أحمد عرابي

أكاديمي سوري

السوريون هموم وآمال

إن للسوريين في هذا الزمان هموم كثيرة بعضها قديم وبعضها جديد ودون مقدمات فإننا نلمح في الأفق نذراً تبعث على القلق ولا تسمح للعقلاء بالتفاؤل وسط الغيوم الملبدة ومع ذلك هناك آمال مرهونة بشروط كثيرة ومعلقة على أداء أعمال كبيرة ولكن هل نحن مؤهلون لها أو قادرون عليها وعلى رأس الهموم هو فشل المعارضة الذريع بكل أطيافها بل وخذلان الشعب الذي ضحى بكل ما يملك من أجل هذه الثورة واسقاط منظومة الفساد وعصابة الأسد واما الهم الثاني فهو خيانة الدم السوري الذي سال من أجل العيش بكرامة وحرية وعدالة وقام ضد أكبر طاغية بهذا العصر فقتل واعتقل وشرد شعبه ودمر البلاد  وباع سورية الى المحتل الروسي والايراني من اجل البقاء على كرسي الحكم ولسائل بعد ذلك أن يسأل عن التواصي والتناصح بين الحكام العرب بضرورة السير وبغير تردد ولا تثاقل بالهرولة بل الركض لإعادة تأهيل بشار الأسد وإعادته إلى الحاضنة العربية وما يسمى بالجامعة العربية وفتح السفارات له بهذه الدول ومحاولة إعادته إلى المجتمع الدولي إنه الخزي والعار على هؤلاء الحكام الذين وصفهم بشار الأسد بأشباه الرجال ووصفهم بدعم الارهاب الم يسمع هؤلاء بان هذا السفاح المجرم قتل مليون سوري واعتقل أكثر من مليون بين نساء وأطفال وشباب ورجال وشيوخ وهجر أكثر من خمسة عشر مليون سوري ودمر البلاد كلها بكل أنواع الاسلحة وهو من جلب المستعمر الايراني والروسي وهو من أغرقهم بكل أنواع الحشيش والمخدرات والآن يريد هؤلاء إعادة تدوير هذه النفايات ونقول لهم مهما نجحتم بإعادة تدوير هذه النفايات تبقى وستبقى نفايات ونقول مباركة لكم وعليكم يامن خذلتم هذا الشعب العظيم هذا الشعب الذي ضحى من أجل كرامة الأمة العربية كلها فهل يعني تكاثر هذه الهموم على السوريين أن يغلقوا صفحة الأمل وأن يستسلموا للتشاؤم والقنوط  وأن يجلسوا في حزن ينتظرون الأيام الحسوم والسنوات العجاف سنوات التراجع والعزلة عن العالم والتبعية للقوى الصاعدة في نظام عالمي جديد .
والجواب بلا تردد : أن نوافذ الأمل لا تزال مفتوحة وأن فرص الخروج من المأزق لا تزال متاحة وأن الأمر في النهاية أمر تحرير وطن وإسقاط  طاغية وعصابة حكمت سورية أكثر من خمسين عاماً وهي بالوقت نفسه نهضة لها شروطها  والأمل في السنوات القليلة المقبلة معقود بعدة أمور منها سرعة تجاوز مرحلة الانفعالات الغاضبة والمواقف الجدية وتبادل الاتهامات  التي خيمت على الثورة كلها خلال هذه الأزمة وهذا التجاوز بدوره مرهون بإدراك واع لأهمية البدء في الإصلاحات الأساسية التي رسمنا صورتها باعتبارها الوجه الآخر للأخطار والهموم التي شرحناها إن الانتقال إلى المستقبل المأمول لابد أن يمر عبر الحاضر بكل مكوناته ما نحب منها وما نكره والقطيعة الكاملة والخلافات التي وقعت بين بعض الفصائل الثورية وفقدان الحاضنة الشعبية الداعمة لها ستظل عقبة على طريق الخروج من الأزمة ومن هنا فلا بد من حوار سريع.. ليكن فيه ما يكون من حدة ومن عتاب ومن تحديد للأخطاء ولكنه سيكون – في النهاية – سبيلاً إلى رشد جديد وإلى واقع لا بديل له للقيام بعمل مشترك في أي مجال من المجالات التي تحقق طموح الشعب السوري في نيله الحرية والعدالة والكرامة وعلى الحكماء والمثقفين والسياسيين جميعاً مطالبون أشد المطالبة – بالسعي بين الأطراف كلها لرأب الصدع وتمهيد طريق الحوار وتنبيه الغافلين من قادة المعارضة وقادة الفصائل العسكرية إلى أن مستقبل سورية كلها رهن بأسلوب تعاملهم مع حقائق هذه الأيام الصعبة التي تراكمت فيها علينا المصائب  والهموم والأخطار في طريق تحقيق المشاركة الشعبية واحترام حقوق الإنسان.. فلا حماية لأحد – في نهاية المطاف – إلا بالسير في هذا الطريق لتحقيق النصر وتحرير سورية من جميع المرتزقة وعلى راسهم النظام الفاسد وعصابته المجرمة وعلى الجميع التوافق على تشكيل مجلس عسكري موحد وبقيادة واحدة دون أن يكون تابع لأي جهة في العالم فالتابع يبقى تابع لا قرار له ولا سلطة وللمثقفين هنا دور مصيري لا يجوز التفريط فيه وهو دور الناصح في غير مجاملة ولا مداورة ولو جلب عليه النصح سخط هذا القائد أو ذاك وعدم تجنب العزلة عن مسيرة الأمم والشعوب من حولنا وهي تتقارب وتتعاون من أجل مصالحها في نظام عالمي جديد وإن الحصول على مكان لنا داخل هذا النظام ينبغي أن يكون هدفا أساسياً من أهداف العمل الوطني والقومي هذه الأيام ومعنى هذا أن أمامنا نحن السوريين فرصا عديدة للحركة والمناورة وتجاوز الأزمة علينا أن نبحث عنها وأن نتعامل معها بكل الحكمة وكل السرعة مزودين برؤية موضوعية متجددة لكل ما حولنا وأخيرا : إن الثقة بالنفس ضمان لا غنى عنه لاجتياز هذه الأزمة التي تعصف بنا حالياً من كل الجهات الصديق والعدو وإذا كانت المفارقة في حياتنا مفارقة هائلة بين قيم ثورتنا التي قمنا من أجلها وهي قيم حق وعدل ونهضة وحرية  وتقدم وبين واقعنا العربي المخزي بالنسبة لقضيتنا وثورتنا المباركة  وهو حتى الآن  واقع سكون وترهل وحيرة وانقسام وكلام كثير وتآمر على هذا الشعب المظلوم  ولنتذكر أن النعمة قد تكون أحيانا مطوية في ثنايا النقمة وأن الأزمة الكبيرة التي يعيشها كل السوريين هذه الأيام يمكن أن تكون بداية حركة واعية على طريق نهضة حضارية جديدة وأننا نحمل للعالم حضارة تتوازن فيها جوانب الوجود الإنساني وتعلو في ظلها قيم الإيثار وتقديم الفضل والعطاء على نوازع الأثرة وعبادة الذات  وعبادة الحكام الطغاة  وهي قيم يعرفها العقلاء في كل مكان أن الحاجة إليها سوف تشتد يوما بعد يوم مع تواصل قفزات العلم  التي نشهد حلقاتها يوما بعد يوم ومعنى هذا كله أن لنا  رغم همومنا ومشاكلنا دوراً تاريخياً حقيقياً عالمي الأفق ليس من حق أحد أن ينساه أو يفرط  فيه وفي النهاية نعود ونقول إن الخطر والتآمر على ثورتنا كبير وإن الأمل في إسقاط هذا النظام الفاسد المجرم قائم ومشروع ولا بد منه حتى ولو وقف معه العالم كله فهذه ثورة شعب والثمن الذي يدفعه كل منا وفاء لهذه الثورة المباركة شيء عظيم سيخلده التاريخ السؤال هنا : هل فعلاً إسرائيل وأمريكا والغرب يريدون للشعوب العربية الديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة والتخلص من الحكام الطغاة الذين دمروا البلاد وأفسدوها وسرقوها.

(مجنون من يصدق ذلك )

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: