محمد أمين كركوكلي

سياسي سوري – ماجستير اقتصاد- رئيس حزب بناة سوريا

قضية المعتقلين السوريين جريمة مستمرة واهتمام غائب..ج2

 

تواجه المنظمات الحقوقية السورية  والدولية تحديات كبيرة في توثيق جرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.  ويمكن إجمال هذه التحديات فيما يلي:

  1. ارتفاع عدد الفاعلين الذين قاموا بأعمال الاعتقال والإخفاء القسري، والتي تشمل من طرف النظام عدداً من فروع الأمن وميليشيات شبه حكومية محلية وأخرى أجنبية  وتشكيلات أخرى، كما تشمل تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة  المختلفة وقوات سوريا الديموقراطية. كما يضاف إلى ما سبق نشاط عصابات جرمية  تعمل في كل المناطق السورية، وتقوم بأعمال القتل والخطف لأسباب أخرى  تماماً، لكنها يمكن أن تشوش عملية التوثيق.
  2. خوف الأهالي من نشر أخبار اعتقال ذويهم أو تقديم معلومات للمنظمات الحقوقية، حرصاً على حياة المعتقلين ومنعاً لتعرضهم لمزيد من التعذيب، وفقاً للاعتقاد السائد لدى  معظم السوريين، وهو اعتقاد صحيح إلى حد كبير، وخوفاً على حياة الأهل  أنفسهم، إن كانوا مقيمين في مناطق النظام أو مناطق داعش –قبل سقوطه-.
  3. عدم اقتناع الأهالي بجدوى عملية التوثيق، وتفضيلهم البحث عن طرق بديلة مجربة، وخاصة البحث عن وسطاء يمكن أن يؤمّنوا عملية الإفراج عن أبنائهم مقابل مبلغ مالي يُقدّم  للضباط المعنيين في الجهة التي قامت بعملية الاعتقال.
  4. تعامل معظم الفاعلين، وخاصة النظام وتنظيم داعش، بقسوة وعنف مع أي نشاط حقوقي، بما يعادل أو يزيد عن أي عمل سياسي أو حتى عسكري معارض. الأمر الذي جعل توثيق  عمليات الاعتقال واحدة من أكثر الأنشطة الحقوقية صعوبة ومخاطرة.
  5. غياب إمكانية البحث في سجلات الأجهزة الأمنية حتى لمن يملكون معارف أو يدفعون أموالاً لوسطاء، إذ يُمنح المعتقلون في هذه الأجهزة أرقاماً بدل أسمائهم، ولا يرتبط الاسم  بالرقم إلاّ لدى المستويات العليا في كل جهاز.
  6. تفاوت مدد الاعتقال والتوقيف، إذ يتم توقيف بعض الأشخاص لأيام أو أسابيع، فيما يستمر توقيف آخرين لعدة سنوات، أو يقتلون تحت التعذيب خلال اعتقالهم، وأدّى اتساع نطاق  الجريمة إلى جعل عملية توثيق المفرج عنهم أمراً صعباً، خاصة وأن الأهل  يفقدون بعد خروج ابنهم الرغبة والإلحاح في التواصل مع المنظمات الحقوقية.
  7. العوامل الاجتماعية التي تمنع أهالي المعتقلات من توثيق اعتقالهن، خوفاً من إلحاق ما يعتبرونه “عاراً” بالفتاة وعائلتها.
  8. الظروف غير الطبيعية التي سادت في سورية منذ عام 2011، حيث أدّت هذه الظروف إلى تقطيع أوصال العائلة الواحدة، والحد من إمكانية التواصل الخارجي معها، أو حتى  التواصل بين الأقارب أنفسهم، نتيجة لقطع الاتصالات أو الحصار أو اللجوء..  إلى غير ذلك من الأسباب. الأمر الذي أضعف من قدرة وصول المنظمات إلى  الأهالي، وقدرة الأهالي أنفسهم على التواصل مع الجهات الحقوقية المعنية.
  9. الكلفة المادية الباهظة لعمليات التوثيق، والتي تتطلب عملاً دؤوباً من قبل فرق عمل واسعة ومدربة. وبالمقارنة مع اتساع نطاق الجريمة في سورية، فإنّ المنظمات  الحقوقية السورية والدولية لا تستطيع بإمكانياتها الحالية إلا توثيق أجزاء  لا تذكر من العدد الكلي للمعتقلين والمختفين، خاصة وأن الحكومات والجهات  الممولة الأخرى لا تولي الكثير من الاهتمام بمشاريع التوثيق.

حجم الظاهرة:

رغم التحديات السابقة، فقد عملت العديد  من المنظمات الحقوقية السورية والدولية على توثيق عدد كبير من حالات  الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري. ولا زال التوثيق لهذه الجرائم مستمرا”.. رغم كل الصعوبات وسيصار اليوم الذي تتكشف فيه كل هذه الجرائم وفاعليها ويحالوا الى العدالة مهما تعددت الظروف  والإمكانات المتوفرة حاليا”

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها

%d مدونون معجبون بهذه: