صفاء شاوي

اكاديمية سورية

من الغالب… ومن المغلوب ..؟

لماذا قبل أن تقوم الحروب تفشل السياسة بكل أشكالها وعندما تندلع الحرب نعود إلى حضن السياسة والتدخل السياسي ليكون هو الحل للخروج من الأزمة ، فهل تكون الحرب بالقوة العسكرية هي الغالب والقوى السياسية هي المغلوب  أم العكس ؟  أليس مدهشاً أن يستمر الصراع بين القوى العسكرية والقوى السياسية في دول العالم ويتبادل فيها الطرفان موقعي الغالب والمغلوب ؟!  ومن المفارقة نجد بعض الأحيان جلوس الطرفان الغالب والمغلوب على طاولة المفاوضات وكل طرف يحسب نفسه منتصراً على الآخر في حين أن الطرفان هما الخاسران بهذه الحرب التي كان بالإمكان أن لا تقع طالما يمكن أن يجلس الطرفان على طاولة واحدة مثالا على ذلك الحرب الطاحنة التي وقعت في سورية التي شنها المجرم بشار الأسد وعصابته على الشعب السوري المعارض له وكان بالإمكان الجلوس على طاولة الحوار والحل منذ بداية الأزمة وذلك لتجنب البلاد إلى ما وصلت إليه حتى الآن ولكن حب الطاغية بشار للتمسك   بالسلطة والحكم جعله يرفض كل الحلول التي طرحت عليه داخلياً وخارجياً ودولياً واختار الحل القمعي العسكري وبدأ بالحرب ضد شعبه فدمر البلاد والعباد وأصبح مولعاً فيها وجلب كل الميليشيات الطائفية واستعان  بالمستعمر الروسي والإيراني فاعتبر نفسه هو الغالب والطرف الآخر هو المغلوب ، فهنا يكمن الخطر فهو ينتحل هوية الغالب ويصبح مقلداً له وهو يعيش على شفا حفرة من السقوط في هاوية الحرب المريعة التي عصفت بالبلاد والعباد خلال اثني عشر عاماً من الدمار الشامل والقتل العمد وانهيار كل مفاصل الدولة اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً مع انتشار ظاهرة الخطف      والفساد والمحسوبية في مفاصل الدولة بالكامل وتدمير البنية التحتية للبلاد كلها  بعد كل هذا ماذا كانت النتيجة، هل فعلا انتصر بشار الأسد وهو الغالب وهو لا يملك أي قرار في الدولة وقراره مربوطة من أسياده الروس أولا والإيرانيين ثانياً حتى أنه  لا يملك السيطرة على الميليشيات التي جلبها لقتل الشعب السوري إذا المنتصر والغالب   والمستفيد هم كل من الاحتلال الروسي والإيراني الذين سرقوا ونهبوا خيرات البلاد   والعقود التي باع بموجبها مقدرات الوطن لهما فأي نصر حقق هذا الطاغية الأهبل المعتوه فهو الخاسر الأكبر بهذه الحرب وأما المغلوب فعلا فهو الشعب السوري المظلوم الذي خسر كل شيء خسر الوطن خسر أملاكه خسر خيرة شبابه وأطفاله ورجاله خسر أرضه وأصبح مشرداً في دول العالم لا يجد من يناصره ويناصر قضيته بل على العكس تآمر العالم على هذا الشعب العظيم الذي طالب بحريته وكرامته والعيش بسلام وأمان واستقرار وبعد كل ما حصل فهل هناك غالب ومغلوب في هذه الحرب فالجميع خسر   والكل تجرع كأس المر  الإنساني الممزوج بالآهات والمليء عن آخره بدموع المكلومين  والثكالى .. لا حديث اليوم في الوقت الحالي بعد اثني عشر عاماً من الحرب الطاحنة عن غالب ومغلوب بل هي خسائر وطن كان في وقت مضى منارة ثقافية وواحة غناء ومزاراً سياحياً للعالم وما لبث أن تحول هذا الوطن الجميل بأرضه وأهله إلى مدن أشباح وأطلال عفنة تعشعش فيها الخفافيش وتسكنها الجرذان والكلاب الضالة وتتصاعد فيها رائحة الموت هذا ما يسميه المجرم السفاح القاتل بشار  الأسد بأنه انتصار اي انتصار هذا فهذه الحرب لا مكسب فيها فالذي حصل لا يعادل تكلفة الخراب والدمار والدماء التي أريقت وعدد القتلى والمصابين بعاهات دائمة بالإضافة إلى أن هذه الحرب التي قام بها ضد شعبه أصبحت في حقيقتها حرب بالوكالة بين أنظمة إقليمية وأخرى دولية يسعى كل طرف فيها إلى أن يقود المعركة وفقاً لمصالحه متجاهلا مصالح الشعب السوري الذي تعرض الملايين منه لعمليات القتل والتهجير والنزوح  والاعتقال والذل في دول الجوار فتفرقت الأسرة السورية بين ابن لقي حتفه في المعارك الطاحنة وآخر معاق نتيجة تعرضه للقصف وآخر نازح إلى بلد الجوار ومنهم المشردين في مخيم للنازحين يعانون قيظ الصيف وزمهرير الشتاء وها نحن بعد اثني عشر عاماً من الخراب والتدمير والاقتتال والتناحر الطائفي البغيض الذي جرنا إليه الطاغية بشار الأسد وكان سبب بدخول كل المليشيات الطائفية من المرتزقة الإيرانية  والعراقية وحزب الله اللبناني وكلٌ يقاتل بدعوى نصرة الحليف لكنهم في حقيقة الأمر لن يكونوا سوى أدوات أيدي منظمات تخريبية وإرهابية إيرانية لهذا السبب فإن الخروج من هذا المأزق وهذه الأزمة التي ألمت بالشعب السوري الحر سوف يتطلب عقوداً طويلة من  الإرهاصات السياسية والاجتماعية والثقافية بعد الإرهاق التام للمحاربين من كلا الطرفين وبروز عقلية جديدة من أبناء الشعب السوري الحر الذي يرفض نظريات المؤامرة الكونية وكذبة الإرهاب لقمع الشعب ، وتنطلق من مبدأ أن الإنسان السوري مسؤول عن نفسه وعن وطنه وعالمه وقادر على صياغة حاضره ومستقبله في دولة مدنية ودستورية تسودها حقوق المواطنة وتنفصل فيها السلطات التنفيذية  والتشريعية والقضائية ونأمل أن تكون حركة التحرر الوطني السوري التي أعلن عنها حديثاً هي بارقة الأمل المنشود لكل السوريين وأن تكون فعلا هي المظلة الجامعة لكافة أطياف المجتمع السوري والمعارضة والقوى السياسية والعسكرية والثورية معاً ليكون الشعب السوري هو الغالب والمنتصر على كل أعدائه ٠

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها

%d مدونون معجبون بهذه: