
ياسر بدوي
كاتب وصحفي سوري
نقاط الاختلاف والاتفاق ومستوياتها
بما أنه مطلوب من الشعب السوري اجتراح المعجزات لنيل حريته وكرامته، وبما أن حائط السد الذي أقامه النظام وحلفاؤه صعب الهدم، لوجود قوة دولية، روسيا، وإقليمية، إيران، وهؤلاء جميعا لا يعترفون بأية نواظم للعمل، حتى نواظم الاحتلال، وبما أن الشعب السوري الذي تحت قبضة النظام لا حول ولا قوة له، وبما أن جميع التشكيلات المعارضة لم تحقق المرجو منها، وبما أن المخاوف باتت تهدد جميع الثوار والناس بعد مسارات التطبيع مع النظام، وبما جميع الخوارزميات السورية مضروبة، فالحل السياسي لها مخاطره، هذا إن كان لدى النظام أية نية للحل، فضلا عن أن أخطر ما في الحل السياسي، أنه سيجعل رواده يدفعون الفاتورة المالية التي استلفها النظام لقتل الشعب، وسيفاوضون على حصصهم في سوريا، وبما أن المتاهة هي السائدة، لا بد من إعادة النظر في جميع الطروحات التي سادت، من القوى السياسية و العسكرية و الثورية و النقابية والشعبية، لرفع الصوت عالياً ووضع خريطة طريق للوصول إلى حل، نتخلص من الاستبداد والظلم و الشرذمة و الاحتلالات، وأن يعرف الجميع المشتركات الوطنية التي يجب الالقاء حولها، ونقاط الاختلاف التي هي حقوق فردية وجمعية،
نقاط الاختلاف تتعلق بالفكر والإيمان والمعتقد ونمط الحياة، وهي حقوق مصانة في القوانين والشرائع والمواثيق الدولية، يجب أن يحترمها الجميع ويحترم حاملها، لنشر ثقافة وقيم الإنسان في العقلية والسلوك، منها ما هو ضروري التطبيق الآن ومنها ما هو مرحل إلى ما بعد استعادة المجتمع السوري لروابطه المنطقية، بعد التحرر من الاستبداد والاحتلال والمخدرات والفاقة والفقر والحرمان من رائحة تراب الوطن، مع ضرورة وجوب العمل عليها وكتابة الوثائق الشفهية والمكتوبة حولها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لخلق صور إنسانية مثالية في التجربة النضالية السورية.
نقاط الاختلاف هذه ليست حادة وليست الحياة أبيض وأسود، إنما فيها جميع الألوان حسب ابن خلدون، وفيها تدرجات كل لون.
وأما المشتركات فهي كثيرة وهامة وضرورية للخلاص، رفض النظام الديكتاتوري الذي أجرم بحق السوريين، ضرورة اللقاء على كلمات جامعة هي مصلحة وضرورة للجميع، وهي المهمة التي اضطلعت بها حركة التحرر الوطني، التي تخاطب الجميع وصوت الجميع، ومطلوب من المفكر والسياسي والفنان بلورة هذه الحركة ورفع المبادئ التي تقوي الحركة وتجعلها صامدة أمام المتغيرات الحاصلة والتجارب التاريخية تدلل كيف استطاعت مثل هذه الحركات الوطنية التحرر من القوى العالمية والاستبداد الداخلي.
هنا لا بد من نقد المعتقدات التي آمنا بها واعتقدنا أنها ستتحقق في أيام وشهور وباءت تلك الرهانات بالفشل، لأنها كانت مغلفة بالأحلام والأمنيات أكثر من ارتباطها بالعمل والتضحية، من تلك الأماني الرهان على المجتمع الدولي الذي بات يقاتل من أجل ادخال لقمة الأكل للجوعى.
الحل لن يأتي سهلا ومن ينتظر من قادة المعارضة أن تفرش له السجادة الحمراء ليعبر عليها إلى الحكم والاسترزاق لن يجد هذا، الحل بإعادة قراءة الواقع وضروراته وبجرأة وتضحية قبل فوات الأوان، ومنها الزعم بضرورة عدم وجود قائد للثورة، وهي فكرة طالما آمنت بها الكثير من النخب، بل العكس اشتغلت الأقلام على تشويه قيادات المعارضة والثورة، ولا بد من دراسة هذه الفكرة، وكم هو ضرورة وجود قائد يحشد الجماهير حوله وينهي حالة السرمد والتيه الحالية، لاستعادة زمام المبادرة والفعل وقيادة عملية التحرر الوطني.
هذه دعوة للجميع للكتابة وقول كلمة في هذا الطريق؟
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.