
أحمد عرابي
أكاديمي سوري
منظومة الفساد في سورية في عهد الأب والأبن
الفساد الإداري : هو استغلال منصب ما من أجل القيام بأعمال وخدمات لمجموعة من الأشخاص بشرط الحصول على مقابل مادي وهو الإخلال بشرف الوظيفة وبالقيم والمعتقدات وإخضاع المصلحة العامة للمصالح الشخصية , وإن القرآن الكريم اهتم بهذا الجانب اهتماماً بالغاً فقد ذكر تأثيرات الفساد على المجتمعات عموماً وعلى الأفراد خصوصاً و ذكر فيه معنى الفساد أوسع بكثير مما هو متعارف عليه في تعاريف المنظمات الدولية والمدنية فلم تأتي آية كريمة تتحدث عن آثار الفساد إلا واقترنت بآية أخرى تطرقت إلى الهلاك وسوء العاقبة للمفسدين وذكر خمسين آية في مناسبات مختلفة تندد بالفساد وتدعو إلى اجتنابه وتحذر من سوء عقابه وإن ظاهرة الفساد الاداري لا تخص مجتمعاً بعينه بل ظاهرة عالمية طالت معظم الدول والمجتمعات وهي ذات جذور عميقة ولها أبعاداً واسعة وإن ظاهرة الفساد الإداري ظاهرة عالمية تؤدي إلى عرقلة التنمية الاقتصادية في البلاد واستغلال الاستثمارات من قبل أصحاب النفوذ وأرباب السلطة ونفوذهم على القطاعات الحكومية ومؤسساتها للمصالح الشخصية .
انواع الفساد الإداري:
1ـ الرشوة : وهي الأخطر وهوما يعطى إلى صاحب السلطة لحمله على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه خلافاً لأحكام القوانين والأنظمة النافذة ويشمل مصطلح صاحب السلطة كل من هو مكلف بخدمة عامة رئيساً أو وزيراً أو مديراً أو عاملاً في الدولة والرشوة قبل أن تكون جريمة تطال أموال الغير أو أموال الدولة فهي جريمة أخلاقية تطال الضمير المهني للعامل أو الموظف أو المسؤول وهذا الأمر الذي انتشر في سورية في عهد فساد الأب والابن فكان من الصعب أن تحصل على وظيفة في الدولة أو تصبح ضابطاً أو حتى عنصراً في الأمن دون دفع رشوة ولا يمكن الحصول على ترخيص لمعمل أو منشاة صناعية أو حتى ترخيص مكتب أو دكان دون أن تدفع رشوة.
2ـ الاختلاس : وهو أكبر جريمة مرت بها سورية منذ عهد المقبور حافظ الأسد وأخيه المجرم الفاسد رفعت الأسد الذي مكّن عصابة آل الأسد وآل مخلوف وآل شاليش من الاستيلاء على ثروات البلاد واستغلال مناصبهم عبر تحويل المال العام إلى ملكية خاصة بهم مستغلين غياب الرقابة وضعفها التي كانت لا حول لها ولا قوة في ظل سيطرة القبضة الأمنية على كل مفاصل الدولة وأكبر دليل على سرقة موارد البترول بحجة أنه بأيدي أمينة وقس على ذلك من سرقات.
3 ـ التحيز والمحاباة : وهي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة ويشير واقع الإدارة في سورية أن الشخص مهما كان لديه مهارات وشهادات عليا ودرجات من العلم والثقافة والتفوق والأمانة فلن يحصل على الوظيفة في الدولة ولن يتقلد نفسه بمجموعة من المقربين إليه من الأقارب أو المعارف والأصدقاء الوظائف العليا إلا إذا كان هناك من يدعمه بالتحيز والمحاباة والمجاملة فترى كل رئيس إداري يعمل على إحاطة.
4ـ المحسوبية والواسطة : وهي في المعنى الاصطلاحي تُعرف بأنها طلب العون والمساعدة من شخص ذو نفوذ لدى أصحاب القرار لتحقيق مصلحة معينة لشخص لا يستطيع تحقيقها بمفرده وتعد المجتمعات العربية أكثر تأثراً بها وبممارستها إذا علمنا أن المواقع الحساسة في الوظائف الحكومية في سورية لا يقصد بها المناصب أو المواقع الوظيفية التي تتطلب جهداً خاصاً أو خبرة أو كفاءةً مميزة بل يطلق عليها السوريون صفة (الموقع المهم أو الحساس) ويعلم السوريون أن الفساد في بلدهم هو منظومة لها هيكلية ومعايير أي الأكثر ذكاءً هنا هو الأكثر قدرة على تكييف القوانين وتطويعها لخدمة أهداف النظام في الهيمنة على كل شيء ومن آفات الفساد الإداري التي انتشرت في عهد آل الأسد الاختلاس ـ الابتزاز ـ الاحتيال ويمكن الحديث عن مكافحة الفساد في أي مكان من العالم والوصول إلى نتائج وحلول وتوصيات أما عن الفساد في (سورية) فالحديث متشعب ومؤلم جداً فنحن أمام وضع معقد ناجم عن سنوات طويلة من الفساد الإداري والمالي والسياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي وهو ناجم عن سنوات طويلة بات فيها الفساد هو الحاكم في الدولة إضافة إلى السنوات الأخيرة من الحرب المدمرة التي اتسمت بالعنف والدمار والخراب ونشوء قوى اجتماعية وعسكرية وميليشيات متنوعة تنافس وتزاحم في إدارة الحياة العامة للسوريين فالحل في سورية لن يكون إلا بالصعود إلى أعلى الهرم الفاسد الأكبر واقتلاعه فهو رأس الفساد والبدء بالقيام بالحل السياسي أولاً للأوضاع الميدانية المتردية في سورية وهنا يجب على السوريين البدء الفوري بعملية إصلاح دستوري وقانوني عميق يتناول إعادة صياغة مفهوم الدولة واعتماد الشفافية والديمقراطية في الحياة العامة ولابد من مراعاة الكفاءات والشهادات وإعطاء المواطن والموظف ما يكفيه للعيش بكرامة وأمان وإقامة العدل الذي هو أساس الملك .
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.