون الركيزة المتينة لإطلاق حراك سياسي وحركة اقتصادية واجتماعية، وبالتالي يفرض نفسه لمشروع متكامل على الداخل والاقليم والعالم، ويحسب له الحساب في صناعة القرار الأخير في أي ترتيبات قادمة.
من الواضح أن السياسة الأمريكية تركت التفاعلات السياسية والعسكرية تأخذ تفاعلاتها وهي مدركة صوابا أو خطأ أنها صاحبة الكلمة الأخيرة، ويبدو أن هذا حقيقة قائمة بدلالة قانون قيصر وامتلاك مفاتيح إعادة البناء في الوطن بجميع مجالاته، والمعاندة والضياع التي يواجه هذا المشروع هو تعطيل للحلول، ونحن نفهم أن يقوم النظام بهذا التعطيل، وخلفه ايران، والى درجة كبيرة روسيا، لكن من غير المفهوم قيام مجموعات المعارضة بهذا التعطيل, بذرائع إن دلت على شيء فهي تدل على قصور في الفهم السياسي، والعيش في عقد الماضي، وانتهاج سياسة التوسل والمكابرة والتضخم المبالغ فيه.
رؤية العسكر والمتضامنين في مشروع المجلس العسكري السوري هي بسيطة، الجيش ضمن وظيفته ومهنته، عامل قوة واستقرار وحماية وسلام، وان أكبر التعقيدات التي تواجه المشروع يمكن فكفكتها بمعايير التطور والاستمرار، الحق، الاختصاص، القانون، التمثيل الشعبي الذي يرضي الغالبية، حتى تعود سوريا لاعبا تحافظ على حقوق ابناءها و تقول كلمتها، ولا وجود لكلمة غير محمية، بأسباب القوة، ولم أرى إنسانا يرمي نفسه في البحر لا يعرف العوم.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.