
د. هيثم القاسم
أكاديمي سوري
الثورة السورية وانعكاس الأزمات.
كلما اندلعت أزمة في أي بقعة أو دولة ما من العالم ، خرجت علينا تحليلات وتوقعات السوريين حولها وكيف ستنعكس مجرياتها ونهاياتها على مسارات ومآلات الثورة والتخلص من العصابة الحاكمة.
من تونس إلى ليبيا فمصر إلى أفغانستان واليمن وأخيراً أوكرانيا ، بين متشائم بأنها ستكون وبالاً على الثورة وبين متفائل بأنها ستمهد الطريق وستساعد في إنهاء معاناة السوريين ، بين التحليل والتنجيم وبين الحلم والواقع ، وفي القصية الأوكرانية نجد السوريين كما في كل شيء منقسمين إلى فريقين:
فريق يعتقد بأن الصراع بين الغرب وروسيا سيؤثر على السوري وسيؤدي إلى إضعاف القبضة الروسية في سوريا وبالتالي إضعاف العصابة الحاكمة.
وفريق ثان يرى أن الغزو الروسي لأوكرانيا لن يؤثر على الوضع السوري لأن القرار في سوريا بيد إسرائيل.
الصحيح أن العلاقات بين الدول تقوم على التقاء أو تقاطع المصالح والمنافع ، فليس بين الدول علاقات تقوم على الخيرية ومن أجل سواد العيون.
وهنا سؤال مهم يطرح نفسه ، ماهي المحفزات والعوامل التي ستجعل أي دولة تفكر بتقاطع مصالحها معنا ؟
فنحن ضعفاء ومتفرقون ، تتناهشنا الانقسامات فكرياً وعقائدياً وعشائرياً وقومياً وولائياً حسب التمويل والدعم ، وعسكرياً على مستوى الفصائل المسلحة ، وحتى على مستوى المعارضة السياسية نجد أكثر من هيئة أو هيكلية تتحدث باسم الثورة ( وكل يغني على ليلاه ) ، ولهذا لن نجد دولة ترهن مصالحها مع فريق منا ليقوم فريق آخر برفضها والعمل ضدها.
نحن بحاجة لقيادة موحدة ، فاعلة ، ووطنية على كل الصعد السياسية والاجتماعية والعسكرية ، كما أننا بحاجة لأن نتفق على رجل واحد يقود مسيرتنا ويمثلنا أمام المجتمع الدولي حتى ولو كان تكليفه مؤقتاً ، ثم عندما يتم الأمر لنا نعود إلى صناديق الانتخاب التي ستفرز قائداً يقود المرحلة التالية وفق القانون ومبدأ الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
لن تفيدنا التحليلات ولا الاعتماد على الآخرين ، فلا أحد سيقاتل نيابة عنا ، ولا أحد سيرهن مصالحه معنا ، ولا أحد سيهتم لمصيرنا ، وقد أثبتت الأحداث والمجريات بأننا في آخر جدول أولويات واهتمامات العالم.
لابد لنا من مراجعة السنوات الماضية والبحث عن نقاط الضعف والفشل والتأكيد على نقاط القوة والنجاح.
فالمعارضة مازالت تعمل بفكر فئوي وحزبي واستئصال واستبعاد كل من يخالف نهجها ، كما تعمل على عدم توحد الكلمة والموقف من أجل الحفاظ على مكتسباتها المادية والسلطوية مما أدى إلى ترسيخ الانقسام في صفوف الثورة وفقدان ثقة البيئة الحاضنة ، بالإضافة إلى فشل قيادة المعارضة في اختيار الأصدقاء والحلفاء.
وللنجاح لابد لنا من تصحيح تلك الأخطاء والتجاوزات والبحث عن حلفاء وأصدقاء تتقاطع مصالحنا مع مصالحهم لا تحويلهم إلى أعداء ، والأهم أن نعتمد على أنفسنا ونتوحد ونثبت مصداقيتنا وإخلاصنا لقضيتنا وبالتالي نفرض على الآخرين احترامنا ونكسب تعاونهم معنا
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.