
ياسر بدوي
كاتب وصحفي سوري
القمة الخليجية – الأمريكية وسوريا حضرت
لا نستطيع القول أن سوريا كانت غائبة عن القمة الخليجية- الأمريكية، لأن سوريا في قلب السياسية الأمريكية، إن كان بالتأييد للشعب السوري، أو إدانة النظام ودعم الحل السياسي، وإن كان في العقوبات التي تشُّلُ النظام وحلفاؤه، وإنْ كان في القتال من أجل ادخال المساعدات الانسانية، ولن نستطيع الركون إلى أولئك المغردون العصابيون، والمضللّون الذين يقولون أنَّ دول الخليج باعت، فالكل يذْكُر الجملة الشهيرة لوزير الخارجية السعودي السابق، الاسد سيرحل سلماً أو بالقوة، ولا ننسى كلمة المعلمي المندوب السعودي في الأمم المتحدة عندما أعاد جملة “لا تصدقوهم” أكثر من خمس مرات في كلمة واحدة، هو للرد على من يروجون لتعويم النظام. اليوم في القمة الخليجية الأمريكية، وإن كان الحديث عاماً والتركيز جاء على ايران، بعدم السماح لها امتلاك قنبلة نووية، ومحاربة تخريبها في دول المنطقة سوريا، اليمن، لبنان، بغداد ومحاربة الميليشيا الإرهابية التي تصدرها ايران الفارسية، إلا أنَّ كلام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد جاء أكثر تعبيراً وصراحة “لا يمكن القبول بالواقع كما هو، واستمرار الظلم والمأساة” ليُبقيَ القضية حاضرة، رسالته واضحة، وإن كانت مبطنة بضرورة ادخال سوريا في أوراق اللعب السياسية التي باتت مشرّعة في أزمة الطاقة العالمية، وفي الاحتباس الدولي في الطاقة، ورائحة البارود الصاعدة في كل مكان والتي تهدّد بانفجارات يصعب السيطرة عليها لوجود الدب الروسي فيها، والمهم هنا كما أراد أن يقول الشيخ تميم أمير قطر أن تبقى القضية حية، وأن يتم البحث عن مخرج لإنهاء الظلم، تلك رسالة بكل الاتجاهات وإلى كل من يريد الطاقة، ومن يحب المساومات ولا يكترث للمبادئ والحقوق.
كلام القادة العرب كان كلاماً هاماً في توصيف الحالة الايرانية المنفلتة عن القانون الدولي والاقليمي والقانون الانساني والديني والاخلاقي، حتى مصر دعت لمحاربة هذه الميليشيا الارهابية، حتى العراق طالب بالسيادة وعدم التدخل بشؤونه، والعراق مشروع أمة كبرى. وإن تنامت التحالفات ستكون قوة وازنة في المنطقة العربية، تُوقف التدخلات السافرة وتُوقف نزيف القيح الإيراني وتأكل المشكلات القائمة والمحتملة في سوريا والبنان. إنه البعد العربي الذي يعيد تعريف الصراع، ويعيد تشكيل الصورة، مع الحاضر الكبير الأمريكي، الذي ينوء بأحمالٍ كبيرة وصراعات وقد يكون فتحها سهلاً لكن اغلاقها قد لا يكون محكماً إلا بهذا الحشد، وهذه اللمّة العربية التي تمسك بمفاتيح المنطقة.
ماذا عن روسيا، لا شك أنها ما تزال في غيبتها الأوكرانيا وهذه الغيبة الصدمة ستجعلها تنفتح أمام الطرف العربي حيث أغلقت المنافذ، وأما ردها في قمة طهران فهو باهت ومكرر دون أي تقدم أو بريق حتى مع حضور تركيا، حقاً انها قمة بمؤشرات عالية، أولها ملكيّة محمد بن سلمان التي جلس فيها كملك وتصرف كسياسي ونجم يجيد لعبة السياسة والحضارة، فقد أصر على بداية الاجتماع تلاوة الذكر الحكيم وأعاد التأكيد على القيم والهوية والاختلاف بين الشعوب، وكان يفترض أن بالرئيس بايدن أن يفخر وهو وسط هذا الحشد من الحلفاء وهم يظهرون المسؤولية اتجاه المنطقة والعالم، وهو ينظر لإيران كأنها ما تزال تسلك أسلوب الجرزان في السياسيات، وفي كل هذا ستظل سوريا حاضرة فهي أزمة اخلاقية للعالم، وهي بوابة التحالفات في المنطقة والعالم، لأنها الشام.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.