
المقدم محمد العبيد
مختص في الشؤون الأمنية

الإعلام والأمن و حتمية العلاقة بينهما – ج3
الإعلام والأمن و حتمية العلاقة بينهما – ج3
الإعلام الأمني ، نشأته وتعريفه وعوامل ظهوره وخصائصه وعناصره.
المبحث الأول – مفهوم الإعلام وأهميته :
1- نشأته وتاريخ ظهوره أكاديمياً.
2- تعريفه وأهميته.
3- علاقة الإعلام بالأمن.
4- عوامل ظهور الإعلام الأمني.
5- مصادره.
6- خصائصه.
7- وظائف الإعلام الأمنية.
1- نشأته وتاريخ ظهوره أكاديمياً: يعد الإعلام الأمني أحد أشكال الإعلام من حيث المفهوم والرسالة والوظائف والشريحة المستهدفة فيه والتي لاشك أنها تأتي بشكل أو بأخر لخدمة المجتمع لأنها تتضمن رسائل تخصه بالدرجة الأولى.
يمكننا اعتبار أن هذا المصطلح هو عربي النشأة حيث ظهر في نهاية القرن العشرين في الدراسة المقدمة من الباحث علي فايز الجحني عام 1980 م، حيث تناول هذا المصطلح الذي لم يتطرق له أحد من قبل، حيث أشار إلى لمجموعة من النشرات والتوجيهات والأنشطة الإعلامية التي كانت تهدف فيما تهدف لتحقيق الوعي الاجتماعي تجاه قضية مؤثرة على المجتمع كالجريمة، بعد ذلك انتشر هذا المصطلح وعقدت له عدة ندوات ومؤتمرات كما كان لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية دور كبير على انتشاره.
2- تعريفه و أهميته : تعريفه هناك أكثر من تعريف تناول هذا الموضوع ومن أبرز هذه التعريفات كانت لمن تناوله في دراسته الباحث ” علي فايز الجحني ” بأنه ما يصدر عن أجهزة الأمن من مجلات ونشرات وبرامج وجميع الأنشطة الإعلامية التي تهدف إلى تحقيق الوعي الاجتماعي لتساعد في تدعيم مبادئ وقيم أخلاقية تشكل سداً منيعاً ضد الجريمة .”
كما عرفه اللواء رؤوف المناوي بأنه ” مختلف الرسائل الإعلامية المدروسة التي تصدر من الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية، بهدف توجيه الرأي العام نحو تحقيق جوانب الخطة الأمنية الشاملة باستخدام جميع الوسائل المتاحة لإحداث التغيير المنشود في الجماهير بكل فئاتها .”
مما تقد نجد أن تعريف الأمن الإعلامي هو إعلام هادف يحمل في جوهره الكثير من الرسائل المعدة مسبقا والتي تشكل بمضمونها مجموعة من التحديات التي تنال من أفراد المجتمع وبالتالي تسهم هذه الرسائل في تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع ككل.
أهميته : يعتبر هذا النوع من الإعلام من أهم أنواع الإعلام المتخصص كونه يتناول المجتمع وبالتالي يتناول ما نسميه الأمن الإنساني إذ يعتبر الإعلام الأمني هو أحد المعرفات الرئيسية له والدخول في مضمار الأمن الإنساني الذي يستهدف الفرد والمجتمع.
وهنا يمكننا القول بأن أهميته في هذا المجال تكون حول الأدوار المناطة به وهي :
1- نشر الثقافة الأمنية بين الجماهير من خلال طرح الكثير من القضايا التي تلامس الفرد والمجتمع.
2- الإسهام في تغيير الرأي العام ومزاجه بشكل عام حول قضايا مهمة تكون في الرسائل الأمنية ذخيرة معرفية للفرد والمجتمع.
3- يشكل الإعلام الأمني أحد روافع وحوامل الوعي الأمني الضروري للفرد والمجتمع تجاه القضايا الأساسية التي تمسه ” من جريمة وإرهاب ومخدرات “.
4- الإعلام الأمني هو الذي يعزز من ثقافة الأفراد والمجتمع تجاه قضاياه وبالتالي يهيئ من مشاركتهم في الجهود المبذولة في تعزيز هذه الرسائل.
5- تعزيز الثقة ما بين الإعلام من جهة والمؤسسات الأمنية من جهة أخرى وبالتالي تكون الرسائل الإعلامية هي رسائل أمنية واضحة.
6- اتساع أفاق المعلومات المرسلة بحيث تتجاوز حدود المعرفة العادية إلى المعرفة الأمنية التي تستهدف الفرد والمجتمع.
3-علاقة الإعلام بالأمن :
هذا العنوان يعتبر هو جوهر الموضوع بحد ذاته لذلك كان لابد من معرفة الوظيفة الأمنية لوسائل الإعلام والتي تتم معالجتها من خلال أمرين اثنين هما :
1-توظيف وسائل الإعلام من قبل المؤسسات الأمنية وذلك بهدف تعريف الأفراد والمجتمع على حد سواء بوظائف ومهام وأهداف بمهام المؤسسات الأمنية من أجل تعزيز الثقة بينمها ، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً “الإعلام الأمني ” حيث يعتبر من المصطلحات الحديثة والتخصصية في هذا المجال حيث يمكننا القول بأن الإعلام الأمني هو ” كل نشاط إعلامي وتوعوي تقوم به المؤسسة الأمنية بهدف تحقيق الأمن للأفراد والمجتمع وبالتالي ينعكس بشكل إيجابي على الأمن الإنساني داخل كيان الدولة .”
الأمر الثاني :
2-ويتمثل بكافة الجهود المبذولة من قبل المؤسسة الإعلامية من أجل تحقيق أمن الفرد والمجتمع والدولة وهنا يقع على عاتق الإعلام الدور الكبير في “.
- نشر الحقائق دون مواربة .
- طرح المعلومات بشكل صحيح ودقيق حين يتم تناول القضايا المحورية والمفصلية التي تهم الفرد والمجتمع والدولة.
- وضع الخطط الكفيلة بالتصدي لكل الشائعات وحماية الأفراد والمجتمع.
- وضع الخطط الكفيلة بالتصدي للغزو الفكري والثقافي الذي يعصف بالهوية و بالذاكرة والوجدان.
كل ما سبق يمكن أن نقول أنه يصب تحت ما نسميه ” الأمن الإعلامي “.وهو ما يمكن ايجازه بأنه كافة الاخراجات التي يجب أن تصب في الإعلام سواء كان التثقيفي أو الترفيهي على حد سواء مع مراعاة الخصوصية لقيم وعادات المجتمع بكافة أطيافه.
مما تقدم يمكننا القول بأن كل ذلك لا يمكن أن يتم بنجاح إذا لم تتوفر :
– القيم الوظيفية لدى المؤسسة الأمنية بأهمية هذا العمل بالدرجة الأولى.
– وأن تمتلك القناعة الكافية بذللك العمل الإعلامي الكبير وأن تدعمه بما تمتلك من إمكانيات.
– التعاون فيما بين المؤسستين الإعلامية والأمنية للنهوض بالفرد والمجتمع والدولة وتحقيق استقرارهما.
4-عوامل ظهور الإعلام الأمني :
طالما ذكرنا في البداية بأن هذا المصطلح هو حديث النشأة والولادة وبالتالي هو نشاط تخصصي بحت يبحث في تأصيل هذا المفهوم وبالتالي كان لابد من الدخول في معرفة مسببات ظهوره كأي مجال بحثي جديد، ولاشك في أن الأمن والإعلام على حد سواء يعيشان في ظل متغيرات وتطورات كبيرة وسريعة سواء كانت المتغيرات العاصفة بالنظام العالمي الجديد والتي لعبت دور كبيرا في مجرى العلوم السياسية والدراسات الأمنية كما أن التطور الكبير الذي ظهر في نهاية القرن العشرين وما طرأ على النظام الدولي وما واكبه من ظهور للعولمة التي تجاوزت الحدود الجغرافيا للدول وبات العالم يعوف بما يشبه القرية الكونية الصغيرة وبالتالي بات الإعلام يدخل كل بيت دون إذن ودون سابق إنذار وبالتالي يمكننا أن نحدد مجموعة من العوامل التي أدت لظهوره ونشوئه.
1-التطور التكنولوجي : إن التطور الكبير والذي سبق ذكره كان له دور كبير في أن وسائل الإعلام قد استغلت هذا التطور في عملية استهدافها لشريحة دون أخرى بغية التأثير عليها وصولا إلى أهداف تم التخطيط لها مسبقاً، وهنا يمكننا أن نقول أن وسائل الإعلام باتت تختص بفئات عمرية ومحددة وبالتالي انتقلت هذه الوسائل من الجماهيرية إلى التخصص وهنا يمكننا أن نقول أن الإعلام بدأ بالذهاب إلى ما يطلق عليه ” تفتيت الجمهور ” و” لا مركزية الاتصال ” .وهنا بدأت مرحلة من العلاقة ما بين الجمهور والإعلام.
2-المتغيرات السياسية :لقد كان لتنامي حركات حقوق الإنسان دور كبير في تحديد الكثير من المحددات على اسلوب المهام الأمنية وبالتالي كانت هناك مطالبات حثيثة من هذه المنظمات بأن تكون هناك المزيد من الشفافية والالتزام بقواعد القانونية المنظمة لعمل المؤسسات الأمنية والتي لا تتعارض مع حقوق الانسان وتوفير الحماية له والضمانات الضرورية ، يضاف لذلك اتساع نطاق المطالبة بمزيد من الديمقراطية داخل المجتمعات التي باتت هي الأخرى تعاني من شبه انقسامات تهدد وحدتها واستقرارها ن وهذا ما انعكس على مهام المؤسسات الأمنية والإعلامية.
3-المتغيرات الاقتصادية :يشكل الاقتصاد الشيئ المهم في تأمين احتياجات الفرد والمجتمع لذلك كان هناك عدة تحديات أهمها ما أفرزته التجارة العالمية وما تفرضه من فتح الأسواق المحلية أمام الشركات الأجنبية وهذا ما ينعكس على اقتصاديات البلدان الناشئة من خلال ما قد تتعرض له من عمليات غش وتدليس ومضاربة في سوق البورصات مروراً بتبيض الأموال، وهذا ما ولد عنها أنشطة أمنية جديدة تتناسب وحجم دائرة هذه الأنشطة الاقتصادية.
4-المتغيرات الاجتماعية والثقافية: لقد ترافق دخول العولمة لكثير من البلدان الناشئة بانعكاسات سلبية على الفرد والمجتمع حيث استطاعت هذه من النيل من قيم كثير من المجتمعات حيث تفككت لتكون معها تكوينات جديدة وظهرت تحالفات اجتماعية جديدة اتسمت بالهشاشة وسرعة التفكك يضاف لذلك تحل منظومة القيم الاجتماعية وهو ما نتج عنه أنواع من الانحرافات وهو ما حذا بالمؤسسة الأمنية للتدخل في هذا الشأن.
5-الإرهاب: إن الإرهاب بحد ذاته يمكن اعتباره سببا مباشرا في ظهور الاعلام الأمني نظرا لما ينطوي عليه هذا الفعل من عنف وتطرف وترويع وجريمة تطال الأبرياء من أبناء المجتمع الواحد وبالتالي كان لابد من ظهور الاعلام الأمني الذي تكون أحد أهم أهدافه ورسالته هي تبصير الأفراد والمجتمعات هو هذا الخطر الدتهم الذي يستهدف الجميع دون تمييز.
6-الجريمة المنظمة : تعد هذه الجرائم من الأسباب الكبيرة في التأثير على حياة المواطنين كافة حيث تضرب استقرار المجتمع برمته وبالتالي كان لابد من وضع الخطط الأمنية والإعلامية للتحذير من مدى خطورتها على الجميع دون استثناء.
7-المخدرات : تعتبر المخدرات والتي تستهدف الشباب بشكل خاص احد أهم الأسباب المباشرة بتدمير المجتمع وهو ما ينعكس على عدة جوانب هي الاقتصادية والسياسية والصحية وبالتالي فهي تحد أني كبير وبالتالي كان لابد من مواجهتها بشتى الأشكال والطرق بغية التصدي لها عبرا مجموعة من الإجراءات الأمنية والإعلامية المشتركة.
5-مصادره : تعد مصادر الإعلام الأمني هي:
1-مصادر رسمية : وهي تعتبر المصادر الرئيسية نظراً لما تتمتع به من ” مصداقية – مسؤولية – وثوقيه “ويكم أن يؤخذ عليها طالما وصفت بالرسمية بطابع من السرية حول بعض المواضيع التي يمكن أن تتناولها أي مسألة.
2-مصادر غير رسمية : وهي ما يمكن وصفه بالجهات غير الرسمية والخاصة أو الأهلية وهنا يجب توخي الحذر بطريق التعاطي مع أي حدث أمني نظراً لأن حجم المعلومات قد يكون غير كافي الأمر الذي قد ينعكس على الرأي العام بشكل غير سليم.
3-ناشطون : وهو ما ينتج عنه في كثير من الحالات عدم النضوج في أي حدث قد يقع وبالتالي تكون التحليلات في هذا الجانب غير كافية وبالتالي قد تنعكس على الطرف الأخر بشكل سلبي نظرا لافتقادها للمهنية في العمل، لذلك لابد من أن تتوفر في الناشطين مجموعة من الصفات التي تؤهله لتناول الموضوعات الأمنية ويستطيع من خلالها التأثير بالمتلقي حول أي موضوع يطرح.
4-الخبراء والمختصون : طالما نتحدث عن الموضوعية والمصداقية في هذا الجانب فهذا يحتم الاستعانة بمجموعة من الخبراء والمختصين بهذا المجال من أجل تسليط الضوء على موضوع محدد أو على ظاهرة أمنية.
6- خصائصه :
1-الأنية: تعتبر المواضيع التي يطرحها الإعلام هي بمثابة السبق الإعلامي وبالتالي لابد أن يكون هو الممتلك لحجم كبير من المعلومات حول أي موضوع يمكن تناوله وطرحه، حيث يكون المشاهد أكثر فعالية مع الحدث المطروح أمامه أولاً.
2-الانطلاق من الحاضر في كل العمل الإعلامي الأمني والابتعاد عن الماضي الذي لا يكترث فيه المتلقي للمعلومات.
3-الشمولية: يجب أن يكون الإعلام الأمني شاملا للمجتمع بكل فئاته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
4-السهولة : يجب أن تمتاز المادة الإعلامية بالبساطة وسهولة اللغة والصياغة حتى تتمكن المادة الإعلامية من الوصول لمدارك الجميع.
5-المصداقية: يجب أن تمتاز المادة الإعلامية بكثير من المصداقية لكي تنال ثقة المشاهد وبالتالي تجعله أكثر قدرة على المتابعة رافضاً بعدها كل التحريفات الطارئة التي قد تدخل داخل المادة الإعلامية.
7-وظايف الإعلام الأمني :
- تحقيق التواصل ما بين المؤسسات الأمنية والأفراد حيث يتم اطلاعهم على الجهود المبذولة التي تسعى المؤسسة لتحقيقها في سبيل الوصول لأمن المواطن والوطن.
- تعزيز الثقافة الإيجابية عن المؤسسات الأمنية عن طريق التعريف بها وبمهامها في تأمين حمايتهم والسهر على أمنهم.
- تقديم الحقائق التي تهم المواطن وخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان، ومكافحة الجريمة بأنواعها.
- تعريف المواطن بالجوانب الخدمية للمؤسسات الأمنية من خلال ابراز أهمية الخدمات الحكومية والرسمية التي تقدم للمواطن.
- توعية المواطن للأخطار التي قد يتعرض لها أن الفرد والمجتمع معاً من شائعات وغيرها.
- التسويق الإعلامي للسياسات الأمنية وقياس ردود أفعالهم تجاه السياسات الأمنية.
- المتابعة لكل ما ينشر في وسائل الإعلام بشأن المؤسسات الأمنية لتصويب ما به من أخطاء.
- إيجاد أليات للتعاون والتنسيق الكامل ما بين المؤسسات الإعلامية والأمنية.
- تنمية الثقافة الأمنية لدى رجال الأمن والجمهور والإعلاميين، وترسيخ مفاهيم المشاركة المجتمعية تجاه الواجبات والمسؤوليات الأمنية.
- نشر الثقافة القانونية الرامية لترسيخ احترام النظام العام للدولة.
- إشاعة الأمن والاستقرار بين أفراد المجتمع سعياً لتحقيق السلام الاجتماعي.
يتبع…..