
أحمد عرابي
أكاديمي سوري
نصائح السفير الأمريكي روبرت فورد …هل كانت حقيقة أم تحذير؟
في مدينة اسطنبول التركية عام 2012 التقى السفير الأمريكي روبرت فورد الذي كان سفيراً في دمشق مع بعض من المعارضين السياسين وبعض من قادة الفصائل بالثورة السورية ومندوبين لدول داعمة للثورة السورية فكان من أهم نتائج الاجتماع ماقاله روبرت فورد للمعارضة السورية قائلاً لهم خذوا مني هذه النصائح , وإن لم تفعلوا بها فستخسرون ثورتكم ولن تنجوا أبداً وستدمر بلادكم وسيبقى بشار الأسد ونظامه المجرم في الحكم فقال :
1ـ لا تأملوا أي دعم من قادة وحكام العرب فأكثرهم لايريد لثورتكم النجاح والسبب معروف.
2ـ لا تأملوا من الإدارة الأمريكية الحالية أن تقدم لكم أي دعم عسكري أو لوجستي أو حتى سياسي.
3ـ حافظوا على سلمية الثورة ولا تحولوا ثورتكم من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة وستخسرون.
4ـ الأسـد معه قوة عسكرية وجيش ومعه من يدعمه كل من روسيا وإيران والصين ودول داعمة له.
5ـ إذا تحولت ثورتكم إلى مسلحة لاتلبسوها الرداء الإسلامي لأن الدول ستغير موقفها من ثورتكم.
6ـ لا تقبلوا الغرباء غير السوريين بينكم وأن يشاركوكم في ثورتكم وخاصة الذين يحملون الصفات الجهادية وينتمون إلى جماعات مصنفة بالإرهاب فإن ذلك سيحملكم تبعات صعبة وقاسية مضرة لكم.
7ـ وإذا حصل ودخل الغرباء إلى ثورتكم فلا تجعلوهم قادة ولا تقبلوا أن يكون لهم مجموعات وفصائل خاصة بهم فإنهم سينقلبوا عليكم ويشوهوا صورة ثورتكم وقتها سيقف العالم ضدكم بحجة الإرهاب, نعم هذا الكلام الذي قاله السفير الأمريكي كان قد قاله حرفياً إلى أحد الضباط الكبار الذين التقى به في الداخل السوري في عام 2011 وأكده بنفسه أيضاً العقيد الركن المنشق (ع . س ) الذي التقى معه, وهذا إذا كان ماورد عن لسان المعارضة في هذا الاجتماع أو مانقله الضابط المنشق صحيحاً أو فيه شيء من المبالغة فهل ماتردد من هذه النصائح فعلاً وقعنا به وكان وبالاً على الثورة وعليه فلنسرد الواقع المرير الذي حصل فمن خلال بعض الدول ذات المصالح الخاصة وما ضخته من مال مشروط لشخصيات وفصائل بلباس المتبرع النظيف ولكنها كانت تخفي أجنداتها ومصالها ومشاريعها على حساب الدماء والأشلاء وجراحات الشعب السوري النازفة فكان المطب الخطير الذي أوقع الثورة والثوار في مستنقعه وبقي رهن الأجندات الدولية الخاصة التي لاتزال آثارها وتبعاتها طاغية على الساحة السورية حتى الآن بعد مرور عشر سنوات عليها فكان المال السياسي وباء على الثورة وأهلها وجر عليها ويلات مختلفة حيث انحرفت بوصلة الأهداف والغايات الحقيقية للثورة عند الفصائل التي زادت من تشتت القوة عنده وتبعثرها وزرع الفوضى والخلافات البينية وأدت إلى التناحر والتنازل والاقتتال واستغلالها لصالح البعض الفاسد جعل منهم وكأنهم الأسياد المطاعون الذين لا يعصى لهم أمراً ولا يناقش لهم قرار فغدت المناطق المحررة وكأنها دويلات صغيرة يحكمها الفصيل المسيطر ويفرض حكمه وقوته بما يحقق له مصالحه ولو على حساب الآخرين بعيداَ عن مصلحة الثورة وأهدافها ومصلحة الشعب الذي قام بهذه الثورة التي كان شعارها ( هي لله هي لله لا للمنصب ولا للجاه ) ولنذكر ماذا فعل تدفق المال ودوره في تشتت الثورة وانحراف المسار الثوري وتحوله لمشاريع خاصة وكما قيل : إذا أردت أن تفسد ثورة فأغرقها بالمال فمن هنا أذكر مايلي :
– تعدد الفصائل المقاتلة وتعدد قاداتها وتعدد الداعمين لكل فصيل خاص بهم هذا بدوره كان له الآثر السلبي على الأداء القتالي وجعل التناحر والتنافس بين قادة هذه الفصائل.
– تسلق المندسين والعملاء للنظام إلى مراكز القيادات العامة واختراقهم للثورة من باب الدعم والثورية الكاذبة والعمل على كشف مخططاتها العسكرية ونصب شباك الاعتقالات والاغتيالات.
– عجز العسكريين عن التوحد تحت قيادة واحدة ومشروع واحد ومركزية واحدة بل كان التناحر والتنافر والانقسام والاقتتال فيما بينهم سيد الموقف.
– التكالب على بعض الموارد والمعابر والثروات والتهريب جعل ذلك يسيل لعاب الكثير من القادة الفاسدين والسيطرة على ذلك وهو ماكان سبباً سلبياً في ترك المئات بل الآلاف من الثوار المقاتلين للساحة القتالية والانضمام إلى هؤلاء الفصائل الفاسدة من أجل المال والدولار.
– خسارة القاعدة الشعبية للثوار وخسارة التعاطف الدولي الذي ينظر إلى هؤلاء كمسلحين وإرهابيين يعملون عمل العصابات المسلحة والمتمردين على نظام الدولة الشرعية حسب زعمهم.
– فقدان ثقة الناس والشعب بأكمله في المناطق المحررة بالعسكرة والعسكريين لما رأوه من مخالفات متنوعة وظلم كبيروفساد ألمّ بالساحة وطغى عليها لم يروه إلا في زمن النظام المجرم في عهد المقبور حافظ والسفاح ابنه بشار الأسد فالكثير من أبناء الشعب يرى أن الظلم لم يتغير وكأنه كان عند نظام ظالم فأصبح عند من هو أظلم منه كون هذا الآخر هو من جلدته وأهله وإخوته وهو من قام من أجل الدفاع عن المظلوم وإذ هو بأظلم بكثير.
– التراجع الميداني للثوار وخسارة المناطق الاستراتيجية كحلب وريفها والساحل وريف دمشق وريف حماة وريف حمص وريف درعا وكثير من المناطق التي كانت سيطرة المعارضة السورية فهذا ما أوصل الثورة إلى عنق الزجاجة بسبب الترهل الذي أصابها والفرقة والتشرذم في فصائلها والوهن الذي تغلغل في قلوب عناصرها وقادتها بعد أعولم من انطلاقها.
– التقدم العسكري للاحتلال الروسي وفرض الحلول التي يريدها من خلال سيطرته الجغرافية على بعض المناطق وتمسكه بمفاصل اتخاذ القرارات على المستوى الإقليمي والدولي في محاولة لاسترجاع هيبة امبراطوريتها السوفياتية القديمة مع تراجع الدور الأمريكي في إدارة هذه الملفات التي باتت تخرج من عباءتها لتدخل في العباءة الروسية.
– دخول الثورة السورية الذين هم ليسوا منها فتسلقوا وتسلطوا ونهبوا وأساؤوا ومنهم من صار له شأن كبير بين القادة وتصدر الواجهة والفضائيات بما أوتي من لسان حلو وكلمات طنانة فجمع من السلاح والمال ومن معه من المقاتلين مايفرض به نفسه على الساحة فكان هذا حال القادة المزيفين الذين فسدوا وأفسدوا حتى أنهم اختلفوا فيما بينهم على مصالحهم الخاصة والشخصية ودخل السلاح ليفصل بينهم فضاعوا و أضاعوا غيرهم فما جمعوه من سلاح وأموال وعتاد في سنوات أضاعوه في قتل أنفسهم و أهلهم.
– المحسوبيات المقيتة التي انتشرت في ألوية الفصائل وعدم العدل في التعامل العسكري التي تكون فيها السلطة للفصيل الأقوى فقط بالوقت الذي لم تتوفر الصورة الحقيقية للقائد الناجح والمتابع الذي يجب أن يكون حليماً مرناً صبوراً متجرداً حريصاً على مصلحة الثورة ومنجزاتها وهذا القائد في حال وجوده فهو مهمش للأسف وهؤلاء القادة المخلصون إذا وجدوا فإنهم يعملون بصمت وبكل مسؤولية و أمانة في أداء واجباتهم في جبهاتهم وأماكن رباطهم وهم من يعانون من التقصير معهم بسبب المحسوبيات والتمييز الواضح.
– الأمنيون أو ما سمي بالمؤسسة الأمنية التي يجب أن تكون صمام الأمان لحماية الثوار والثورة وحماية المواطن والسكان ولكنها بالحقيقة هي أشبه بفروع المخابرات السورية بسمعتها ومعاملتها السيئة مع الأهالي وخاصة السجناء لديهم مع تفشي الظلم فيهم وفي أدائهم وتعاملهم السيئ ~ الشرعيون الذين تحول بعضهم لعلماء سلطان يفتي لقائد فصيله ما يُطلب منه وبما يلبي حاجاته ويشرعن له قراراته و أحكامه التي يريد تنفيذها بغطاء شرعي هذا ماجعل التحزّب سمة واضحة عند بعضهم للدفاع عن فصيله ولو كان ذلك ضد الحق والصواب وهذا ما أفقد بعضهم أو أكثرهم المصداقية في الساحة الثورية والقاعدة الشعبية وهذه جملة من الصفات التي اجتمعت في أغلب الفصائل المقاتلة وكانت سبباً في الانتكاسات وبعض الهزائم وانفضاض قسم كبير جداً من الحاضنة الشعبية عنهم بل ووصفهم بأننا كنا تحت ظلم بشار فأصبحنا تحت ظلم أكثر من بشار وللأسباب التالية:
1ـ الأنانية وحب الرئاسة والسلطة والتسلط من قبل القادة.
2ـ الارتهان للمال السياسي المشروط الذي يفرض على قائد الفصيل أموراً لا تناسب الساحة الثورية.
3ـ غياب الوعي الفكري والسياسي لدى الكثير من القادة وعدم التعامل مع مجريات الأحداث بالشكل المطلوب وهذا كان له الأثر السيئ على الثورة في سرعة نشوب العداء والاقتتال بين الفصائل.
4ـ رفض المشاريع والأفكار التي تدعو إلى التوحد والاندماج في جسد واحد وقائد واحد وذلك مخافة خسارة منصب القيادة والقوة.
5ـ ضعف استخبارات الثوار في كشف العملاء والخونة الذين اخترقوهم في جبهاتهم ومؤسساتهم العسكرية وغرف عملياتهم بل ومنهم من أصبح قائد فصيل وهو عميل للنظام المجرم .
6ـ دخول الكثير من العناصر المندسة والمرسلة من قبل النظام المجرم وتسلمهم لمناصب مهمة في صفوف المعارضة وقيامهم بدور التشويه للثورة السورية بما يخدم مصلحة النظام الأسدي.
أخيراً بعد توصيف الواقع المؤلم لما وصلت إليه الثورة السورية بشكل عام لابد من دراسة خيارات الحل للخروج من تلك الأزمة الخانقة التي وصلنا إليها و أوصلونا إليها هؤلاء القادة الفاشلين والمتسلقين سلم الثورة فلا بد من أخذ زمام المبادرة من جديد فنحن أصحاب القضية ونحن أصحاب الأرض والميدان وليس من المقبول أن ننتظر الآخرين ليحلوا لنا مشاكلنا ولو فشلنا مرات ومرات فما زال في الوقت متسع لرأب الصدع ولم الشمل وجمع الكلمة واستدراك الأمور بتوحيد الكلمة وتوحيد المعارضة بجسد واحد وقيادة موحدة بمجلس عسكري واحد وقيادة واحدة له ليكون الداعم للقيادة السياسية والحراك الشعبي ويكون صمام الأمان في البلاد والحفاظ على مكتسبات الثورة وإسقاط هذا النظام المجرم وكي يحافظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً لهذا فإن مشروع المجلس العسكري هو الحل لتصحيح المسار وتوجيه البوصلة إلى المكان الصحيح.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.