أحمد عرابي

أكاديمي سوري

عشر سنوات عجاف قاحلة

الأطفال هم رمز للبراءة والصدق والعفوية لأنهم لايعرفون ماهو الكذب أو كيف يتم فالطفولة قصة حلم وقصيدة أمل وخاطرة عذوبة من هنا انطلقت شرارة الثورة السورية في درعا عندما قام هؤلاء الأطفال بكل براءة وعفوية بكتابة أجاك الدور يادكتور بالنظر إلى أعينهم نترجم معنى البراءة ما أروعه من معنى يذيب قلوبنا, لم يكن هؤلاء الأطفال يعلمون أنهم بمجرد كتابة هذه العبارة سوف تقلع أظافرهم وتقطع أصابعهم ويعذبون عذاباً وكأنهم دمروا العالم بأسره من هنا وبهذا التاريخ العظيم  27 شباط عام 2011 شهد هذا اليوم اعتقال أجهزة الأمن والمخابرات السورية الأسدية التي يرأسها المجرم العميد عاطف نجيب ابن خال بشار الأسد (18) طالباً من مدرسة الأربعين الابتدائية في مدينة درعا التي تبعد (100) كم جنوب دمشق جاء اعتقال الفتية على خلفية كتابتهم على سور المدرسة عبارات  الشعب يريد إسقاط النظام , وأجاك الدور يادكتور في إشارة إلى الرئيس بشار الأسد ومازاد الأمر تعقيداً هو ماصدر من قبل رئيس فرع الأمن السياسي العميد عاطف نجيب عندما قابل الوجهاء من أجل الإفراج عن الأطفال المعتقلين وبحسب رواية الوجهاء قال لهم : انسوا أولادكم…. وتجاوز كل الحدود بالكلام…..!! هنا كانت ردة فعل أهالي درعا بالقيام بالمظاهرات رداً على ما قاله عاطف نجيب واندلعت المظاهرات في أنحاء قرى درعا وفي يوم 15 آذار 2011 كانت الشرارة الكبرى فاندلعت الاحتجاجات بحراك شعبي سلمي غطى معظم الجغرافية السورية وباعتراف رأس النظام السوري بقي هذا الحراك محافظاً على سلميته طيلة الأشهر الستة الأولى رغم أن العديد من رموز النظام و إعلامه وصفوه منذ الأيام الأولى بالعمل الإرهابي وانتشرت الاضطرابات والاحتجاجات في أنحاء البلاد واشتدت وطأة الأمن وأجهزة المخابرات الأسدية في سحق الاحتجاجات واستخدمت الحكومة السورية القوة لسحق هذه المظاهرات وتدرج النظام السوري صعوداً في تعامله مع الثورة السورية فانتقل من المقاربة الأمنية إلى المقاومة العسكرية المفتوحة بواسطة الجيش, وأدى ذلك إلى حدوث انشقاقات في الجيش السوري من ضباط وصف ضباط وعساكر ونتج عنه ماعرف لاحقاً بالجيش الحر الذي كان بالبداية مهمته الدفاع عن المتظاهرين وحماية المدنيين ضد قوى الأمن والمخابرات والجيش الذي بدأ بقتل المتظاهرين واعتقالهم والذي بدأ بقصف المناطق التي تشهد الحراك السلمي والمظاهرات التي بدأت تطالب بإسقاط النظام, هنا نما الجيش الحر بسرعة كبيرة وبالرغم من عدم امتلاكه سلاح مضاد للطائرات أو سلاح ثقيل يوازي سلاح الجيش السوري الأسدي إلا أنه استطاع في النصف الثاني من عام 2012 السيطرة على أكثر من 60 % من الجغرافية السورية حيث انطلقت عمليات الجيش الحر في الأرياف باتجاه المدن فتمت السيطرة على الغوطة حتى وصل إلى مشارف ساحة العباسيين في مركز دمشق كما سيطر على ريف حلب والأحياء الشرقية منها وريف إدلب وريف حماة وريف حمص والقلمون وريف درعا وريف دير الزور وأجزاء واسعة من ريف الحسكة في حين حقق الجيش الحر انتصارات ميدانية مهمة في محافظتي درعا والقنيطرة, فأدت انتصارات الجيش الحر هذه إلى الحديث عن قرب سقوط النظام السوري, فبادرت العديد من الدول التي أطلق عليها مسمى أصدقاء الشعب السوري إلى اتخاذ إجراءات داعمة للثورة السورية تمثلت في الدعم السياسي والاقتصادي لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية بينما تركت الباب مفتوحاً لمن يرغب من تلك الدول في تقديم المساعدة العسكرية المطلوبة وبصورة فردية, إلا أن جميع تلك الدول تحفظت على تقديم الأسلحة النوعية المطلوبة لإسقاط نظام بشار الأسد, وخاصة أسلحة مقاومة الدبابات الحديثة والصواريخ المضادة للطائرات التي بدأت بقصف المدن والقرى والبلدات بالصواريخ والبراميل المتفجرة وبدأت بمعاقبة الشعب بقصف المشافي والمدارس والمساجد والأسواق التجارية وصولاً إلى منازل المدنيين ومع ذلك قابل الدعم السياسي المحدود الذي قدمته دول أصدقاء الشعب السوري دعماً مفتوحاً قدمته كل من روسيا والصين و إيران وحزب الشيطان اللبناني التابع لإيران ودعم نور المالكي بالميليشيات الشيعية العراقية وكان دعم هؤلاء لنظام الأسد فائقاً جداً سياسياً ومعنوياً وعسكرياً حيث استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) خمس مرات في مجلس الأمن كما أقامت روسيا جسراً جوياً لنقل الأسلحة والمعدات إلى سورية بذريعة أنها تزود النظام السوري بتلك الأسلحة والذخائر تنفيذاً لاتفاقيات شراء سابقة, ومنذ اللحظات الأولى للحراك السلمي في سورية ضذ نظام الأسد ومنظومته الإجرامية أعلن المسؤولون الإيرانيون ضرورة حماية نظام الأسد وضرورة دعم النظام السوري وعدم السماح بسقوطه حتى بلغ ببعض مسؤوليه أن يعتبر سورية المحافظة الإيرانية رقم (36) وأن حدود إيران تمتد حتى الضاحية الجنوبية لبيروت وتمثل الدعم الإيراني في الجسر الجوي الأسبوعي وإرسال الخبراء العسكريين الذين أشرفوا على التخطيط العملياتي والإستراتيجي وإدارة بعض المعارك كما جندوا عشرات الآلاف من شباب الشيعة وأرسلوهم بحجة الدفاع عن المقدسات الشيعية في سورية وساهموا في إنشاء قوات الدفاع الوطني بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي غير المحدود, كان من أهم النتائج العسكرية للتدخل الإيراني التغيير الرئيسي في التخطيط للعمليات العسكرية وتمثل ذلك في اتباع سياسة الحصار والقتل بالتجويع فتمت محاصرة الغوطتين الشرقية والغربية بطوق خارجي وحصار المدن والبلدات بطوق داخلي كحصار مدن المعضمية وداريا ودوما والأحياء الجنوبية من دمشق مثل: أحياء القدم والحجر الأسود ومخيم اليرموك وأحياء حمص القديمة مما أجبر المعارضة المسلحة في تلك المناطق على تنفيذ العديد من اتفاقيات الهدنة التي صبت نتائجها في مصلحة النظام السوري وكان تدخل حزب الشيطان الإيراني في الأزمة السورية منذ الأشهر الأولى للثورة بحجة الدفاع عن المواطنين اللبنانيين الشيعة في القرى السورية الحدودية مع لبنان وبحجة حماية الأماكن الشيعية المقدسة خاصة السيدة زينب, ثم جاء بعد ذلك التصريح العلني للأمين العام لحزب الشيطان اللبناني بأنه يجب حماية ظهر المقاومة وأن الحزب لن يسمح بسقوط نظام المقاومة والممانعة في سورية وتمت ترجمة ذلك التصريح والخطاب على الأرض في معركة القصير والسيدة زينب والقلمون والسفيرة وحي الزهراء في مدينة حلب وفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في ريف حلب الشمالي الغربي فأدى تدخل إيران وحزب الشيطان اللبناني إلى انعكاسات خطيرة على المستويات العسكرية الثلاثة الميداني والعملياتي والاستراتيجي, فميدانياً تمكنت ميليشيات حزب الشيطان اللبناني من إنجاز مافشل الجيش السوري في تحقيقه حيث احتلت ميليشيات الحزب مدينة القصير وريفها في حمص كما تمكنت من إبعاد الجيش الحرعن مشارف بلدة السيدة زينب لتتبع بعد ذلك احتلالها البلدات المحيطة بها مثل قرى الحسينية والذيابية وكان ذلك بمساعدة الميليشيات الشيعية من لواء أبو فضل العباس ولواء حيدرالكرار والفاطميون وغيرهم  من الميليشيات , وتابع حزب الشيطان اللبناني عملياته العسكرية فكانت القوة البرية الرئيسية في احتلال مدينة يبرود وبقية منطقة القلمون مما سمح لقوات عصابات الأسد بتحقيق التواصل الجغرافي من السيدة زينب جنوب شرق دمشق حتى الساحل السوري مما مكنه من السيطرة من جديد على مركز الثقل الجغرافي في البلاد وحاول النظام عدة مرات استعادة السيطرة على الأحياء الشرقية من مدينة حلب ولكنه فشل في جميع محاولاته, ونتج عن تلك المحاولات الفاشلة أن سيطرت قوات المعارضة السورية والجيش الحر على المزيد من الأراضي والبلدات في ريف حلب الشمالي والشرقي والجنوبي ووصلت إلى مشارف معامل الدفاع الوطني قرب السفيرة وهي أكبر وأهم القواعد العسكرية لقوات الجيش السوري الأسدي , ولكن التخطيط الإيراني وتقدم ميليشياته العراقية وحزب الشيطان اللبناني ساعد في فك الحصار عن مطاري حلب والنيرب بإجراء مناورة التفاف عميقة بدأت السيطرة على بلدة السليمانية والتقدم عبر الصحراء إلى بلدة خناصر ثم مدينة السفيرة ثم تل عرن وتل حاصل وصولاً إلى مطار النيرب العسكري والشيخ نجار والمدينة الصناعية وسجن حلب المركزي وهذه النجاحات الميدانية التي حققتها هذه الميليشيات الإيرانية وعناصر الحرس الثوري الإيراني فتحولت قوات عصابات جيش الأسد إلى معارك الثبات وذلك بعد ظهور تنظيمات إسلامية معتدلة كالجبهة الإسلامية التي انشق معظمها عن الجيش الحر مما أفقده الكثير من قدراته العسكرية فاكتفى الجيش الأسدي بتصعيد عمليات القصف الجوي للمناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر مع عمليات عسكرية أرضية محدودة في بعض المناطق وفي تلك الفترة كانت الطامة الكبرى فقد قدم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الفرصة الذهبية لقوات عصابات الأسد حيث أدت عمليات الاقتتال بين تنظيم الدولة (داعش) من جانب وكتائب الجيش الحر والجبهة الإسلامية وجبهة النصرة وأحرار الشام من جانب آخر في إدلب وحلب ودير الزور إلى إشغال الجهد الأكبر لتلك القوات مما سمح لعصابات الأسد والميليشيات المقاتلة معه بإعادة بناء قوتها وتموضعها بما يخدم العمليات العسكرية المستقبلية المقرر تنفيذها وكانت تلك الفرصة الذهبية لعصابات الأسد حيث استغل نظام الأسد هذا الواقع الميداني الجديد فصعد من عملياته العسكرية في ريف حلب وشن هجوماً من عدة جبهات فسيطر على قرى الرحبة وكفر صغير وتلة الشوابا الاستراتيجية والتي فتحت لهم الطريق إلى تل الشعير والمسلمية وفاقين ومدرسة المشاة ومخيم حندرات إلى دوار الجندول مما يعني هذا تطويق مدينة حلب من الجنوب والشرق والشمال الشرقي وتزامنت هذه التطورات الميدانية مع اجتماعات قوى المعارضة السورية لانتخاب هيئة جديدة للائتلاف الوطني في ظل انقسام واضح للقوى السياسية واستقالات لقادة المجالس العسكرية وإحالات لوزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الحر من قبل رئيس الحكومة المؤقتة ومحاولة بعض الدول إعادة بناء الجسور مع قوات النظام وضبابية في الموقف الأمريكي حيث يبقى الموقف الأمريكي هو الرصاصة الفضية في تغيير الموازنات على الأرض فبعد الفشل الذي حصل ووصلت إليه قوى المعارضة انقساماتها وتبعية المعارضة إلى عدة دول متناحرة فيما بينها بين ضد الأسد ومع الأسد وبعد الفشل المتوقع لكل جولات مؤتمر جنيف ومؤتمرات سوتشي وأستانة وجولات ماسمي بكتاب ة دستور جديد لسورية الذي وجد للمضيعة وكسب الوقت وكل هذا يصب في مصلحة نظام الأسد وإعادة تأهيله من جديد بالوقت الذي ستنزع الأقنعة وتجري إعادة اصطفاف وتموضع لقوى المعارضة على أسس وأهداف ومصالح شخصية الذي سيفتح الباب أمام فوضى واسعة  في المناطق المحررة فبعد انقسام المعارضة في المحادثات التي لن تتوقف رغم كل فشلها سنرى قسماً من المعارضة قد اقترب من مشاريعها , كثيراّ ممايطرحه نظام الأسد وحلفاؤه والغرب لتصبح مكافحة الإرهاب هدفاً وأولوية و ستنتقل العدوى كما جرت العادة إلى التنظيمات المقاتلة لتعيد تموضعها ولن نستبعد أيضاً إنشاء شبه تحالفات مابين بعض فصائل المعارضة في المناطق المحررة الذين انضم منهم قسماً إلى داعش وقسماً إلى جبهة النصرة وأحرار الشام الذين امتطوا الثورة من أجل كسب المال وفتح المعابر مع ميليشيا نظام الأسد وحوادث التواطؤ لتسليم بعض المناطق وقبض الثمن كان أكبر دليل على ذلك فمنهم على استعداد لتغيير اتجاه البندقية حسب المصلحة المادية أما الكتائب المعتدلة الإسلامية فإنه سيجري العمل على تفتيتها واختراقها بالمال والدعم وغض النظر عما تفعله وإشغالها بأعداء جدد ناهيك عن الصدامات والاقتتال فيما بينها مع انفلات عقال العمل العسكري , وبعيداً عن الشريك السياسي بعد الفشل الذريع للائتلاف والمعارضة السورية وهيئة أركانه ومجالسه العسكرية وسط ضياع المشروع السياسي والعسكري معاً وتجاذبات الدعم المادي فيما بينهم , وأما الخسارة الكبرى فستكون في استهلاك وقت ثمين توشك سوريا والمنطقة بعدها أن تدخل نفقاً طويلاً لن تخرج منه إلا بعد قطعه كاملاً بكل آلامه وذلك بعد ان تخرج عناصر الصراع تماماً عن السيطرة وتخسر بالتالي الدول الداعمة الحالية حذوتها تدريجياً وسيصبح هم كل فصيل بسط نفوذه في مناطق محدودة لتأمين موارده وهذا سيدخل الجميع بمن فيهم أطراف الجبهة الواحدة في صراع بيني , كما ستنقلب البندقية وتتحول لتختص بالأعمال القذرة من اغتيالات وخطف ونهب وقتل وسط هذه الفوضى أما الهيئات العسكرية الشكلية كهيئة الأركان والمجالس العسكرية فستبحث عن اتباع لاعن توحيد البندقية والصف كما تدعي وهو ماتفعله عملياً منذ أنشئت وستجد دائماً بندقية للبيع من حلفاء أتقنوا لعبة تبديل ولائهم باستمرار وسط الفوضى التنظيمية والسياسية كذلك فإن الدول المعنية ستجد دائماً مثل هؤلاء وسط الفوضى لأنهم حلفاء المصلحة اللحظية المتغيرة وقد أتقنوا اللعبة التي فرضت عليهم واندمجوا فيها  ولم يعودوا أتباعاً بل معلمين فيها ويتعاملون مع معلميهم كمجرد أطراف بأحسن الأحوال أيضاً وستزداد جبهة النصرة (تحرير الشام ) نفوذاً وقوة ستسعى للسيطرة على مناطق جديدة بشكل كامل لتغذي من خلالها مواردها وهو ماسيدفعها للصراع مع تنظيمات الثورة بكل أشكالها وهذا مابدأنا نرى إرهاصاته مع ماتفعله جبهة النصرة ( تحرير الشام ) في كل المناطق التابعة لها في المحرر, أما من ناحية نظام الأسد ومنظومته المجرمة فمعلوم أن جيشه النظامي أصبح لاعباً ثانوياً وتفكك إلى درجة بعيدة وسيتلاشى نهائياً لأنه أصبح أقرب إلى الميليشيات منه إلى الدولة وباتت تنظيماته العسكرية في كل منطقة مشكلة من شبيحة الجيش الوطني واللجان الشعبية وتنظيمات أجهزة المخابرات العديدة وبات الجميع منخرطين في عمليات النهب والخطف التي أضحت جزءاً أصيلاً من أهداف هذه الميليشيات ومهنة مريحة وليس فقط للقتال الطائفي إلى جانب النظام كما قد يتصور البعض, وفي حال عدم ردع إيران عن مشروعها الطائفي في المنطقة وسكوت حكام العرب عما تقوم به وتفعله في كل من العراق واليمن وسورية ولبنان فإنها مع الوقت ستصبح إيران لاعباً مباشراً وطرفاً لايمكن تجاوزه بل ستجبر العالم على التعامل معها كطرف ثالث مستقل حتى عن النظام مستخدماً الورقة السورية واليمنية في مشروعها في المنطقة حتى لو سقط النظام في دمشق فستستمر هذه الميليشيات في كل منطقة وستصطدم فيما بينها كما ستصطدم مع حلفائها في صراع المصالح والنفوذ بالسيطرة على المناطق وهو ماستدفع ثمنه كل المنطقة وعلى رأسها دول الخليج العربي التي ستجد نفسها جزءاً من صفقة بين إيران وأمريكا باتت ملامحها واضحة اليوم وسيدفع الثمن أيضاً كل من سورية واليمن والعراق ولبنان بعد ان يفقدوا فرصة تاريخية لإضعاف أذرع إيران وذلك عبر إسقاط النظام السوري لتصبح تلك الأذرع مطبقة على خناقهم بشكل غير مسبوق وسيؤدي هذا لاحقاً إلى انفجار كامل للأوضاع في المنطقة تزيد فيه فرص إيران في استغلال تلك الفوضى , في كل هذه السيناريوهات تمثل نفقاً ستدخله الثورة السورية والمنطقة خلاله وستحتاج سنوات لتخرج منه الثورة وعقوداً لتخرج المنطقة من آثاره ولن تستطيع دول الخليج العربي النجاة من هذا الانتصار الإيراني الكبيروسيدخل الجميع هذا النفق إن استهلك الوقت الثمين المتبقي في اللهاث وراء فخ الحل السياسي الكاذب بمفهومه الحالي الذي يهدف إلى تفتيت الثورة السورية وإضعاف صفوفها معتمداً لطلب النجاة بأي طريقة حتى ولو بصفقة مع النظام الأسدي تعيد إنتاجه من جديد كنظام حكم أقلية علوية وتحالف للأقليات وربما بوجود مؤقت لبشار الأسد وهي لحظة التعب التي ينتظرها الغرب من الشعب السوري, لذلك تركوا الأسد يفعل مايفعل في سورية حتى يحين لحظة آخر حلقة في مسلسل مؤتمر جنيف الطويل الذي سيحافظون على استمراره ليستطيعوا تمرير ما يريدونه في لحظة الضعف  فسينياريهوات مابعد جنيف جاهزة للتطبيق ولامشكلة حينئذٍ أن ينتظروا  سنوات أخرى حتى تتعب الثورة ويفقد الشعب السوري الأمل بها أو بنجاحها هنا ستفرض الدول الكبرى حلاً على قياسها هي بتقسيم سورية إلى فيدراليات تضيع فيها الحقوق والحدود وينجو القتلة الذين دمروا البلاد وهذا سيكون كنموذج الحل البوسني وذلك بتدخل عسكري ربما وبالقوة الدولية وسيخرج علينا قرار أممي ليس لمحاسبة نظام بشار الأسد والقتلة ولكن لتجريم الثورة هذه المرة وربما إرسال قوات دولية بحجة حماية الأقليات ومكافحة الإرهاب وذلك ليفرض الحل البوسني عسكرياً  كما يخطط  له في جنيف, يعني إعطاء العلويين وباقي الأقليات نفوذ فيدرالية تستحوذ على كل الموارد الطبيعية ( بحر ونفط وغاز ومياه ) مع إضعاف المركز في دمشق العاصمة التي ستكون مستحوذة من قبل كل الأطراف , اما الفيدراليات السنية العديدة فستكون ضعيفة بلا موارد اقتصادية أو طبيعية ليرتبط كل منها سياسياً واقتصادياً بدولة مجاورة يعتمد عليها وتسيرها كما تشاء, وفي النهاية فإن الخلاص من النظام الأسدي الطائفي الفاسد المستبد قبل فوات الأوان هو هدف استراتيجي وأولوية حتى ولو كان الثمن باهظاً ووقوع الفوضى المتوقعة التي تليه  فثمن معالجتها مهما كبر أقل بكثير من ثمن استمرار نظام الأسد ومنظومته المجرمة وانتصار المشروع الإيراني الطائفي ونجاح الاستعمار الروسي, لهذا فإنني أرى أن فكرة مشروع المجلس العسكري مهمة جداً في هذه المرحلة التي وصلنا فيها إلى باب مسدود ولا خيار لنا غير ذلك فالمجلس العسكري هو الوحيد الذي سيعيد ويساعد في ضبط الوضع العسكري والأمني بوجود كوادر وطنية وقيادات عسكرية تحافظ على تطلعات وتحقيق مصالح الشعب السوري والثورة التي قام بها من أجل الحرية والعدالة والكرامة والعيش بسلام ويؤسس لعمل دستوري وانتخابات برلمانية ورئاسية والذي سيتولى الدفاع عن  سيادة سورية الحرة وإعادة المؤسسة العسكرية على أسس وطنية وقطع الطريق على المشرع الإيراني والروسي والصيني والدول الداعمة لنظام بشارالأسد المجرم وتحرير سورية من عصابات الأسد والميليشيات الإيرانية والمافيا الروسية الإستعمارية وهذا يكون بالدعم والوقوف معاً صفاً واحداً مع دعم هذا المشروع, ويد الله مع الجماعة ولنتمسك  بقول الله تعالى : {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: