
صفاء شاوي
أكاديمية سورية
مصارحات شفافة..ماذا حققت الثورة بعد عشر سنوات؟
الثورة السورية ثورة شعب صابر صامد ثابت مغوار قدم التضحيات الجسام وروى تراب أرضه بدماء أبطاله الشرفاء العظام الأبرار كل هذا لتنبت هذه الأرض الطاهرة وروداً تشتمها الأجيال على مر التاريخ والدهور في الحاضر والمستقبل ليأتي الجيل الذي نما وترعرع تحت البراميل المتفجرة والطائرات المدمرة والصواريخ البالستية العابرة التي تديرها دول فاجرة وعصابات ماكرة وأيادٍ غادرة, نعم ليدرك هذا الجيل والجيل القادم ولا ينسى ولن ينسى من قتل ودمر ومن شرد وهجر واعتقل أبناء هذا الشعب الحر الذي قام ضد الظلم والاستبداد ووقف ضد أكبر طغاة العالم إجراماً فلن ينسى المجازر التي مارسها هذا النظام الخبيث الماكر ذو التاريخ المليء بالإجرام منذ عهد المجرم المقبور حافظ الأسد إلى عهد ابنه السفاح الطاغية بشار الأسد, فالثورة السورية طريق الخلاص من الجلادين وبوابةُ القضاء على الفساد والمفسدين, الثورة السورية أصبحت فكرة والفكرة لن تموت مهما طالت مسيرتها, هي الفكرة الصادقة التي لن تموت ولو مات أصحابها فسيخلفهم الأحفاد الذين تربوا على العزة والكرامة والحرية والوقوف ضد الطاغية والظلم والظالم والمستبد فالثورة السورية المباركة عهدٌ يتجدد ونصرٌ مؤكد بإذن الله مهما طال الزمن فلا بد لهذا الشعب الحر أن ينتصر ولو بعد حين فالثورة انتصرت منذ يومها الأول عندما خرج هذا الشعب العظيم ضد أكبر طاغية ومستبد ومجرم بالعالم وقد رفعوا أصواتهم من غير خوف ولا وجل بهتافاتهم التي هزت عرش النظام ونادت بإسقاطه وإسقاط وتحطيم أصنام هبل القذرة, انتصرت عندما عرت وكشفت النظام الفاجر وكسرت شوكته وفضحت منظومته الفاسدة وزمرته الخبيثة, انتصرت عندما كسرت روسيا بكل جبروتها وطغيانها فلم تستطع هزيمة الثورة والقضاء عليها بعد ست سنوات من تدخلها عسكرياً وبكل قوة واستخدامها لكل أنواع الأسلحة المتطورة لديها وتجاربها لكل أسلحتها الحديثة على الأراضي السورية وصمدت عشر سنوات أمام أقوى دول العالم بالوقت الذي تآمر عليها العالم بأسره وأردوا أن يطفؤوا نورها ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون ولوكره الظالمون ولو كره الطغاة, انتصرت عندما هزمت كل مخططات إيران الفرس المجوس الذين حاربوها بكل ميليشياتهم الطائفية القذرة ومرتزقتهم من حزب الشيطان اللبناني وميليشيات العراق والأفغان التابعة لهم جميعهم جاؤوا للقضاء على هذه الثورة وفشلوا بذلك ولكنها صمدت ومازالت صامدة بالشرفاء والأبطال من قادتها الذين لم يخونوا العهد الذي خرجوا من أجله وهو إسقاط هذا النظام مهما كلف الثمن ومهما طال الوقت, انتصرت الثورة بعددها القليل وعدتها البسيطة المتواضعة التي حرمت من كل أنواع الأسلحة الثقيلة لكي تدافع عن نفسها, انتصرت لأنها ماتزال ترفع راياتها وأعلامها الخضراء علم الثورة الذي برفعه قهر النظام وعصاباته برفعه في كثير من الدول, نعم انتصرت الثورة بعدما امتلأت الساحات والباحات والشوارع والميادين والبلدات والقرى بالأحرار الشرفاء الذين مازالت حناجرهم تلعن الأســد من الجد إلى الأب إلى الابن إلى الولد نعم قالوها وبصوت عالٍ ( يلعن روحك يا حافظ على هل ولد العاهة إلي خلفته ) ومازالت حناجرهم تغني وتطرب الآذان بكلمات القاشوش والساروت وصور حمزة الخطيب الطفل الذي تحدى آل الأسد و لم يتجاوز الثالثة عشر من عمره فيما كان اسمه يملأ الشاشات في العالم, نعم فليس نجاح الثورة بالمتسلقين والمستفيدين وأصحاب المناصب والقادة والقوات وأعضاء المعارضة الفاسدة الذين لهثوا خلف المناصب وخلف الدولار, بل الثورة بدأت باسم الله واستمرت بعون الله وستنتصر بإذن الله تعالى, والخزي والعار كله لمن وقف ضدها وتآمر عليها وتاجر بأبنائها وغدر بأتباعها وهنيئاً لمن كان فيها ومعها بصدق وإخلاص وثبات وإيمان فهو في الطريق الصحيح في طريق الحق الذي يريده الله للناس جميعاً, فالمعركة بين الحق والباطل طويلة جداً ومستمرة تتجلى بأبهى صورها وكامل حلقاتها في المشهد السوري لذلك لا يثبت على هذا الطريق الصعب إلا من استحكم الإيمان والحق في قلبه فأخلص النية وصدق العمل وملك الإرادة والعزيمة وأدرك الحقائق الربانية التي لابد من تحقيقها فالأمة التي تبحث عن العدل والنصر لابد أن تتهيأ لها الأسباب والمقومات لنجاحها دون أن تستهين بشيء منها وأن تبذل كل طاقاتها في البحث عن مستلزمات هذا النجاح, وحقيقة المعركة اليوم في الساحة السورية هي معركة بين حق وباطل ولكل منهم فريقه وأتباعه ومؤيده ومعارضه, فلنحمد الله ونشكره أن جعلنا من أهل الحق وضد الباطل ومناصره, لهذا نقول (ألا إن سلعة الله غالية) هذا وإن تأخر النصر فلا يدعونا لليأس والقنوط والإحباط وإنما يستدعي منا الصبر وإعادة تقييم المرحلة التي وصلنا إليها وأسباب الإخفاق الذي أوقعنا أنفسنا فيه من تفتت وتناحر وتبعية وتسليم القيادة لمن هم ليسوا أهلاً لها والإطاعة العمياء بشكل مرعب لكل من جاء من خارج سورية وأصبح أميراً علينا ويتحكم برقاب الناس يتحكم بالتسليم والانسحاب والاقتتال بين الفصائل بحجج وأكاذيب وهمية وعدونا يسرح ويمرح ويشمت بنا وبالتالي يتوجب علينا أن لانمل ولا نكل في مواجهة هؤلاء الذين دمروا الثورة وامتطوها من أجل مصالح دول ومصالح شخصية وتجميع الثروة والمال وبقاء الوضع على ما هو عليه لمصالحهم في سرقة أكبر قدر من ثروات البلاد التي لم تعد تملك شيئاً, علينا مواجهة هؤلاء بكل ما نستطيع وبما امتلكنا من إرادة وصمود وقوة طوال هذه السنوات العشر العجاف فلا يصدنا تخاذل المنافقين ولا أكاذيب المفسدين ولا إشاعات الطابور الخامس من المتسلقين والمتخاذلين هذه الثورة العظيمة التي أفشلوها بتخاذلهم ولكن الله متم نوره ولو كره المشركون نحن شعب صمد عشر سنوات على كل أنواع الظلم والقهر والعنف والإجرام والقتل والتنكيل والتهجير فحاشى لله أن يخذلنا, فالصبر هو النصر في النهاية لكل الشعوب المظلومة والمقهورة فالحكام الطغاة ذاهبون والشعوب هي الباقية.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها