
المقدم محمد العبيد
مختص في الشؤون الأمنية

التطبيقات الإدارية في سلوك الأمن //ج1//
الفصل الأول :الإدارة
- مفهوم وأهمية الإدارة .
- تصنيف المديرين .
- مهارات الإدارة .
- مصفوفة الإدارة .
- العملية الإدارة .
الإدارة :
يشهد العالم بأسره تطورات متسارعة في كافة مناحي الحياة ” السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية ولاشك أن هذا التطور يشكل تحدياً للدولة بكل أركانها وهذا ما يعكس الحالة التي يجب ان تكون عليها الدولة من إدارة تستطيع من خلالها امتلاك القدرة على المتابعة والصعود مع باقي الدول ، وطالما نتحدث عن العولمة التي حولت العالم لقرية صغيرة وجب علينا التنبه واليقظة بأن الحدود السياسية ستزول أمام التطورات الهائلة مما يحتم على الدول صياغة مبادئ لفن الإدارة تكون قادرة على المحاكاة الجديدة للتطور الحاصل .
1- مفهوم وأهمية الإدارة :
الإدارة بحد ذاتها هي نشاط هادف يمتلك القدرة على التفكير السليم والصحيح والإيجابي البناء والذي ينعكس على عملها بشكل سليم وعلى المحيط الذي يشكل للإدارة بكليتها البيئة المناسبة للعمل ، وبالتالي فإن الإدارة هي الأكثر قدرة على التفاعل مع ما يحيط بها سواء كان ذلك داخليا على مستوى الدولة أم خارجياً على مستوى المصالح والعلاقات الدولية المحكومة بلغة المصالح أولا ً .
مما تقد نجد أن الإدارة هي الأكثر فهماً لحقيقة الواقع وهي الأكثر تحليلا لمجرياته دون تقزيم أو تهويل ، وبالتالي فإن هذا التحليل المنطقي للإدارة هو الذي لتحقيق الأهداف المتوخاة بدقة وهذا لا يتم إلا من خلال عدة أمور هي :
- الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة أمام الإدارة للوصول للهدف المخطط أو الذي يساعد للوصول إليه .
- الاستفادة من كافة الموارد الموضوعة أمام الإدارة سواء موارد مادية أو بشرية .
كل ذلك لابد أن يوصل الإدارة للهدف بأقل الجهود وأقل الخسائر وبالتالي تكون قد حققت مجموعة من إجراءاتها أثناء وضع خططها .
ولا شك فإن التطورات التي شهدتها العلاقات الدولية وتعقدها أضاف جهد مضاعف على الإدارة بمختلف مستوياتها ، حيث برزت تحديات الوصول للأهداف المرسومة وفقا للخطط الموضوعة يضاف لها التغيرات الطارئة والمستجدة والتي شكلت إضافة أخرى على الإدارة ، يضاف لذلك التطور الكبير للتكنولوجيا ولوسائل الاتصال ، وهنا لابد من الإشارة إلى حجم التدخلات في شؤون الدول بحجج كثيرة منها ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة والتعبير والرأي ، كما أن برز حديثا مفهوم الأمن السيبراني والذي شكل تحديا أخر يضاف لمجموعة كبيرة من التحديات .
2-تصنيف الإدارات :تصنف الإدارة حسب المستوى الذي تقوم به في ممارسة ما يمكن تسميته بالعملية الإدارية حيث تشتمل الإدارة مستويات ثلاثة هي :
– الإدارة العليا
– الإدارة الوسطى
– الإدارة المباشرة
- الإدارة العليا :
وتعتبر هي المستوى الأعلى والرفيع في هذا السلم حيث يقع على عاتقها عدة مسؤوليات استراتيجية كونها تناط بها مثل تلك المسؤوليات فهي التي تقوم :
أ- عمليات الإدارة الاستراتيجية ( التفكير الاستراتيجي – التخطيط الاستراتيجي – مسؤولية التنظيم – مسؤولية القيادة – المتابعة والتقييم الاستراتيجيين ).
ب- وضع السياسات العامة والتي ستكون دليل عمل للمستوى الأدنى والذي بدوره سيقوم بتنفيذ خطة عمله مستنداً فيها للسياسة العامة والتي لابد من تصديقها للبدء في العمل فيها .
ت- الإدارة بهذا المستوى هي المسؤولة مسؤولية مباشرة عن كافة الأعمال التي تقع خارج كيان الدولة وهي ممثلة له
ث- هي المسؤولة عن عملية تنظيم وتنسيق أعمال المستوى الأدنى من الإدارات .
ج- هي المسؤولة عن عملية تنظيم وتنسيق الأعمال مع ما يوازيها على المستوى الإقليمي والدولي .
ح- الإشراف على الأعمال الدولية المناطة بالدولة التي تشمل بناء التحالفات بكل أنواعها وأشكالها .
خ- اتخاذ القرارات عالمية وقرارات التغيير الاستراتيجي على المستوى العالمي .
- الإدارة الوسطى :
وهي ما يطلق عليه عادة الإدارة التنفيذية ، وهي الأوسع من خلال اتساع مساحتها التي تشمل كامل كيان الدولة وتصل حتى الإدارة المباشرة ويقع على عاتق هذه الإدارة :
أ- تنفيذ الاستراتيجيات والسياسات الموضوعة من قبل المستوى الأعلى .
ب- وضع الخطط الخاصة بها والمنسجمة مع السياسة العامة للإدارة العليا .
ت- تنظيم وتنسيق الأعمال مع الإدارة المباشرة .
- الإدارة المباشرة :
يطلق على هذا النوع من الإدارة تسميات كثيرة ومتعددة منها الإدارة الإشرافية ، مشرفوا الخط الأول ، المشرفون ، وتكون مهامها هي :
أ- الإشراف المباشر على تنفيذ العمل .
ب- العمل الميداني هو معيار قوتها ومدى تنفيذها لمهامها .
ت- الدخول في كافة تفاصيل العمل المنفذ وتقديم المساعدة .
3-مهارات الإدارة :
طالما نتحدث عن أهمية الإدارة في عملية وضعها لكافة الخطط والإشراف على تنفيذها ، وطالما أشرنا بوضوح لأهمية الإدارة في عملية البناء فلابد من أن تمتلك الإدارة المهارات التالية أو التي يجب أن تتسم بها .
-مهارات فكرية :
لاشك أن المهارات الفكرية تختلف في الإدارة من مستوى إلى أخر وبالتالي فإن المهارات الفكرية التي تمتلكها الإدارة العليا تعتمد على ( امتلاك التفكير الاستراتيجي – امتلاك ملكات التحليل الاستراتيجي – وضع الحلول والخطط المناسبة – البحث عن البدائل المناسبة – الدخول بالوقت المناسب في منعطف التغيير المناسب ) .
-مهارات فنية :
انعكست التطورات التكنولوجيا الهائلة على الإدارة بكل مستوياتها وبالتالي لابد للإدارة من مواكبة هذا التطور الكبير الذي طال كل القطاعات ” الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية والبيئية ” .
كل ذلك جعل من الدخول في عصر التكنولوجيا أمر لا مفر منه ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن عملية التطور يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التفكير الاستراتيجي .
-مهارات نفسية :
إن العلاقات القائمة مع الإنسان تحتاج إلى الخوض في هذا المضمار إذ يعتبر الإنسان هو المستهدف في أي عمل وبالتالي لابد من الغور في أسبار الأخرين وصولا لقراءات صحيحة وبالتالي الحصول على نتائج جيدة .
وطالما أن طبيعة العمل تتطلب إنجاز الأعمال من خلال الأخرين ، وبالتالي لابد من امتلاك مهارات إنسانية في مختلف المواقف .
4- مصفوفة الإدارة :
يمكن الاستفادة من مصفوفة القيادة التي زاوجت ما بين بعدين الافقي شمل العمل والعامودي البعد الاجتماعي فكانت النتيجة وجود خمسة أنماط .
أما في حالتنا فإننا سنقوم بإسقاط هذا التزاوج على محورين يشمل المحور الأول وهو الأفقي على القطاعات المستهدفة بعملية الإدارة أما المحور العامودي فيشكل التحليل بمستوياته الثلاثة .
1-الإدارة الضعيفة : وهي الإدارة التي يكون فيها مستوى غير مقبول على المستويين الداخلي والخارجي وبالتالي فهي لا تمتلك الخطط الكفيلة بتنفيذ أعمالها على المستويين .
2-الإدارة الخارجية : وهي الإدارة التي تكون فيها القيادة منهمكة في تحليلاتها الخارجية على حساب القطاعات داخل كيان الدولة وبالتالي لن تحقق التوازن المطلوب داخلياً .
3-الإدارة الداخلية : وهي الإدارة التي تصب جهدها داخل حدودها على حساب تحليلاتها الخارجية وبالتالي لن تستطيع مواكبة التغيرات الدولية مما يجعلها عرضة لمزيد من التهديدات الخارجية غير المحسوبة .
4-الإدارة المتوسطة : وهي التي تكون فيها العلاقات شبه متوازنة ما بين المستويين الداخلي والخارجي ولكن لم تكتمل لدرجة النضوج مما يجعلها متأخرة عن جاراتها إقليميا ودوليا ً.
5-الإدارة الاستراتيجية : وهي التي تكون فيها الإدارة على سعة كبيرة من التحليل والتفكير الاستراتيجي كما أنها قد حققت نجاحات كبيرة داخل إقليمها على كافة الأصعدة مما يؤهلها للعب دور كبير في عملية القيادة من خلال إدارتها الاستراتيجية .
في نهاية المطاف يمكننا القول إن الإدارة في هذه المصفوفة يمكنها أن تتطور وبالتالي يمكن لها أن تطور ذاتها بالارتقاء نحو الأفضل ويتم ذلك من خلال السعي لتغير النفس باتجاه الأفضل ، وذلك على اعتبار أن الإدارة ليست مجموعة من الصفات بل لكونها سلوكيات يجب العمل على تطويرها .
5-العملية الإدارية :
من المهم أن نتطرق إلى شيئ هام وهو ما يتعلق بالعملية الإدارية التي تعتبر الناظم الحقيقي لعمل مختلف مستويات الإدارة الأنفة الذكر ، وهنا يمكننا الحديث عن عمليات معقدة من الترابط والتكامل والتناسق وتقاسم المهام .
” مثال على ذلك “: جسم الإنسان الذي يضم عدد كبير من الأعضاء كل منها يؤدي عمله بإتقان ولا يسبب خلل عمل أي عضو في الجسم لذلك كانت عملية الإدارة داخل الجسم هي عبارة عن كم كبير من السيالات العصبية التي تنطلق عبرا النهايات العصبية مروراً بالنخاع الشوكي إلى البصلة السيسائية التي تتصالب فيها تلك السيالات متجهة إلى الساحات المعنية بالمعالجة لتأين العودة مرة أخرى إلى الأطراف للقيام بحركات الإرادية الضرورية للإنسان . إن هذا المثال يقودنا إلى معرفة دقيقة بأن كل الأوار تعالج ضمن ما يسمى ” الدماغ ” وهو ما ينعكس على عمل الإدارات كافة .
مما تقدم يمكننا القول بأن العملية الإدارية هي عبارة عن عدد من المهام التي يتم القيام بها وذلك من خلال عدد من الأنظمة وصولا للهدف المعين ، وهذا الحجم الكبير من المهام يتطلب قدر كبير التنظيم والتنسيق والترابط والتكامل حتى يتجه الجميع في مهامهم نحو الهدف المحدد مسبقاً وفقاً للخطط المحددة بالزمان والمكان المحددين .
وهذا بالطبع يتطلب تشكيل النظام الإداري الفعال بما ينعكس على توزيع المهام وبالتالي الوصول لدرجة عالية من التكامل والتنسيق .
إنطلاقاً من كل هذا كان لابد أن تتمتع العملية الإدارية بخطوات لابد من التقيد بها وصولا كما أسلفنا للأهداف المتوخاة ومن هذه الخطوات :
-التخطيط وما يشمله من قراءة وتحليل .
-التنظيم .
-القيادة في تطبيق ما تم التخطيط له مسبقاً .
-المتابعة والمراقبة الدائمة وإعادة التخطيط .