مدثر أحمد

اكاديمي سوري- ماجستير في الاقتصاد

أهمية السياسات المالية للدول في معالجة التضخم

تـعـانـي مجمل الاقـتـصـادات المتقدمة منها والـنـامـيـة مـن مجموعة مـن الـمـشـاكـل الـتـي تـعـرقـل تحقيق مستوى مقبول من النمو والرفاهية الاقتصادية، ومن أبرز هذه المشاكل نجد عنصر التضخم.

 فالارتفاع في المستوى العام للأسعار ً خطرا ً كبيرا على الاستقرار الاقتصادي، لكن يختلف تأثيره من اقتصاد إلـى آخـر وذلـك بحسب قـوة ومتانة القاعدة الاقتصادية في البلد، وبالتالي نجد أن الأثـر يكون ًجليا أكثر في الدول النامية.

وقد اعتمدت الكثير مـن الـدول استقرار الأسـعـار كأحد الأهـداف الأساسية للسياسة النقدية وذلـك من خلال سياسة استهداف التضخم، إلا أن الإشكال يكمن في نجاعة الأدوات المستخدمة وقدرتها على المحافظة على هـذا الاسـتـقـرار للمدى الطويل، وذلـك فـي ظـل تناقض الأهـداف النهائية للسياسة النقدية كخفض معدل التضخم وزيادة النمو الاقتصادي، ما يخلق حالة من الارتباك لدى السلطات النقدية.

فالسياسة المالية تعرف بأنها” مجموعة من القواعد والاساليب والوسائل والاجراءات التي تتخذها الدولة لإدارة النشاط المالي بأكبر كفاءة ممكنة لتحقيق مجموعة من الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال مدة زمنية معينة”

و من اهم أدوات السياسة المالية

  1. سياسة الانفاق الحكومي منها
  • الانفاق الاستهلاكي وتتمثل بالنفقات التي تمكّن الحكومة من تسيير ادارتها للمرافق العامة وكذلك نفقات الحكومة على السلع والخدمات الاستهلاكية
  • الانفاق الاستثماري وتتمثل هذه النفقات بقيام الدولة بإنشاء المشاريع الصناعية ً كإقامة البنى الارتكازية اللازمة لتحفيز النشاط الاقتصادي.
  1. السياسة الايرادية :

لقد أصبحت الايرادات العامة أداة مهمة من أدوات السياسة المالية التي لها تأثير واضح في النشاط الاقتصادي والاجتماعي فهي أداة لمنع بعض الانشطة غير المرغوبة، وكذلك توجيه الاستثمار والتي تتمثل بالسياسة الضريبية والسياسة الاقتراضية.

فالضرائب أهم مورد مالي للموازنة الجارية وهي مساهمة اجبارية للأفراد في تحمل أعباء الخدمات العامة، وتؤثر الضرائب في معدل النمو من خلال تأثيرها على الادخار والاستثمار. وأن استعمال السياسة الضريبية كأداة من أدوات السياسة المالية يعتمد على التوقيت المناسب لتدخل هذه الأداة.

أما بالنسبة الى القروض منها ما هو داخلي، ومنها ما هو خارجي وكلاهما يمثل عبء على الاقتصاد القومي لأنه يتوجب أعادة أصل القرض (الدين) مع الفوائد المترتبة عليه، وكذلك ان القروض ً ما ترتبط بشروط سياسية معينة، لذا وجب على الدولة ان تستغل هذا القرض بالشكل الأمثل.

ويتمثل التضخم في الارتفاع في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات عبر الزمن في بلد معين، وبالتالي فإن التضخم ينطوي على عنصرين أساسيين هما: ارتفاع المستوى العام للأسعار واستمرارية هذ الارتفاع، أي أنه حركة تصاعدية للأسعار تتصف بالاستمرار الذاتي. وهناك عدة أسباب لنشوء التضخم منها:

أ – تـضـخـم نـاشـئ عـن الـتـكـالـيـف؛ يـنـشـأ هـذا الـنـوع مـن الـتـضـخـم بـسـبـب ارتـفـاع الـتـكـالـيـف التشغيلية فـي الـمـؤسـسـات الاقـتـصـاديـة،

ب – تضخم ناشئ عن الطلب؛ حيث ينشأ هذا النوع من التضخم عن زيادة حجم الطلب النقدي والـذي يصاحبه عـرض ثابت للسلع والـخـدمـات.

ج – تـضـخـم نــاشــئ عــن مـمـارسـة الـحـصـار الاقــتــصــادي تــجــاه دولـــة أخـــرى؛ حـيـث يـنـعـدم الاسـتـيـراد والتصدير في حالة الحصار الكلي، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي يتجلى في انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع الأسعار بمعدلات كبير.

كيفية مكافحة التضخم

 إن تحقيق التوازن في النشاط الاقتصادي وضمان استمرارية نموه يستوجب التنسيق بين السياستين الـنـقـديـة والـمـالـيـة وذلــك ً نـظـرا إلـى تـكـامـل تـأثـيـرهـمـا فـي مـفـرزات الــدورة الاقـتـصـاديـة، وعـلـى الـرغـم مـن أن التضخم يعد ظاهرة نقدية بحسب معظم النظريات الاقتصادية، فـإن عجز الموازنة يـعـد هـو ً أيـضـا مـن أهــم مـسـبـبـات الـتـضـخـم ً خـصـوصـا فـي الأجــل الـطـويـل، فالدولة المستقرة سياسيا ولديها قدرة إنتاج السلع والخدمات وتحقيق التوازن بين الكتلة النقدية المطروحة والسلع المنتجة والتحكم بالاحتياطي النقدي لمواجهة الاستيراد وسياسة ضريبية عادلة تحقق التوازن وتكون قادرة على امتصاص التضخم وتوجيه الاقتصاد وجعله عنصر نمو وليس عامل ضرر على الدولة .

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: