عماد عبد الكريم

سياسي سوري

الحراك العربي نحو دمشق، تجريب واختبار؟

لابد من زاوية للنظر للتحركات العربية المتسارعة نحو دمشق، لتطبيع العلاقات معها، وكذلك التحرك التركي لإعادة العلاقات مع دمشق، وزاوية النظر بكل تأكيد لا تقتصر على المنظار الأمريكي، المراقب لهذه العملية، وإنما هناك عده عوامل مجتمعة تجعل هذا التطبيع ممكن وذو فائدة للسوريين.

المنظار الأمريكي، نظر إلى الحل في سوريا منذ البداية لا يتحقق إلا من خلال عملية سياسية جدية، تقوم على القرارات الدولية والتفاهمات بين امريكا وروسيا وعلى بيانات وقرارات الأمم المتحدة وضمنا الغرب والعرب وتركيا، وعنوانه العريض في الفترة الحالية هو القرار 2254، وملخص نصوص هذا القرار التي تحقق عمليه سياسية جادة تبدأ بالمشاركة السياسية بين المعارضة والنظام وتنتهي ب انتخابات عامة نزيهة في سوريا بإشراف الأمم المتحدة.

 لم تتوقف الولايات المتحدة رسميا عن المطالبة بهذا المسار السياسي وهو أفضل الحلول المطروحة ويكاد يكون الحل الوحيد، نظرا لاستبعاد الحل العسكري، وبعد ان تبين أن نظام الاسد يتعايش مع العزلة والحصار، لأنه لا يضع في اهتماماته الشعب السوري الذي يعاني الأمرين، كان لابد من تجربة مسار آخر وهو التطبيع.

خلال زيارتها للشرق الأوسط قالت معاونة وزير الخارجية الأمريكي ليف عن التطبيع العربي “بعضهم قال بصراحة شديدة وفي السر وقد سمعت بعضهم يقول علناً: من وجهة نظرهم، فإن العزلة لم تنجح؛ ويريدون تجربة المشاركة”، لترد ليف على هذا الأمر بأن منهج أمريكا هو القول: “تأكدوا من حصولكم على شيء في مقابل هذا الأمر.

يكشف المطلعون على الأجواء الأمريكية والروسية أن وتيرة الضربات الإسرائيلية زادت في الآونة الأخيرة وستزيد في المرحلة المقبلة، ومن جانبه بوتين كان مستاء من بشار الأسد خلال زيارته الأخيرة الى موسكو لأنه أطلق تصريحات غير مسؤولة حسب وجهة نظر روسيا، في الوقت الذي كان عليه أن يكون عقلانيا، مما جعل روسيا تعيد إجراء لقاء صحفي معه من أجل تعديل تصريحاته، وتحديدا نحو تركيا، هنا نأتي للمنظار الروسي المتعب في اوكرانيا بعد أكثر من عام، كان من أهم نتائجها أنها جاءت على عكس ما أراد بوتين وخطط له، و تحتاج للخروج من الحلبة بأقل الخسائر، لاشك أن هناك مساومات غير معلنه وغير معروفه، لابد ان تكون سوريا حاضرة كورقة بيد روسيا ووهي ورقة خصبة في التفاوض، وقبل الحديث عن الخسائر والأرباح في سوريا، يمكن لروسيا اطلاق العملية السياسية والادعاء بانها تساير وترضى الطرف الغربي والطرف العربي و الطرف التركي، وإن فقدت روسيا بشار الأسد فإنها لن تفقد النظام، وتتفاهم معه وخصوصا من الناحية العسكرية لضمان قواعدها ومصالحها واستثماراتها الاقتصادية التي حصلت عليها و ستحصل عليها.

 وفي السياق يمكن الحديث عن المنظار الإيراني التي حصلت على الكعكة الكبيرة، جراء توقيع الاتفاق مع المملكة العربية السعودية للمشاركة في ترتيبات المنطقة، لحلحلة أغلب مشاكل المنطقة ومنها سوريا، يبين الاتفاق المذكور أن حساب البيدر ليس في صالح بشار الأسد، فيما لو نجحت عملية التطبيع، حتى لو استفاد منها مرحليا.

الجانب التركي من التطبيع له اسباب كثيرة داخلية ودولية وإقليمية، وهو ضمن الكماشة التي تعطل مصالحه وسياساته، النظام وما خلقه لتركيا من أعباء سكانية وتجارته المعطلة مع الخليج، والبي كا كا وعمادها قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع واشنطن، لذلك كان لابد للجانب التركي من محاولة لتغيير هذا النمط من الجمود الذي استقر عليه، فذهب باتجاه التطبيع تحت عنوان القرار 2254، لعدم اغضاب واشنطن.

الجانب العربي كان اول من دعا منذ العام 2011 إلى حل سياسي عبر المبادرة العربية التي حملها كوفي عنان وأصبحت بيان جنيف1، ثم استقرت في القرار 2254 مع بعض التغييرات الطفيفة، إذا ليست جديدة الطروحات العربية، ولا التحركات العربية، مع معرفتنا بتمسك الجانب العربي صراحه بهذا الخط، وكان وزير الخارجية المصري تحدث بصراحة خلال استقباله وزير خارجية بشار الأسد في مصر، عن تطبيق القرار الدولي و اطلاق العملية السياسية،  اذا كل الطرق تؤدي الى واشنطن والمعبر والطريق القرار 2254، ولا أحد في وارد اغضاب واشنطن، عند البحث عن حل، إذا مرحلة بشار الأسد انتهت، وهذه النهاية تبدأ بالعملية السياسية الجادة.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: