حسين علي البسيس

محامي سوري-عضو المجلس التأسيسي لحزب بناة سوريا

الزلزال والمجتمع الدولي

الكوارث التي تصيب الشعوب والكرة الأرضية بشكل عام من حروب ومحن وملمات، تجعلنا نفكر كثيراً بمصطلح يتم تكراره يومياً على مسامعنا وعلى وسائل الأعلام والتواصل الاجتماعي وبشكل اعتيادي، فهو ذلك المصطلح الفضفاض(المجتمع الدولي) فهذه العبارة تترد كل يوم على مسامع العالم أجمع إلا إن غالبيتنا كسوريين ومنذ زمن طويل نعرف أن عبارة المجتمع الدولي هي في حقيقتها أكذوبة وخديعة كبرى في هذا العالم المتوحش الذي فرض قوانينه على الشعوب المقهورة ، فقد أصبح المجتمع الدولي أكبر متاجراً بدماء ومآسي الشعوب ومتغولاً لدرجة القرف ،وأن الإنسانية لا تقبل التجزئة والتسيس. فلا ننسى ما حدث في فلسطين والعراق ولبنان واليمن وغيرها من دول العالم. فالكارثة السورية بدأت قبل الزلزال الأخير بسنوات طويلة ،فمنذ استيلاء الأسد الأب على السلطة عمل على تحويل سوريا إلى مزرعة خاصة به وحاشيته المجرمة ،واستمرت تلك الكارثة لحين وصول الوريث القاصر بشار الأسد للسلطة نتيجة لترتيب ذلك المجتمع الدولي ، فبشار الأسد هو المسؤول المباشر عن قتل وتشريد السوريين منذ بداية الثورة السورية في عام  ٢٠١١  وهذا هو الزلزال الأكبر الذي ارتكبه نظام الأجرام الأسدي، فقد دمر البشر والحجر، وإن ما يسمى المجتمع الدولي قد وقف متفرجاً على جرائم الأسد وعلى كل الزلازل التي يرتكبها يومياً بحق الشعب السوري العظيم ، ولم يحرك هذا المجتمع الدولي ساكناً ، وإن ما حدث مؤخرا ً من زلزال بتاريخ ٦-٢-٢٠٢٣ والذي شرد وقتل ودمر مدن بأكملها في الشمال السوري وضرب أيضاً الجنوب التركي متسببا بكوارث طالت آلاف السوريين اللاجئين في تركيا بين مشردين وضحايا ، كشف للعالم أجمع تعامل المجتمع الدولي ببرودة مع كارثة كبيرة خلفت دمارا ً هائلاً بكل الأماكن ،فالمجتمع الدولي لازال يتفرج على ما يحصل للسوريين دون أن يساعد في إنقاذهم من كل تلك الكوارث التي حلت بهم ،والأشنع من ذلك لا يزال المجتمع الدولي يبحث عن آليات قانونية لإدخال المساعدات للشمال السوري في وقت كان الأهالي يبحثون بأيديهم عن الضحايا القابعين تحت الأنقاض، وإن ما أرسل من مساعدات أممية شحيحة لا تذكر وكانت على خجل ، وهي لا تغني ولا تسمن من جوع ،فكانت بهدف إسكات أصوات الأحياء وهذا يدل على تقاعس مقصود من قبل المجتمع الدولي ،فتضارب المصالح الدولية كان من اسباب موت السوريين على مدار كل تلك السنوات، لمن كانوا أحياء بيننا ويصرخون ويتألمون ويسمع أنينهم أهلهم وأحبائهم والمنقذين لهم ، والكثيرين بدوا عاجزين عن المساعدة لعدم وجود الإمكانيات والآليات والأدوات التي تساعد بإنقاذ تلك الأرواح التي لا ذنب لها إلا كونها سورية. ومع كل تلك الصعوبات لا ننسى أن كوادر من المنقذين السوريين والأهالي لم يبخلوا بأي جهد في عمليات البحث والانقاذ  إضافة للمبادرات والحملات الشعبية ، فالزلزال كشف تسيس واضح للإنسانية وأن هزاته الارتدادية ستكشف الكثير، مما يجعلنا اليوم وأكثر من أي وقت مضى على قناعة أنه يجب أن لا نعول على ما يسمى المجتمع الدولي للخروج من محنتنا التي طالت لأعوام ،وأن يكون الزلزال رغم قساوته ومرارة تداعياته ، فرصة لإعادة بناء جسور الثقة بين السوريين الوطنيين عدا من أجرم بحق السوريين، وذلك من أجل إنعاش روح المحبة والمودة ، وأن يعتبر الزلزال قد هدم أبنية التنافر والتباعد فيما بين السوريين ، وهذا سيساعدنا في إعادة إعمار النفوس .

وبالنهاية نسأل الله الرحمة والمغفرة للضحايا والشفاء للجرحى والخلاص للشعب السوري من نظام الأجرام الأسدي .

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: