أحمد عرابي

أكاديمي سوري

غطرسة إيران وسكوت العرب

تعلمنا في الصغر منذ عهد حافظ الأسد  إلى عهد ابنه السفاح بشار أن حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل وأن إسرائيل هي الخطر الأكبر على الوطن العربي وهذا لا خلاف عليه ولكن بالمقابل لم نسمع طوال فترة حكم آل الأسد منذ اغتصاب السلطة وحتى الآن بالخطر ما يسمى بالهلال الشيعي إيران الفرس التي ابتلعت وسيطرت على أربع دول عربية  بدءاً من العراق إلى اليمن إلى سورية إلى لبنان هنا السؤال من هو الأخطر ومن هو المزعزع  للأمن  والاستقرار في الدول العربية ومن الذي  ينشر الإرهاب في العالم وفي الدول العربية ؟  السؤال الآخر والمهم ماذا تريد إيران من العرب؟!

يقول : (ولي نصر) وهو خبير إيراني  أمريكي الجنسية كاتب وأستاذ السياسة الدولية في فليتشر للحقوق والدبلوماسية في جامعة (تافتس) يقيم في ولاية كاليفورنيا في أمريكا مع زوجته وأولاده الثلاثة وهو مؤلف كتاب (صحوة الشيعة) ويحتوي 286 صفحة تتحدث كلها عن العرب والسنة بالذات وهو مقرب من رامس فيلد ويعمل مع جماعته ففي عهد بوش ألف هذا الكتاب وطبعه في لبنان وترجم لعدة لغات منها اللغة العربية وعرض هذا الكتاب على بعض الشخصيات من أعضاء الكونغرس الأمريكي وتم نقاش ما جاء في مضمونه والملفت للنظر أن أحد الأعضاء الذي أعجب بما جاء بهذا الكتاب ومحتواه يقول في الكتاب إن المشكلة الحقيقة للشيعة ستكون مع السنة إنهم المستكبرون والشيعة هم المستضعفون وهذه العبارة كانت أهم ما قرأه عضو الكونغرس الأمريكي فقال بعد قراءته للكتاب من يريد أن يتعرف على الاتجاهات المستقبلية للسياسة الأمريكية عليه أن يقرأ هذا الكتاب وإذا قرأته ستجد خلاصته الآتية: أهل السنة هم الخطر الأكبر على الغرب وأهل السنة مشروع نهضوي ممكن أن يتفجر في أي لحظة من اللحظات و يسترجعوا مجدهم ولا نستطيع السيطرة عليهم فمن أجل ضربهم يقول لابد من إضعافهم ومن أجل ذلك يجب علينا أن نخرج الشيعة من القمقم ونخلق كتل سياسية و دول شيعية ضمن دول أهل السنة كي نمنع تماسك الدول السنية وكي تبقى هذه الكيانات الشيعية مصدر لضرب الاستقرار في الدول السنية هذه سياسة الغرب وهي سياسة المصالح المشتركة الأمريكية والصهيونية والإيرانية الفارسية حتى ولو اختلفوا في بعض الأمور ولكن تحالفهم ومصالهم ضد العرب أهل السنة مؤكد فهم من يرعى التمدد الشيعي ويغض الطرف عن أعمالهم التخريبية والإرهابية فأي عمل دعوي بسيط من قبل أهل السنة يوصف بالإرهاب و يمنع بحجة مكافحة الإرهاب ودليل ذلك أنه عندما أراد أحد علماء السنة فتح مدرسة في أفغانستان في كابل أثناء سيطرتهم عليها منعتهم أمريكا وجاء خامنئي وفتح جامعة إسلامية شيعية كبرى في كابل السنية التي ليس فيها شيعي واحد وأُجيز له ذلك وبعد اجتياح وغزو العراق سلمت أمريكا العراق للشيعة هناك وشجعت على تفكيك وتسريح الجيش العراقي السني القوي وجعلت بديلاً عنه جيش الحشد الشعبي جيش شيعي يأتمر بأمر إيران الفرس وغضت الطرف عن أحداث التخريب في البحرين من قبل الشيعة هناك التابعة لإيران وكانت سبب اجتياح الحوثيين واحتلالهم اليمن وقصف السعودية بالصواريخ الإيرانية وبالطائرات المسيرة الإيرانية وهي من سمحت لميليشيات حزب الله الإيراني السيطرة على لبنان وهي من سمحت لإيران بالتدخل بكل قواتها في سورية واحتلالها ونشر القتل والموت و الفوضى والدمار فيها  وهذه هي المشكلة والغرب يريد هذا كي يلعب الشيعة الدور لابد أن يلعبوه كمسلمين من داخل الأمة الإسلامية ويقول ولي نصر في كتابه  (صحوة الشيعة) إن هذا الشرق الأوسط الجديد الآخذ بالبزوغ اليوم لن تحدد معالمه الهوية العربية أو أي شكل من أشكال الحكم القومي البائد بل إن طابع المنطقة سيتقرر في النهاية داخل بوتقة (الصحوة الشيعية) ومدى الاستجابة السنية له وأي امتناع سني عن التجاوب سلمياً مع تلك الصحوة سوف يولد نزاعات دموية مسلحة وفعلاً هذا تفسير ما يحصل اليوم في العراق ولبنان واليمن وسورية وفي ظل الفوضى والحروب الطاحنة في هذه الدول  وفي ظل تزعزع الهلال الشيعي تبذل إيران قصارى جهدها لإنقاذه فخسارة هذا الهلال الشيعي تعني فقدان القدرة على بسط النفوذ في الشرق الأوسط فضلاً عن خسارة الكثير من الموارد المالية والسياسية لها وما تحتاج إليه إيران فعلياً الآن هو الحرص على فشل الاحتجاجات المناهضة لها في لبنان والعراق واليمن والبحرين وسورية لهذه الأسباب دعا (الجنرال محسن رضائي ) وهو أمين عام تشخيص مصلحة النظام الإيراني إلى بناء مشروع إيراني هام جداً وصف (بالحزام الذهبي الإيراني) في منطقة الشرق الأوسط وعن حديثه ورؤيته فيما يتعلق بسياسة إيران بالشرق الأوسط قال: رؤيتنا الاستراتيجية هي مشروع الحزام الذهبي الإيراني من أفغانستان إلى إيران مروراً بالعراق واليمن وسورية وصولاً إلى لبنان وفي العمق في فلسطين جماعة حماس في غزة وللتفصيل أكثر في هذا المشروع تحدث الجنرال محسن رضائي  بأن معظم الأحداث خلال 20 عاماً الماضية حدثت في هذا الحزام وفي الوقت نفسه أوضحت الأحداث أنه إذا كانت هناك قوة إقليمية تسيطر على هذا الحزام فسيكون بإمكانها الإشراف على إدارة شؤون المنطقة بأكملها وهنا يقصد إيران التي لها الباع بهذه المنطقة كلها وهي الأكثر نفوذاً بقوله على الرغم من أننا لسنا دولة قوية ذات قوة دولية لكن يمكننا التأثير على القوى الدولية من خلال الانتشار في هذا الحزام من قبل أتباعنا الشيعة والمتعاونون معنا وفي هذا الإطار يمكن القول إن فكرة الحزام الذهبي التي تحدث عنها رضائي تطرح الكيفية الجيوسياسية عندما تتصارع الايدلوجيا بالجغرافيا تتضح لنا الطريقة التي تتعامل بها إيران مع الجغرافيات الهشة في العراق واليمن والبحرين ولبنان وسورية بفعل الصراعات الداخلية وضعف السيادة الوطنية في هذه الدول فالحزام الذهبي الإيراني ليس جديداً إلا في التسمية فقط والغريب هو التجاهل العربي لمشروع كهذا والذي يعد الأخطر من نوعه وهو يعيد إلى الأذهان إمبراطورية فارس قبل الإسلام ومشروع الهيمنة الإيرانية في زمن الخميني الذي دعا إلى إقامة إمبراطورية إسلامية بداية الثمانينات تمتد خارطتها إلى كل الدول العربية وتكون إيران الوصية على مقدرات تلك المنطقة وتدين لها بالولاء وأي مشروع إيراني ناجح يصبح ذهبياً إذا كان يخدم أهدافها في أن تمتد خارطتها على كل دول المنطقة على أساس أنها الدولة الكبرى القادمة وهي تلوح صراحة لتوجيه من هذا النوع ضمن محتوى ومضامين مشروعها وتشير إلى أنها الدولة الأقوى في المنطقة ولديها قدرات عسكرية ونووية قوية تخدم توجهاتها لذلك فإن إيران وقادتها يريدون من الدول العربية أن يقبلوها كما هي بسياستها القائمة على التدخل في شؤونهم الداخلية فإن من يحكمون إيران يتحدثون عن السلام وفي آذانهم وعقولهم الحرب إنهم يعتبرون العلاقات بين الدول حلبة قتال لذلك فإنهم ينظرون إلى الآخر من جهة قدرته على الرد العسكري ومطاولته في الحرب وهو ما أفسد عقولهم السياسية والإنسانية معاً فأصبحوا يعتبرون الحرب أول الحلول لمشكلاتهم فهم لا يفكرون إلا في الحرب لبسط النفوذ والسيطرة والهيمنة على المنطقة بزعزعة أمنها بدعم أتباعها الشيعة العرب التابعين لإيران في كل من (العراق ولبنان واليمن والبحرين وسورية) وقد تسبب ذلك في أن يتحول الشيعة العرب المتواجدين في الدول العربية إلى إيرانيين أكثر من خامنئي وهذا ما تريده إيران لنا نحن العرب لهذا فأي حوار معها سيكون عقيماً ومن غير جدوى فإن إيران على مدى أربعين سنة لم تقدم أي حسن نية أبداً بل كل ما فعلته هو العكس من ذلك تماماً تدخلها في العراق وسيطرتها التامة عليه أكبر دليل على ذلك ودعمها للحوثيين بالرجال والسلاح والطائرات المسيرة التي تقصف بها السعودية لزعزعة أمنها وترويع شعبها ودعمها للشيعة في البحرين ونشر الفوضى ومحاولة الانقلاب على الحكم في البحرين وسيطرتها على مفاصل الدولة في لبنان بواسطة ميليشيات حزب الله  الشيعية التابعة لها وأما عن تدخلها الكبير في سورية بكل أنواع الميليشيات الشيعية ودعم نظام الطاغية بشار الأسد فكانت الهيمنة الإيرانية هي الأسوأ في التاريخ في هذه الدول العربية, لقد نشر أتباع إيران الفساد في المجتمعات العربية وطبعوه بحيث أصبحت كل مظاهر الفساد تشير إليهم من غسيل للأموال وتجارة الحشيش والمخدرات وكل ممنوع لديهم مسموح من غير أن يتعرضوا للمساءلة بسبب الحماية الإيرانية لهم وهذا ما تراه إيران مناسباً لمجتمعات عربية ترغب في تدميرها, لذلك نرى أن اللغة المشتركة التي تجتمع عليها الدول العربية تتمثل بمناهضة تلك الأنظمة التي تزرع الإرهاب كإيران التي تسعى لتصديره للدول العربية والقريبة منها وحتى أنها تستهدف الدول البعيدة عبر صناعة العملاء لها وتنفيذ أجندات ومخططات تزعزع الاستقرار الدولي وتستهدف المدنيين وهي ممارسات أسست ووضعت لها استراتيجيات منذ سطوة نظام الملالي على الحكم في إيران فحولت هذه الجمهورية إلى جمهورية إرهابية عبر تبنيها الخطاب العدواني والطائفي المقيت فالإرهاب الإيراني اليوم وصل لذروته وبات هو التحدي الأول للدول التي ترفع شعاراتها حفظ الأمن ودعم الاستقرار الدولي والإقليمي والأمر الذي يستوجب علينا نحن  العرب كشف وفضح هذا النظام الإيراني الإرهابي على حقيقته والعمل على التعجيل بتهيئة الظروف والأجواء المناسبة من أجل إسقاطه وتخليص الشعوب والإنسانية من شروره وتكون البداية بقصقصة أذرعه في المنطقة بدءاً من حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية في العراق التابعة لإيران والتخلص من الحوثيين في اليمن وعدم السماح لهؤلاء بالتمدد ونشر التشيع الإيراني  في البلاد العربية وعلى جميع الدول العربية أن تتكاتف معاً وأن تصدر قراراً موحداً بأن هؤلاء مجموعات إرهابية خطيرة يجب محاربتها والقضاء عليها ومقاطعتها وهي لا تقل خطراً عن داعش الإرهابية كونها تدعم الإرهاب بهؤلاء التابعين لها وإلا فالخطر الأكبر قادم, وأقول: إلى قادة وحكام العرب وأصحاب القرار والحكمة في البلاد العربية إذا لم توقفوا إيران عند حدها وتمنعوا تمددها وظاهرة التشيع في البلاد العربية ستندمون يوم لا ينفع الندم والجحيم هو أن ترى الصواب بعد فوات الأوان.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: