
العميد الركن المجاز فايز عمرو
المجلس العسكري السوري
ما هو دور المعارضة وما هو المخرج؟
درجت العادة لدى كتّاب المقالات لاسيما أصحاب الاختصاص منهم اتباع التسلسل البحثي ابتداءً بالمقدمة مرورا بالفصول الأساسية انتهاءً بالخاتمة، لكن نظرا لحساسية الموضوع وأهمية المضمون لا الشكل أحب أن أعتذر الى القرّاء الأعزّاء بالخروج على القاعدة، لأن المعلومات والأفكار التي أبغى ايصالها في المقدمة أراني هنا أسردها في مجموعة من الأسئلة المشروعة. هذا التدبير فرضته علينا خطورة المرحلة التي تمر بها قضيتنا بحيث تحولت الى قضية وجود او لا وجود. بطبيعة الحال لم يعد أي شيء مخفي عن دور وسلوك الكثير ممن يتحدثون باسم الشعب السوري تحت مسمى محللين استراتيجيين او ممثلي هيئات المعارضة دون أية ضوابط أخلاقية.
دعونا نسرد مجموعة من الأسئلة التي تحتاج الى إجابات واضحة من أصحاب الشأن الذين تمكنوا بدعم إقليمي ودولي من مصادرة صوت الثورة والتحكم بكل مفاصلها السياسية والعسكرية والمالية والإغاثية والإعلامية …. الخ، وأخص بالذكر هنا الركائز الأساسية الأربعة (السياسية -العسكرية – الاقتصادية والإعلامية) لأنها كانت بمثابة كارثة على واحدة من أنبل الثورات الوطنية في العصر الحديث:
- أين هي الخطة الاستراتيجية العامة أو الخطط المرحلية من أجل توحيد (قوى الثورة والمعارضة السياسية والعسكرية) كما أسموها هم؟
- هل وضعت خطط خاصة بتعبئة الضباط وصف الضباط والجنود المنشقين عن النظام واستيعابهم من أجل أداء واجبهم الذي انشقوا من أجله؟
- لماذا تم تهميش وتجويع وفرض الإقامة على جميع الضباط وصف الضباط الوطنيين المخلصين؟
- هل وضعت خطط خاصة بتعبئة الكوادر المهنية والعلمية الاختصاصية الوطنية التي انشقت عن النظام واستيعابها في مؤسسات المعارضة التي تم تأسيسها؟
- هل تم حصر وتنظيم تداول السلاح المستخدم من قبل المجموعات والفصائل المسلحة اسوة بالسجلات الأمنية الخاصة بتشفير الأسماء الوطنية المخلصة (العسكرية والمدنية) وتحييدها ومنعها من أداء واجبها الوطني؟
- ما هي الخطط العسكرية الموثقة لتنظيم قيادة الكفاح المسلح من أجل مواجهة جيش النظام المجرم وقوى الاحتلال والميليشيات الطائفية الإرهابية؟ مع بيان بأن الجهة المتحكمة بالمال والسلاح هم أشخاص من الائتلاف.
- ماهي الخطط والبرامج السياسية الوطنية الخاصة بمخاطبة الداخل السوري من جهة ومخاطبة الجوار العربي لحساسيته من جهة ثانية والمجتمع الدولي من جهة ثالثة؟ أم تحولت مؤسسات المعارضة الى دكاكين لإطلاق شعارات مزيفة ومذهبية اقتداء بمؤسسات العصابة الحاكمة؟
- ما هي المؤسسات الإعلامية التابعة للمعارضة السياسية والعسكرية، وماهي الخطط الإعلامية لتوجيه العمل الثوري ومواجهة الإعلام المضاد؟
- ماهي التدابير الإعلامية المتخذة لضبط نباح المحللين الاستراتيجيين الذين اتخذوا من الإساءة للرموز الوطنية مهنة ارتزاقيه؟
- هل يوجد نظام عمل مصدق وخطط تنفيذية تلتزم بها كافة مؤسسات المعارضة السياسية منها والعسكرية والمالية والإغاثية وغيرها لضمان سير العمل فيها بالشكل المطلوب؟
- هل توجد ضوابط قانونية مكتوبة ومصدق عليها لمواجهة الأمراض والعلل التي تنخر جسد المعارضة، وما هي الضمانات الموثقة لمحاسبة الفاسدين واللصوص والعملاء والمرتبطين بجهات معادية للثورة؟
- هل توجد خطط لمعالجة مسألة تبعية الفصائل المسلحة وتوحيدها في بنية عسكرية واحدة تخضع لضوابط قانونية، أم أن المطلوب بقاءها بالشكل القائم لسهولة السيطرة عليها من قبل الداعمين؟
- ماهي الأسس التي اعتمدت لتشكيل المجموعات والفصائل المسلحة، من هو صاحب القرار في استخدام البندقية، ومن هي الجهة التي تتحكم بها سواء كانت حزبية أم ماذا؟
- هل توجد مستندات رسمية وكشوف بالنفقات المالية والمساعدات المادية التي تلقتها القيادة العسكرية والسياسية، وماهي القواعد التي بموجبها تم تحديد رواتب المسؤولين والعاملين في مؤسسات المعارضة؟
- من المسؤول عن دخل بوابات العبور الحدودية، وأين تصرف تلك العائدات؟
بالتأكيد هناك أسئلة كثيرة لا مجال لذكرها بهذه العجالة وقد تبقى اليوم أوغدا دون إجابة غير أن ذاكرة التاريخ لن تغفل أية شاردة أو واردة وستطبع الإجابات في منصة العدالة لإحقاق الحق. هكذا علمنا التاريخ.
ما يعنينا هنا هو أن الأسئلة المطروحة أعلاه توصلنا الى الحقائق التالية:
- إن عويل معظم المحللين الاستراتيجيين الذين يمارسوا دور العمالة المبطنة يتناولون الرموز والمشاريع الوطنية دون ان يقدموا البدائل ولو من قبيل الحفاظ على ماء الوجه.
- إن المعارضة المتمثلة بالمجلس الوطني والائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية والمؤسسات المنبثقة عنها بما فيها اللجنة الدستورية اللاّ سورية ترسم صورة سلبية وغير متكاملة مع الشارع الثوري العامل ضد إرهاب الدولة والدكتاتورية. وتضم تلك المؤسسات كثير من الاعضاء المستهلكين من قبل أجهزة استخبارات دولية، والبعض منهم مرتبط مع الدول المعادية للشعب السوري، ومنهم من لا علاقة له بكل ما يجري على الارض والبعض منهم لا يعرفون جغرافية سوريا.
- إن معظم مسؤولي المعارضة السياسية والعسكرية بمشاركة الدول الداعمة لهم ارتكبوا جريمة كبرى بحق الثورة من خلال تبني أعداد كبيرة من المجموعات المسلحة المتناحرة غير المنضبطة والمرتبطة بالمال السياسي والولاء لمن يدفع أكثر وبرزت ظاهرة أمراء الحرب والتي شكلت الحلقة الأخطر في مسيرة الثورة السورية.
- إن بعض الشخصيات المفروضة على المعارضة السياسية والعسكرية مع الجهات الداعمة لعبت ولا تزال دورا مشبوها لإبعاد كافة الكوادر الوطنية المخلصة العسكرية والسياسية والاختصاصية والاجتماعية عن موقع القرار في الثورة.
- نتيجة الفساد والمحسوبية والدعم المطلق من قبل الجهات الداعمة تحول العدد الأكبر من رجالات الائتلاف الوطني والمؤسسات التابعة له الى أصحاب رؤوس اموال ومستثمرين في الوقت الذي تبحث فيه معظم الكوادر الوطنية من ضباط ومهندسين وأطباء وموظفين ومربين الى طرق عبر البحار من أجل الوصول الى ما وراء البحار بحثا عن ملاذ آمن يطعمون فيه أبناءهم وجبة تحافظ على حياتهم، أما وضع أهلنا في المخيمات فلا يحتاج منا الى مزيد من البحث لأن واقع الحال يتكلم بمرارة لا متناهية عن أحوالهم.
- عدم وجود قيادة وبنية عسكرية موحدة للمعارضة المسلحة. حيث توجد عشرات الفصائل والتنظيمات المسلحة تحت أمرة شخصيات جاهلة، أمية ومدنية والبعض منها على خلفية دينية تندرج تحت إطار ميليشيا وي غير مهيأة وغير صالحة لتمارس قيادة فصائل ذات طابع عسكري مما أكسبها صفة الميليشيات الإرهابية وفقا لمنظار المجتمع الدولي وهي بمجموعها عناصر متناقضة تمتلك شهوة السلطة والسعي خلف الثروة وبناء كانتون خاص في سابقة لم تشهدها أية ثورة في العالم.
وما هو المخرج؟
ما يربو على عقد من عمر الانتفاضة وقيادات مؤسسات المعارضة (يتم تدويرها على نحو يفوق فساد وسفالة مؤسسات النظام المجرم) مشغولة بالتسول على أبواب السفارات وتقديم أوراق اعتماد العمالة على مداخل بوابات الخدمات السرية وتكديس رؤوس الأموال ومتابعة استثمارها. تلك الأموال التي كدستها من ثمن جوازات السفر المزورة التي باعتها للبؤساء ومداخيل تجارة البشر والسلاح، ومن تجارة بيع وشراء العقارات والعربات والمنازل الفاخرة في أغلى المدن والحواضر العالمية، وتجارة تزوير وبيع الشهادات العلمية ولعب دور الوسيط لتامين المنح الدراسية في جامعات افتراضية. تلك الرموز الفاسدة التي سرقت امل الملايين الثائرة وحولت الثورة من مسارها الوطني الى مسار أيديولوجي حزبي ضيق ومذهبي مقيت يعكس الجانب الأبشع من هوية النظام المجرم. لقد عكست تلك الرموز الساقطة صورة مشوهة للعالم الخارجي الذي أحجم بنتيجته عن دعم المطالب الشعبية السورية لا سيما من قبل الرأي العام الشعبي قبل الحكومي.
لم تكن تلك الرموز الفاسدة مؤهلة لفعل أي شيء مفيد للثورة لعدم اهليتها المهنية سواء السياسية او العسكرية او الأخلاقية وافتقارها للشرعية الوطنية. السوريون الان يريدون كما يقال عنبا ولا يعنيهم الناطور لذلك من المهم جدا الان البحث عن الجهة التي يمكن أن تحظى بالقبول لدى المجتمع الدولي كبديل وطني للتخلص من هؤلاء الفاسدين المجرمين والتخلص من الديكتاتورية ونظام الحزب الواحد واسقاط المنظومة الأمنية الحزبية المذهبية للمعارضة والمنظومة الأمنية الإرهابية الطائفية للعصابة الحاكمة والبدء ببناء دولة المواطنة.
لذلك كله فإن أية قراءة منطقية تتناول الوضع السوري الراهن بجانبه السياسي المعقد والقوى والميليشيات الإرهابية المحلية والأجنبية وعشرات الفصائل المسلحة غير الخاضعة لقانون أو عرف والمنتشرة على جغرافية البلد، ومسألة انتشار السلاح الخفيف والمتوسط في كل مزرعة وبلدة وقرية، ومسالة تواجد قوى احتلال العديد من الدول، والوضع المأزوم لجيش وقوات وأجهزة أمن النظام، ستتوصل الى استنتاج مفاده الإقرار بحتمية وجود هيئة قيادية سياسية وطنية تكون المظلة الشرعية لقيادة عسكرية وطنية محترفة قادرة على وضع الخطط ومتابعة تنفيذها من أجل نزع وتجميع السلاح وضبط استخدامه في عموم البلاد وتنقية التراب السوري من التطرف والإرهاب، وإخراج قوى الاحتلال الأجنبي والميليشيات الإرهابية، وخلق المناخ الملائم لإرساء قواعد الأمن والاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي.
تلك الهيئة التي تتمثل بقيادة حركة التحرر الوطني السوري، على عاتقها مسؤولية وطنية تاريخية لاستعادة الوطن المحتل وإعادة الشعب المهجر واستعادة ترميم النسيج الوطني الممزق وإخراج البلاد من الحالة الراهنة الى حالة الاستقرار الوطني وبناء مؤسسات الدولة المنشودة. العمل بتفاني وإخلاص ومهنية من أجل انتزاع اعتراف ودعم المنظمات الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، وبمهارة سياسية وضع اللبنات الأساسية لخلق واقع ومناخ جديد في المنطقة من خلال التنسيق على مستوى الإقليم ودول الجوار الجغرافي دون استثناء. نعود ونؤكد نحن أي السوريين نبارك أي جهد وطني مخلص ونبحث عن طرق الخلاص من المعاناة وعن الدروب والمسالك التي توصلنا الى ربوع وطننا سورية.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها