
علي البش
سياسي سوري وعضو مجلس شعب سابق
غض الطرف وقوة الحرف
الكلمة ليست رصاصة ولكن مثلها قادرة ان تصير والقلم ليس سيفا ولكنه في غمد من حرير, لو قدر لأي دكتاتور أن يكون له بطانة صادقة تقول أمامه كلمة حق لما حلت المصائب على الدولة وشعبها. لكن بطانته تزين له سوء عمله حتى يصدق تزلفهم ويظن أنه نصف إله أو إله في أحيان كثيرة وغالباً ما تكون نهايته من نوع عمله …… فهذا رأس النظام بشار الذي ظن انه يملك البلد فسلمها للدول ودمر فيها الحجر والشجر والبشر.
وبنظرة سريعة لما حدث ويحدث في سوريا نرى ما وصل إليه النظام من حال مآله إلى السقوط لا محالة على الرغم من الدعم اللامحدود من دول كبيرة لها نفوذ على مستوى العالم, ك (روسيا وايران) فلو قيض له منذ البداية من ينصحه بإخلاص لجنبه مصيره السيئ المحتوم.
وقد سمعنا الكثير من التصريحات لرؤساء وقادة سياسيين منهم من أثر بشكل إيجابي ومنهم كان ذو تأثير سلبي وقد راينا الدعم الكبير للحراك الثوري منذ البداية وتصريحات نارية أمريكية وفرنسية وتركية وخليجية …الخ تعلن بأن النظام فقد شرعيته وإن المجتمع الدولي مع الثورة السورية ….. ولكن وللأسف بنفس الوقت استمرت هذه السياسة بالتوازي مع سياسة غض الطرف عن كل جرائم النظام واتاحة المجال لقوى دولية مثل إيران وروسيا وتنظيمات متطرفة مثل داعش وفاطميون وزينبيون …الخ
وغض الطرف هذا بالإضافة لبعض التكتيكات السياسية والعسكرية جعلت الحروب بين كر وفر حتى وصلنا لما نحن عليه واستعاد النظام لمناطق كثيرة خسرها وبنفس الوقت جعلته مرتهن للقوى المتدخلة ينتظر مصيره المحتوم بعد حل الخلافات الدولية وتقاسم النفوذ….. وبالتأكيد كل ما حدث من هذه السياسة قد يكون له أهداف ابعد من سوريا وخصوصا اغراق الدب الروسي في الرمال السورية.
والدكتاتور الآخر بوتين والذي لو تهيئ له من يقول أن أسلحته التي استعملها في سورية هي خردة, لكنها فعلت فعلها لعدم وجود ما يفضح ضعفها وتخلفها لما تجرأ على العالم, ولما بدأ بحرب في اوكرانيا ستكلفه الكثير الكثير….. بل ولربما تسببت بنهايته ونهاية من حوله, وربما بلده بأكمله.
عندما بدأت الحشود الروسية على أوكرانيا خرج الرئيس الأمريكي بنفسه ليقول بأن بلاده لن تتدخل لوقف الحرب على أوكرانيا إذا شنتها روسيا, ثم انهمرت تصريحات المسؤولين الأمريكيين عشرات المرات في اليوم الواحد لتأكيد ذلك, وإضافة لها خرج مسؤولون من البنتاغون مرات عديدة ليؤكدوا بأن القوات الروسية يمكن ان تصل كييف خلال ثلاثة أيام مع أنهم يعرفون حال الجيش الروسي المهلهل
من سمع تلك التصريحات ويرى ما يحدث لا يمكنه إلا أن يفهم أن ذلك لم يكن إلا لتشجيع بوتين ليدخلوه في ورطة بحرب ستغير وجه العالم وروسيا للأبد, ولن يساعدوه بالخروج منها إلا مهزوماً مدحوراً. وما العقوبات غير المسبوقة إلا لتحكم عليه الطوق وتضع نهاية لعجرفته وعنجهيته.
حيث ظن بوتين أن ضم القرم وشرق أوكرانيا وتدمير سورية أمر يمكنه تكراره, ولكن وقع بشر اعماله واقتربت نهايته فالجزاء من جنس العمل….. ولو انهم فعلاً يريدون منع الحرب لكانت هناك تصريحات أخرى ولجرت تحركات دبلوماسية نزعت فتيل الأزمة بشكل أو بآخر, لكنهم فعلوا بالمثل القائل: “وداوها بالتي كانت هي الداء”.
و أن ما يهمنا كسوريين في الحرب التي شنها بوتين على أوكرانيا فهي أنها نقلت صورة مشابهة لمعاناة الشعب السوري من الهمجية الروسية إلى كل بيت من بيوت الشعوب الأخرى وضمائرها, وخاصة الأوربية, وأصبحوا يرون رأي العين ما تفعله الآلة الحربية الروسية من تدمير للمشافي والمدارس والبنية التحتية اللازمة لاستمرار الحياة البشرية, وما ينتج عن ذلك من جرائم حرب ولاجئين وشهداء ومعذبين وأيا كان نتيجة الحرب الاوكرانية ومنعكساتها السياسية والدولية لا بد لنا كسوريين ان نستثمر الفرصة التي قد لا تعوض لإعادة القضية السورية لدائرة الاهتمام الدولي ووضع بوتين وعميله بشار كمجرمي حرب والعمل على إبراز ان الشعوب من حقها الحياة الكريمة وأن تقرر مصيرها بعيدا عن الاجرام والدكتاتورية.
لذلك الفرصة أصبحت ذهبية لتوحيد الجهود السورية شرقها وغربها وشمالها وجنوبها وأن نجتمع على مشروع واحد فيه من النخب اكفأها ومن الخبرات أفضلها بحيث يضمن لكل السوريين على اختلافات طوائفهم وحدة سوريا في دولة مدنية ديمقراطية وليس افضل من مشروع المجلس العسكري كمرحلة انتقالية يضمن الحقوق ويصون الحريات ويوحد البندقية ويوفر بيئة آمنة لبناء الدولة…… وبالتأكيد يجيد اللعبة السياسية ويستطيع الانخراط في العلاقات الدولية ويعرف كيف يغض الطرف ويستخدم قوة الحرف.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها