
العميد محمد العبيد
المجلس العسكري السوري
حركة التحرر الوطني السوري- بناء الدولة الوطنية 2
عندما تقترب الحروب من نهايتها ، أو عندما يُلحظ ما يُنذِرُ بسقوط مدوي لنظام مجرم استبدادي ، فإن أنظار العالم ستنظر باهتمام بالغ لهذا الحدث، فهذه اللحظات فارقة بحياة الشعوب ولاشك بأنها أيضاً ستكون لحظات ” يُصنع فيها التاريخ ” فبعد السنوات العجاف من عمر الثورة، لابد من انبثاق أفق جديد لم يكن متوقعا بسبب الحالة الضبابية وانعدام الرؤى السياسية التي زادت بكل تأكيد من حالات التعثر لأسباب كثيرة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ومع ذلك فإن مفهوم المواءمة والموازنة كان إلى حد بعيد غير موجود على الإطلاق.
وهذا ما حفز قيادة المجلس العسكري للنظر في هذا المناخ الجاف نسبيا والمحمل بكثير من الغبار لطرح معادلة أُسها الكبير الوطن والتي رأى الكثير من السياسيين انها نافذة لأفق جديد يمكن الولوج من خلالها وتحقيق الهدف المُرادِ منها إلا أن هذه الحقيقة ما انفكت أن تكون حالة من “التحول” في المسار التاريخي والذي شهدته حركات التحرر الوطني على مستوى العالم وبالتالي فإن ازدياد مساحة العمل لن تكون إلا مساحة إضافية يمكن من خلالها تشيد الكثير من الرؤى والأفكار وصناعة الأطر الأكثر ملائمة للحالة السورية.
وبالنظر إلى حركة التحرر الوطني السوري فإنها ستشكل الإطار العام لكل عمليات التحرر الوطني والتي ستأخذ بعين الاعتبار كافة التحديات التي ستواجهها على المستوى الداخلي يضاف لها تعقيدات عالمية جديدة تتضارب مصالحها مع كل ما هو مطروح وجديد على الساحة السورية وهو ما ارتكز عليه المجلس العسكري من خلال حركة التحرر الوطني السوري التي رأى من خلالها أنها هي القادرة على:
– الانفتاح السياسي والمشاركة السياسية الفعالة على كافة المستويات ولا يغيب عن ذلك دور النخب السياسية في هذه العملية التي سيكون حجم التفاعل الاجتماعي فيها كبيرا إلى درجة الانصهار وصولا لتحقيق الأهداف.
يضاف فإن الانفتاح السياسي سيفتح على مصراعيه لأسباب تتعلق بحدوث تحولات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية في بنية المجتمع والدولة والتي تعرضت في مرحلة ما إلى تصدع واضح في أساس البنيان.
ولاشك فإن تسارع الأحداث السياسية الإقليمية والدولية ودخول دول كثيرة لحلبة الصراع العالمية هو ما يشير إلى أن تحقيق التقدم بات أمراً مرغوباً به خاصة أن سورية اليوم باتت مسرحاً للعمليات العسكرية لأكبر دول العالم.
– كما أن اعتماد حركة التحرر الوطني على نهج الدخول لتصدر المشهد السوري كإطار منطقي وعملي لمساعدة السوريين في تجاوز محنتهم التي فاقت حدود العقل وتحقيق نتائج إيجابية تفوق المأمول من خلال خطط وبرامج تم صياغتها يضاف لها ما يتم توقعه في كل مرحلة من مراحل العمل، كما أن لرصيد التجارب العالمية دورا كبيرا في عمليات الصياغة الاستراتيجية.
– وحدها حركة التحرر الوطني السوري القادرة على تحقيق الموازنة بين إدارة الأزمات قصيرة الأجل والتخطيط طويل الأجل على اعتبارها تشكلت من مجموع الأطر والقوى الوطنية الفاعلة وهي التي رسمت الأفاق المستقبلية حيث يكون وضع رؤية طويلة الأجل الهدف النهائي والذي يعد أمرا بالغ الأهمية.
أن الأوقات التي توصف بالاستثنائية تتطلب قدرا كافيا من التدابير الاستثنائية وهذا ما يجعل الحاجة لامتلاك تفكير بطرق مختلفة، فحركة التحرر الوطني السوري تدرك أن السياسات وكافة الخطط التي كانت في مرحلة ما معقولة ليست كذلك فيما بعد.
إن التأسيس لمرحلة جديدة حتما سيناط بالكثير من التعقيدات المحتملة وغير المتوقعة وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام حركة التحرر الوطني السوري التي قرأت بشكل جيد طرق وأساليب التعامل مع الظروف إضافة لمعرفة حجم التحديات التي تواجه المجتمع برمته فلحظة الانتصار وسقوط رموز الإجرام يحتم عملية بناء رصينة كما هي الحاجة لإطار يوازن بين الحرص الشديد وما بين الدخول فيما هو غير محسوب.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.