حسين علي البسيس

محامي سوري-عضو المجلس التأسيسي لحزب بناة سوريا

سوريا تنزف شبابها

في حالة الاستعصاء السياسي الحالية وعدم إيجاد حل سياسي عادل للقضية السورية بإزالة نظام الاجرام المدعوم من ملالي طهران مترافق ذلك بوجود معارضة مرتهنة للخارج ستبقى سوريا تنزف شبابها وطاقاتها والكفاءات الموجودة فيها وهذا ليس في صالح بلد يعتبر مركز ثقل في الشرق الاوسط ومركز للتقاطعات الدولية والاقليمية انها سوريا الحضارة وليست سوريا الاسد كما يسميها الشبيحة . منذ بداية الثورة السورية واشتداد الضغط على السوريين بدأت موجات الهجرة نحو الخارج ومنها الدول الاوربية و ما زالت موجات الهجرة غير الشرعية متواصلة من كافة ارجاء سوريا باتجاه أوروبا او ما تسمى القارة العجوز ولكن سنة 2022 تعاني سوريا أعلى ذروة للهجرة غير الشرعية مقارنة بالفترة التي تبعت ثورة 2011 حيث تشمل أعداد المهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا كافة الفئات العمرية حيث إن الهجرة غير الشرعية لم تعد تشمل الشباب فقط بل أصبحت تشمل الأطفال القصر وحتى النساء الحوامل وكبار السن .بل أصبحت الهجرة اليوم تمثل رؤية ثقافية اجتماعية لتغيير الواقع المعيشي الذي يعيشه السوريين وذلك نتيجة حرب قادها نظام همجي قاتل ضد شعب أعزل تسبب بكارثة العصر وانعكس ذلك حتى على مناطق واقعة تحت سيطرته ومؤيديه وقد أصبح هاجس المواطن السوري هو مغادرة البلاد والهجرة بأي صورة كانت  لعدم الشعور بالانتماء لهذا الوطن الذي أتضح أنه محكوم من عصابة وقطاع طرق على مدار أكثر من نصف قرن ولازال يتحدث بنفس الخطاب المقاوم والممانع رغم أنه يوميا يتم انتهاك البلاد بعرضها وطولها ولازال هذا النظام المستبد يحتفظ بحق الرد .إن عملية الهجرة غير الشرعية تعبر عن رفض السوريين المهاجرين للوضع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي المتردي وكذلك الوضع الصحي الذي يشهد حالة من التدهور في المراكز الصحية وفقدان المواطن لأبسط حق وهو التمتع بحق العلاج في البلاد إلى جانب غياب أي بصيص أمل لمسارات التنمية في كل بقعة من بقاع السيطرة المختلفة من قبل قوات فرض الأمر الواقع  المختلفة. وهذا قد خلق لدى المواطن حالة من الخوف وعدم الشعور بالانتماء لهذا البلد وأصبح الانطباع بأن الخارج هو  أفضل وأن أحلامه ستتبدل أذا هاجر وترك البلاد .حيث أن سوريا أصبحت من البلاد التي يعيش أكثر من ٩٥%من سكانها تحت خط الفقر الذي يزداد يوم بعد يوم مما خلق حالة أحباط عند الشباب لا تتماشى مع الوضع المتردي حيث تشير الاحصائيات أن الشباب السوري الذي هو العمود الفقري في البلاد في مجال التنمية يكاد يكون معدوم بعد فترة اذا أستمر الوضع السوري الحالي بدون إيجاد حل  سياسي حقيقي وفعلي وفق القرارات الأممية ذات الصلة وعلى راسها جنيف ١ والقرار ٢٢٥٤ والذي تحاول كثير من الدول بالفترة الأخيرة التهرب من استحقاقات تطبيقه وكذلك قوى الإسلام السياسي التي ترغب بتمييع قضية الشعب السوري وترغب بأخذ بعض الامتيازات من حكومة الأسد ولا يهمها أن بقي الاسد أو غادر السلطة وهذه هي الخيانة بعينها للثورة السورية ولدماء الشهداء والمعتقلين .وما نشاهده يوميا فيما يخص المناطق المسيطر عليها من قبل ما يسمى قوى المعارضة السورية التي تتحمل جزءاً من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع ظاهرة الهجرة غير الشرعية بسبب عدم تنظيمها العمل في مناطق سيطرتها بشكل مؤسساتي وهيكلة حقيقية في كل المجالات العسكرية والأمنية والمدنية فهي لم تزرع في قلوب السوريين سوى اليأس والإحباط و الإحساس بالإهمال وانعدام الثقة .مما دفع الشباب للهروب من موطنه حتى أصبحت الهجرة جماعية لا فردية. وهذا يفسر رفض الشعب للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد وخيبة الأمل في الطبقة التي تتصدر  المشهد السياسي والعسكري الحالي الذين يدعون أنهم قادرين على صنع مستقبلا مجهولا. وما دام الوضع غامضاً في سوريا فإنه من الصعب الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية لأنها ظاهرة معقدة وأسبابها متعددة يتداخل فيها دور العائلة والمدرسة والمؤسسة  والبيئة الثقافية والمنظومة التي تسيطر على الأرض والجانب الأمني والكثير من الأسباب الأخرى .وإنه كلما ساد الغموض بشأن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعسكري والأمني كلما زادت الأزمات. فقد كان هدف الثورة السورية الحرية والكرامة  والعدل . ولكن بعد كل تلك السنوات العجاف لاتزال الامور على حالها و لم يتحقق أي تقدم ملموس وهو ما يدفع مزيدا من الشعب إلى الهجرة. وهذه الهجرة محفوفة بمخاطر جمة .وما يتعرض له السوريين يومياً أثناء الهجرة من اعتداءات عنصرية وعنف مادي ومعنوي واحتجاز يندى له جبين الإنسانية .ولا تزال مؤسسات المعارضة في حالة الصمت والسكون ولا تستطيع أن تحرك ساكنا سوى أنها ساعية من خيمة إلى خيمة ومن وليمة إلى وليمة تجمع فيها ما يسمى الوجهاء والشيوخ لحل مشكلة عشائرية بين فلان وعلان وكأن البلاد أصبحت خالية من العقول والكفاءات فالبلاد ياسادة لا تدار من الخيمة فكفاكم تسلية بدماء الشهداء وآهات الثكالى كفاكم تجارة بملفات المهجرين من بيوتهم أذهبوا الى بيوتكم واتركوا الثوار الأحرار لحتفهم فهم الأقدر على قيادة المرحلة وأنتم تابعوا عملكم بشركاتكم الخاصة مع مشغليكم وتابعوا دوركم الوظيفي الذي أنتهى من وجهة نظر الأحرار وأن تمتعكم بوثائق السفر التي تملكونها لن يعطيكم الحق بتمثيل أعظم ثورة في التاريخ فاذهبوا إلى الجحيم وأتركوا أهل الدم هم من يقررون مصيرهم ضد نظام الاستبداد وضد التنظيمات الإرهابية والتنظيمات الانفصالية فالثوار الحقيقيين والأحرار الوطنيين هم الأقدر على أدارة الملف وأهل مكة أدرى بشعابها.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: