
حمزة ابو حمدان
كاتب وصحفي سوري
احتجاجات السويداء تدخل شهرها الثاني وحيدة
دخلت احتجاجات السويداء – جنوب سورية – شهرها الثاني على التوالي، مؤكدةً على مطالبها بإسقاط النظام ، وسط خطاب متصاعد في الأيام الأخيرة من قبل شيخي العقل في الطائفة الدرزية حكمت الهجري وحمود الحناوي. ،واحجام عن تأييد الحراك خارج المحافظة .
لم يتراجع الحراك في زخمه مع دخوله الشهر الثاني، إنما على العكس زاد من حيث أعداد المشاركين في التظاهرة الرئيسية في كل يوم جمعة، مدفوعاً بتأييد شيخي العقل المذكورين انفا.
مواقف الهجري والحناوي وجدا الصدى في ساحة الكرامة، حيث رُفعت صور الثاني إلى جانب صور الهجري الذي عُرف بتأييده المطلق للحراك الشعبي منذ بدايته قبل شهر.
ما يميز الاحتجاجات اليوم توسعها العرضاني، فبينما كانت تقتصر سابقاً على مدينة السويداء، وبعض البلدات الكبيرة أو ذات الرمزية مثل شهبا وصلخد والقريّا، من الواضح أنها تمتد في مختلف قرى وبلدات المحافظة الصغيرة منها والمتوسطة، يضاف إليها تلك القطيعة الواضحة مع السلطة، متمثلة بإزالة صور رموزها، عن الفرق الحزبية التي أغلق المحتجون مقراتها.
يبقى السؤال ، والذي يخطر على بال كثيرين، ماذا عن المناطق التي تضم غالبية درزية في ريف دمشق ، ولماذا هذا الصمت المريب ازاء ما يقوم به أخوانهم في السويداء؟ بمعنى آخر اذا كانت المرجعية الدينية للموحدين ممثلة بالشيخين الهجري والحناوي قد اعلنت موقفا لا لبس فيه بدعم الحرك ،فلماذا تخلفت الهيئات الروحية في المناطق الاخرى .؟
اليس من المفترض أن يكون موقف شيخي السويداء هو البوصلة ؟
وفي السياق ايضا يبرز السؤال بمعنى أوضح وأدق؛ كيف ستؤثر امتدادات الدروز في المنطقة، على التحركات القائمة في محافظة السويداء، هل سيدعمونها لاحقا؟
في الاجابة على السؤال يمكن القول؛ إن غياب التضامن هو السائد، فقد شهدت جرمانا في الايام الاولى لحراك السويداء تحركا سلميا ، واعتصم العشرات في ساحة السيوف، وقد جرى تطويق الأمر بعد تدخل الشيخ هيثم كاتبه وفرع الأمن، أما المناطق الثانية، مثل صحنايا والاشرفية فلم يلاحظ أي موقف داعم للسويداء، وربما هذا ما دفع المحتجين للهتاف وإرسال التحيات المعاتبة إلى أبناء طائفتهم، الموزعين في مدن وبلدات ريف دمشق وبعض بلدات جبل الشيخ.
بناء على ما سبق، ليس سرا القول: إن ردّات الفعل من المجتمعات الدرزية في سورية، لم تأت بالمستوى المتوقع، إذ غابت أشكال التضامن، أما خارج سورية، فقد شهدت الأراضي الفلسطينية في مناطق 1948، وأخرى في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل وقفات تضامنية محدودة .
اليوم السويداء لا زالت تعول على اتساع دائرة الحراك في المحافظات السورية الاخرى، هذا يخفف عنها، ويخرس الكثير من الالسنة حول محدودية الانتشار.
بالتوازي، لا تعول السويداء على دعم تقدمه جهة ما دولية أو إقليمية، على ما يحلو للبعض التخيّل، وفي الوقت نفسه لا تستبعد رد النظام عليها، سواءً بشكل مباشر، أو من خلال استخدام من ما زالوا يوالونه وينتفعون من سلطته داخل السويداء.
لا ينتظر السويداء، إلا ما ينتظر سورية وأهلها، ولم تطالب الاحتجاجات، سوى ألّا تُتركَ وحدها، فهذه الضمانة الوحيدة، كي لا تنتهي الاحتجاجات بقيمة صفرية، أو بتسوية محلية رخيصة، تشبه غيرها من التسويات التي شهدتها مناطق سورية أخرى، أو ربما قيام سلطة محلية ليس من الضروري أن تكون ضامناً للحريات وحقوق الاهالي، على غرار غيرها من سلطات الأمر الواقع القائمة في المناطق السورية.
السويداء جازفت، مجازفة الرمق الأخير، قبل بلوغ الهاوية، والهاوية هنا ليست مجازاً، بل هي المجاعة التي يخيّم شبحها على عموم سورية اذا لم تتحرك بقية المناطق وتفوت الفرصة على النظام في تسويق سرديته حول حراك السويداء وترك الاهالي يملون مع الوقت ،اذا افترضنا أنه لم يقدم على حماقة غير محسوبة العواقب بخصوص السويداء .
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها